قصة

بطلات (وصفولي الصبر) يصارعن السرطان.

بيدر ميديا.."

بطلات (وصفولي الصبر) يصارعن السرطان

سنا شعبان

منزل بيروتي قديم يقع على الجانب الآخر من الشارع عند زاوية حديقة الصنائع. ومن خلال بوابة معدنية ، يقودك ضوء الشموع إلى صعود الدرج إلى الطابق الثالث من منزل العائلة. عند قرع جرس الباب ، يدعوك المضيف ويرحب بك في الصالون.

يعكس المنزل صدى العمر، وتصدر الأسقف العالية اهتزازًا منخفضًا بفعل الصوتيات. الأرضية المكسوة بالبلاط تنشر أسرار الماضي التي ضاعت في زمن غابر. كان “بيت الصنايع” مكانًا لمسرحية “وصفولي الصبر” التي يمكن ترجمتها إلى “اشرح لي ، ما هو الصبر؟”. بطولة الفنانة نماء الورد الممثلة العراقية القديرة والناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة، ولينا أبيض المخرجة المسرحية البارزة وأستاذة في الجامعة اللبنانية الأمريكية.

ثمة عالم حقيقي ومبتكر ينقلك إليه اللعب الآسر وإعداد المسرح الساحر، حيث يجد المشاهد نفسه بحميمية في غرفة الانتظار يشارك فيها اللاعبين، ولعلّ اختيار الأدوار يعطيك هذه الفرادة بالمشاركة في المسرحية، كأنك جالس مع الشخصيات المشاركة بالتمثيل.

تجسّد الشخصيات المركزية الخمسة المراحل المختلفة من مرض السرطان وصعوبات التعامل معه. ثلاثة مريضات يترددن على المشفى على نحو مستمر، أحداهنّ سكرتيرة والأخرى مريضة جديدة. تبدأ القصة مع دخول المريضة الجديدة المرحلة الأولى، الإنكار، حيث لا تستطيع المريضة من فهي لا تستطيع استيعاب المرض، وتصر على أنها لن تحتاج إلى علاج كيماوي، كما ترفض ذكر اسم المرض، مشيرة إليه ببساطة على أنه “ذاك المرض”. الغضب وهو المرحلة الثانية، فالمريضة لا يمكنها تحمل وقت الانتظار وتدّعي أن حالتها مختلفة. مجرد ورم صغير. وقد تم التعامل معه والتشخيص هو مجرد إجراء شكلي. أما المرحلة الثالثة فهي الكآبة، حيث تنخفض روحها المعنوية. المرحلة الرابعة فهي الأمل، حيث تبدأ المريضة باستعادة الأمل والتعامل مع المرض بواقعية، وبذلك تدخل المرحلة الخامسة أي التفكير بعقلانية لإيجاد الحل.

تلعب نماء الورد دور جوكر المجموعة في المسرحية. كانت شخصيتها تدخل غرفة الانتظار وتخرج منها عدة مرات على مرّ السنين. سخريتها ونكاتها تخيف المريضة الجديدة.

وفي حوار معها بعد انتهاء المسرحية التي مثّلتها في إحدى المستشفيات الخاصة بالسرطان أيضًا وبحضور مرضى السرطان، وقامت بحلاقة شعرها أمام الجمهور، وهي المريضة منذ 19 عامًا، قالت: لا بدّ من كسر التابو، وليس من المعقول أن يكون اسم المرض أكثر فزعًا من المرض نفسه، حيث صار للعديد من السرطانات علاجات بما فيها إطالة عمر المريض لسنوات طويلة والتعايش مع المرض. وأضافت الورد: الناس لا تخشى الحديث عن مرض القلب أو القصور الكلوي أو الكبد، مثلما تخشى من اسم مرض السرطان، الذي هو أقرب إلى خرافة يجري تهويلها وتعظيمها، باعتبارها أمر جلل. وفي سؤال وجّهناه لنماء الورد حول رسالة المسرحية قالت: أنها تسعى إلى كسر التابو والتعامل مع مرض السرطان مثل أي مرض آخر، وذلك تعبيرًا عن الصراع بين التابو والواقع والخرافة والحقيقة، وبثّ روح مقاومة المرض لدى المريضات والمرضى.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com