رأي

الأرهاب الأقتصادي لحكومات العملية السياسية:

بيدر ميديا ..

ورقة عمل لحركة وطنية عراقية جديدة (5)

 

كأي نظام فاشي فرض نظام البعث الصدامي المنهار طيلة حكمه على العراق إجراءات إقتصادية وسياسية وأمنية لتفرض وتحدد سلوكية المواطن العراقي وموقفه من النظام من خلال تهديده بلقمة العيش وفرض شروط الأنتماء الحزبي لشغل الوضائف والقبول في الجامعات والتمتع بالزمالات الدراسية والأنتماء الى الجيش والشرطة والمناصب الأدارية لجميع المؤسسات والوزارات والسفارات وجميع مناحي الحياة الأقتصادية.  

لقد تركزت ملكية العراق وثرواته وجميع مؤسساته الأنتاجية والخدمية بيد الدولة الديكتاتورية المركزية وسخرتها لخدمة حروبها الداخلية والخارجية وفي مرحلة الحصار الأقتصادي المفروض على الشعب العراقي تم تعطيل العديد من المؤسسات الأنتاجية والخدمية بسبب شحة المواد الأولية وقطع الغيار وتم التفريط بجزء من ملكيتها لصالح الرأسمال الطفيلي الموالي للديكتاتورية وأصبحت منخورة بالفساد والسرقة والتخريب المتعمد وجاءت الحروب العدوانية الأمريكية والبريطانية لتهديم كامل البنى التحتية الأقتصادية وتهديم كامل قدرة العراق الأقتصادية في إعادة دورة الحياة الأنتاجية والتنموية وتسليم قيادته السياسية الى عصابات السرقة والنهب وربط نموه الأقتصادي بشروط صندوق النقد الدولي مقابل التنازل عن ديون العراق المستحقة الى دول ساهمت هي نفسها في صناعة الديكتاتورية والحروب ودول يفرض عليها القانون الدولي بدفع التعويضات بسبب الحرب غير الشرعية على العراق والتي تعادل ما يفوق على الفي مليار دولار لا أن يقيد العراق بشروط صندوق النقد الدولي.

إن الأرهاب الأقتصادي هو فرض نظام إقتصادي _ إجتماعي من قبل الدول المحتلة على شعب الدولة المحتلة بالقوة وعبر هدم وتدمير كافة البنى التحتية الأقتصادية ومؤسسات الدولة الخدمية والأنتاجية وتشكيل بدائل تابعة ومؤسسات إحتلالية خدمية مهمتها وضع الأساس لأقتصاد رأسمالي جديد ينصهر في بوتقة الإقتصاد الرأسمالي العالمي .فليس غريبا أن نجد في دستورالأحتلال العراقي جملة إن العراق ينتهج إقتصاد السوق الحر وهو مايتناقض مع حرية إختيار النظام الأقتصادي والأجتماعي من قبل الشعب .

 الأرهاب الأقتصادي يحول الشغيل العراقي الى عبد للمغريات المالية المكرسة لأغراض بعيدة عن النمو الأقتصادي للبلد ونمو القوى المنتجة وإعتماد الأساليب الطفيلية وجعلها أكثر تقبلا وربحية من العمل في مشاريع إقتصادية مثمرة إن لم تكن ذات منفعة إستراتيجية وقد ساهم الأحتلال وحكومة الأحتلال بتشجيع هذه التوجهات بفتح الأسواق على مصراعيها دون رقيب للبضائع المستوردة والتي تنهي أي إمكانية لعودة الصناعة والأنتاج البضاعي في العراق ومن ثم على إمكانية التسويق للمشاريع الأقتصادية. وحتى لو لم يتجه العراقي القادر على العمل الى الأتجار بالمحرمات أو الأرتزاق الأجرامي فأن طالب العمل يواجه إرهابا إقتصاديا من نوع آخر وهو محاصصة العمل في الوزارات والسفارات والؤسسات الحكومية ما لم يكن منتميا الى هذا الحزب الطائفي أو ذاك في حكومة الأحتلال وهي إعادة وإستنساخ للأرهاب الأقتصادي لنظام البعث الديكتاتوري بعملية التبعيث من خلال العمل في العديد من مؤسسات الدولة.

إن الصراع الطبقي الجديد يتخذ منحى آخر جديد بطبيعته وهي إن مقاومة الأحتلال هي عملية طبقية خالصة وعملية قيادتها لم تعد بيد الطبقة العاملة وحسب بل بيد جميع شغيلة اليد والفكر وجميع فئات الشعب العراقي .. الجميع لهم المصلحة الأقتصادية لأعادة دورة الحياة الأقتصادية وليس بغير إعادة سيطرة الدولة المستقلة على عملية التنمية الأقتصادية وبالنتيجة ليس هناك سبيل آخر سوى شكل جديد لنظام العدالة الاقتصادي_ السياسي والذي يستند على الديمقراطية الحقيقية والمنتخبة شعبيا .

إن مواجهة الأرهاب الأقتصادي للأحتلال هو بالنظام  الديمقراطي والأشتراكي الذي  يقوم  بالتوزيع العادل للثروة الوطنية و هو وحده الضامن لحق العمل لجميع القادرين عليه ووحده من يضع الأنسان المناسب في المكان المناسب وحسب متطلبات تنمية الأقتصاد الوطني المستقل ويستطيع إذا ما أستند الى المباديء الديمقراطية في بنائه السياسي أن يضمن التكافؤ العادل للفرص ويضرب على أيدي أصحاب الحواسم والعصابات السياسية – الأقتصادية الموالية للأحتلال. إنه نظام الضمان الأجتماعي لكل فرد في المجتمع .

 لقد جاء الأحتلال وأعوانه (وبضمنهم قادة الحزب الشيوعي العراقي!!) بمفاهيم جاهزة لتقييد البلد باسلوب نظام إجتماعي رأسمالي ليبرالي لا يتناسب مع طبيعة المجتمع والأقتصاد العراقي ولا ينسجم مع طموحات الناس ومطالبهم الاساسية. الرأسمالية تشترط المنافسة فبأي بضاعة ينافس العراقي بها السوق العالمية او العربية او الاقليمية ؟ ان النظام الراسمالي الذي يرسمه لنا الاحتلال انما ينهي اي قدرة للعراق ولا مستقبل لاجياله القادمة .

إن الوطنية الحقة هي في الربط المنهجي بين النضال ضد الأمبريالية العالمية وركيزتها الاحتلال الامريكي والناتوي و التركي في العراق مع رفض النهج الأقتصادي المراد فرضه على العراق.

 

النضال ضد الخصخصة والفيدرالية

إن الأحتلال الأمريكي والناتوي للعراق وعمليته السياسية الفاسدة لم يأت من أجل القضاء على الديكتاتورية بل من أجل المصالح الحيوية الأستراتيجية لهذه الدول الأستعمارية ومنها فرض النظام الأقتصادي والأجتماعي الذي يتلائم ومصالح إحتكارات هذه الدول والأمتلاك الكامل لكافة ثرواته الطبيعية والبشرية وفرض القوانين الأقتصادية والسياسية التي تكبل حريته لعشرات من السنين القادمة وفرض تبعيته الكاملة لصندوق النقد الدولي . فقد جائتنا بحاويات قذرة من العملاء وديكتاتوريين صغار واقطاعيين  وفاسدين بعمائم و بغيرها ترتبط مصالحهم الأقتصادية والنفعية بشكل مباشر مع مصالح الأحتكارات الرأسمالية العالمية وشركات النفط والسلاح لهذه الدول وهي تمارس نفس الأساليب القمعية والأعلامية للنظام الديكتاتوري البائد بل وأبشع إذا ما قارنا حجم وعدد الضحايا بالقياس الزمني لكليهما.

لقد قام الأحتلال بتدمير كامل البنى التحتية وعرَض المؤسسات الأنتاجية للنهب والسرقة وإنهاء دورها الأنتاجي بالكامل وتحويل العاملين فيها الى جيش البطالة وهذا ما كان يمهد لمرحلة تلتها والتي يجري التحضير والشروع فيها وهي خصخصة مؤسسات الدولة العراقية الأنتاجية والخدمية كلها ان بقي منها شيء.

وعلى الحركة الجديدة أن تعبأ وتحشد الناس للدفاع عن الممتلكات العامة وإعادة الحياة للمؤسسات الأنتاجية والخدمية لأدارتها من قبل الدولة والمطالبة بأصدار القوانين التي تحدد مساهمة القطاع الخاص في ملكية المؤسسات.

إن تحويل القطاع الخدمي الى ملكية خاصة يعني إلغاء مسؤولية الدولة عن التدخل في شؤونه وطريقة تنفيذ مشاريعها والعمالة المستخدمة و أجور الخدمات . و يعني بالنهاية الاستنزاف الدائم لميزانية الدولة على مشاريع فضائية لا وجود لها و استمرار للخراب الذي نعيشه الآن

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com