متفرقات

في إسرائيل الكهرباء «حلال» والعدوان «سياسة!»

بيدر ميديا.."

في إسرائيل الكهرباء «حلال» والعدوان «سياسة!»

مريم مشتاوي

 

لطالما سمعنا بالطعام الحلال، الذي يتقيد بالتعاليم الدينية. وهو أمر موجود في معظم الديانات السماوية. وقد يكون المغزى وراء بعض الفتاوى – ذات الصلة بالتحريم والتحليل – مصلحة للأفراد والمجتمعات، بغض النظر عن مدى الاجماع الديني والعلمي حولها. وحين ترتبط الأخبار بالفتاوى يقفز إلى أذهاننا على الفور بلد عربي أو مسلم، وذلك لأن الكثير من المشايخ – سامحهم الله – عودونا على استسهال اصدار الفتاوى في زمن الـ»سوشيال ميديا».
هكذا أتحفتنا مؤخراً وسائل الإعلام العبرية بمصطلح «كهرباء كوشير» أي الكهرباء الحلال. ولولا أنني بحثت عبر «غوغل» عن حقيقة المصطلح لقلت إن الأمر مجرد عنوان مضحك، يبحث عن قراءات سهلة لا أكثر، لأننا اعتدنا أن تكون الأخبار الآتية من سلطات الاحتلال ذات نمط مختلف، كقرارات قضائية بهدم بيوت الفلسطينيين، أو بناء مستوطنات جديدة فوق أراضيهم المسروقة، أو ملاحقة الناشطين الأحرار المناهضين لسياستها!
يكشف الخبر، الذي أكدته وكالات الأنباء عن نية حكومة الاحتلال إنتاج «كهرباء حلال». فقد جاء في تقرير نشرته قناة «سكاي نيوز» أن الحكومة العبرية وافقت الأحد الماضي، على خطة لإنشاء شبكة لتخزين الطاقة في مدنها بهدف إنتاج كهرباء «حلال».
ويمكن لليهود المتدينين استخدامها أيام السبت، وفق تعاليمهم. كما يؤكد التقرير أن الطلب على الطاقة المخزنة يتزايد كوسيلة لاستخدام الطاقة الشمسية في أوقات الليل، وللمساعدة في التحول إلى النقل المعتمد على الكهرباء.
ومع تشكيل حكومة جديدة تتمتع بتمثيل ديني عريض في إسرائيل، تزايد الاهتمام بالتجمعات المتدينة، التي تتقيد بالتعاليم اليهودية، ومنها القيود المفروضة على استخدام الكهرباء في يوم السبت.
ومن المتعارف عليه، أن اليهود المتدينين لا يفضلون استخدام الأجهزة الكهربائية في أيام السبت. لكن بعض الأنظمة مثل مكيفات الهواء أو سخانات المياه، يمكن تشغيلها مسبقاً وتركها تعمل طوال اليوم. وتقول وزارة الطاقة الإسرائيلية إن المولدات في بعض الأحياء تُشغّل في وقت مبكر كي توفر الكهرباء طوال اليوم. وهذا الأمر مكلف وملوث للبيئة، ويمكن أن يمثل خطراً حقيقياً. وقد شرحت الوزارة أن: «تخزين الطاقة الكهربائية سيكون أحد السبل للسماح بالتوسع في إنتاج الكهرباء من وسائل الطاقة المتجددة. وفي الوقت نفسه، هناك سكان في إسرائيل مهتمون باستهلاك (كهرباء كوشير) (المتوافقة مع الشريعة اليهودية) التي تولّد في غير أيام السبت». لذلك وافقت حكومة الاحتلال مؤخراً على مشروع تجريبي عبارة عن مرفق لتصنيع البطاريات بقدرة 24 ميغاوات لتخزين الطاقة الزائدة في أوقات ذروة الإنتاج لتستخدمها نحو 3 آلاف أسرة في مدينة «بني باراك». إنها منطقة يهودية متشددة في وسط إسرائيل، حسب ما أورد التقرير. وستتولى شركة الكهرباء الإسرائيلية المملوكة للدولة بناء المرفق بتكلفة تصل إلى (33 مليون دولار) وسيجري خصخصته بعد 3 سنوات.
بالطبع، لاقى هذا الخبر «الطريف» سيلا من التفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي. لا سيما في لبنان، الذي يعيش أزمات سياسية واقتصادية كبيرة، أبرزها في ملف الطاقة. فالكهرباء اللبنانية لا تأتي لا في «الحلال» ولا في «الحرام». قد تهل على المواطنين في ساعات قليلة ومحددة. الخطورة في التفاعل مع مثل هذه الأخبار وتداولها هو إعطاء صورة «حضارية غير دقيقة» عن الحكومة الإسرائيلية وعلاقتها «الديمقراطية» مع ناخبيها. وكل ذلك في الوقت الذي تمارس فيه قواتها العسكرية عدوانا بربرياً، يستهدف المدنيين الأبرياء في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة، ولكننا لم نسمع عن مطالبات من رجال الدين الإسرائيليين بفتاوى تحرم القتل؟!
كذلك لم نسمع طيلة السنوات الماضية عن فتاوى تجرّم جدار الفصل العنصري، الذي ضيق على الفلسطينيين وزاد من بؤس حياتهم اليومية!
في الحقيقة، نحن لا ننتظر من دولة الاحتلال فتاوى إنسانية، لكننا نسأل إلى متى يستمر مسلسل «الإرهاب المنظم» والقتل العلني لأهلنا في فلسطين؟ إلى متى يستمر كل ذلك الإجرام وبدون حساب؟!

موت أطفال غزة

ليلة التاسع من هذا الشهر ستبقى عالقة في ذاكرة الكثيرين من أهالي غزة، خصوصاً أطفالها. إنها ليلة دامية تباغت السكان وتسرق أهاليهم وأطفالهم، في محاولة من العدو الإسرائيلي للنيل من قادة في الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» (سرايا القدس). وهو التصعيد الثاني خلال أسبوع واحد.
هكذا انتشر مؤخراً فيديو موجع ومؤثر لطفلة فلسطينية، وهي تصرخ وتبكي: بابا وين بابا.. لقد استيقظت الصغيرة على خبر مقتل والدها ووالدتها وشقيقها، في جريمة دموية مبرمجة. ولم تكتف دولة «كهرباء الحلال» بذلك القدر من الإجرام، بل أصرت على قتل أربعة أطفال آخرين، خلال قصفها لقطاع غزة!
كيف ستنجو دولة الاحتلال من غضب الأطفال، ومن ذلك الألم، الذي سيكبر معهم، وذلك الكره الذي سيوطد في أعماقهم ويطارد جنود الاحتلال حتى في أحلامهم؟
لقد رأت الطفلة دماء والدها، ولكنها لم تتوقف عن مناداته، ربما ليصحو من موته ويأتيها. لن تنام في حضنها، ولن تلعب مع شقيقها، ربما لن تلعب بعد اليوم. ولكن من المؤكد أنها ستكبر وهي تجمع الألم والحقد والحرقة حصى في جيبيها.

كاتبة لبنانيّة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com