رأي

فم مفتوح .. فم مغلق دين العقل.. أفق الغد.

بيدر ميديا.."

فم مفتوح .. فم مغلق

دين العقل.. أفق الغد

زيد الحلّي

لستُ قارئاً للبخت او الفنجان ، او مستقرئ  لما تجود به الايام في قابل الزمن ،  لكني توقعت حين انتهيت من القراءة الثالثة  لكتاب د. عبد الحسين شعبان ( دين العقل وفقه الواقع ) الصادر في العام 2021 ان هذا الكتاب ، سيحرك المياه الراكدة في الفهم الخاطئ للأديان ، وسيثير الجدل في عموم المحافل الدولية ، لاحتوائه على تصورات فكرية وفلسفية غير مسبوقة على صعيد الدين وفقه الواقع المجتمعي ، ولم اجعل تصوري هذا يركن في ذاتي ، بل اعلنته في ندوة فكرية شهدتها اربيل في تشرين اول من العام المنصرم ..

وصح توقعي ، ففي اشهر قليلة ، كان هذا الكتاب ، ومؤلفه د. شعبان ، محور نقاشات ، ضمتها محاضرات عميقة المحتوى طافت بلاد متنوعة الاديان ، بدأت في دمشق  و”مالمو” بالسويد وبيروت والدنمارك وعمان وبغداد ومساء اليوم” الاحد” في الكويت ، حيث تستضيف صحيفة ” القبس ” د. شعبان ، متحدثاً عن جدلية الفكر والواقع المعاش ، والدعوة للتفكير والتفكر ، وايجاد نهج يسهم في تطور الرؤى دون انغلاق ، واخضاع الآراء الى النقد الجدلي المنسجم مع الحداثة.

كتاب د. عبد الحسين شعبان ، المدعم  بآراء ، ومنهجية فكرية يدعو الى حوار معرفي شامل في ضوء ما يمر به المجتمع من حالة اغتراب عن الواقع بكل مسمياته ، ويذهب بشكل تطبيقي إلى معالجة إشكالات ماضية بروح الحاضر، ومن التراث إلى المعاصرة مؤكداً على  أن الأديان لا تتعارض مع حقوق الإنسان وفكره التقدمي ، ما يؤكد  احتياجنا  الى انفتاح فكري شاسع المدى من اجل تقبلنا  الجديد والمستجد من المتغيرات ، للوصول الى المعرفة والحقيقة والحكمة بعقل منفتح .. فالكتاب بالمختصر ، هو تجديد للخطاب الفكري ويدعو الى تعزيز النقد التحليلي بثوب نقي  والاعتراف بالآخر .

نستخلص من قراءة  كتاب ” دين العقل وفقه الواقع ” أن هناك ترابطا بين التاريخ والاجتهاد، فالوعي بالتاريخ لا يعني استعادته، بل استحضار تجاربه بما يفيد الحاضر والمستقبل. وهذا جزء من مهمة الاجتهاد، وهو ما يؤدي إلى تجديد الخطاب الديني، فلا تجديد دون اجتهاد، أي استنباط الأحكام وفق المتغيرات والمستجدات والتطورات التي تحدث في المجتمع، حيث (تتغير الأحكام بتغير الأزمان)  حسب القاعدة الفقهية المعروفة. ويتساءل المفكر د. شعبان  في مقدمة كتابه ، عن موقف الإسلام من الحداثة، وكأنه السؤال الإشكالي القائم : هل ان العلاقة اليوم بين وعينا الفكري وتطبيق حَرفية النص، تؤدي إلى النتيجة المطلوبة ذاتها، في زمن الوحي الأول والمتلقي الأول؟

هذا التساؤل المهم ، يفتح الباب الى اسئلة مهمة اخرى نجد اجابتها في الكتاب الذي يحاول إعادة محاكاة للنفوذ الديني على مدى قرون، وصولاً إلى ما يتناسب بشكل منهجي مع القضايا الفكرية المعاصرة، فإذا كان للدين دور فيها فلا بد من الوعي والعقل واحترام ما يخدم الإنسان ، ذلك ، ان العقل  هو  أساس الدين ولا دين حين يتعارض مع العقل. وبالتالي فان الاجتهاد أساس العقل ،  والأديان تعلّم الحب والقيم الإنسانية العادلة ولا دين حين يكون عنيفاً وقاسياً وظالماً وغير إنساني ..

شكرا لك د. ابا ياسر .. كتابك يشعرنا ان الغد ينتظرنا .. والماضي قد رَحل ، ونحن على موعد مع أفق الفجر الجديد .. فدين العقل هو الاساس!

Z_alhilly@yahoo.com

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com