مجتمع

الصدر يستعرض أتباعه ويُربك خصومه: هل يخرج عن صمته ويهدّد وحدة الائتلاف الحاكم في العراق؟

بيدر ميديا.."

الصدر يستعرض أتباعه ويُربك خصومه: هل يخرج عن صمته ويهدّد وحدة الائتلاف الحاكم في العراق؟

مشرق ريسان

 

تحدثت تقارير صحافية عن خلافات تعصف بـ«الإطار التنسيقي» الشيعي، وتحالف «إدارة الدولة» بشكل عام، تتعلق بطريقة إدارة الحكومة وتوزيع المناصب.

بغداد ـ «القدس العربي»: استعرض زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الجمعة الماضية، أتباعه أمام الأحزاب السياسية المنضوية في الائتلاف الحاكم «إدارة الدولة» و«الإطار التنسيقي» الشيعي على وجّه الخصوص، في خطوة قد تعيد الحياة لنشاط سياسي مرتقب للتيار، مستغلاً «الانقسام» الذي يعصف بالمشهد السياسي في العراق، وحديث عن توجّه لإجراء انتخابات مجالس المحافظات نهاية العام الحالي 2023.
وفي أواسط تموز/يونيو الماضي أعلن الصدر رسمياً اعتزال العمل السياسي، عقب قرار سابق أفضى لاستقالة نوابه (73 نائباً) من مجلس النواب الاتحادي «البرلمان».
ونظّم أتباع التيار الصدري- بتوجيه من زعيمهم- صلاةً موحّدة الجمعة الماضية، في عموم المحافظات العراقية- باستثناء البصرة التي تشهد استضافة بطولة خليجي 25 والعاصمة الاتحادية بغداد.
وحثّ الصدر أتباعه على أداء فريضة «صلاة الجمعة» حتى لو لم يبق على «قيد الحياة».
وقال إمام صلاة الجمعة الموحدة في بغداد- أقيمت في مدينة الصدر شرقي العاصمة- حسين المحمداوي، في الخطبة المكتوبة بخط الصدر، إن «هذه الصلاة هي التي زرعت الشجاعة في قلوب المؤمنين وحب الوطن والدين والمذهب وحب الصلاح والإصلاح ومعاداة الباطل وأهل الباطل والشيطان والنفس الأمارة بالسوء والفساد ونبذ الفحشاء، وعلمتنا أجمع على قول الحق في زمن ندر فيه قول الحق، بل وعلمتنا بغض الاحتلال والاستعمار وأفكاره وأتباعه، وما مقاومتنا للاحتلال إلا ثمرة من ثمارها، فكذب من قال إن المقاومة ليست من أولويات وثوابت مرجعنا الصدر».
ووجّه الصدر اللوم إلى أتباع التيار ممن عزفوا عن أداء هذه الشعيرة، مشددا على أنه «من هنا لا يجب أن يضيع هذا الزرع الذي زرعه شهيد الجمعة. نعم ولو مات مقتدى الصدر».
ورغم تطمينات قادة في التيار الصدري بأن هدف صلاة الجمعة «ليس سياسيا» رأى مراقبون للشأن السياسي العراقي بأن الصدر يخطط للعودة إلى الشارع من نافذة «دينية».
المحلل السياسي العراقي واثق الجابري يقول لـ«القدس العربي» إن «الصدر يريد من خلال صلاة الجمعة الاستعراض بجمهوره وتقييم الوضع السياسي بالنسبة للتيار الصدري، خصوصا بعد انسحاب نواب التيار من البرلمان وحديث بعض القوى السياسية عن تعرض التيار الصدري للانهيار والانقسامات وخروج بعض أطرافه».
وأشار إلى أنه «يمكن ان تحمل التحشيدات المستقبلية لأتباع التيار الصدري انتقادات مباشرة أو غير مباشرة للحكومة، مع إمكانية التطرق لملفات الخدمات والكهرباء وارتفاع سعر صرف الدولار وغيرها. كل هذه المسائل من الممكن ان يتم التطرق لها في خطب الجمعة المقبلة بصوره غير مباشرة».
وطبقاً للجابري فإن «خطب الجمعة المقبلة للتيار الصدري لن تكون سياسية» غير إنه رأى إن «الصدر يحاول حشد الجماهير من خلال صلوات الجمعة، وربما يُعدّ الصدر لمرحلة سياسية قادمة، خصوصا مع وجود نيّة لإجراء انتخابات مجالس محافظات ولابد للصدر ان يحافظ على جمهوره».
وذكر أيضاً أن «هناك أطرافاً سياسية مختلفة مع الإطار قد تتوائم مع التيار الصدري».
وتأتي معلومات الجابري في وقت تحدثت فيه تقارير صحافية عن خلافات تعصف بـ«الإطار التنسيقي» الشيعي، وتحالف «إدارة الدولة» بشكل عام، تتعلق بطريقة إدارة الحكومة وتوزيع المناصب.
وسبق أن نفى، نهاية الأسبوع الماضي، مكتب زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، انشقاق عدد كبير من نواب الائتلاف، إذ قال هشام الركابي، مدير مكتب المالكي، في «تدوينة» له، ان «لا صحة لأنباء انشقاق عدد كبير من نواب دولة القانون وذهابهم لكتل مختلفة داخل الإطار التنسيقي. أتمنى توخي الدقة في نشر المعلومات من مصادرها الرسمية».
غير إن الكاتب والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، يؤكد وجود «انقسامات» داخل «الإطار».
ويقول لـ«القدس العربي»، إن «هناك انقساماً واضحاً لدى قوى الإطار التنسيقي بكونها متناقضة في المواقف» لافتاً إلى إن «القوى المنضوية في الإطار التنسيقي يجمعها هدف واحد هو الوقوف ضد التيار الصدري. الإطار التنسيقي قائم على مبدأ عدو عدوي صديقي» حسب وصفه.
وذكر أن «الإطار يُجمع على إطالة عمر الحكومة الحالية لأسباب مختلفة بعضها أيديولوجي، بالإضافة إلى الرغبة في الحصول على مواقع في السلطة» معتبراً إن هذه الأسباب «تؤدي إلى هدم أركان الأحزاب الدينية والراديكالية، وتؤسس فكراً جديداً يتلاءم مع قناعة العراقيين في عام 2023».
وأضاف: «بعد مروري عقدين من الزمن هنالك اراء ومواقف جديدة وتغيرا في مزاج الشارع العراقي، مقابل استمرار الأحزاب السياسية النافذة بالمضي في مشاريعها السياسية بعقليه عام 2003 من دون ان تغير شيئا من نهجها»، داعياً تلك الأحزاب إلى أن «تطوّر من أسلوبها ونهجها».
وعدّ البيدر انقسام «الإطار التنسيقي» بأنه «يُضعف مكانه اليمين الشيعي داخل المشهد السياسي» لافتاً في الوقت ذاته إلى إن «حلفاء الصدر السابقين في تحالف انقاذ وطن (يجمع التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة) غير راضيين على أداء الإطار التنسيقي، ووجودهم في إطار تحالف إدارة الدولة (يجمع الأحزاب السياسية المشكّلة للحكومة)».
كما أشار أيضاً إلى أن «تحالف السيادة (بزعامة خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي) والحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) غير مطمئنين لتواجدهم في هذا التحالف (إدارة الدولة) في ظل محاولة الإطار تقويه بعض الأطراف السياسية الأخرى مثل تحالف عزم (بزعامة مثنى السامرائي) والاتحاد الوطني لكردستاني (بزعامة بافل طالباني) الأمر الذي من شأنه فقدان الثقة داخل المنظومة السياسية».
وعن ما تحمله عودة التيار الصدري «لصلاة الجمعة» من رسائل، أفاد البيدر بأن «الصدر خرج من أوسع أبواب المشهد السياسي ويحاول العودة إليه مجددا من نافذة الجانب الديني» مبيناً إن «الصدر يسعى لإعادة تقييم امكاناته السياسية ومعرفة مدى تأثيره داخل المشهد الاجتماعي، وفي نفس التوقيت يحاول ارسال رسالة بانه متواجد ولن يغادر المشهد السياسي مثل ما يروج البعض لذلك أو ممن يسعى لإزاحة الصدر».
وعدّ جمعة التيار الصدري الأخيرة بأنها «تتزامن مع انقضاء مدة المئة يوم التي منحتها الحكومة لنفسها من أجل تقييم ادائها» موضّحاً إن «الصدر يراهن على تماسك تياره والطاعة العمياء لأتباعه».
وطبقاً للكاتب والمحلل السياسي العراقي فإن «الصدر يمتلك الشارع، ومن يمتلك الشارع في هذه المرحلة يمتلك كل شيء» مؤكداً أن «الشارع العراقي اليوم أقوى من الحكومة، وهذا ما يثبته توجه الحكومة نحو توفير الخدمات والدرجات الوظيفية التي وزعت على عموم العراقيين كما توزع الحلوى، في محاولة للتخلص من النقمة المجتمعية، لكن الوعي الإصلاحي تغير لدى الشارع العراقي الذي يبحث عن إصلاح مطلق».
وتحاول الحكومة الحالية تلبيه مطالب «التيار الصدري» وارضائه وكسب الشارع العراقي في الوقت ذاته، حسب واثق الجابري الذي يرى بأنه «رغم جدية السوداني في هذا الملف غير ان هناك العديد من الملفات العالقة التي تواجه عمل حكومته، منها ما يتعلق بالفساد وسوء الخدمات والتي من الممكن ان تكون وسائل ضغط على الحكومة من قبل أطراف سياسية».
واعتبر أيضاً أن «نجاح حكومة السوداني مرهون بنجاح تنفيذ مهامها أمام الشارع العراقي» مقرّاً بـ«صعوبة تطبيق البرنامج الحكومي بكل حذافيره وبجميع تفاصيله».
وعن إمكانية إجراء انتخابات برلمانية مُبكّرة هذا العام، يقول الجابري: «لا يوجد حديث الآن حول إجراء انتخابات برلمانية مبكرة. هناك حديث حول إجراء انتخابات مجالس المحافظات، والصراع بين القوى السياسية الآن حول قانون الانتخابات الذي يمكن اعتماده».
وعدّ نجاح حكومة السوداني بأنه «يمنع التيار الصدري من المطالبة بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، فهناك فرصة أمام حكومة السوداني والإطار التنسيقي وجميع القوى السياسية الأخرى، في تحسين الثقة بينها وبين الشارع العراقي».
وفي حال نجاح الحكومة الحالية والقوى السياسية التي شكلتها في إرضاء الشارع العراقي وتقديم الخدمات وحسم ملف البطالة والفقر وغيرها، يؤكد الجابري أنها «ستضمن عدم مطالبة الشارع العراقي بإجراء انتخابات مبكرة، وفي حال اخفاقها فان اعتراضات التيار الصدري ستكون حاضرة في أي لحظة، وقد تنظم إليها أطراف أخرى من خارج التيار».

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com