تحقيقات

من لبنان إلى الصومال: فكرة الأوطان «مؤجلة» والمستقبل ليس مستحيلاً!

بيدر ميديا.."

من لبنان إلى الصومال: فكرة الأوطان «مؤجلة» والمستقبل ليس مستحيلاً!

مريم مشتاوي

 

في روايته «عائد إلى حيفا» يقول غسان كنفاني: «أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كله». هذه واحدة من أكثر المقولات التي نستحضرها حين نتذكر لعنة الأوطان التي أصابت شعوبنا.
مهما حاولنا أن نسافر للعيش في دول غربية ونحمل جنسياتها، ومهما حققنا من نجاحات فإننا نتوق دائما للعودة إلى الوطن. لكن ما هو الوطن اليوم؟ هل هو ذلك الحيز الجغرافي الذي يبتر أحلامنا؟ هل هو مكان ولادتنا؟ هل هو الذي وفر لنا أسباب النجاح؟ هل هو ذلك المكان الذي كان سبباً في تشردنا؟ أم أنه المعنى الحقيقي للغربة التي منحتنا كل ما افتقدناه في مكان ولادتنا؟ بالطبع سيبقى سؤال غسان كنفاني بلا إجابة. أما صفية المسكينة فعليها أن تؤمن بأن البلاد كلها لله. عليها أن تنسى ذلك الكيان الذي ولدت فيه لأنه بات مزرعة للساسة المزمنين وملوك الطوائف الذين زرعوا الأرض فساداً وخرابا.
ذكرت في البداية «لعنة الأوطان» وذلك بعدما تناولت وسائل الإعلام مؤخراً قصتين مؤثرتين. الأولى من لبنان المنكوب بالفشل السياسي والانهيار الاقتصادي. والثانية من الصومال البلد الذي قسمته الحروب وتناهبته الميليشيات المسلحة وباتت ممراته المائية مركزا للقرصنة الدولية.
أبدأ من لبنان الذي حل منتخبه وصيفاً لبطل آسيا لكرة السلّة بعد خسارته النهائي أمام أستراليا بنتيجة 75 – 73 في مباراة كانت أشبه بالمعركة لرياضيين شبان مثلوا وطنهم بإحساس عال، مؤكدين رغبتهم في كتابة تاريخ جديد لبلدهم، الذي يعاني من أزمات سياسية واقتصادية متنوعة.
هكذا حققوا انجازاً كبيراً وأنعشوا قلوب اللبنانيين بالفرح الذي طال انتظاره. لقد تمكن كابتن المنتخب اللبناني وائل عرقجي من حصد لقب «أفضل لاعب في بطولة كأس آسيا لكرة السلة 2022». كما حصد أيضاً أعلى نسبة تداول لهاشتاغ «وائل عرقجي يمثلني»، وذلك بعد رفضه الصريح للاستثمار السياسي في الإنجاز الرياضي الذي حققوه. فقد تداول الكثير من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي رده على تهنئة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالفوز على نظيره المنتخب الصيني في بطولة كأس آسيا.
رد عرقجي بسرعة وقسوة معلقاً: «قولوا له لا نريد تهنئته، ونحن نحاول أن نمسح الوسخ الذي وضعنا فيه مع زملائه السياسيّين. لذا، من الأفضل أن يبقي فمه مقفلاً».
الغريب في لبنان أن بعض مريدي هذا الزعيم أو ذاك، ومن باب التفكير العصبوي والانتهازي حاولوا من خلال تعليقاتهم حصر رد الكابتن عرقجي برئاسة الحكومة، كما لو أن الرئاسات الأخرى أكثر براءة وطهرانية في أدائها السياسي!!
شكرا لوائل عرقجي، المواطن المسؤول والرياضي الناجح، لأنه منحنا أملا كبيراً بمستقبل لبنان «الوطن المؤجل» في زمن يتكاثر فيه «صانعو البؤس». هؤلاء الذين يحتكرون البلاد وينهبون خيراتها ويتحكمون بمصائر أهلها منذ ما لا يقل عن أربعة عقود.

أنا لست محمد فرح!

في بريطانيا، صدمت الأوساط الرياضية بتصريحات العداء المعروف مو فرح، الذي كشف أسراراً مرعبة ومثيرة عن حياته قبل أن يُصبح رياضياً معروفاً.
ففي فيلم وثائقي، بثته «بي بي سي» البريطانية مؤخراً، يحمل عنوان «مو فرح الحقيقي» كشف البطل الأولمبي البريطاني محمد فرح، المعروف باسم «مو فرح» أنه نقل إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني عندما كان طفلا، وأجبر على العمل كخادم في منزل. وأقر بأن اسمه الحقيقي ليس محمد فرح، بل حسين عبدي كاهين. وقال إنه ولد في الصومال ودخل المملكة المتحدة كلاجئ من مقديشيو عندما كان في التاسعة من عمره لينضم إلى والده الذي كان في لندن، وهو أمر غير صحيح.
وأكد فرح أنه كان ضحية للاتجار غير المشروع، عندما تم إحضاره إلى لندن من جيبوتي في تسعينيات القرن الماضي. كما أضاف قائلاً: «أبقيت على هذا سراً لسنوات».
لقد كشف أن والديه لم يسافرا أبداً إلى المملكة المتحدة وأن والدته وشقيقيه يعيشون في مزرعة في صوماليا لاندي، التي أعلنت الاستقلال في عام 1991، لكنها غير معترف بها دولياً.
وأوضح الرياضي صاحب الـ39 عاماً والحائز على 4 ميداليات ذهبية أولمبية، أن والده عبدي قتل بالرصاص عندما كان فرح في الرابعة من عمره في أعمال عنف شهدتها مقديشو.
وبعد مقتل والده، ذهب فرح للعيش مع أقاربه في جيبوتي. ثم تم إحضاره إلى المملكة المتحدة من قبل امرأة لم يرها من قبل وليس له صلة قرابة بها. لقد أخبرته هذه المرأة أنها ستأخذه إلى أوروبا للعيش مع أقاربه، الأمر الذي شجعه لأنه لم يسافر بالطائرة من قبل. وعندما وصل إلى لندن، أخذته إلى شقتها في حي هونسلو، غرب لندن، غيرت له اسمه مباشرة وأطلقت عليه اسم «محمد». وبعد ذلك أُجبر على القيام بالأعمال المنزلية ورعاية أطفال أسرة أخرى.. ولم يُسمح له بالذهاب إلى المدرسة حتى بلغ سن الثانية عشرة.
وفي المدرسة ظهرت موهبته في ألعاب القوى، وهو أمر، حسب ما أورده موقع «بي بي سي»، قد غير حياته، لأنه كان قادرا على المشاركة في المسابقات في المدارس البريطانية. وقد ساعده مدرسه الرياضي، آلان واتكينسون، في الحصول على الجنسية البريطانية، تحت اسم محمد فرح، والتي منحتها له السلطات في يوليو/تموز عام 2000.
ينظر الصوماليون واللاجئون، على اختلاف ثقافاتهم، إلى فرح على أنه مصدر لإلهامهم. فهو اللاجىء الذي تمكن من تحقيق بطولات عالمية كبرى وشهرة واسعة. ولم تحل الصعوبات التي واجهها في الحياة في أن تصنع منه «الاستثناء» الرياضي في بريطانيا. فقد حصل على لقب «الفارس» من الملكة إليزابيث الثانية، اعترافاً بالمجهودات التي بذلها العداء المولود في الصومال في تمثيل بريطانيا على الساحة الدولية لألعاب القوى.
لقد نجا فرح مبكراً من «لعنة الوطن» والحروب الأهلية، التي تعيشها بلاده منذ الثمانينات وحتى اليوم.
هل سينجو سكان وطنه؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com