مقالات

مثقف بدرجة وزير.

بيدر ميديا.."

مثقف بدرجة وزير.

علي حسين

في مهام الصحفي الأولى أن التعرف على الأشياء المحيطة به تتطلب الإجابة على أسئلة من عينة: لماذا؟ ومتى؟ وكيف؟. نحن في بلاد الرافدين تبدو لنا مثل هذه الأسئلة نوعاً من أنواع الكوميديا السوداء،

 

 

 

لكنني وأنا أتجول في حديقة المعرفة التي أقامتها أبو ظبي احتفاء بالكتاب واستذكاراً لرمز ثقافي “ابن خلدون” صاحب العبارة البليغة “أنظر قبل أن تفكر”، كنت أقول لنفسي؛ لماذا تسابق هذه المدينة الزمن في الإعمار وبث روح التمسك بالمستقبل وإشاعة الطمأنينة في نفوس المواطنين؟، وكيف تمكنت الإمارات خلال نصف قرن أن تُحول أدوات الاستفهام  ” متى وكيف ولماذا؟ ” إلى حقائق يتلمسها كل من يتجول في أحياء هذه البلاد؟، الجواب أن الذين يقفون وراء هذه  النهضة، مسؤولون كانوا ولا يزالون رجال إنتاج وعمل لا رجال خطب وشعارات.

قبل نصف قرن كانت معظم أراضي الإمارات صحراء، يومها كان العراق يحظى بالمراتب الأولى في الزراعة التعليم والتنمية. سيقول البعض لماذا المقارنة يارجل؟، واقول : ياسادة، رفاهية الإمارات تقول لنا إن الإعمار يحتاج إلى مسؤولين هدفهم تحويل مدنهم آلى جواهر يُباهون بها بلدان العالم. تعيش الإمارات في كل ساعة مرحلة من العمران قال عنها ابن خلدون:،” إن الدولة لا توجد دون حكم سياسي رشيد، ولا يوجد حكم رشيد دون إعمار”، وفيما اعتمدت بلدان مثل العراق على اقتصاد ريعي تتحكم فيه أسعار النفط، حولت الإمارات النفط إلى عمران وثقافة واستقرار. بالنسبة إلى صحفي مثلي كانت علامات الاستفهام حاضرة في حديثي القصير  مع الشيخ نهيان بن مبارك وزير التسامح الذي ارتبط اسمه بالمشاريع الثقافية والتعليمية بالإمارات خلال العقود الأخيرة. مثقف بدرجة وزير، يقف في الطابور ينتظر دوره لكي يحصل على مكان يركن به سيارته، وعليه أن يدفع ثمناً مقابل هذه الخدمة. سيضرب البعض كفاً بكف ، كيف لمسؤول أن يدفع ثمن خدمة تُقدم له ؟، فقد تعودنا على المسؤول الذي يأخذ و لا يعطي، ربما يعتبر البعض هذا الأمر شيئاً عادياً جداً، ألم نشاهد المستشارة الألمانية القوية ميركل تدفع عربة التسوق حالها حال نساء ألمانيا؟، نعم ياسادة، لكننا لم نشاهد في العراق مديراً عاماً يقف في الطابور، فالوظيفة والحزب يمنحانه حصانة تمنع الناس من مجرد التفكير بالاقتراب منه.

الاهتمام بالتعليم الشعار الذي تبناه قادة الإمارات، وكان للشيخ نهيان بن مبارك دور بارز في الارتقاء بالحركة التعليمية والثقافية التي هي أساس المجتمع المدني الذي تنعم به الإمارات.

أصر قادة الإمارات أن تسير التنمية والإعمار وتطوير الاقتصاد إلى جانب تعليم متطور وثقافة منفتحة على العالم، رفعت أبو ظبي شعار “الكتاب من الطائرة إلى أجنحة المعرض”.

التعليم ينافس الإعمار والثقافة إلى جانب التنمية، وكلما تمتعت البلاد بظروف اقتصادية جيدة، ازداد الإنفاق على التعليم والثقافة وازدهرت المتاحف بلوحات بيكاسو ودالي ودافنشي وكاندينسكي، ودخل لوفر أبو ظبي بسباق مع أكبر متاحف العالم، فيما مكتبة محمد بن راشد تفتح رفوفها لملايين الكتب.

صور كثيرة مما يجري في الإمارات من نهضة اقتصادية وثقافية ستبقى راسخة في ذهني، لكن أبرزها بالتأكيد صورة وزير التسامح وهو يتحدث عن الاستثمار في بناء الإنسان .

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com