ثقافة

أصالة تغني بالكردية… إبراهيم كيفو يطالب بحقه… وداليا أحمد تدخل نادي التماسيح.

بيدر ميديا.."

أصالة تغني بالكردية… إبراهيم كيفو يطالب بحقه… وداليا أحمد تدخل نادي التماسيح

راشد عيسى

 

ليست مذيعة «الجديد» داليا أحمد المفاجأة الأولى في الموجات المتلاحقة العنصرية ضد اللاجئين السوريين، فلطالما حفلت معظم أماكن لجوء السوريين، دول الجوار الشقيقة والصديقة خصوصاً، باعتداءات صريحة بلغت حدّ القتل، المفاجأة عندما تصدر العنصرية والإهانة ممن ذاق مرارتها على الدوام، وعلى الأقل شهدنا موجة تنمّر هائلة منذ شهور عندما هاجم «الثنائي الشيعي» اللبناني المذيعة، رداً على وصفها ستة زعماء لبنانيين بالتماسيح، وليس من قبيل المصادفة أن تمرّ صورة لزعيم «حزب الله» بين الصور الست. تصدّى لها ذباب «الثنائي» بأقسى ما يكون الكلام، بأفظع ما تكون الإهانة، وكان لون بشرتها الهدف الأول لضرباتهم، ومَن كان رؤوفاً بها من بينهم لم يتورع عن النيل من أصلها السوداني المصري.
كان بديهياً أن نقف حينذاك إلى جانب المذيعة السمراء، ولم يتردد المرء في وصفها بـ «حسناء الجديد في مواجهة تمساح الضاحية»، ولم يُستَبعَد حينذاك أن يأتي يوم يُنتَج فيه فيلم يحكي قصة صراع تراجيدي مفعم بالبطولة الفردية بين حسناء رقيقة وعصابة الأشرار الدموية.
لكن «الحُسْن ما بيكملش»، فقد ظهرت أحمد أخيراً في برنامجها «فشة خلق» على قناة «الجديد» (وهذه حتى لو غردت أحياناً خارج السرب، تظل محكومة بجينات ممانعة)، لتدافع عن رئيس حكومتها نجيب ميقاتي بعد أن «طالب المجتمع الدولي بإعادة اللاجئين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا، بالطرق القانونية».

نتمنى حقاً أن تقبل داليا أحمد هذا التحدي: اذهبي مع كاميرتك إلى أيّ من مخيمات اللاجئين، وعايني بنفسك أحوالهم هناك، ولماذا لا يريدون العودة إلى ما تسميه «المناطق الآمنة».

تقول أحمد للسوريين: «بالأملية؛ لبنان بلد حلو، وأسعاره حلوة، خاصة إذا بتقبض بالدولار من الأمم المتحدة، بس ريلي (حقيقي) جنّطنا، بطّل في شي حلو بحياتنا، للأسف هلق ما بقي في شي نتقاسمه معكن غير الهجرة. لأنه مش لايقة الشعب اللبناني يهاجر وتبقوا لحالكن هون، ما تجوا تْنَظْروا عَ بلد مفلس، ما تْنَظْروا ع بلد حَضَن الشعب السوري 11 سنة. نحن منبع الإنسانية. بس اللي بيطلع بيعيّد بسوريا، وبيرجع ع لبنان ليقبض من الأمم المتحدة، هيدا وين في خطر عليه؟».
لا ندري إن كان يفيد النقاش مع داليا ومحاججتها. لكن لا بأس من تذكير أولئك الذين تنطق المذيعة باسمهم؛ فهي أولاً تعترف بأن الأمم المتحدة هي من يموّل بالدولار وجود اللاجئين في لبنان، ولا شك أن أزمات لبنان المستعصية ليست بيد اللاجئين، المشغولين بدق وتد الخيمة، أو إزاحة الثلج المتراكم فوقها، أو بتأمين قوت العيال، من تبقى من العيال. من ثم، تأكدي أن من يعيّد في سوريا ليسوا شعب الخيام، كما أن اللاجئين لا تمثّلهم من تسميهم «معارضة الصالونات وفنادق إستانبول ومعارضة سوق الأحد».
نتمنى حقاً أن تقبلي هذا التحدي: اذهبي مع كاميرتك إلى أيّ من مخيمات اللاجئين، وعايني بنفسك أحوالهم هناك، ولماذا لا يريدون العودة إلى ما تسميه «المناطق الآمنة»، اذهبي بنفسك، لا تعتمدي على تلك السطور التي كتبها منتج البرنامج، فهو مثلك لا يعرف، هذا إذا أحسنا الظن.
آه، تذكرت شيئاً؛ في المرة الماضية، في خضمّ معركة الحسناء والتمساح لم نرد أن نحيد عن دفاعنا عن حق القول وحرية الصحافة، كان الهمّ هو ردّ هجمات الذباب عنك، لم يكن لائقاً حينها القول إن أداءك لبرنامج ساخر ثقيلُ الظل، من أين تأتي الجرأة لقارئ نشرة أخبار لكي يتحول بهذه السهولة إلى مذيع ساخر، إلى ممثل أكثر منه مذيعاً!
في الواقع لا داعي لتعداد الحجج والبراهين، ولا ردّ الاتهامات الباطلة، يكفي ملاحظة أداء داليا في البرنامج؛ إن سخريتك، «يا حسناء الجديد»، قبل عنصريتك، تثير الغثيان.

أصالة باللغة الكردية

لولا أن أصالة، المغنية السورية المعروفة، هي من غنى «كفوكيم»، التي نعرفها جميعاً على أنها «غنّوا معنا الليلة»، لما ثارت هذه العاصفة التي نشهدها الآن حول الأغنية، فمن جهة، الجدل (قل السخرية) على أشدّه بخصوص أن الفنان السوري الكردي المقيم في الإمارات آري جان نسبَ لنفسه لحن وكلمات أغنية هي من التراث الكردي، أو السرياني، أو لعلها لحسن جزيري،.. هي المغناة مرات يصعب حصرها من قبل مغنين محترفين أو شعبيين.
من جهة أخرى أُخذت الأغنية لترمّم وتراً مقطوعاً بين الجماعات السورية، فأصالة، المغنية الشامية، تغني باللغتين العربية والكردية، هناك إحساس بأن المغنية هنا تمثل جماعة، وكان حسناً منها، على ما يقولون، أن تنطق بتلك اللغة الممنوعة، المطرودة من الكتب، والشاشات، والدوائر الرسمية، وها هي اليوم تحتل قناة الأغنيات العربية الأولى: روتانا. مع أن الغناء بمختلف «اللغات السورية» لطالما كان ساري المفعول في أعراس الشمال السوري (انظر إبراهيم كيفو).
الأغنية الجديدة جميلة من دون شك، لكنها كانت ستكون أجمل بصوت سارة درويش، لبنى نفاع، ميس حرب، بسمة جبر،.. حينها بالطبع ستكون أكثر حناناً، وأقل ضجيجاً.

 أُخذت أغنية أصالة لترمّم وتراً مقطوعاً بين الجماعات السورية، فأصالة، المغنية الشامية، تغني باللغتين العربية والكردية، هناك إحساس بأنها هنا تمثل جماعة، وكان حسناً منها، على ما يقولون، أن تنطق بتلك اللغة الممنوعة، المطرودة من الكتب، والشاشات، والدوائر الرسمية.

خلونا الليلة نغني

طيّ أغنية أصالة هناك أغنية أخرى بعنوان «خلونا الليلة نغني» هي للمغني والملحن السوري، الأرمني الأصل، إبراهيم كيفو، من كلمات عزت الحديدي، وهي، كما يقول كيفو بمنشور له على فيسبوك «أغنية عربية باللهجة الجزراوية»، وينفي أن تكون أصالة قد حصلت على إذن منه، ويستغرب كيف لزميله الملحن آري جان أن يتصرف ويضع اسمه معدّاً على أغنية، لم يعدّل في كلماتها حرفاً، وأخذ «اللحن تماماً كما هو من دون أي تغيير». كذلك يوجه كيفو سؤاله لـ «شركة روتانا» كيف «لم يبحثوا بالشكل الصحيح عن ماهية الأغنية بشكل أوسع وبحث دقيق».
الملحن الكردي صلاح عمو استنكر أيضاً عمل أصالة وآري جان في التعدي على حقوق الآخرين، ولم يخف إعجابه بأداء أصالة «الرائع»، بحسبه، فكتب يقول: «من حق أي موسيقي أن يقوم بإعداد أي أغنية وتوزيعها من جديد، لكن مخجل ومؤذ وغير أخلاقي أن يتم إغفال المصدر والمؤلفين الأصليين للأغاني».
ويضيف: «واحدة من الأغنيتين من التراث الكردي (وهناك شبه إجماع على أنها تعود للفنان الكردي الكبير الراحل حسن جزراوي، المتوفى 1983)، والثانية «خلونا الليلة نغني» من كلمات عزت الحديدي وألحان الفنان والصديق إبراهيم كيفو. إن أغفال مصدر أي أغنية هو قانونياً وأخلاقياً غير مقبول، وتعدٍ على الحقوق الملكية والفكرية للمؤلفين. وحتى إذا كانت الأغنية من التراث يجب ذكر المصدر».

كاتب من أسرة تحرير «القدس العربي»

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com