صحة

” العادات المشتركة التي تخلق العزلة…”

هل تساءلت يوماً , لِمَ أنت وحيد؟

كطبيب نفسي ,أدرك جيداً ما يشعر به الأشخاص الوحيدين و المنعزلين حتى و إن كانوا متزوجين أو يحظون بحياة مهنية ناجحة . فأن العديد من الناس يعانون إحساساً مؤلماً بالأنفصال و الأغتراب .

زينب كاظم

إليك بعض الأمور التي قد تسهم في زيادة شعورك بالوحدة , و التي بدورها تغذي وباء الوحدة المنتشر في مجتمع اليوم.

  • التعرض للأنتقاد

في البحث الذي أجراه “جون غوتمان John Gottman” حول العوامل التي تسهم في أزدهار العلاقات , سُلط الضوء خلال الدراسة على عامل الأنتقاد بوصفه أحدى العوامل التي قد تؤدي الى الأنفصال بالأضافة الى الأزدراء و التسويف و أتخاذ الموقف الدفاعي.

كتمرين مهم , لاحظ كم هو عدد المرات التي اصدرت فيها حكم على الاخرين سواء جهراً او سراً او وجهت لهم النقد . الكثير منا نشأ مع كثير من الأنتقادات , سواء في المنزل او المدرسة او حتى خلال ممارسة الرياضة , أذ يبدو لنا من الطبيعي ان يتم أنتقادنا.

و لكن الأنتقاد يؤذي , مما يدفعنا الى محاولة حماية أنفسنا و ذلك بأن نمتنع عن إظهار مشاعرنا و رغباتنا الحقيقية , و بالتالي بناء جدار لحماية ذواتنا ما يؤدي بنا الى العزلة..

أن الشعور الذي يولده إنتقاد الاخرين لنا قد يثير إستجابة بالجمود او القتال , أذ أننا اما أن ننسحب او نهاجم الشخص الذي أنتقدنا . ان الهجوم او الانسحاب يبقينا منعزلين و يسَممَ إمكانية التواصل. عندما نكون اكثر تيقظاً لدى إنتقادنا للاخرين , سنتمكن عندها من ملاحظة مشاعرنا و حاجاتنا غير المشبعة التي وراء ذلك السلوك.

فبدلاً من توجيه تعليق مؤذ و حاد لشريكنا على سبيل المثال “انت غير موجود , عملك أكثر أهمية من علاقاتنا!” , يمكننا التعبير بوضوح عند شعورنا بالوحدة و الحاجة للشريك . فعندما نستبدل النقد برد أكثر لطفاً , من المرجح ان نجذب شريكنا نحونا.

توجيهك النقد للأخرين قد يكون إمتدادا لنقدك الدائم لنفسك و بخسك ذاتك , لذا قد يؤدي لطفك مع نفسك الى تخفيف ميلك لأنتقاد الآخرين.

  • الشعور بالخزي

نشأ الكثير منا و هو مقتنع أنه يعاني من خطب ما , هناك خطأ مقترف في كل ما يقوم به , لذا فأننا عندما نتعرض للنقد يؤدي ذلك الى أسترجاعنا خبرة الطفولة المؤلمة و الشعور العميق بالعار الذي ولدته لدينا , فسرعان ما نحاول الأبتعاد عن ما يثيرها.

في الورشة التي أقامها كل من الدكتور “Bret lyon” و “Sheil Arubin ” , حول علاج الشعور بالخزي , شخصوا الخزي على أنه صدمة. لذا يحفزنا ذلك لتجنب هذا الشعور من خلال إنكاره أو إسقاطه على الاخرين و توجيه اللوم لهم لجعلهم يشعرون بالألم الذي لا نريد الشعور به.

تصف الدكتور “Bret Lyon” هذا الموقف كحالنا عندما نمسك برقاقة حارة من البطاطس فأننا نحاول دفعها من شخص الى اخر لنتجنب ألمها. هذا النقل للشعور بالعار إنعكاس لمدى الأذى الذي يسببه هذا الاحساس و الذي نحاول غالباً التخلص منه او تجنبه.

  • الكفاح من اجل الوصول الى الكمال

الرغبة في المثالية “الكمال” عادةً ما تحفز بوساطة الخوف و الشعور بالخزي , أذ تحفزنا فكرة أننا اذا ما حققنا الكمال او المثالية في أقوالنا و سلوكياتنا , بالتالي فأن لا احد سيتمكن من رمينا بسهام الأنتقاد.

إن مشكلة الرغبة في الوصول الى الكمال تكمن في أنها غير قابلة للتحقيق. تجنب الشعور بالخزي من خلال الرغبة بالكمال يمنعنا من المخاطرة في إظهار ذواتنا الحقيقية , بل نعمل على أخفاء مشاعرنا الحقيقية و ضعفنا و رغباتنا .أننا نخشى أذا ما أفصحنا عن حقيقتنا سنقابل بالرفض و النبذ من الناس , فنيتنا هي حماية انفسنا من الألم , و لكن إبقاء حقيقتنا محبأة يزيد من عزلتنا.

كلما عززنا قوتنا الداخلية كلما زاد ذلك من تقبلنا لذواتنا و تقبل فكرة انه لا بأس ان يكون لنا بعض العيوب. أذ نستطيع ان نتقبل و نحب انفسنا بصرف النظر عن كيفية تصرف الاخرين معنا . حيث لا يمكننا التحكم في كيفية أدراك الاخرين لنا و لكن في المقابل من السهل التحكم في كيفية رؤيتنا و ادراكنا لذواتنا.و بتنامي احترامنا لأنفسنا بصرف النظر عن أوجه القصور في حياتنا, سنتمكن من بناء علاقات اكثر حميمية و صدق مع الاخرين أذ تقبلنا لحقيقة انه ليس بمقدورنا تحقيق المثالية , يحفزنا على التحدث و التصرف بأنفتاح و صراحة مع المحيطين بنا .

ان الشعور بالوحدة هو حالة منتشرة في مجتمعنا المعاصر , و لكن بأمكانك معالجة وحدتك و التغلب على العزلة من خلال المخاطرة بالتواصل مع الاخرين , سواء من خلال ابتسامتك او مشاركة الاخرين لمشاعرك او الاحاديث اللطيفة …الخ.

المصدر: John Amodeo Ph.D.

https://www.psychologytoday.com/us/blog/intimacy-path-toward-spirituality/201804/are-you-wondering-why-youre-lonely?utm_source=FacebookPost&utm_medium=FBPost&utm_campaign=FBPost

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com