منوعات

أين الكهرباء؟ اسأل جورج قرداحي وعمرو أديب… الجزائر والمغرب: كلنا في الهم شرق!

بيدر ميديا.."

أين الكهرباء؟ اسأل جورج قرداحي وعمرو أديب… الجزائر والمغرب: كلنا في الهم شرق!

الطاهر الطويل

 

تطالعنا من حين لآخر بيانات عن تصنيف درجات السعادة لدى الأمم والشعوب، حاملة معها طرائف وغرائب تظهر البون الشاسع بين الدول التي تهتم براحة مواطنيها ورفاهيتهم، وتلك التي لا يهمها سوى الطبقة المترفة من متنفذين اقتصاديين وعسكر وساسة وعائلات كبرى.
منذ بضعة أيام، تداولت وسائل الإعلام خبرًا يتعلق بنتائج مؤشر «المدينة السعيدة» الذي أصدره معهد «جودة الحياة»، انطلاقًا من مقره في العاصمة البريطانية لندن. وكان لافتًا للانتباه أن المعطيات المتعلقة بالسنة الحالية تخصّ مدينة «آرهوس» الدنماركية، ثم مدينة نيويورك الأمريكية، تليهما زيوريخ السويسرية، ثم فانكوفر الكندية، فالعاصمة البريطانية لندن، ثم مونتريال، وبعدها بريسبان الأسترالية، وبيرجن النرويجية، ثم العاصمة السويسرية جنيف.
كان طبيعيا أن يضمّ تصنيف «المدينة السعيدة» مدنًا خليجية كالدوحة ودبي والشارقة وأبو ظبي والرياض ومكة وجدة ومسقط.
أمّا على المستوى المغاربي، فلم يحظ بهذا «التشريف» سوى اسم مدينة واحدة هي صفاقس التونسية التي احتلت المرتبة الأخيرة. مع العلم بأن مؤشر المدن السعيدة يرتّب 200 مدينة عبر العالم، وفق خمسة معايير هي: نشاط المواطنين والحوْكمة والبيئة والاقتصاد وحرية التنقل، وتتفرع هذه بدورها إلى 24 معيارا فرعيا.
نتذكّر جميعًا أن صفة السعادة كانت، لقرون عديدة، لصيقة باليمن، فكان يُطلق عليه «اليمن السعيد»، وأرجع البعض التسمية إلى القائد الشهير الإسكندر المقدوني الذي عجز عن غزو هذا البلد العربي، فيما وردت بعد ذلك بقرون لدى الرحالة الدنماركي فون هافن الدانمركي (1727 – 1763) باسم «العربية السعيدة»، نظرًا لما اشتهرت به البلاد من ازدهار حضاري وثراء طبيعي ونشاط اقتصادي. أما اليوم فلم يعد اليمن يحمل من السعادة سوى الاسم وبعض الحنين لمجد أثيل، بعد حروب الإخوة/ الأعداء وتكالب القريب والبعيد عليه. ومن ثم، صار معظم أهله معذّبين في الأرض… وكذلك حصل بالنسبة لأقطار عربية ذات حضارة ضاربة في القدم كالعراق مثلاً.
هل يمكن أن نبحث عن السعادة في الوطن العربي الممزق؟ ونحن نرى بلدا عظيما كالسودان صار أهله مهددين بالمجاعة والفقر والأمراض وانعدام الأمن، بعدما أعمت المصالح الشخصية طوائف العسكر المتحاربة، فأمسى منتهى همها هو السلطة، على حساب خراب العمران وعذاب الإنسان!
أين يمكن أن نتلّمس السعادة؟ ونحن نشاهد ونسمع عبر تلفزيون عمّان، الإعلامي اللبناني الشهير جورج قرداحي يغبط الأردنيين على كونهم يستطيعون التمتع بالكهرباء ليل نهار، بينما هم في «بلاد الأرز واللزاب» لا يظفرون بهذه النعمة إلا لمامًا وبالتقسيط والتقطير.
التوصيف نفسه يصدق على «أرض الكنانة»، فمن عجب العجاب أننا وجدنا إعلاميا مواليا للنظام حتى النخاع، من طينة عمرو أديب، قد تحول بين عشية وضحاها إلى معارض للحكومة، حيث انتقد تصريحات رئيس الوزراء في شأن أزمة الكهرباء، مؤاخذا إيّاه على إعلانه مرة أن الأزمة سوف تُحَلّ في غضون أسبوع أو أسبوعين، ومرة أخرى تأكيده على أن المسألة تتطلب حوالي شهرين.
وواصل المسكين الذي ارتدى جبة المواطن المقهور، صراخه خلال الحلقة كلها من برنامجه «الحكاية»، طالبًا من المسؤولين المصريين تعديل الخطاب، وقال: «الأزمة ليست عيبًا». وأضاف «ألا تكون هناك أموال، وأن تكون ثمة أزمة ليس عيبًا، أن تكون لدينا مشاكل ليس عيبا»، وعلّق قائلا بلهجته القاهرية «ذا بلد عايش مشاكل الدنيا والآخرة»… وأضاف «بس قولّي وأنا معك»… إنه ـ كما قال ـ يريد من الحكومة فقط «الصراحة» و»شجاعة المواجهة»، واستحضر مقولة ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، خلال الحرب العالمية الثانية: «لن أستطيع أن أعدكم إلا بالمزيد من العرق والدموع والدماء!»
المواطن المصري يريد ألا ينقطع عنه الكهرباء، وإذا انقطع فيتعين إخباره بالسبب بكل صراحة.
عمرو أديب لا يفهم في الكهرباء كما يقول، ويصبّ جام غضبه على الحكومة المصرية؛ ولكنه يحب السيسي حبا جما. وتلك هي المعادلة التي قد تحتاج إلى تفسير!

عطش في المغرب وغلاء في الجزائر!

فقر في اليمن، وجوع في السودان، وظلام في مصر ولبنان، ينضاف إلى ذلك العطش الذي بات يشكو منه أهالي أقاليم عدة في المغرب، وللمفارقة أنه توجد بالقرب منها أنهار وعيون وسدود. فكيف يمكن الحديث عن أزمة مياه والحال هذه؟
فرق برلمانية من المعارضة أرجعت الوضعية (علاوة على الجفاف) إلى قيام مزارعين كبار بإنتاج فواكه تستنزف مياها كثيرة، من قبيل البطيخ الأحمر والأصفر والفواكه الاستوائية… وهي تُوزّع في الأسواق المحلية، كما تُصدَّر إلى خارج البلاد.
ومنذ بضعة شهور، نشر موقع القناة الثانية نص الرسالة التي وجهها فريق «التقدم والاشتراكية» في مجلس النواب، إلى وزير الفلاحة، تضمنت مناشدة بضرورة المنع الكلي للزراعات المستنزفة للماء في المناطق القاحلة. وأشارت الرسالة إلى أن مستثمرين عملوا على تأجير مساحات شاسعة من الأراضي، من أجل استغلالها في زراعة البطيخ الأحمر؛ وذلك في سياق متّسم بمعاناة هذه المناطق من الجفاف الحاد وندرة الموارد المائية. وهو ما ينذر بعواقب وخيمة على الأمن المائي والاقتصاد المحلي المعيشي والوضعية الاجتماعية لسكان الواحات في جنوب البلاد.
بيد أن العواقب، أو لنقل العقاب، نزل سريعًا على بعض المستثمرين الجشعين الذين استعملوا موادا كيميائية لضمان غزارة الإنتاج من البطيخ الأحمر. ومن ثم، صارت تلفزيونات العالم تتحدث عن تسمّمه في الأسواق المحلية والأجنبية، كما حصل في إسبانيا مثلا. وعوض أن يصير البطيخ المغربي مطلوبا ومشتهى، أمسى منبوذا ومهجورا.
وبما أننا «كلنا في الهم شرق» على حد تعبير أمير الشعراء أحمد شوقي، فالجزائر هي أيضا مستبعدة من مؤشر المدن السعيدة، مثلما يتجسد في تقارير تقدمها حتى بعض وسائل الإعلام المقربة من السلطة، قناة «الشروق» ـ مثلاً ـ تحدثت عن غلاء مهول في أسعار اللحوم والأسماك والخضار والفواكه، وقناة «البلاد» أوردت تصريحات لمواطنين ذكروا فيها أن الشعب الجزائري فقير ولا يستطيع شراء الموز الذي بلغ ثمنه 600 دينار (أي حوالي 4 دولارات ونصف).

وصفة سحرية من الهند!

ما الحل إذن، لمواجهة هذه الهموم؟
عملاً بالمقولة العربية «كثرة الهم تضحك»، اهتدى طبيب هندي إلى وصفة فعالة، استطاعت أن تدرّ عليه عائدا ماليا محترما، وانتقلت التجربة المربحة إلى مناطق مختلفة من العالم بما فيها بلداننا العربية، وغدت موضوعًا محبّبًا لدى العديد من البرامج الحوارية التلفزيونية.
الوصفة، كما يزعم أصحابها، أسلوب علاجي لمواجهة الضغوط في إطار مجموعة مشتركة، فمن خلال الضحك المُفتعَل المصحوب بحركات «اليوغا»، تُحرق الدهون، ويجري تحريك وإفراز هرمونات السعادة في الجسم.
النتيجة إذن، أن الضحك مفتاح السعادة، وليس أشياء أخرى. لكن الحكومات العربية عوض أن تجلب الضحك البريء إلى مواطنيها، تضحك عليهم بالتناقض الموجود لديها بين الأقوال والأفعال!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com