مقالات

بلاد السواد.

بيدر ميديا.."

بلاد السواد.

علي حسين

 

بين آثار عبد الرحمن منيف الجميلة روايته “أرض السواد” كتبها في نهاية التسعينيات،وأرض السواد هو الاسم الذي أطلقه العرب على بلاد الرافدين، والاسم يدل على خضرة ونماء. ولكن ها هي الأخبار تنبئنا بأن نسبة التصحر في بلاد السواد بلغت نحو 70%، ونقرأ في الأخبار أن وزارة الزراعة العراقية تشكو حال وأحوال الحزام الأخضر الذي يسمع عنه العراقيون كثيراً ولكن لا يروه بالعين المجردة.

 

 

قبل أكثر من شهر كنت في أبو ظبي لحضور معرض الكتاب، وكان الحديث يدور بيني وبين أحد الأصدقاء من العراقيين المقيمين في الإمارات حول الغابات التي أراها في كل مكان، وكيف تمت زراعة كل هذه الأشجار في مدينة تحيطها بحار مالحة ودرجات حرارة مرتفعة وكانت قبل عقود قليلة صحراء ، قال لي الصديق الذي يعيش في أبو ظبي منذ أكثر من ربع قرن، إن الإمارات قررت في السبعينيات أن تنشئ الغابات للاستفادة منها كمصـدات للريـاح وتثبيـت التربـة، وتذكرت مشروعنا “الحزام الأخضر” الذي تحول بفعل الفساد المالي والسياسي إلى أحزمة من الغبار. أنظر إلى أشجار القرم التي استوردتها أبو ظبي، وعندما يشاهد الوزير الشيخ نهيان بن مبارك علامات الحيرة تتلبسني،يحاول ان يرضي فضولي فيخبرني بأن الزراعة في الإمارات تعبر عن حب واخترام وعشق المرحوم الشيخ زايد للزراعة ، حتى أن الإمارات اليوم تعد على قائمة الدول في زراعة النخيل بأكثر من 40 مليون نخلة.. بماذا يذكرنا هذا الرقم؟ بنخيل العراق الذي طحنته الحروب والإهمال، ويضيف الشيخ نهيان “إننا نفهم الزراعة باعتبارها عنصراً من عناصر الاستقرار، فلا حضارة ولا تقدم بغير استقرار”، وأقرأ في واحد من الأماكن مقولة الشيخ زايد “أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة” .

كل أخبار الدول التي تسعى إلى رفاهية شعوبها كانت إيجابية، إلا أخبار بلاد الرافدين التي لا يريد لها البعض أن تنهض وتستقر ، وما ان يشعر المواطن ان هناك بوادر امل في التمية ، يخرج علينا من يهتف في الساحات والشوارع : لا بديل عنا !! حاول عزيزي القارئ أن تتأمل كم يُصرف على الأحزاب كل يوم، ومعها الانتخابات والديمقراطية الزائفة وكم يُصرف على الزراعة والسدود واعادة الحياة الى انهار بلاد الرافدين .

هناك رجال دولة ورجال مغامرات . رجال ضمائر، ورجال شعارات ، ويبدو أن جماعتنا اختاروا الشعارات، لأنّ رجل الدولة الحقيقي، يكون نزيهاً وعاقلاً والعاقل هو الذي يجد أنه من المعيب أن يعيش مواطن في بلاد لا توفر له متطلبات العيش الكريم ، مثلما فعل الشيخ زايد الذي فتح أبواب الخضرة والسعادة والاستقرار لبلاده ، وكنت كلما أشاهد اتجول في ابو ظبي يُخيّل إلي أنني أنظر إلى واحدة من دول أوروبا، وفي المقابل نعيش مع ساسة يعتقدون ان التطور والتنمية رجس من عمل الشيطان .

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com