مقالات

الشهيد المقدم خزعل السعدي قنديل شيوعي باسل  .

بيدر ميديا .

الشهيد المقدم خزعل السعدي قنديل شيوعي باسل                 

محمد جواد فارس 

شهيد العلا لن يستمع اللوم نادبه                            

وليس يرى باكيه من قد يعاتبه                             

طواه الردى فالكون للمجد مآتم                            

مشارقه مسودة و مغاربه                              

 

بدر شاكر السياب  

 

لقد غيرت ثورة الرابع عشر من تموز 1958 مسار تاريخ العراق بعد أن  انهت الحكم الملكي وإقامة الجمهورية الأولى في تاريخ العراق المعاصر ، هذه الثورة جاءت بمكتسبات سطرت في صفحات المجد ومنها خروج العراق من حلف بغداد المشؤوم ، واخرجت العراق من العملة الأجنبية ، و صدرت قانون الإصلاح الزراعي للصالح الفلاحين ، وأصدرت قانون الأحوال المدنية بحق المرأة في حياتها الكريمة ، واصدر قانون رقم 80 في تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية ، وإقامة علاقات وطيدة مع بلدان المعسكر الاشتراكي في مجالات متعددة السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية ، ولكن خلافات ظهرت منذ الأيام الأولى للثورة بين قيادة الثوار بين الزعيم عبد الكريم قاسم و العقيد عبد السلام عارف ، و كذلك الخلافات التي عطلت عمل جبهة الاتحاد الوطني بسبب من ان الجبهة لم يكن لديها برنامج متكامل ما بعد الثورة مما أدى الى الخلافات بين أحزاب الجبهة والى فرط عقدها ، هذه الخلافات أدت الى تخلخل الجبهة الداخلية وضعفها على الرغم من تواجد الشيوعيين في الشارع وقيادتهم للنقابات العمالية والجمعيات الفلاحية و المنظمات المهنية ، كانت قوى قومية وبعثية تعد العدة لقلب نظام الحكم القاسمي واستلام السلطة وفعلا جرت الأمور بشكل متوقع و بدء خيوطها من خلال اول محاولة انقلابية في الموصل أتت بعد ان جرى نقاش ساخن بين عبد الكريم قاسم والعقيد عبد الوهاب الشواف امر معسكر الغزلاني في الموصل علما بان عبد الوهاب كان في منظمة الضباط الاحرار محسوب علي اليسار ويتمتع بعلاقات جيدة مع الشيوعيين كان قد اقترح على عبد الكريم قاسم تأجيل موعد مهرجان أنصار السلام في الموصل لكي لا يحدث تصادم بين القوى و الأحزاب هناك ، ولكن الزعيم اصر على اقامته ، واستعان عبد الوهاب بالقوى القومية وعبد الناصر وحدث ما حدث ، وبعد فشل انقلاب الشواف ، قام البعثيين بالتخطيط  ل اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في موقع رأس القرية في شارع الرشيد واتخذ القرار من قبل قيادة البعث متمثلة بالأمين العام المهندس فؤاد الركابي ، وكان الزعيم لم يستمع لرفاقه من المقربين له حول التآمر على الثورة من أمثال العقيد فاضل عباس المهداوي وصفي طاهر وماجد محمد امين و طه الشيخ أحمد وكنعان حداد وغيرهم من العسكريين الوطنيين ، وبقي مستبدا في الحكم و ضع الكل في السفينة التي بدأة تغرق الى ان وصل الامر في انقلاب الثامن من شباط 1963 الانقلاب الذي دفع الشيوعيين والديمقراطيين الثمن غاليا بالشهداء والمعتقلين ، ولم ينسى شعبنا على الرغم الاستبداد والتسلط هناك منجزات  قامت بها حكومة الزعيم عبد الكريم خلال فترة حكمه الممتدة من الرابع  عشر من تموز 1958 ولغاية انقلاب شباط 1963 الدموي ، ومنها بناء 25 مستشفى و160 مستوصفا في المدن وقصبات العراق و10 مدن سكنية و 22 جسرا و تم بناء 2334 مدرسة بين رياض أطفال الى الابتدائية والثانوية ومدارس مهنية ، 44 مصنع بين صغير وكبير .                                

وكان لشهيدنا المقدم خزعل علي السعدي مواقفا معروفة ولد  في قرية الهويدر التابعة للواء ديالى والقرية  من القرى المشهورة بزراعة الحمضيات و الاعناب كان الشهيد منذ نشأته يفكر بالفلاحين وشغيلة اليد لمعاناتهم وهذا ما شجعه على الانتماء للحزب الشيوعي العراقي وجد به برنامج ينطبق وتطلعاته نحو غدا افضل وفي ظل شعاره المركزي ( وطن حر وشعب سعيد ) ، ودخل الإعدادية العسكرية عام 1940 وتخرج منها عام 1942 فبعد تخرجه تمتع بحب الجنود واحترام وتقدير زملائه مما وسع من مقدرته القيادية واستلم مركز الانضباط العسكري  في مدينة شهربان ومن هوايته إضافة الى المطالعة في الشأن العسكري والثقافي كان يحب الاستماع الى الموسيقى والغناء ، التحق في اللواء التاسع عشر والذي كان يقوده الزعيم الركن عبد الكريم قاسم في منصورية الجبل ، وانتمى لحركة الضباط الاحرار وبشهادة اللواء الركن حسن النقيب وهو القومي يقول عنه في مقبلة له ان المقدم خزعل السعدي كان وطنيا شجاعا ومخلصا من خلال معرفته به في معسكر في مدينة كركوك ، تمتع بعلاقات وطيده بين المقربين له مثل خليل أبراهيم  العلي وسلمان حصان ونافع يونس وعبد الوهاب الشواف ، وكما كتب خالد الذكر ثابت حبيب العاني ان الحزب ابدى اهتماما كبيرا بالشيوعيين العسكريين وشكل منهم تنظيم قاده عطشان ضيول الأيزرجاوي ، وحدثني المقدم غضبان مردان السعد ( أبو سعد ) في لقاءتنا في دمشق عن هذا التنظيم العسكري ومهماته وعن دور رفيق دربه المقدم خزعل السعدي عن شجاعته في طرح رأيه والذي كلفه الكثير بما فيه احالته على التقاعد وحتى الاعتقال ، كان له موقف من دكتاتورية عبد الكريم قاسم عندما ذهب إلى مقر جريدة أتحاد الشعب  الناطقة بلسان الحزب الشيوعي عام 1959 ووصل الخبر الى عبد الكريم قاسم وقرر احالته على التقاعد ، وهذا لم يمنع الشهيد بمتابعة موقفه من الدكتاتورية ، بل ازداد ثوريتا في نشاطه من خلال الضباط الشيوعين في مبادرة منه لتوجيه رسالة الى الحزب تضمنت استلام السلطة من عبد الكريم قاسم لان الوضع في تدهور وهناك اجرأت قام بها قاسم ابعد الشيوعيين العسكريين عن مراكزهم وقرب البعثين والقومين بدلا منهم ومن هنا بد التخطيط للانقلاب ، وقد وقع على الرسالة كل من خزل السعدي وفاضل البياتي وإبراهيم الجبوري وسلمان الحصان وشاكر الخطيب وعبد الكريم كاظم وخليل إبراهيم العلي .                                   

ودرست الرسالة في اجتماع المكتب السياسي للحزب وعقد الاجتماع في حزيران عام 1961 حضر الاجتماع السكرتير الأول للحزب سلام عادل وزكي خيري وعامر عبد الله و محمد حسين أبو العيس وجورج تلو وعزيز محمد وعبد السلام الناصري والمرشح لعضوية المكتب السياسي عزيز الشيخ ، وكان قرار المجتمعين رفض الاقتراح بالتحرك ضد الحكم وتوجهوا بالنقد الشديد بحجة انها تستهين بقوى الجماهير ، طبعا لا ننسى تأثير الموقف السوفيتي عليهم وتمسكه بنظام عبد الكريم قاسم ذو التخبط العشوائي بين اليسار واليمن .                    

كان خزعل السعدي كرفاقه العسكريين الشيوعيين من أمثال غضبان السعد وعطشان الازيرجاوي وسليم الفخري وفاضل البياتي وإبراهيم الجبوري كانوا في مسيرتهم حراس لثورة الرابع عشر من تموز المجيدة ، ولكنهم ابعدوا بقرار من الزعيم مثل غصبان السعد أبعد الى موسكو ملحقا عسكريا وكذلك سليم الفخري ابعد عن الإذاعة والتلفزيون وابعد عطشان الى موسكو للدراسة  وزج بخزعل في السجن ، هكذا تعامل عبد الكريم قاسم مع الشيوعيين الذين وقفوا معه .       .المقاومة والاستشهاد                                     

وقع اختار مدينة الكاظمية لبدء مقاومة انقلاب شباط الدموي حيث التحق خزعل السعدي و هادي هاشم الاعظمي وحمدي أيوب العاني  وكوادر وبدأة المقاومة بالعصي والسكاكين من اجل السيطرة على مخافر الشرطة للحصول على السلاح وكانت الجماهير المحتشدة امام وزارة الدفاع تطالب الزعيم بتوزيع السلاح لمقاومة الانقلاب لكنه رفض ، ومن خلال مقاومة الشيوعيين في الكاظمية سقط العديد منهم أبراهيم الحكاك وناظم الجودي وعلي عبدالله ومحمد الوردي والمقاوم البطل ابن الكاظمية  سعيد متروك وغيرهم وبعد ان القي القبض على خزعل السعدي في الحادي عشر من شباط بعملية غدر بلقائه مع زوجته وعذب وفي يوم 26-5-1963 صدر بيان الحاكم العسكري العام رشيد مصلح بإعدام كوكبة لامعة من الشيوعيين الابطال خزعل السعدي و فاضل البياتي واخرين .استشهدوا من اجل الوطن والشعب ومبادئ الفكر الماركسي ومن اجل الاشتراكية العلمية .                               

المجد والخلود للشهيد البطل خزعل السعدي ولكل رفاقه ادربه قناديل تضيئ لنا وللأجيال القادمة الطريق نحو بناء مجتمع الكفاية والعدل .               

 

 

طبيب وكاتب

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com