ثقافة

الرقص بالكلمات.

بيدر ميديا.."

الرقص بالكلمات
ضرغام الدباغ
ترك لنا الشاعر الراحل نزار القباني أرثاً شعريا غير بسيطا،ً ولست في هذه العجالة بصدد تقييم
أعمال نزار شعريا،ً بل الإشارة تحديداً إلى عنوان أحد دواوينه ” الرسم بالكلمات “، وهذا العنوان
يثير عندي ” الشيئ بالشيئ يذكر ” الفضول في تتبع الكلمات، عندما يلعب السياسيون بالشعارات
والمصطلحات، ويستخدمونا في غير محلها، ولكن من يتجرأ و يهتف بوجه محترفي ال سياسية من
الدولة العظمى ” يا ريت تشرفنا سيدي بسكوتك، أو جلوسك، والأحسن انصرافك “. ولكن حين قل
احترامهم واعتبارهم قذفوا حتى بالأحذية ..!
الولايات المتحدة اتخذت قرارا وأفهم علنا،ً أن مواطني الولايات المتحدة وبالتحديد موظفوها
الرسميون، غير خاضعين لقواني محكمة الجنايات الدولية / لاهاي، ولكن ما لم يصرح به، أن هذه
المحكمة مخصصة لخصوم الغرب فحسب. صحيح أن بريطانيا وفرنسا لم تعلنان مثل هذا الإعلان،
ولكنه مفهوم ضمنا.ً ولكن من يفتح شدقيه ويثرثر بحقوق الإنسان والكيل بمكيالين، والعدالة
والحرص على تنفيذها بواسطة المحكمة الجنائية الولية / لاهاي، أو بواسطة قوات المارينز وشرطها
وجنودها ..!
الغرب يصرخ وينوح حين ينفذ حكم بالإعدام في أي بلد في العالم عدا الولايات المتحدة الأمريكية.
وأميركا تنفذ ما تشاء من الاحكام، بل وتقيم معتقلات في قواعدها العسكرية خارج الولايات
المتحدة، تعتقل بشراً لمدة تزيد عن 20 عاماً بلا محاكمة، وهذا يدور في بلد حقوق الانسان ..
أميركا تغرد بالليبرالية، وتطلب من العالم أن يصدقها … ولو تقدمنا بسؤال : كم مئات من ال حر وب
خاضت الولايات المتحدة في بلدان العالم … ابتداء من الحرب على المكسيك وكوبا في مطلع
استقلالها، وسائر دول أميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا …؟ من المؤكد أننا سنحتاج لخبراء في التاريخ
والرياضيات ..!
كم مرة يحدث في العام الواحد أن تطلق الشرطة الامريكية النار على مواطنين عزل وتفتلهم …
والديمقراطية الأمريكية تسمح بالاحتجاج، ولكن دون أن يؤدي لنتيجة ..! أما المواطنون الملونيين
)من أصل أفريقي ــ %23 من الشعب( فدمهم مستباح وكرامتهم مسفوحة، والسجون مليئة بهم،
ويندرن لا يزور مواطن منهم السجن ولو لمرة واحدة في حياته … والبوليس لا علاقة له بالليبرالية
وحقوق الانسان، فهذه شعارات للثرثرة لا غير.
اليوم، بالأحرى هذا أمر يدور منذ 4 سنوات، هناك تصاعد خفي غير ملحوظ ولكنه يدور بقوة، هناك
الليبرالية الجديدة )Neoliberalismus )حملة في جوهرها بقيادة الجمهوريون وفئات متطرفة من
البيض الأنكلوسكسون يطلقون على أنفسهم البيوريتان )Puritanismus )وهم من غلاة الرجعية
والفاشية الأمريكية، وجوهر دعاويهم هي دينية وطائفية، ولهؤلاء فصل قادم في التاريخ الأمريكي.
وفي هذه المسميات رقص على الكلمات واستخدامها في غير محلها ..
و يحلو للحرب الديمقراطية ومحازبوه أن يطلقوا على انفسم ” اليسار ” ولا ندري كيف يجيز لهؤلاء
الفاشيون الجدد أن يطلقوا على أنفسم ” الليبراليون ” و ” اليسار يون ” وهم حجر الأساس في
النظام الإمبريالي المهترئ ، وتقاسموا مع الحزب الجمهور ي أشرس الحملات الاستعمارية في بلدان
العالم كافة، بحيث لم ينجو من حروبهم شعب في العالم .
هذا هو الرقص على الكلمات … ويفرضون هذه اللغة السمجة على وسائل الإعلام التي تهيمن
على نحو %85 منها الولايات المتحدة: رويتر، يونايتد بريس، أسوشيتدبرس، وبلومبيرغ، ونسبة
خطيرة من الاعلام التلفازي، يفرضون لعبة الكلمات، الولايات المتحدة قلعة التحرر والليبرالية
وحقوق الإنسان، وحتى اليسار ….! لماذا …؟ لأن لسانهم طويل، ولا يخجلون من الكذب والدجل،
ثيابهم تفوح منها رائحة الدماء، دماء شعبهم وشعوب العالم ويدعون الليبرالية والديمقراطية،
وبوش الصغير دون خجل يصرح علناً أمام شاشات التلفاز ” من ليس معنا فهو ضدنا ”
في المحص لة : إن كانت لون بشرتك ليست بيضاء فأنت في مأزق، وإذا لم تكن من طائفتهم فمن
المرجح أن ينال الأذى، إذا لم تسلمه بلادك طواعية فأنت إرهابي، أما إذا فكرت أن تقاومهم، فسوف
يجيشون عليك الجيوش …. ! والأفضل أنك حين تريد البدء بمشروع معين ببلدك أن تأخذ موافقتهم
… هل هناك أجمل من هذه الديمقراطية …؟
أميركا حبلى ب ما هو قادم، الجمهوريون نازيون جدد متعصبون للأنكلوسكسون، والديمقراطيون
فاشيون حقيقيون، تتوارى أمامهم الفاشية والنازية الأوربية خجلاً … يرون أن الولايات المتحدة
سيطرأ عليها تحولات ديموغرافية جذرية بما يغير هويتها ويفتت وحدتها، لذلك لابد أن يهيمن
العنصر الأنكلوسكسوني على البلاد ويحكم بالحديد والنار،
أما الديمقراطيون، ف يشنون الحرب على ال انتماء القومي والعائلي ، ويدعمون الأقليات تحسبا
للمستقبل الأمريكي الوشيك، ويجدون للأسف من يرددها في بلداننا يو سعون لخلق الإنسان
الكوزموبولبتي ، لا دين لا وطن، لا قومية، لا عائلة، بل لا هوية تشير للجنس، فالمتحولون سيصبحون
قوة في المجتمع، لا هوية حقيقية، مجاميع هلامية من البشر لا يربط بينها رابط، ليس هناك حرام،
ولا عيب، لا عائلة في دولة غازية وحروب توسع وتدخل وصراعات لا نهاية لها …
كل هذا يدور تحت لافتة الديمقراطية وحقوق الإنسان والليبرالية … وفوق ذلك اليسار ..! في حفلة
الرقص بالكلمات …!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكوزموبوليت )Cosmopolitan): هو الإنسان العالمي الذي لا هوية حقيقية له، لاوطن، لادين،
لاقومية، واليوم أدخل تعديل مهم، لا جنس له ممكن أن يكون ذكر أو أنثى، ويمكن للمتحولين أن
يتزوجوا من جنسهم، ويتبنون أطفالاً في ضرب من تخريب للعلاقات الأسرية لا فائدة منها سوى
حرق القيم والمقاييس، ويصبح الكل بلا هوادة تحت سطوة القانون والبوليس.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com