مجتمع

مي ماتت مقتولة للجحود بإبداعها!

بيدر ميديا.."

مي ماتت مقتولة للجحود بإبداعها!

غادة السمان

 

«التراث القصصي لمي زيادة» عنوان الكتاب القيم الذي أصدره مصطفى أبو عايد وتبنت نشره «المجلة العربية ـ رئيس التحرير محمد بن عبد الله السيف». في تقديمه للكتاب، يذكر الأستاذ مصطفى أبو عايد نائب رئيس تحرير مجلة «الهلال» المصرية، العديد من الكتب التي جمع فيها الذين ألفوها الكثير من مقالات وقصص ومسرحيات مي زيادة، وذكر منهم د. جوزيف زيدان في كتاب بعنوان «الأعمال المجهولة لمي زيادة»، وسامية حبيب بعنوان «مي زيادة كاتبة مسرحية». وهكذا كان لا بد له من الغوص في ثنايا الدوريات القديمة مستخرجاً ما بها من دُرّ منضود لتعم على قراء العربية فائدته، كما يكتب الأستاذ مصطفى أبو عايد في تقديمه للكتاب.

بين جمال الكاتبة وجمال أبجديتها

جمال الكاتبة مي وجمال أبجديتها ألهى بعض معاصريها عن إبداعها، أمثال الذين كانوا يحرصون على التواجد في صالونها الأدبي في القاهرة، مثل عباس محمود العقاد وإسماعيل صبري وسواهما كثير لا مجال لتعداد أسمائهم، وتراسلت مي مع جبران خليل جبران الأديب المغترب. لكن مأساتها هو اتهام أحد أقربائها لها (في الخمسينيات من عمرها) بالجنون ظلماً، وما أعقب ذلك من تجريد لها من حريتها وحقوقها المدنية ومالها والزج بها في مصح عقلي لبناني. ورداً على ذلك، حين غادرت المصح، أنها حاضرت في الجامعة الأمريكية في بيروت وتركت شعرها الأبيض بدون صباغ، ووجهها بلا زينة، كأنها تصرخ: أنا كاتبة أولاً ولست مضيفة في طائرة الإبداع بل من ربابنة الطائرة!

سلمى الحفار الكزبري ومي

الأديبة الراحلة السورية سلمى الحفار، من الكاتبات اللواتي قررن إعادة الاعتبار إلى مي زيادة، فعملت طويلاً على كتاب حول ذلك، حتى إنها زارت قبرها ونالت مقابل ذلك جائزة أدبية عربية رفيعة، كما كتبت كثيرات لإعادة الاعتبار لمي كأديبة، ولعل من أجمل ما يمكن القيام به هو ما فعله الأستاذ مصطفى أبو عايد في كتابه الصادر مؤخراً عن المجلة العربية (السعودية)، وتبني رئيس التحرير الأديب محمد بن عبد الله السيف لهذا الكتاب القيم وإصداره. والحديث عن مي زيادة يطول، لكن رد الاعتبار لإبداعها عمل أدبي جميل لا بد من الانحناء أمامه احتراماً، وسبق لي أن كتبت حول ذلك مطولاً في كتابي «امرأة عربية وحرة».

كتاب ثري بعطاء مي

يذكر المؤلف مصطفى أبو عايد على غلاف كتابه تلخيصاً لمحتواه، ونقرأ على الغلاف الموزع مجاناً مع المجلة العربية ما يلي:
يضم هذا الكتاب ثلاث مسرحيات وعدة قصص قصيرة من بين الأعمال القصصية للكاتبة مي زيادة (التي غرست يراعها في مداد مزجته من ثقافات عدة. مداد لا يتأتى إلا لمثلها، ومع كثرة ما جمع من أعمالها إلا أن المكتبة العربية تفتقد للكثير من نتاجها، ففي حياتها وبعد رحيلها بدأت وما زالت عمليات التنقيب لاستخراج تلك اللآلئ من مكنوناتها).
وهكذا بكل تواضع، لا يزعم مؤلف الكتاب بأنه قام بما لم يقم به سواه، بل يدعو إلى متابعة التنقيب عن أعمال مي المجهولة.
وتحية إلى محمد بن عبد الله السيف ومصطفى أبو عايد لإصدار هذا الكتاب القيم.

كتاب مقابل 20 مليون دولار؟

مذكرات الأمير البريطاني هاري، حفيد الملكة إليزابيت الراحلة وابن الملك الحالي، حصل مقابل نشرها على 20 مليون دولار! وتحمل عنوان «الإحتياطي». من طرفي، لم أجد فيها جديداً، فمن العادي أن يتشاجر الأخوة كما يروي حين تضاربا وطرحه الأمير ويليام (ولي العهد) على الأرض!
أما كراهيته لزوجة أبيه الملكة الحالية كاميلا باركر بولز، فأمر عادي أيضاً؛ لأنها في نظر كثيرين أفسدت العلاقة بين أمه الأميرة ديانا ووالده، وكراهية (الخالة زوجة الأب) ليست حالة نادرة. أما عن ضياعه لفترة وتعاطي المخدرات وارتداء شعار نازي وغير ذلك من حماقات المراهقة، فيحدث للبشر العاديين جميعاً. وعلى الرغم من ذلك، تذكر إحصاءات الكتب أن 20 مليون دولار لم يدفعها الناشر هدراً، فالكتاب يباع كما «الخبر الساخن»! ملايين النسخ بيعت من مذكرات الأمير هاري، كما ترجمت إلى الفرنسية (على الأقل)، فقد شاهدت البارحة في السوبر ماركت الباريسي (مونوبري) نسخة منه في قسم المجلات والكتب، ولم أقم بشرائه..
والمهم أن يجد الأمير هاري سلامه الداخلي الذي زلزله موت أمه، ومشيته التي لا تنسى طفلاً (كان عمره 12 سنة) في شوارع لندن خلف نعشها في جنازتها. يقول الأمير هاري: إنه بكى مرة واحدة في حياته، هو يوم دفن أمه. وبصفتي أمّاً، أتعاطف معه، ومازلت أنتظر أن يعود شكسبير إلى الحياة ليكتب مسرحية الأسرة البريطانية الملكية. إنها جريمة قول الصدق، وهي جريمة لا تغتفر، وبالذات في العائلات الملكية. ما الذي اقترفه الأمير هاري في مذكراته؟ اقترف الصدق في كتابه المذكرات «الإحتياطي».

تخاف الفراشات وتحب الصراصير!

في جلسة مع الصديقات الفرنسيات في المقهى في جادة الشانزيليزيه، قالت إحداهن إنها قرأت أن النجمة السينمائية نيكول كيدمان تخاف من الفراشات وتحب الصراصير! بل وإنها تشعر بالذعر حين تشاهد فراشة، وقالت إنها تفضل أن تغطي جسدها العاري بالصراصير لا الفراشات.
وأبدت الصديقات اشمئزازهن من ذلك ودهشتهن من أن يفضل أي مخلوق صرصاراً على فراشة. أنا من عاشقة الفراشات، وحين كنت بنتاً صغيرة في سوريا عشقت فراشة بيضاء مرقطة بالأسود، وكنت أتأملها حين تقف على غصن نبتة ولا أمسك بها كي لا أفسد جمالها، أما الصراصير فالحرب معلنة بيننا، وحين أغادر بيتي في بيروت أرش مبيدات الصراصير كي لا أجد حياً منها حين أعود…
بالمقابل، دافعت عن النجمة نيكول كيدمان التي لديها (فوبيا) الفراشات؛ أي الذعر منها، وحب الصراصير..
فالكراهية والحب لا تفسير لهما، وكل إنسان حر فيما يعشق حتى ولو كان صرصاراً!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com