مقالات

حكاية من أرشيف الماضي المؤلم و المخيف ( من تجربة الجبل )

في نهاية عام ١٩٨٧ في مقر الحزب بجبال قرداغ . . وصلت الى طريق مسدود في الحوار مع الرفيق طه صفوك ( أبو ناصر ) المسؤول الاول في التنظيم المدني الشيوعي في قاطع سليمانية  , قررت أن أترك مواقع النضال باتجاه الاراضي الإيرانية و هو منفذنا الوحيد بالعالم الخارجي . . صادفت خروج مفرزة الى منطقة ( دولا كوكه ) الحدودية حيث لنا مقر هناك .

المفرزة بقيادة سردار أخو الشهيد البطل ياسين وأبو حسن الحلاوي  , طلبت من الرفيق أبو ناصر أن أرافقهم الى الحدود ومن هناك أدبر أموري . . و برجاء طلبت منه أذا هناك أشكال سوف أبقى لحين حله , فقط تمنى لي في إيران أن أجوع وأجدي . . لتجربتي السابقة في الجبل كل الذين تُركوا مواقع النضال وبشتى الأسباب . . أستهدفوهم بشتى التهم من أقبحها ( العمالة للنظام ) .

قبل تحرك المفرزة في شتوية قارصة بلحظات سلمت سلاحي ومقتنيات الحزب الى الرفيق سلام العجيلي و ودعته بألم فبكى مع الشهيد صباح أبو النور , وصادف وجود الشهيد عمر أحمد اسماعيل في المقر فعلى عجالة كتبت رسالة وسلمتها له أن يصلها الى أحبة لي في بغداد . . يبدوا لي عيون الشرطي علي الشرطي المدعي والجبان والخرديد وقعت عليها ، وبعد خروجي شن حمله عليه بتهم متوهماً بهذا الأسلوب الرخيص أن ينال من مناضل للتغطيه على أدعائه وجبنه , عندما طلبت من ابو ناصر بعد الأزمة التي تعرضت لها تنظيمات المنطقة الوسطى أثر الضربة التي تعرض لها التنظيم بخيرة كوادرها ان نسحب على الشرطي معنا في التنظيم . . ضحك وعلق  ( من قلة الخيل شدوا على الجلاب سروج ) .

أعود الى المفرزة بعد يومين من المشي رافقني في حينها على الكرادي . . وصلنا قرية قزلر على أطراف جبال سليمانية , وبلغني أبو حسن الحلاوي في جامع القرية ونحن محشورين حول موقد الجامع لتدفئة ملابسنا التي بللتها زخات المطر الشديدة خلال المسيرة و ببرودة قاسية . . قالوا لي لدينا قرار من قيادة القاطع أبو سرباز , ابو ناصر . . ابو لينا هذه أخر محطة لنا معكم , تفاجأت وكل رد فعلي حاداً وتكلمت مع النصير سردار , وكان غير مقتنعاً بتلك التصرف المشين ، لكن لا يستطيع ان يعمل شيء .

تركونا في قرية محاطة بالربايا الحكومية ومقرات ايرانية لحرس خميني في جبهة حرب ساخنه ووسط عواصف ثلجية قاتلة وصفوها القرويين الاولى من نوعها . . تحركنا ليلاً باتجاه اضاءات في الجبال اختارنا الأقرب لنا . . بعد ان وصلت الى قناعة بكل الأحوال نحن موتى مؤجلون .

بعد ساعات من السير الرهيبة والخطيرة وجدنا أنفسنا داخل مقرات الاتحاد الوطني الكردستاني في مناطق سركلوا وبركلوا . . أستقبلونا بكل أحترام وتقدير , و نلنا أهتماماً كبيراً من مامستا بكر ومن كاكا شورش وهما قياديان في ئالاي شورش ، التنظيم اليساري  , وكانا محظورين عن أي نشاط حزبي لتقاطع مواقفهما مع سياسة الاتحاد الوطني الكردستاني و بقينا شهور معهم وتقاسمنا رغيف الخبر معهم الى حين شنت الحكومة علينا الانفال الكيمياوي في ربيع عام ١٩٨٨ بالطيران والمدفعية مع تقدم كبير و واسع من كل المحاور للجيش والقوات الخاصة ضعنا وسط الجبال المكسوة بالثلوج لايام لحين وصلنا الى مدينة سردشت الإيرانية .

 

بقلم الكاتب

محمد حسن السعدي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com