مقالات

اغتيال كاتب أعزل جريمة والإساءة لمقدسات الملايين مرفوضة

بيدر ميديا.."

اغتيال كاتب أعزل جريمة والإساءة لمقدسات الملايين مرفوضة

علاء اللامي*

إدانة الاغتيال السياسي والديني لكاتب أعزل مع رفض الإساءة لمقدسات المؤمنين الدينيين: لا أعتقد أن الجيل الذي ولد قبل ثلاثة عقود مرت على صدور رواية سلمان رشدي “آيات شيطانية” بحاجة إلى استعراضات وتلخيصات لفصول هذه الرواية أو التعريف بشخص مؤلفها بمقدار ما هو بحاجة إلى استيضاح خلفيات موضوعها وإعلان الموقف الواضح من أهم شيء حدث بالعلاقة معها، وهو عملية اغتيال سياسي وديني بحق كاتب أعزل. إن هذه العملية يجب إدانتها بحزم مع تسجيل الرفض الواضح والتحفظ الواجب على المؤلف الذي أساء بروايته لمقدسات أكثر من مليار ونصف مليار مسلم. ورغم أنني ممن يعتقدون أن من حق أي مؤلف أو أديب أن يتناول أو يستلهم كل ما ورد في التراث الديني أو غير الديني، خصوصا إذا كان الموضوع المستَلهَم موجودا في السردية التراثية وسبق وأن تناوله الكتاب قديما وحديثا، ولكن الإساءة أو التهجم على مقدسات الناس والتشنيع عليها وعلى رموزهم المقدسة أمر مرفوض. غير أن الإساءة بفكرة في كتاب يجب أن يُرَدَ عليها بفكرة في كتاب أو مقالات ودراسات أو حتى بأشكال احتجاجية سلمية كثيرة كالتظاهر والاعتصامات. والخلاصة هي أن الأفكار والكتب لا يُرَدُ عليها بالرصاص والخناجر بل بالكتب والمقالات والاحتجاج السلمي، أما الرصاص فهو الذي يُرَدُ به على الرصاص دفاعا عن النفس، والقلم هو الذي يُرَد به على القلم.

لقد قرأت الرواية في وقت الأزمة التي أثارتها والفتوى التي صدرت من الزعيم الإيراني خميني ضد مؤلفها وكان رأيي فيها أنها رواية سوريالية من بعض النواحي وواقعية نقدية من نواح أخرى، وهي متوسطة المستوى من الناحية الفنية وربما تتفوق عليها فنيا روايات أخرى لمؤلفها كما قال بعض النقاد المتخصصين كروايتي “العار” و”أطفال منتصف الليل”. الرواية تنطوي على إساءات – وليس إساءة واحدة – بالغة للإسلام كدين ولنبي الإسلام بدءا من اختيار اسم ماهوند وهو تحريف قروسطي لاسم النبي العربي الكريم محمد من قبل بعض المتعصبين المسيحيين الرومان في ذلك العصر. وتعني كلمة “ماهوند” باللغة اللاتينية “الشيطان المتجسد” كما ورد في موسوعة “المعرفة -مادة: محمد بن عبد الله والعصور الوسطى Reeves (2003). p.3؛ مرورا بالعديد من الأحداث والوقائع الحقيقية في التراث الإسلامي وخاصة حكاية “الغرانيق العلى” التي جعلها رشدي الحكاية المركزية في الفصل الخاص بذلك وهو الفصل الثاني بعنوان “ماهوند” (Mahound) والذي يبدو وكأنه فصل حشر حشرا في بُنية الرواية.

خلاصة قصة “الغرانيق العُلى” كما ورد في المصادر التراثية هي أن قريش فاوضت النبي على ذكر ثلاثة من أصنامها بخير في إحدى آيات القرآن مقابل أن تعلن القبيلة كلها إسلامها، فوافق النبي، وورد في سورة النجم العبارات التالية “أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى*وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى*تلكَ الغَرانيقُ العُلَى*وإنَّ شفاعتَهُنَّ لتُرتَجى”، والغرانيق هي الأصنام الثلاثة “اللات والعُزى ومَناة” ثم عَدَلَ النبي عن ذلك وقال إن الشيطان هو الذي ألقى بهذه الكلمات على لسانه وتبرأ مما قال، وحذفت الآية من النص القرآني حكما وتلاوة. وقد وردت هذه الحكاية في العديد من كتب التراث الإسلامي القديمة والمعاصرة، فمنهم من اعتبر حديثها ضعيفا ومنهم من اعتبره صحيحا، وبين الرأيين آراء أخرى وهذه بعض الأمثلة من تلك الآراء:

القرطبي في تفسيره – ضعيف

الشوكاني في فتح القدير – مرسل ومنقطع

ابن باز – مجموع فتاوي ابن باز – حديث مرسل

ابن حجر العسقلاني وكذلك القسطلاني– منقطع ولكن كثرة الطرق إليه تدل على أن للقصة أصل.

نصب المنجنيق لنسف قصة الغرانيق للألباني – مرسل أو معضل إلا بإسناده إلى قتادة بن دعامة

السيوطي في الدر المنثور – برواية سعيد بن جبير – صحيح/ صورة الغلاف.

وهناك آراء أخرى من هذا القبيل يمكن ان تجدها في مظانها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com