مقالات

الإكونوميست: محمد بن سلمان طاغية في الصحراء وصدام صغير!

بيدر ميديا.."

الإكونوميست: محمد بن سلمان طاغية في الصحراء وصدام صغير!

 ترجمة وتحرير: علاء اللامي

شنت مجلة الإيكونوميست البريطانية هجوما كاسحا على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فأثارت غضب أنصاره الذين دافعوا عن العقال العربي أكثر من الدفاع عنه! فهل هو هجوم من قبل مَن خاب أملهم في إقدام بن سلمان على التطبيع مع الكيان، أم هو تعبير عن غضب بريطاني لانفراد واشنطن بالغنائم السعودية مؤخرا؟

قال موقع “آر تي” في تقرير إخباري له ” وفي تقريرها بعنوان: “محمد بن سلمان: طاغية في الصحراء”، تحدثت صحيفة “إيكونوميست” عبر مراسلها في الشرق الأوسط، نيكولاس بيلهام، عن شخصية ولي العهد السعودي. وبحسب ما تم نشره في التقرير، وردت معلومات، نقلا عن مصادر، عن طبيعة شخصية محمد بن سلمان منذ أن كان طفلا وإلى الآن، وسط تساؤل عما قد يفعله مستقبلا. ونشرت المجلة تقريرها، بصورة خلفية عبارة عن رسم لرأس من الخلف عليها شماغ وعقال متصل به فتيل مشتعل، ما أثار غضب العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا الصورة “عنصرية” و”مسيئة” و”ربط العرب بالإرهاب”، حيث أن ارتداء الشماغ والعقال ينتشر في العديد من الدول العربية.

وقال أحد الحسابات معلقا: “غلاف عنصري تافه من مجلة الإيكونوميست التي من المفترض أن تكون رصينة، إذ يصور عقال العربي على أنه قنبلة موقوتة…كل جرائم الغرب والشرق وأدواتهما الطائفية الحشاشة ضد أهلنا في سوريا واليمن والعراق وليبيا والعراق ولبنان وأفغانستان لا تراها الإيكونوميست!/ عبارة مفتاحية للبحث عن التقرير/ صورة “مسيئة للعرب”.

وتضمن تقرير الإيكومونيست الطويل وهو بقلم نيكولاس بيلهام معلومات ومواقف كثيرة منها هذه الفقرات:

*لا أحد يريد أن يلعب كرة القدم مع محمد بن سلمان. بالتأكيد، كان هذا الصبي أحد أفراد العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية، ولكن كان هناك أيضاً 15000 شخص آخر ينتمي للعائلة. فضل زملاؤه في الفصل رفقة أبناء عمومته، الذين كانوا في مرتبة أعلى في ترتيب الخلافة المفترض، كما يتذكر أحد معارفه في طفولته. أما الطفل المعزول الذي سيصبح في يوم من الأيام ولياً للعهد، فيروي أحد أصدقائه أنه سمع يُدعى “صدام الصغير”.

*عندما زار محمد بن سلمان القصر الذي كان يعيش فيه والده مع زوجته الأولى، سخر منه أشقائه غير الشقيقين ووصفوه بأنه “ابن بدوي”. في وقت لاحق، تم إرسال إخوته الأكبر وأبناء عمومته إلى جامعات في أمريكا وبريطانيا، وقد بقي السليل البدوي للأمير سلمان في الرياض لحضور جامعة الملك سعود.

*على الرغم من أن سلمان بن عبد العزيز هو رئيس الدولة اسمياً، لكنه نادراً ما يظهر علناً لاحقا. لقد كان من الواضح خلال سنوات عدة أن محمد بن سلمان هو المسؤول. قال لي ضابط مخابرات سعودي سابق: “في الواقع، لم يعد الملك سلمان ملكا”.

*التحول الأكثر وضوحا في المملكة العربية السعودية هو وجود المرأة في الأماكن العامة حيث كانت ذات يوم إما غائبة أو تحت حراسة مشددة من قبل الزوج أو الأب. هناك تغييرات أخرى أيضاً. اليوم يمكنك مشاهدة جوستين بايبر في حفل موسيقي أو غناء الكاريوكي أو الذهاب إلى سباق سيارات الفورملا 1. قبل بضعة أشهر ذهبتُ إلى حفلة في فندق، ورقص السعوديون والأجانب حفاة القدمين على الرمال حتى الفجر، وتقبيل زوجين، وجُرِّدت النساء من ملابسهن التقليدية حتى ارتدين ملابس بدون أكمام، وتم تقديم عصير الفاكهة الممزوج بالكحول في حانة مفتوحة.

*بعد أن غزا بوتين أوكرانيا في فبراير، ارتفعت أسعار النفط الخام. كان بوريس جونسون – رئيس وزراء بريطانيا – على متن طائرة في غضون أسابيع “إلى السعودية”. رجب طيب أردوغان احتضن ابن سلمان، وهو الذي كان في السابق عدوا لدودا لولي العهد، في الرياض في نيسان -أبريل. حتى أن تلك الحرب أجبرت الرئيس الأمريكي على الانزلاق المذل. أثناء حملته الانتخابية في عام 2020، تعهد جو بايدن بتحويل المملكة العربية السعودية إلى دولة “منبوذة”. ولكنه ذهب في 15 تموز -يوليو للتصالح مع ابن سلمان – في محاولة لتجنب مصافحة يد ابن سلمان، اختار بايدن بدلاً من ذلك المصافحة بالقبضة ما جعل الاثنين يبدوان أكثر صداقة. حتى النقاد في الداخل أقروا بانتصار ابن سلمان. قال كاتب عمود سعودي في جدة: “لقد جعل بايدن يبدو ضعيفًا”. “لقد وقف في وجه قوة عظمى وانتصر أمام العالم”.

*يبدو أن ابن سلمان يستمتع بكسر المحرمات. تطرقت قناته التلفزيونية الحكومية الجديدة إلى موضوع المثلية الجنسية. وفي سبتمبر 2017، رفع حظرا عن تطبيق تايندر للمواعدة “الغرامية”. في العام التالي، تم جر أحد أئمة مكة إلى التعامل مع المجموعة الأولى في مسابقة جديدة لألعاب الورق، وهي هواية تم استنكارها حتى الآن على اعتبارها إلهاء آثم. لقد جلب العديد من الرياضات الجديدة إلى المملكة: الملاكمة، والمصارعة، ورياضة سباق سيارات الدفع الرباعي ذات الشاحن التوربيني وحتى سباق الثيران على غرار بامبلونا. قال أحد المتفرجين الأمريكيين الذي شاهده وهو يتلقى ترحيبا حارا في سباق الفورمولا 1 في جدة أواخر العام الماضي: “إنه نجم موسيقى الروك اللعين“.

بالنسبة للأجانب، تعتبر مدينة الرياض أقل تحريما هذه الأيام. قال لي رجل أعمال ممتلئ الجسم “أخشى أن يتم الإمساك بي لأنني لا أشرب الخمر”. يقول أحد رواد الحفل: “هناك الكوكايين والكحول والمومسات كما لم أر في جنوب كاليفورنيا”. “إنها حقًا أشياء ثقيلة”. يقول مسؤول سعودي كبير سابق إن العاملات بالجنس، وكثيرات منهن من أوروبا الشرقية، يمكنهن كسب 3000 دولار مقابل حضور حفل و10 آلاف دولار مقابل البقاء في الليل.

*عندما أصبح سلمان الوريث المعين عن عمر يناهز 76 عاما، كان بحاجة إلى رئيس هيئة أركان. توقع معظم رجال الحاشية منه أن يختار أحد الأبناء اللطفاء الذين يتحدثون الإنجليزية لزوجته الأولى. وبدلاً من ذلك، قام بتعيين ابن يتحدث العربية بلكنة بدوية. لقد تعلم محمد ابن سلمان اللغة الإنجليزية بسرعة منذ ذلك الحين: عندما التقينا في عام 2016، قام أحيانًا بتصحيح كلام مترجمه.

*يقول مصدر له صلات بالقصر: “إن له هذه الأعصاب الرهيبة، تحطيم المكاتب، وتحطيم القصر”. “إنه عنيف للغاية”. يصفه العديد من الزملاء بأنه يعاني من تقلبات مزاجية شديدة. يقول اثنان من المطلعين السابقين على القصر إنه خلال مشادة مع والدته، قام ذات مرة برش سقف منزلها بالرصاص. وفقا لمصادر وتقارير إخبارية متعددة، فقد حبس والدته بعيدا.

*كانت هناك عقبة واضحة في طريق محمد بن سلمان إلى العرش: هو ابن عمه، الوريث المعين البالغ من العمر 57 عاما، محمد بن نايف. كان بن نايف رئيس المخابرات والمحاور الرئيسي للمملكة مع وكالة المخابرات المركزية. كان له الفضل على نطاق واسع في القضاء على القاعدة في السعودية بعد 11 سبتمبر. في يونيو 2017، تم استدعاء بن نايف للقاء الملك المسن في قصره في مكة.

ظهرت قصة ما حدث بعد ذلك من التقارير الصحفية والمقابلات التي أجريتها؛ يبدو أن بن نايف وصل بطائرة مروحية، ونزل المصعد إلى الطابق الرابع. بدلاً من الملك، كان عملاء ابن سلمان ينتظرون. تم تجريد بن نايف من أسلحته وهاتفه، وأبلغ أن المجلس الملكي قد عزله عن ولاية العهد. لقد تُرك وحده للنظر في خياراته. بعد سبع ساعات، صور مصور فيديو تمثيلية تقبيل ابن سلمان لابن عمه، ثم قبول تنازله عن منصب ولي العهد. احتفظ الملك سلمان بالمقعد الخلفي طوال الوقت. أما ابن نايف فهو الآن رهن الاعتقال (عمه، الذي كان له أيضا مطالبة بالعرش، تدخل على ما يبدو لمحاولة حماية ابن نايف، لكنه اعتقل هو نفسه لاحقا). الاستقالة المرحلية وهي خدعة قديمة لصدام حسين ستصبح الخطوة المميزة لابن سلمان.

*يبدو أن ولي العهد قد فوجئ حقًا بحملة العداء له “بعد مقتل خاشقجي”. كان “خائب الأمل”، كما قال أحد مساعديه. ألم يلتزم بكل الإصلاحات التي كان الغرب يطالبه بها؟ ربما كان قد قلل – ابن سلمان – من أهمية الاحتجاجات التي أثارتها ملاحقة شخصية دولية ذات صلات جيدة “كخاشقجي”، على عكس شخصية ملكية غير معروفة خارج المملكة العربية السعودية. أو ربما فهم أولويات الحكومات الغربية أفضل مما فهموا أنفسهم. لم يفعل -الغربيون- الكثير عندما اختفى محمد بن نايف شريكهم في محاربة الإرهاب. لقد تجاهلوا تقارير التعذيب في فندق ريتز كارلتون “لأفراد العائلة الملكية السعودية المتهمين بالفساد”، وتجاهلوا القصف المتهور من قبل ابن سلمان لليمن. لماذا لديهم الآن الكثير ليقولوه عن مقتل صحفي واحد هو “خاشقجي”؟

*بعد ثلاث سنوات من مقتل خاشقجي، افتتحت “مبادرة مستقبل الاستثمار المقامة في دافوس الصحراء بالعاصمة السعودية الرياض” بالمغنية الأميركية غلوريا غاينور، كانت صور أطفال مبتسمين تومض خلفها على شاشة عملاقة، اقتحمت غاينور المشهد بنشيد الديسكو الخاص بها، “أنا سأعيش”، وسألت الجمهور: “هل تعتقدون أنني سأنهار؟ هل تعتقدون أنني سأستلقي وأموت؟ “

*في وقت سابق من هذا العام، زرتُ صديقا قديما في مكتبه في المملكة العربية السعودية. قبل أن نبدأ الحديث، وضع هاتفه في كيس حافظ يمنع وصول وإرسال الإشارة، لمنع جواسيس الحكومة من الاستماع إليه، لكنني لم أر ذلك من قبل في المملكة العربية السعودية. ليس فقط الأشخاص المنخرطون في السياسة هم من يتخذون مثل هذه الاحتياطات، بل أصبح معظم السعوديين خائفين من التحدث بالقرب من هاتف محمول يعمل. اعتاد الناس التحدث بصراحة إلى حد ما في مكاتبهم ومنازلهم ومقاهيهم. الآن، يتم التقاطهم مقابل لا شيء تقريبًا.

بينما كنا نتحدث على أزيز مكيف الهواء في مكتبه، قام صديقي بعرض قائمة بالأشخاص الذين كان يعرفهم والذين تم اعتقالهم في الشهر الماضي: قائد سلاح الجو المتقاعد الذي توفي في السجن، ومسؤول مستشفى تم إبعاده من مكتبه، أمٌّ اعتقلت أمام أبنائها السبعة، محامي توفي بعد سبعة أيام من إطلاق سراحه من السجن. قال صديقي: “هؤلاء الناس ليسوا من الرعاع والسابلة”. “لا أحد يفهم السبب”!

* اعتاد موظف في الهلال الأحمر يُدعى عبد الرحمن السدحان أن يدير حسابًا ساخرا على تويتر باسم مستعار. في عام 2018، اعتقله عملاء ابن سلمان واحتجزوه بعيدا عن العالم الخارجي لمدة عامين. اتهم المدعون الأمريكيون في وقت لاحق اثنين من الموظفين السابقين في تويتر بتسليم الأسماء الحقيقية وراء حسابات مختلفة لمسؤول سعودي – تعتقد عائلة السدحان أن اسمه كان بينهم.

*في ظاهر الأمر، ليس لدى ابن سلمان ما يثير للقلق. فاستطلاعات الرأي العام – إذا كان من الممكن الوثوق بها – تشير إلى أنه يتمتع بشعبية، خاصة بين الشباب السعوديين. لكن هناك شعور متزايد بأن الاستياء يتخمر تحت السطح. لقد انتهك ابن سلمان العقد الاجتماعي المهم مع الشعب السعودي، من خلال تقليل الصدقات، وفي الوقت نفسه، تم الاستغناء عن تقليد الاستماع إلى آراء الناس العاديين بعد صلاة الجمعة.

* يصف الناس محمد بن سلمان بأنه يعاني من تقلبات مزاجية شديدة. ذات مرة حبس وزيرا في مرحاض لمدة عشر ساعات. لقد عكس الأمير الشاب حتى الخطوات الصغيرة نحو الديمقراطية التي اتخذها الملوك السابقون. تم تعليق الانتخابات البلدية – كعملية لخفض التكاليف، كما توضح الصحافة الكسولة. اجتمع مجلس الشورى، وهو هيئة استشارية من 150 شخصا، عبر الإنترنت فقط منذ انتشار وباء كورونا (اجتمعت مؤسسات أخرى حضوريا منذ شهور). قال أحد الأعضاء “أتمنى لو كان لي صوت أقوى”. كلما ذكرتُ الأمير ابن سلمان – في حواري مع هذا العضو – ارتعشت ساقه.

*ترجمت هذه الفقرات عن النص المنشور على موقع مجلة الإيكونوميست:

(www.economist.com)

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com