مقالات

براميل الغضب في وجه اشتعال الأسعار … وثمار التطبيع لصوص إسرائيليون!

بيدر ميديا.."

براميل الغضب في وجه اشتعال الأسعار … وثمار التطبيع لصوص إسرائيليون!

 الطاهر الطويل
 

 

لم تدم الأحلام الوردية للحكومة المغربية طويلا، إذ سرعان ما تحولت إلى كابوس لدى المغاربة جرّاء الزيادات الصاروخية في أثمان مختلف المواد الاستهلاكية. وبالتالي، تهاوت الخطب والوعود التي كانت تتردد عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية والمواقع الإلكترونية، وصار المواطن المغربي يُجابه الحقيقة المرة في واقعه اليومي.
من المعلوم أن حزب «التجمع الوطني للأحرار» الذي يقود الائتلاف الحكومي ذو نزعة ليبرالية، وبالتالي نهج خطة «تسويقية» مُغرية لخطابه، جعلت الناس يتمسكون بالأمل، بعد تجربة فاشلة ومُحبِطة لحزب «العدالة والتنمية». وللمفارقة، أنه ما إن مرت 100 يوم على تشكيل الحكومة الجديدة، حتى رفع الكثيرون شعارا يطالبها بالرحيل العاجل، وكانت منصات التواصل الاجتماعي فضاء لانتشاره السريع، قبل أن يتجسد في الميادين.
الأحد الماضي، تردد الشعار نفسه في أكثر من 20 مدينة مغربية، صدحت به حناجر الشباب والنساء والكهول، نتيجة الاكتواء بالزيادات التي لحقت بالمواد الأساسية. والمناسبة: ذكرى «20 فبراير» التي توثّق لحراك اجتماعي انطلق في المغرب منذ 11 سنة، ثم توقف بعد مرور بضعة شهور، دون أن يحقق كل مطالبه الكبرى.
شعار «ارحل» الذي رُفع في وجه حكومة أخنوش وجد صداه في مجموعة من القنوات التلفزيونية العربية والعالمية: «بي بي سي» و»الجزيرة» و»العربي» و»الحوار» وغيرها… ولم يقتصر الأمر على نشرات الأخبار، بل شمل حتى بعض البرامج التفاعلية، حيث أبرزت تلك القنوات جل المطالب المرفوعة والمتمثلة في الحد من الزيادات المتتالية في الأسعار وتحسين الأوضاع الاجتماعية وإطلاق سراح معتقلي الحراكات الاحتجاجية… بينما كان الجهاز التنفيذي يواصل الاستعانة بالإعلام الرسمي والمواقع الإلكترونية المقربة منه، من أجل الترويج للمزيد من الوعود والخطاب الغارق في لغة الخشب. وحين يتعلق الأمر بالزيادات مثار سخط الشعب، تتعلل الحكومة بالسياق العالمي لارتفاع أثمان برميل النفط!
لكن، مَن يضمن لها استقرار براميل الغضب أو انطفاء فورتها؟

فنانون يواجهون البطالة بحملة اللقاح!

ضاق الناس ذرعا بالحصة اليومية المتعلقة بمستجدات الحالة الوبائية في المغرب التي تُبث في نشرات الأخبار، فقد صارت تبعث على الضجر، لدرجة أن أحد أعضاء اللجنة العلمية لمحاربة جائحة «كوفيد» أوصى بجعل تلك الأرقام تقدم مرة واحدة في الأسبوع، عوض أن تبقى يوميا.
الكثير من الدول خففت من إجراءاتها الاحترازية بشكل شبه كلي، وبعضها أزالها نهائيا. في حين ما زالت الحكومة المغربية، ومعها خبراؤها في الطب يحاولون زرع المزيد من الخوف في المواطنين، ويهددونهم بالويل والثبور وعظائم الأمور إن هم لم يتلقوا الحقنة الثالثة. بل إن وزارات منعت موظفين من ولوج مكاتبهم لذلك السبب نفسه، تحت طائلة الاقتطاع من رواتبهم.
وهناك مَن يردد على سبيل الاستغراب موجّها كلامه إلى المسؤولين: «في البداية كنت تقولون: التلقيح اختياري وطوعي، واليوم صرتم تؤكدون أن جواز التطعيم إجباري لولوج الإدارات والمطاعم والمطارات وغيرها. فما هذا التناقض؟!»
البرلمانية اليسارية نبيلة منيب جعلت من الموضوع قضيتها الأساسية، وغلّفتها بطابع حقوقي وإنساني ودستوري؛ حيث يظهر أنها لن تتخلى عن معركتها المحورية: حق المواطن في الاختيار والقرار، وحقه المطلق في جسده، يمنحه التطعيم أو لا يفعل ذلك. وحين يتعلق الأمر بالصحة العامة، فشهادة الفحص التي تثبت خلوّ حاملها من المرض المُعدي كافية، توضح القيادية اليسارية، وهي محقة في ذلك.
المخجل أن بعض الفنانين انساقوا مع الحملة الحكومية التي تدعو إلى إلزامية الجرعة الثالثة، مثلما وقع للكوميدي سعيد الناصري الذي اختفى من على شاشة التلفزيون لشهور عديدة، وحين عاد ظهر في فقرة ترويجية على التلفزيون تحاول أن تقنع الناس بضرورة تلقي اللقاح، وتحديدا جرعته الثالثة.
الفنان الحقيقي ينبغي أن يكون في خندق المواطنين البسطاء، فهم جمهوره الذين يسانده، لا أن يتحول إلى أداة لتمرير خطاب الحكومة وتكريس توجّهاتها.
الغريب أيضا أن فقرة ترويجية بصوت الممثلة نعيمة المشرقي، تقول إن حقنتين للقاح ضد كورونا ليستا كافيتين، لأن المناعة تنقص معهما، ولذلك لا بدّ من تلقي الحقنة الثالثة. طيب، وما الذي يضمن للناس، سيدتي، أن المناعة ستضعف أيضا بعد تناول الحقنة الثالثة، فيصير المرء مطالبا بحقنة رابعة وخامسة وهكذا دواليك؟!

في انتظار لصوص إسرائيليين!

بِئس الكلام ما يتردد على لسان محللين مغاربة يهرولون نحو بعض القنوات الإسرائيلية، وفي مقدمتها (i24news) الناطقة بالعربية، حيث يلوكون خطابا يلقى هوى في نفوس الصهاينة، ويساير توجهاتهم وطموحاتهم. من ذلك قول أحدهم معلقا على زيارة وزيرة الاقتصاد الإسرائيلي إلى الرباط، بالقول إنها تأتي متزامنة مع أزمات الجفاف وكورونا وارتفاع الأسعار. ومن ثم، تبرز حاجة الاقتصاد المغربي ـ على حد زعمه ـ إلى الاتفاقيات الموقعة مع حكومة تل أبيب لإنعاش الصادرات والواردات، كما أن ثمة إرادة لتطوير السياحة بعد فتح الحدود الجوية.
المحلل المغربي لم ينس التركيز على السياح اليهود الذين يفدون على المغرب، مشيرا إلى أنهم يحرصون على اقتناء منتجات الصناعات التقليدية والمهارات اليدوية، وهو ما من شأنه أن ينعش الصناع التقليديين الذين يعيشون أزمة ركود تجارية، كما قال.
لكن المحلل المذكور أغفل أو تغافل ما يفعله السياح الإسرائيليون في فنادق العالم، مثلما أثبتت ذلك صحف إسرائيلية وقنوات دولية في أكثر من مناسبة، إذ يسرقون المناشف والأغطية والمصابيح الكهربائية وغلايات الماء والكؤوس والملاعق وغيرها من موجودات الغرف، بما فيها علاقات الملابس وسطل الثلج والمكواة… مثلما نقلت قناة «بي بي سي عربية» منذ أكثر من سنة، متحدثة عن شكاوى فنادق الإمارات من سلوكيات سياح إسرائيليين.
المدون القطري عبد العزيز الخزرج الأنصاري المعارض للتطبيع نقل عن أصحابه من أرباب الفنادق في دبي نماذج من سرقات السياح الإسرائيليين. وعلّق عليه أحد رواد شبكات التواصل الاجتماعي بالقول: «كيف لا يفعلون ذلك وقد سرقوا بلدا بكامله!»
يبدو أن الإسرائيليين ما إن يضعون أقدامهم في أحد الفنادق العربية أو العالمية، حتى ينسون «مدونة السلوك» التي أصدرتها وزارة السياحة في نظامهم الظالم. ومثال ذلك ما شهد به شاهد من أهلها، فقد ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» منذ جرى في مطار دبي، منذ حوالي شهرين، إيقاف ثلاثة سياح إسرائيليين بعد سرقتهم بضائع معفاة من السوق الجمركية في السوق الحرة.
من يسرق بيضة يسرق دجاجة، وقد يسرق وطنا بكامله، فالسرقة تسري في دماء العدو المغتصب. وهذه أولى ثمرات التطبيع البئيس معه!

 كاتب من المغرب

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com