مقالات

ج1/ التراث الصيني القديم والحضور العربي فيه.

بيدر ميديا.."

ج1/ التراث الصيني القديم والحضور العربي فيه
علاء اللامي*
مقتطفات من كتاب “المستطرف الصيني” للراحل هادي العلوي: “في العصور الإسلامية كانت الصين موضوع علاقة تجارية تمثلت فيها أسس البناء السلمي للتجارة العالمية التي توزعت يوم ذاك بين العالمين الصيني والإسلامي، وعرف المسلمون من خلال هذه العلاقة المديدة والمتواصلة لأكثر من ستة قرون فنون الصين وصناعاتها، ولكنهم لم يتوغلوا أبعد ليعرفوا فلسفتها أو ليدرسوا سياستها كما فعلوا مع فلسفة الإغريق وسياسيات الساسانيين. وقد اندمج العديد من المسلمين عربا وتركا وفرسا في المجتمع الصيني ودخلوا في خدمة الدولة في وقت مبكر من تدفقهم على الصين في العصر العباسي الأول. وشاركوا في الامتحانات الإمبراطورية التي تسبق الدخول في هذه الخدمة وقد توظف الكثير منهم بعد نجاحهم فيها/ ص 8 مقدمة كتاب ” المستطرف الصيني”
*المخترعات والإنجازات العلمية والصناعية التي قدمها الصينيون للعالم وسطا عليها الغربيون ونسبوا بعضها لأنفسهم:
*اختراع الطباعة: ظهرت الطباعة لأول مرة في دولة “تانغ” المتأخرة. وأول كتاب طبع هو ” السوترا الماسية” سنة 868م. أما الطباعة بالحروف المتحركة والتي نسبت إلى الألماني غوتنبرغ عام 1440م فمخترعها الحقيقي هو الصيني “بي شنغ” عام 1048م أي قبل أربعمائة سنة من تاريخها المزور في الغرب. ص51. من كتاب “المستطرف الصيني” للراحل هادي العلوي.
*البارود والمدافع: يرجع اختراعها الى حقبة الدويلات المتحاربة (475 -221 ق.م) وظهر المدفع المتفجر في أوائل الثاني عشر. ثم صنعت المدافع الضخمة في أسرة يوان على يد العرب العاملين في خدمة الإدارة المغولية وذكرت سجلات أسرة يوان مخترع اسمه إسماعيل بنى مدفعا ضخما لما أطلقه اهتزت الأرض بالدوي ونزلت القذيفة بعد إصابة هدفها إلى عمق سبعة أقدام؟ ص 53
*ابتكار المسرح والكتابة المسرحية: نشأ الأدب المسرحي الذي تأوج في القرن الثالث عشر مع الكاتب غوان هان تشينغ 1297م، وهو أعظم كتاب الصين على الإطلاق. وعلى يده ظهرت المسرحية الاجتماعية التي يعزوها تاريخ الأدب الغربي إلى الفرنسيين في القرن التاسع عشر وهي في الصين تسبقهم بزهاء السبعة قرون. وازدهرت الرواية في غضون القرن الثالث عشر واولهاه ظهورا رواية “أبطال على شاطئ البحيرة” تأليف شي ناي آن، من أوائل أسرة يوان ص 216
*البوصلة: يرجع اختراعها الى حقبة دويلات المدن المتحاربة (475 -221 ق.م) أيضا، وكانت بسيطة تتألف من ملعقة محطوطة في صحن والملعقة ذات خواص مغناطيسية تنجذب نحو الشمال والجنوب فيُهتدى بها، وسميت “سينان” في القرن الثالث ق.م؛ أما البوصلة الكاملة المضبوطة الممغنطة الصناعية فقد صنعها العلماء الصينيون في عهد أسرة سونغ الشمالية (960 – 1127م) وورد وصفها في كتاب العلامة شين كو… ويبدو أن الملاح العربي النجدي ابن ماجد كان أول مَن طورها عن الأصل الصيني واستعملها… ويرد في أطلس تاريخي حديث أن البحار البرتغالي فاسكو دي غاما وجد عند الملاحين العرب في مياه مدغشقر بوصلة لفتت انتباهه لدقتها. وقد علق محرر الأطلس بوقاحة عنصرية عجيبة: “إنها مشكلة تحتاج إلى حل؛ فهل يمكن ان يكون العرب قد اخترعوا هذه البوصلة المتقنة ونقلوها الى بحارة المتوسط”!
ص 53 و54 . المستطرف الصيني – هادي العلوي ط1 سنة 1994. يتبع في الجزء القادم الثاني.
*جرد مختصر لتاريخ العلاقات العربية الصينية قبل وبعد الإسلام:
1-عرف العرب بلاد الصين في العصر الجاهلي بهذا الاسم. ويسجل أول اتصال بين الصين والمشرق العربي في سنة 97 ميلادي عندما أرسلت أسرة الهان مبعوثا لها الى سوريا “تاتشن”، واسمه “كان يينغ” ووصل المبعوث الصيني إلى تياوتجيه “العراق” ولم يكمل سفره الى الشام بعد أن ثبَّطهُ وأخافه محتلو العراق آنذاك “الفرس البارسيون/ البارثيون” قبل الساسانيين من التوجه شمالا. ومن كتاب “لطائف المعارف” للثعالبي قوله إن أهل الصين يقولون (جميع الأمم ما عدانا عميان إلا أهل بابل فإنهم عور)، وهو قول لا يمكن ترجيحه بحساب السياق الحضاري.
2-سنة 226 م وصل تاجر سوري اسمه تشين لون الى الصين وزار الإمبراطور، وطلب منه هذا الأخير تقريرا يعرِّف به ببلده ففعل. ويصعب إرجاع اسم التاجر الى أصله العربي ومعرفة هل هو آرامي أو نبطي أو عربي.
3- هناك إشارات في المدونات العربية القديمة / مروج الذهب للمسعودي مثلا، الى وصول مواخر صينية الى شواطئ بلاد العرب في العصر الجاهلي / القرن الخامس الميلادي. وإشارات الى وصولها الى وسط العراق نهريا.
4- تزامن ظهور الإسلام مع بداية أسرة تانغ (618 -907)، والعصر الإسلامي يبدأ في 622 م. وسمعت أسرة تانغ بظهور النبي محمد بعد ذلك بثلاثين عاما.
5- تسجل المصادر الصينية أول اتصال مع العرب المسلمين بوصول وفد في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان بين عامي 650 و651م. ولكن المؤرخ الصنين المسلم محمد مايي يو (ت 1961)، يرجح أن أول اتصال تم في عهد النبي، ويذكر في كتابه ” تاريخ عام للمسلمين في الصين” أن النبي محمد أرسل أربعة من أصحابه الى الصين للتبشير بدعوته. وكان أسنُّهم يدعى وقاص وتوجه الى كانتشو “كانتون” وبنى فيها مسجدا، فيما ذهب الثلاثة الاخرون الى مدينة تشوانتشو ” مدينة الزيتون”. وفي هذه المدينة ثلاثة قبور كتب عليها أنها لأصحاب النبي. ويقول ما يي يو إن وقاص هو سعد بن أبي وقاص، وانه عاد الى الحجاز، ويفترض أن الضريح الموجود له في الصين هو مقامه لا قبره، وحجج مايي يو غير نافذة ” غير راجحة” ولم يرد ذكرها في مصادر السيرة النبوية ولكن الرواية التي انطلق منها تدعو إلى التفكير، فربما كانت المهمة سرية.
6- وفي أواخر الخلافة الأموية بدأ استيطان عربي في العاصمة الإمبراطورية تشانغ آن، وأسس أول مسجد فيها سنة 742 م، ويسمى مسجد مدينة شيان ولا يزال قائما داخل أسوارها القديمة بعد تجديده وتوسيعه في العهد الاشتراكي الماوي وهو أحد أضخم مساجد الصين، التي يتجاوز عددها أكثر من 35 ألف مسجد اليوم، وفي عام 1956، أي بعد ست سنوات من تأسيس جمهورية الصين الشعبية، أُعلن المسجد موقعاً تاريخياً وثقافياً محمياً على مستوى مقاطعة شنشي، وتمت ترقيته لاحقاً إلى موقع تاريخي وثقافي كبير محمي على المستوى الوطني عام 1988. ولا يزال المسجد يستخدم مكانا للعبادة من قبل المسلمين الصينيين، كما أنه يستقبل السياح والزوار يومياً، وتجاوز عدد زواره 10 ملايين زائر من 100 دولة حول العالم.
*المصدر: مختصرات من الباب الرابع/ الصين والإسلام، من كتاب ” المستطرف الصيني/ هادي العلوي” ص 282 وما بعدها.
*كيف أنجد العباسيون الإمبراطور الصيني سو تسونغ بفيلق فرسان منتخبين ذوي سيوف باترة!
7-هناك اتصال آخر بين المسلمين والصينيين في عهد الخليفة عثمان، وهو ثابت ومدون في السجلات التأريخية لأسرة تانغ الإمبراطورية المعاصرة له. وينبغي أن يكون للوفد علاقة بلجوء ابن كسرى يزدجرد وتعيينه ضابطا في الحرس الإمبراطوري وسمح له ببناء معبد زرادشتي له ولأهله وحاشيته. ولم يرد خبر هذا الوفد أيضا في مصادرنا العربية.
8- وقبل بعثة عثمان، كانت وفادة الراهب الموصلي المسمى أو لو بين عام 635 وأوائل عهد عمر بن الخطاب. وكان الغرض وضع حجر أساس للتبشير المسيحي النسطوري في الصين، واستقبله الإمبراطور تاي تزونغ الثاني وسمح له ببناء كنيسة وهي أول كنيسة مسيحية في الصين.
9- وفي زحف المسلمين نحو الشرق وصلت جيوش قتيبة بن مسلم الباهلي إلى مشارف الصين ودخلت مدينة “كاشغر” وفي تاريخ الطبري تفاصيل ما حدث في هذا الخصوص من مفاوضات واتفاقات بين المسلمين والصينيين.
10-وفي عهد أبي جعفر المنصور العباسي طلب إمبراطور الصين سو تسونغ من الخليفة العباسي المساعدة العسكرية لإنقاذ عرشه من تمرد داخلي. ووصلت قوة منتخبة بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف فارس. وكانت القوة مزودة بسيوف قاطعة لم يسبق للصينيين أن استعملوها، وانضمت القوة الى الحرس الإمبراطوري – في المعركة ضد القوات المتمردة – ودحرت المتمردين وانتحر قائدهم الامبراطور مغتصب العرش. ويذكر المؤرخ “ويغر” أن مثل هذه النجدة قد تكررت في مجرى العصور. وقد قرر أفراد الفيلق العباسي المقاتل البقاء في الصين بعد انتهاء مهمتهم وتزوجوا من صينيات. وقد تمت النجدة في الخفاء – ولم ترد في المصادر العربية- لأنها مخالفة للشرع الإسلامي الذي لا يجيز للمسلم الدفاع عن الكافر إلا إذا كان من أهل الذمة “والصينيون لم يكونوا أهل ذمة فقهيا”.
11-تناقل الصينيون أخبار السيوف العربية القاطعة فاستخدمها شاعر الصين الأعظم دو فو في تشبيهاته الشعرية فقال في قصيدة له: لا يقاربه في حدته إلا سيوف العرب.
12-مع احتدام الصراع السياسي والاجتماعي في الدولة الإسلامية صارت الصين والهند محطة لجوء للمعارضة الإسلامية. وتكونت جاليات إسلامية ضخمة من العرب والترك والفرس في مدن الجنوب الصيني أكبرها في مدينة كوانتشو “كانتون”. وزادت كثيرا على مئة ألف نسمة. وتعرضت الى مجزرة عام 879م. وكادت المدينة تخلو منهم. ويغلب على ظني أن الدافع الى هذه المذبحة رد فعل اجتماعي “طبقي” أكثر منه قومي لأن الجالية المسلمة كانت تشتغل في التجارة وجمعت ثروات طائلة قد تكون أثارت الجمهور الصيني، أما الإمبراطور لم يتدخل فيها.
*أحد أحفاد الإمام علي يحكم مقاطعة يون نان الجرداء قبل 7 قرون ويحولها إلى جنات خضراء:
13-في أسرة يوان المغولية صار للمسلمين من العرب والفرس والأتراك حضور كبير كما وصل اليهود من العالم الإسلامي وبنوا أول كنيس يهودي في الصين عام 1227م. وكان قوبلاي خان الذي احتل الصين وأسس أسرة يوان قد اتخذ من رجل مسلم يدعى أحمد كبير كبيرا لوزرائه. وكان هذا الشخص طاغية ساهم في اضطهاد الصينيين وسبب استياء واسع في أوساط الهانيين بالخصوص، فدبر له الصينيون خطة ناجحة لاغتياله.
14-يرجع أول اتصال طبي بين الصين والمسلمين إلى أيام الرازي عن طريق طالب صيني تعلم على يديه ولما أراد الطالب الانصراف طلب من معلمه أن يملي عليه كتب جالينوس الستة عشر فكتبها بطريقة تسمى عندهم ” المجموع” وهي نوع من الكتابة الاختزالية وهي طريقة متبعة حتى الآن.
15-وساهم المسلمون في المجال العسكري في الحكم المغولي وكانت لهم اليد الطولى وطوروا مدى المدافع الصينية البارودية.
16- العلويون في الصين: السيد الأجل هو لقب العلويين (المنتسبين الى نسل الإمام علي بن أبي طالب) في آسيا الوسطى، وورد اسم أحد كبرائهم باللغة الصينية باسم “سي ديان تشي تشو إن سي دين إي أمر”، (السيد الأجل شمس الدين عمر) الذي وصل الصين قبل سبعة قرون في بداية القرن الثالث عشر الميلادي. وانتدب السيد لإدارة مقاطعة يون نان جنوب الصين، وهي تفوق مساحة بريطانيا. يقول العلامة جوزيف نيدهام أنه عندما زار يون نان لأول مرة سنة 1942 أثارته الأشغال المائية التي أقامها السيد الأجل في حوض كونمينغ عاصمة المقاطعة. وكانت المقاطعة حين وصلها السيد الأجل خربة تعيش نهب الفيضانات والجفاف المتناوبين وخلال ست سنوات قام السيد الأجل بما يلي:
*نظم أهل المقاطعة لتعلم الحراثة والبذار.
*شرع في بناء الخزانات والسدود للحماية من الفيضانات والوقاية من الجفاف.
*عبأ الجيش لاستصلاح الأراضي ثم وزعها على ستة عشر ألف عائلة لاستزراعها.
*استصلح أراض طمرتها مياه الفيضانات مساحتها 250 كيلو متر مربع وحول إليها مياه نهرين وشغل ألفي عامل لبناء السدود والمسنيات فصارت جنائن تزرع الغلال الغذائية والاقتصادية.
*طور صناعة النسيج ومنها النسيج الحرير.
*أصلح النقل البري والمائي.
*بنى المدارس وطرق وجسور ومراكز البريد.
وحين توفي السيد الأجل خرج أهل يون نان يبكون وينوحون عليه في الشوارع وأحاطوا أسرته بالحب والرعاية، ويبلغ عدد المنتسبين الى أسرة السيد الأجل سبعة عشر ألف شخص في الصين اليوم. وقد تعرض المسلمون في يون نان الى الاضطهاد بعد طرد الاحتلال المغولي من قبل أسرة مينغ كمتعاونين مع المحتلين المغول ولكن مينغ لم يتطرف في هذا المنحى فإلى جانب روح التسامح الصينية مع الأجانب كان هناك حاجة إلى كفاءات هؤلاء المسلمين القادمين من مواطن حضارة راقية.
*المصدر: مختصرات من الباب الرابع/ الصين والإسلام، من كتاب ” المستطرف الصيني/ هادي العلوي” ص 282 وما بعدها. يتبع في الجزء الثاني

Re: Faktura 365451

Re: Faktura 365451

Fwd: Ditt domännamn är på väg att gå ut

Fwd: Malmö Arab Film Festival 2021

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com