مقالات

هل الإسلام  جزء من أوروبا.

بيدر ميديا.."

هل الإسلام  جزء من أوروبا

د. ضرغام الدباغ

 

هل الإسلام جزء من أوربا ….؟

الحقائق والوثائق والوقائع كلها تشير، أن الإسلام جزء من أوربا …. ومنذ قرون كثيرة على الأقل منذ نزول المسلمين العرب في الأندلس، ونجاحهم في الالتحام في الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية بدرجة كبيرة. ويصعب حقاً تحديد الصلات بين أوربا والعرب والمسلمون. ترى هل ابتدأت حتى قبل الإسلام …؟ اقتصادياً وسياسياً، فقد وجدت آثار تدل على علاقات تجارية قبل الإسلام والمسيحية في شمال أوربا، وهناك مصادر تذكر عن علاقات وطيدة بين تجار من حوض الدانوب وبلاد ما بين النهرين.

 

كتب عن هذا الكثير وعبر عنها فنيا بلوحات فنية جميلة، وبقطع موسيقية رائعة، والتواصل الثقافي كان عميقا ومؤثراً بدرجة أكبر مما يحاول البعض طمسه. والدليل وجود 550 كلمة عربية في اللغة الألمانية …! وأكثر في اللغة الإنكليزية، والكلمات العربية شائعة جداً في اللغة الأسبانية، أما اللغة المالطية … فتكاد تكون عربية …! ويقول أحد العلماء الأوربيين المعاصرين، ” لو بحثنا في أصل كل المعارف والعلوم لوجدناها عربية في الأساس ” .. ومع ذلك يحلو للبعض أن ينكر هذه العلاقات والتأثيرات …! مع أنه يستخدم الرقم العربي (5 4 3 2 1 0) يومياً في تسجيله لكل شيئ..!

 

هل الإسلام جزء من أوربا …؟

قد يصبح التساؤل والإجابة على هذا السؤال ينطوي على مخاطر في أوربا المتنورة المتمدنة ..! بل وقد يطيح بقادة سياسيين وشخصيات اجتماعية، فالأوربيون في وقت ما كانوا يعدمون من يقول بكروية الأرض … ! والأوربيون اعتقدوا أن بوسعهم محو الديانة اليهودية من الأرض … ومارسوا هذا الاعتقاد فعلياً، فأصدروا القوانين ونصبوا المحارق ..!

 

مع ذلك، يتصدى بين الحين والآخر متنورون، منفلتون من دوامة الكراهية ومرض الخوف وهاجس حماية الذات (الفوبيا / Fobia)، متحررون من العقد وأوهام التفوق .. فيكتبون ويتحدثون وينتجون الأعمال الجميلة، ويتحدون أنفسهم فيذكرون الحقائق، فقد تمكن باحث ألماني أن يذكر في مقابلة تلفازية أن الأوربيين تعلموا من العرب الاستحمام في حمامات، وأن يكون في كل بيت مرحاض ..! واليوم في القرن الأول من الألفية الثالثة بدأ الأوربيون يتعلمون فائدة الاستنجاد بالماء في المرحاض. واليوم يدرك الأوربيون المضار الصحية لتناول لحم الخنزير .

 

لذلك واعتماداً على علماء يخلصون للحقيقة، سوف لن نقيم بحوثنا على إثبات الحقيقة، وسوف ندع هذه المهمة للعلماء الأوربيون أنفسهم، وهنا نورد هذه المقابلة المهمة مع الأستاذ في جامعة همبولت / برلين مايكل بورغولت، التي نشرتها صحيفة وموقع : (العالم / Welt online)  . أجرى المقابلة كريستوف آرينز. في البحث لوحات نادرة كلوحة الإنزال في جبل طارق، ولوحة للقائد طرق بن زياد.

 

 

الإسلام جزء من أوروبا منذ القرن الثامن

” لولا وساطة العلماء المسلمين لما توصلت أوربا لمعرفة علوم العصور القديمة إلى أوروبا. حيث تواصلت وتطورت فيها، بينما تعرض العالم الإسلامي إلى الجمود “.

 

 

كتابة : كريستوف آرينس

ترجمة : د. ضرغام الدباغ

 

Welt online

12.05.2016

Von Christoph Arens

 

” يزعم حزب البديل (اليمين المتطرف) وغيره من الشعبويين ممن يكنون الكراهية للأجانب، أن الإسلام لا ينتمي إلى أوربا. ويقول البروفسور دكتور مايكل بورغولت أستاذ القرون الوسطى بجامعة همبولت / برلين، ومؤلف العديد من الدراسات والبحوث حول  العلاقة بين المسيحية اللاتينية، والإسلام واليهودية، أن الثقافة الغربية للمعرفة وفق رأيه ” لا يمكن تصورها دون مساهمة العلماء المسلمين “.

 

فالإسلام لا ينتمي إلى أوروبا، كما يزعم حزب البديل من أجل الديمقراطية وغيره من الشعبويين الكارهين للأجانب. من ناحية أخرى، يقول مايكل بورغولت، أستاذ تاريخ القرون الوسطى في جامعة هومبولت في برلين ومؤلف العديد من الدراسات حول العلاقة بين المسيحية اللاتينية والإسلام واليهودية: إن الثقافة الغربية للمعرفة، وفقاً لعقيدة له، لا يمكن تصورها دون مساهمة العلماء المسلمين.

 

خلال عهد هارون الرشيد (763 ــ 809) في عصر الخلافة العباسية، كانت بغداد المركز الساطع في العالم، وفي عصر الرشيد تحقق علاقات وثيقة مع أوربا من خلال تواصل سياسي / دبلوماسي بين الرشيد وكارل الكبير (شارلمان)، وتلك العلاقة أرخها الرسام الألماني يوليوس كيكارت في لوحته الرائعة (بلاط الرشيد في بغداد “. (صورة الغلاف)

 

فيما يلي الحوار الذي أجراه محرر موقع وصحيفة العالم مع الأستاذ مايكلبورغوت:

 

سؤال: بالنسبة لحزب ألمانيا البديل، الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا. كيف ترى ذلك كمؤرخ؟

ــ مايكل بورغولت: يجادل العديد من السياسيين الآخرين أيضاً بأن المسلمين ينتمون إلى ألمانيا، ولكن ليس إلى الإسلام. أجد هذا النزاع غير مجد وغير مفيد إلى حد ما. ولكن من وجهة نظر مؤرخي القرون الوسطى، يجب علي أن أعيد ترتيب الأولويات وأن أوضحها: ليس المسلمون هم الذين ينتمون إلى ألمانيا، ولكن الإسلام هو أحد أسس الثقافة الأوروبية والألمانية.

 

سؤال: كيف توصلت إلى هذا البيان؟

ــ بورغولت: من جهة، لم يكن عدد أكبر من المسلمين يعيشون في ألمانيا إلا منذ بدء توظيف العمال الضيوف الأتراك فن عام 1961 فصاعداً. على الرغم من وجود عدد قليل من الدبلوماسيين المسلمين أو أسرى الحرب في بلاط شارلمان في القرن التاسع أو في القرن الثامن عشر في بروسيا، إلا أنهم بالتأكيد لم يشكلوا نسبة مهمة في البلاد.

 

سؤال: ومن جهة أخرى؟

ــ بورغولت: من جهة أخرى، في العصور الوسطى، ساهم العلماء المسلمون مساهمة كبيرة في الحفاظ على المعرفة بالفلسفة اليونانية والعلوم الطبيعية ونقلها إلى أوروبا اللاتينية. وسواء في بغداد أو في إسبانيا المسلمة، ترجم علماء الإسلام نصوص الفلاسفة والمفكرين اليونانيين إلى اللغات الشائعة، ومنها ترجمت إلى اللاتينية. بدون الإسلام، لم تكن المدرسة السكولاستية لتوجد، لا جامعات ولا علم في شكلها الحالي. ولولا وساطة المسلمين، واليهود أيضاً، في السلع الثقافية القديمة، لما كان أزدهار وصعود الغرب الأوروبي ليتحقق حتى العصور الوسطى العالية. لذلك نحن ما زلنا نستفيد من هؤلاء العلماء الإسلاميين حتى اليوم.

 (الصورة: الفيلسوف العربي المسلم أبن رشد ” 1126 ــ 1198 م ” وزميله الفيلسوف اليهودي ميمون)

 

سؤال: ولكن ألم يكن هذا التأثير محدوداً في أبعاده؟

ــ بورغولت: هذا صحيح. وقد تطورت الثقافة العلمية، التي أصبحت مهمة في تاريخ العالم، في جامعات المسيحية اللاتينية. ضد المقاومة التي أبداها رجال الدين المسيحيين، تم استيعاب المعرفة اليونانية وتطويرها في جامعات أوروبا. لقد استفاد المسيحيون اللاتينيون من المعارف والعلوم التي حصلوا عليها ومن المسلمين والمسيحيين اليونانيين أيضاً، لكنهم شيدوا فوق الأسس الأجنبية. ولكن المسلمين بالمقابل لم يفعلوا شيئاً مماثلاً، ولم يطورا ثقافة وقيم بحثية مماثلة.

 

سؤال: لماذا كان هذا؟

ــ بورغولت: كان في بغداد، التي تمثل مركز العالم الإسلامي في ذلك الوقت، في بغداد، منع الخلفاء ببساطة البحوث العلنية وتداول الأفكار. وبشكل خاص، سمح للعلماء المسلمين بإجراء الدراسات والتدريس. لكن انتقالها إلى المؤسسات التعليمية العامة كان ممنوعاً. في إسبانيا، كان المسلمون في أواخر العصور الوسطى تحت ضغط شديد من (Reconquista)”حملات الاستعادة / ملوك الكنيسة الأسبانية”. لذلك ساهم بعض العلماء  في إثراء العلوم المسيحية، ولكن لم يعد بإمكان المسلمين تطوير أجندتهم الخاصة.

 

 

 

 

(الصورة: حتى نهاية العصور الوسطى،تواصلت الإمبراطوريات الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبيرية(أسبانيا). وهذه اللوحة الجدارية الفرنسية من بروفانس، تصور فارس مغاربياً يحتضر، وتظهر كم هذا الجيران المسيحيين غير المستقرين).

 

سؤال: ألم يكن للإسلام أيضاً تأثيراً سلبياً على أوروبا: من خلال مشاعر التهديد التي أحدثها الأتراك في القرنين السادس عشر والسابع عشر؟

ــ بورغولت: أنا هنا متحفظ جداً في هذا الأمر. بالطبع الحال، كان هناك خوف من الأتراك، والتي كان لها تأثير على ممارسات العقيدة الكاثوليكية: وبطبيعة الحال، كان هناك قلق في أوروبا الشرقية والوسطى، حول المزيد من الفتوحات العثمانية وتواصلها في أوربا.. ولكن إذا نظرنا إلى ملفات المجالس الكاثوليكية ومصادر الكنيسة الأخرى، يلاحظ المرء أن الإسلام لم يكن قضية ساخنة بالنسبة لألمانيا وأوروبا الغربية. وعلاوة على ذلك، لم تكن الجبهات بين الدول المسيحية والإسلامية راسخة بأي حال من الأحوال. ففرنسا الكاثوليكية كانت قد عقدت اتفاقاً مع العثمانيين ضد هابسبورغ الكاثوليكية. على المرء أن يكون منتبهاً وأن لا يعرض صراعات اليوم على أحداث الماضي.

 

سؤال: لقد ذكرت إسبانيا. لذلك هناك بالتأكيد بلداناً في أوروبا التي لعبت فيها ليست الثقافة الإسلامية فحسب، ولكن أيضا المسلمين لعبت دورا أكبر …

ــ بورغولت: نعم. هذا صحيح ليس في إسبانيا وإيطاليا فقط. بل وفي ليتوانيا والمجر أيضاً، كانت هناك في أواخر العصور الوسطى مجتمعات مسلمة وجزر استيطانية إسلامية كانت موجودة قبل الفتوحات العثمانية. فهنغاريا، على سبيل المثال، كانت بلداً متعدد الديانات،  لأن كانت هناك أيضا جاليات يهودية كبيرة. كما أسس الملك ستيفان، الذي تقدره الكنيسة الكاثوليكية كقديس، كان قد أسس أديرة وكنائس  وأسقفيات يونانية ــ أرثودوكسية. وهذا ما تتجاهله الحكومة الهنغارية الحالية هذا الأمر. فالإسلام كان جزاًء من أوروبا منذ القرن الثامن .

 

سؤال: كيف كانت أوروبا مسيحياً حقاً في العصور الوسطى؟

ــ بورغولت: لم تكن أوروبا مسيحياً موحدة مطلقاً، ولم تحتضن القارة الأوروبية البعثة المسيحية بشكل كامل في أي وقت من الأوقات، وفي الواقع، كان هناك إلى جانب استمرار الوثنية أو تعدد الآلهة، كانت هناك ديانتان توحيديتان أخريان على نطاق واسع، هما اليهودية والإسلام. فالإسلام كان جزءاً من أوروبا منذ القرن الثامن، وعندما تم طرده من شبه جزيرة إيبريا (أسباني) غرب البحر الأبيض المتوسط الكبرى من القرن الثالث عشر فصاعداً، تقدم الأتراك الإسلاميون في الشرق (شرق أوربا).

 

سؤال: هل هناك من وجهة النظر االتأريخية، إجابة عما إذا كان الإسلام يناسب ألمانيا وأوروبا؟

ــ بورغولت: الآلية الأساسية والتاريخية التي ربما ناجحة بشكل فريد لتاريخ أوروبا، هي القدرة الإنتاجية والتفاعل مع التأثيرات الأجنبية. لقد أصبح تاريخ أوروبا ديناميكياً بشكل خاص، لأن كل وحدة تحققت أصبحت موضع شك على الفور من خلال كسر التنافر. لقد حارب المسيحيون واليهود والمسلمون بعضهم البعض في بعض الأحيان، ولكن هذا لم يؤد أبداً إلى الإبادة الكاملة للآخرين. وفي هذه الديانات كانت هناك أنظمة للحماية وكان هناك دائماً حوار وتعايش ناجح. لقد كانت أوروبا وما تزال، تتميز بالتفاعل والالتحام. إنه  أمر مرهق، لكنه مبدع.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

(عام 710 م نزلت الجيوش لأول مرة بقيادة القائد طارق بن زياد عبر المضيق ومنطقة الإنزال الذي أطلق عليه جبل طارق ومضيق جبل طارق، وبقيت المنطقة بإمرة العرب المسلمين حتى عام 1492)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(صورة: القائد طارق بن زياد يهتف بجنوده يوم الإنزال : العدو من أمامكم والبحر من وراءكم، وما لكم غير الله وسيوفكم )

(لوحة ط

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com