مقالات

الكتابة .. الحلقة السادسة .

هيئة التحرير .

الدكتور عبد الحسين أحمد الخفاجي .

الكتابة

المقالة السادسة

إنّ لكل من هذه المواد أداتها الخاصة التي تناسبها ، فمما لاشك فيه مثلاً أنَ الوقت الذي سيستغرقه نقش الحروف على الحجر، أو الطين لن يكون نفسه بكتابتها على البردي والورق ، اذ يفترض بأن يتوافر عند الأول الوقت الكافي لنقش حروفه والتي ستكون بالضرورة منفصلة ، أو تراكمية كما في الكتابة المسمارية على الطين ، وهي لن تكون ملتصقة إذ أنّه لم تكن هناك ضرورة لذلك ، فهذه العملية أي لصق الحروف مع بعضها البعض لم تتحقق الا بالانتقال من الكتابة المنقوشة إن صح التعبير الى الكتابة الخطية المعروفة بواسطة القلم والمداد ، فكلما تحسنت أدوات الكتابة وأصبحت أكثر مرونة وسهولة استطاع الكاتب أن يكتب بسرعة ، وأن يلصق حروف الكلمة الواحدة بقدر المستطاع  اختزالاً لفتح المجال ؛ لكتابة كلمات أخرى على الحيز المحدد ، وأيضا لتمييز الكلمة عن التي تليها والتي تسبقها.

والشرق كان سباقا باستنباط أدوات أسهل وأكثر عملية للكتابة بسبب كونه السباق لاكتشاف فن الكتابة ، ولذلك تجده قد طور حروفه لتتناغم مع هذه الأدوات الجديدة وبسلاسة ، فالمداد يسيل من القلم ويسهل من عملية انزلاقه على الصحيفة الملساء البيضاء ، فتمتد وتتمدد كلمات مخطوطة ، أو دوائر ، وأهلة ، وأشرعة ، وأمواج من اليمين للشمال بهرمونية وجمالية متناهية أكسبت الخط العربي شهرة عالمية لا تنافس .

أما في المناطق الأخرى من العالم وخصوصا المناطق التي يتوافر فيها الحجر بكثرة ، والتي تأخر فيها ظهور الكتابة مقارنة بالمشرق ، فقد كان فعل الكتابة نادراً وحين الضرورة القصوى ، وهي غالباً ما كانت على الحجر، وهذه الطريقة صعبة ومضنية ، وتتطلب مهارة تامة لذا فأن فن الكتابة لن يجيده سوى قلة من الناس الذين يستطيعون نقشها. وهذا عامل معوق بحد ذاته . ويتوجب عليك أن تستعين بكلتا يديك لنقش الحرف على الصخر ، وبطبيعة الحال سيكون الأزميل في اليد اليسرى والمطرقة باليمنى ، وعلى هذا الأساس فأنك ستنقش بيدك اليسرى ، ومن الأفضل لك اذن لكي تسيطر على ازميلك ونقشك أن تبدأ من اليسار لليمين وبحروف منفصلة واقفة ما دام عندك متسع من الوقت.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com