قصة

الفضولي..

هيئة التحرير .

الفضولي..

إبتزه عندما وجده يعيش وحدته البائسة، قائلا له: إدفع بالتي هي أحسن وإلا افضحك وابوح بسرك…

ذلك كان منذ أربعة اشهر، قبلها بسنين جاء مغتربا يبحث عن تحسين حال في بلد شاءت الأقدار ان تجعله يخوض تجربة الضياع الموازي لضياعه في وطنه الذي خيب رجاءه أيضا، تركه ضائعا في متاهة الحرمان. في ساعة ضجر وملل صار جدارغرفته البائسة كبؤسه مليئ بصور فتيات اجنبيات عاريات وأخريات بملابس داخلية مثيرة.. مصادفة له كان جاره الفضولي يقطن بالغرفة المقابلة له، في تلك اللحظة من فراغه المضجر نسي ان يغلق باب غرفته لشدة الحرارة فلا يوجد تبريد في الفندق الرخيص سوى مروحة سقفية متدلية شنقا وهي ترقص على صوت وسطها الذي يأز آيلا للسقوط من شدة إختناقها بعد أن غُطي رأسها وهي تشحط بصوت مقتول لا محالة لتعبر عن سخطها من كثرة تعذيب وقد بلغت العمر عتيا… شاءت الاقدار ان يرى جاره حالته التي كان يمارسها وهو يستمني على احدى الصور المعلقة، مجهدا نفسه بهستيريا الحركة، العرق يتصبب منه… لعابه، لهاثة، عض شفاهه حتى ينتهي من فوران هوس مضاجعة عقله الباطن لصاحبة الصورة التي تداعب خياله وهي تتأوه لذة لتشعره بأنه فحلها الذي تحلم به… سمعه يقول: ها ما رأيك الان ايكفيك؟ ام تريدين اكثر، تذوقيه انه يختلف عن بقية الذي خرقوا فرجك هيا اصرخي وإلا لن افعلها ثانية معك…. هكذا يطارح خياله بعنف كبت الحرمان المخبئ بداخله… فما ان انتهى من قذفه على الصورة حتى تراخت عضلاته، رمى بجسمه على سرير محطم فَلاحَ له جاره الفضولي وهو يصفق له معلقا: هههههه يالك من رجل همام لقد أرحت من كنت تضاجعها سيكون لحديثي عنك طعم آخر في مقهى الفندق العفن هذا المساء، ستكون على كل لسان بكل الاستمناء الصوري الرجولي… قفز يريد إمساكه من يده لكن الفضولي ابتعد عنه وهو يردد ابتعدد يا قذر أنظر الى حالك!! هيا ارتدي لباسك الداخلية يا حقير حتى صاحب الفندق سأخبره عنك، فهذا الفندق محترم رغم كلاحته ففيه من الزبائن الكرام والجادين في العمل بغربتهم لا حثالة مثلك…

صاح عليه وهو جزع… يكفي يا هذا لا داعي لكل ذلك فأنا امارس حقي الطبيعي في غرفتي خصوصيتي لا في الشارع او الممر، إنها حريتي الشخصية وأن فعلت سأقوم على تلقينك درسا لن تنساه في حياتك .. هيا اخرج افعل ما بدا لك يا حيوان…

حسنا رد الفضولي حسنا سنرى من يلقن الثاني درسا سترى الان…

ما أن أعطى ظهره الفضولي للخروج حتى أدار نفسه وهو يقول: حسنا يا صاحبي سألزم الصمت بشرط أن تعزمني على كأس من الشاي وأركيلة كل مساء هذا ليس معناه أني ألزمك لكن دعه يكون ثمن صمتي بالتي هي احسن فأن لساني طويل متى ما شعر بحاجة الى كأس من الشاي يبقى يهذي دون معنى صدقني ليس أتاوة اجبرك عليها لكنها منحة للسكوت ما رأيك؟

رأى هذا البائس أنه كأس شاي يبعد عنه ضجيج هذا الحيوان الذي لا يحب أن يراه فهو يقتات على الجيف… الجيف يا لي من حمار يعني أنني جيفة هههههههههههههه

قال الفضولي: ارك تضحك يعني أنك وافقت، حسنا سأنتظرك المساء في المقهى لتعزمني على كأس الشاي والأركيلة الى اللقاء..

قفى وجهه دون ان ينتظر الرد بعد أن أغلق الباب خلفه… جلس فريد يرثي لحاله، هل فعلا صرت جيفة؟ فحالتي وما رآى هذا الرجل يدعوني لأن اكون اشد نتانة من الجيفة لن أجعله ينال مراده أبدا فليفعل ما بدا له…

 يا إلهي يبدو لي أن الصفعة التي تلقيتها من هذا الفضولي أعادت عقلي كنت شاردا بعيدا عن رحمتك أستغفرك ربي واتوب إليك… فما كان منه إلا ان يقوم للإستحمام ثم تضوء ليصلي ركعتين طلبا للمغفرة..

صارعته نفسه اللوامة…. أراك وعيت الدرس أم تراك خفت الفضيحة؟ هكذا انتم بنو البشر تخطؤون بحق إنسانيتكم ثم تعلقون الخطأ على النفس وإن كنت من المؤيدين لذلك فدور النفس الأمارة بالسوء وحظها أوفر في العثور على ضعاف النفوس، أما دوري دوما يأتي متأخرا كتقريع أني اتصرف كالقشاش اقش بقايا مخادع زناة ومضاجع محرمة اي أني بالمعنى الآدمي اجمع نفاياتكم من اللقطاء في حاوية يؤول مرامها إليكم في وقت تعلمه جيدا، يا له من عمل مقزز لكني ابتليت به كما ابتليت بك وبأمثالك… كما أعلم جيدا ان اللوم لا ينفع الحثالات لكنه ينفع البعض ممن بقي في ضميرهم واعز إنساني يدفع به كصخرة جاثي نصفها في باطن أرض كي يزحزحها عليه أن يحفر بأظافره حتى يخرجها ثم يدحرجها لعله يستريح… كانت النفس الامارة بالسوء تغتاظ وهي تسمع اللوامة فتدخلت مقاطعة… لا عليك منها أني أنا التي تكون ملاذك، سأمتعك رغم أنك لا تدفع درهم أو دينار، كل ما عليك هو مجاراتي ستتذوق مالم تستطيع أن تحلم به صدقني إنك قد حرمت وهذا ليس ذنبك، لقد حرمك الخالق كي يجعل منك عبرة لغيرك فلما لا تكون بما انك تعرف النتيجة؟ مع ذلك خذ ما شئت فأنت لا تعذب وتموت سوى مرة واحدة أليس كذلك؟؟ كان لصدى النفس الامارة بالسوء دويا في نفسه، اما اللوامة فلا حلول عندها سوى ابعاد التهم عن نفسها… سارع الى ترك الامر والنزول الى الشارع.. كان الوقت قد جاء بعبائته المظلمة ليغطي عيون النهار، بعد أن دعى أصابع الظلمة تطوف تعبث بعقول مرتادي المقاهي والأزقة العابثين في ملكوت الحرمان والوحدة والضجر… وهو يصيح أنظر ياهذا!! ما أكثرهم!! ألم يسمعوا المنادي ينادي الله أكبر حي على الصلاة؟ لم يكترث لقوله جلس ثم اشار بطلب الشاي والأركيلة.. لحظة وكبس عليه صاحبه الفضولي قائلا: سبحان الله كأني قد نبأت بأنك في انتظاري، هيا اطلب لي الشاي والأركيلة التي اتفقنا عليها..

لكنه ادار رأسه عنه متذمرا يردد اللعنة عليك أيها الحمار أتظن أنك تستطيع لوي ذراعي هيا قل امام الجميع ما رأيت لنرى ما هي ردة الفعل هيا .. أو تظنني خائفا؟

شعر الفضولي بالغيض، صمت الجميع بعد أن علا الصراخ فقال: يا جماعة إن هذا الرجل رأيته يستمني على صور العاريات في غرفته وهذا معيب شائن فيجب طردته من الفندق الذي اغلبكم يسكن فيه، إنه عار علينا  جميعا…

دوى ضحك عال من الكثير منهم وقد دام طويلا حتى رد أحدهم.. وأنت ما الذي أدخلك الى غرفته لتتلص عليه؟ أراغب في ان يركبك أم تشتهييه وتستحي؟ هههههههههههههه إنك يا سمج رجل بلا أخلاق لقد ضربت خصوصيته وانتهكت غرفته وحرمته، فأنت الذي يجب ان تطرد من الفندق لأنك تدخلت فيما لا يعنيك … وابوح لك بسر قد لا تعلمه أغلبنا يمارس الاستمناء إما في الغرفة او أثناء الاستحمام، فحالنا تعس ونحن نعيش الغربة في انفسنا وبين اهلينا والبعض بعيد عن أهله ومن يحبهم، يالك من حقير، هيا قم من هنا وإلا سأوسعك ضربا بل جميعنا نوسعك الضرب… لم يرى نفسه إلا وقد ساقه الخوف بعيدا، أما فريد فقد عاد واتكأ وصاح الأركيلة يا ولد… ثم تطلع الى الجميع وقهقه بصوت عال وقال: ههههههههههههههههه يبدون أن النفس الامارة بالسوء تعيش بيننا واللوامة حاضرة لتسدد فواتير لم تدفع للخاطئين لاشك سيكون الوقوف امام شباك التسديد طويل جدا …

يا لها من حياة قال في نفسه نعيش فيها لسبب ما، لا نعلم متى يأتي لننجزه وأظن حينها تستفرغنا الحياة من بطنها كتغوط حيوان.

 

القاص والكاتب

عبد الجبار الحمدي

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com