وردت معلومة قد تكون مهمة في ميدان تأرخة الأحداث العراقية قبل وبعد الاحتلال الأميركي في المقابلة التي أجرتها قناة العربية مع القيادي البعثي خضير المرشدي قبل أيام مفادها كما قال المرشدي إن حزبي الدعوة والمجلس الأعلى والسيستاني أرسلوا مَن يتصل بقيادة البعث بعد الاحتلال، وقبل اعتقال صدام بفترة، يريدون عقد اجتماع معها. وأن عزة الدوري كان متجاوباً وموافقاً على الدعوة بعكس صدام حسين الذي رفضها. وقد قال له الدوري، كما يروي المرشدي “أنا لم اختلف معك طوال 40 سنة ولكني الان أختلف معك وأوافق على اللقاء معهم – مع حزبي الدعوة والمجلس الأعلى لآل الحكيم وممثل عن السيستاني…” وبعد فترة من التفكير رفض صدام اللقاء بحجة إنهم حاقدون وغدارون … إلخ. طبعاً لا يمكن الجزم بمدى صحة هذه المعلومة، ولكن معلومة أخرى تتقاطع “بمعنى تتوافق” معها وهي أن الإسلاميين الشيعة كانوا قد عرضوا قبل حرب الاحتلال بسنة تقريباً على وزير الخارجية الإيرانية آنذاك “خرازي”، أن يتوسط لهم لكي يلتقوا بالنظام السابق بهدف الوصول الى حل تصالحي ولكن النظام رفض اللقاء رفضا قاطعا …أنا متأكد تماماً من المعلومة الأخيرة ومصدرها ثقة ومن أعلى مستوى في قيادة المقاومة اللبنانية وهي ربما ترجح المعلومة الأولى التي قالها المرشدي فهما في السياق ذاته. ويمكن أن ترجح هذه المعلومة عن موافقة الدوري على لقاء مع الساسة الشيعة أيضاً ما قيل عن علاقة حماية وفرتها إيران لعزة الدوري في إقليم كردستان بعد الاحتلال وسقوط النظام وكنت شخصيا ممن يشكون ويكذبون هذه المعلومة ولكني أرى الآن إنها بحاجة إلى تمحيص وإعادة نظر لأغراض تأريخية.
شخصياً، أصبحت أرجح المعلومتين، وأرى في عدم اعتراف الحزبين الشيعيين بهما شيئاً من النفاق الإعلامي وعدم المبدئية، رغم أن المعلومتين يمكن أن يُحسبا من الناحية الإنسانية والسياسية التكتيكية لمصلحتهما ويدينان نظام صدام لأنه رفض أي حل سلمي توافقي يجنب العراق التدمير والاحتلال. لقد رفض حزبا الدعوة والمجلس الأعلى الاعتراف بهاتين المحاولتين للاتصال بالنظام لكي لا يكونا في موضع النقد والتناقض بعد أن اتهما كل طرف حاول تجريب حلول سلمية مع النظام لتجنب العراق وشعبه الحرب والاحتلال بالعمالة لهذا النظام ففضل حزبا الدعوة والمجلس الأعلى أن يتحصنا بالكذب والنفاق على الجرأة وتحمل المسؤولية وحيازة شرف محاولة تجنيب العراق التدمير والاحتلال الأجنبي في وقت تباهي بعضهم بالعمالة للغزاة وطالب أحد شيوخهم بنصب تمثال من ذهب للجندي الأميركي الذي قتل واغتصب وسرق ودمر. أما من الناحية التأريخية والمعيارية فسيبقى نظام صدام حسين يتحمل المسؤولية الكبرى في كل ما حدث لاحقا بدكتاتوريته الدموية وهذا ما اعترف به القيادي البعثي المرشدي نفسه حين قال في هذه المقابلة على الدقيقة 14 و30 ثانية: “أهم خطأ ارتكبناه كحكم بعثي هو عدم السماح ببناء معارضة وطنية عراقية ولو وجدت معارضة وطنية عراقية وحدث الاحتلال الأميركي ما كان العراق تهدم بهذه الطريقة”!
*رابط يحيل إلى المقابلة التلفزيونية مع خضير المرشدي: