مقالات

عراق المندسين

عبد الحميد الصائح

العراقيون ضد العراقيين ، مفردة عراقي أو مصطلح شعب ، ليست سوى كلمات وهمية عامة تستخدم في الشعر والتعبئة ، هناك عراقيون سعداء مستفيدون ، بل ويعيشون في أعلى درجات الرفاهية من الصلاحيات والنفوذ ، يسرقون ويقتلون دون مساءلة ، يحكمون ويتحكمون .
حتى حين عارض هذا النوع صدام وحكمه فقد عارضوه لانه رئيس دولة وليس لانه ظالم ، بل كانوا يحسدونه على ظلمه وتجبره وصلاحياته المطلقة ، يكلف الدولة مليارات ضائعة ، يحارب ، يُهزم، ينتصر، يُكرِم ، يعدم ، يعلي من يشاء ويذل من يشاء فلا سلطة فوقه حيث يتصرف مثل الله في العراق .
هؤلاء لايمكن أن يتظاهروا ضد الوضع المثالي الجميل المريح الذي يعيشونه، بل هم سعداء في أنْ يكون العراق هكذا تابعا منهكا بلا قانون ولا سيادة . هؤلاء من المؤكد يحاربون المتظاهرين بأيديهم واذا لم يستطيعوا فبلسانهم واذا لم يستطيعوا فبقلوبهم واولئك أضعف المندسين.
وعليه حتى لاتختلط الصورة ، فالعراقيون من الضفة الأخرى هم الفقراء المساكين، هم الاجيال الضائعة دون عمل دون أمل دون شفيع لهم في هذه البلاد ، شباب بعمر الزهور ، أطاعوا الدين وأطاعوا السياسة وأطاعوا الانتخابات وأطاعوا الجهاد وقُتل أقرانهم في المعارك وتيتمّ أخوتهم وترمّلت امهاتُهم، ولايحظَون بأية عنايةٍ في ظل حكومات امتلكت الأموال وأغدقت وأثرت وعيّنت الاقارب وأطعمت العقارب من اجل ان تلدغ معارضيهم .
لقد وصل الحال بالشاب المولود عام 2003 الذي لايعرف من الماضي سوى انه صفحة من الظلم القديم ، مواجهة ظلم] على جميع الصعد ، أسماء ووجوه تكبس على انفاسه ، وأحزاب تصرُخ وتصيح بالفضيلة والتقوى والحلال والحرام ، وهو يكفخُ على وجهه من الضيم بنفس الأكفّ التي يصفق بها لهم أو يلطم على أجدادهم .
علمّوه أن لايكون ذليلا وأذلوه ، وعلموه أن يكون حراً فاستعبدوه ،وعلموه أن يكون نزيها فسرقوه ، وعلموه ان يكون عزيزا آمنا ، فتركوه تنهشه ذئاب العقائد وحيتان الفساد ، ووعدوه ان يكون متنعما بخيرات بلده ، فافقروه وشنوا عليه كلاب المنابر للتجهيل ، تعلمه ان البصاق على جبهته علمٌ ينفعه في دراسته خيراً من قراءة الكتب .
بين هؤلاء وهؤلاء هي المعركة الدائرة في العراق ، بين السيدات والسادة المندسين أسياد العراق ومالكية والمتنفذين فيه وبين الضحايا المتناثرين اللاهثين في كل صوب ، فليس عجبا ان يسقط الاطفال والشباب الصغار شهداء في التظاهرات ، نراه هولا ، ويرونه أمرا عابراً ، لانهم هم انفسهم من اقفل ملفات الجريمة من سبايكر جريمة العصر المسكوت عنها الى جرائم الغدر لاخرى الى الاف العوائل من النازحين الذين يتصدق عليهم العالم برغيف خبر او ثياب مستعملة .
انه عراق المندسين ايها السادة . وهم الابطال المستترون الملثمون الذين لايأيتهم الباطل من خلفهم ولا من فوقهم، فهم الذين يدافعون اليوم عن جميع العراقيين السفلة ضد الضحايا الذين يتظاهرون في العراق اليوم . عرِفَتْ الحكومة المغفلة ام لم تعرف ، ويقينا انها وجميع الأحبار المحيطين بها يعرفون ذلك.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com