مقالات

ج5/ مختارات أخرى لمفردات عربية فصيحة في اللهجة العراقية اعتُبِرَت مندائية خطأً

بيدر ميديا.."

ج5/ مختارات أخرى لمفردات عربية فصيحة في اللهجة العراقية اعتُبِرَت مندائية خطأً

علاء اللامي*

 مفردات هذا الجزء: هسه-هِطَر-هف –هللو – هِمَش-هوسة-هياته -هيوا – ورقة – وسادة -وياي:

 أبدأ بتكرار التعليق الذي كتبته ردا على عدد من تعليقات الأصدقاء والصديقات حول وجود بعض الكلمات في المنشور السابق في لهجات بعضهم العربية فهو ينطبق أيضا على كلمات هذه الحلقة من المفردات فأقول: لا شك في وجود بعض الكلمات التي أوردتُها في هذه المنشورات في اللهجات العربية الأخرى، لأن اللغة الأصل أي اللغة العربية الفصحى ولهجات القبائل العربية واحدة ولكنها تتنوع من إقليم إلى آخر، فما قد نجده في العراق قد نجده في المغرب الأقصى ومصر، ولا نجده في غيرهما. وما نجده في الجزائر واليمن قد لا نجده في اللهجة العراقية…وما كتبته من كلمات جاء من خلال معرفتي بلهجتي العراقية وليس بجميع اللهجات العربية الأخرى فكلمات مثل ملخ، أثرم، دحس، مسودن، يهرت، دحس، مزهلل …إلخ، لا وجود لها في اللغة العربية المكتوبة الفصيحة المعاصرة ولا أستطيع الجزم بأنها موجودة في لهجة عربية معينة أخرى. وكلمات مثل بسط ومبسوط قد يكون لها معنى معاكس لمعناها العراقي (ضربه ومده أرضا) فهي في الشام ومصر تعني (جعله مبسوطا أي مرتاحا وسعيدا وراضيا). ومع ذلك فسيكون مفيدا جدا لو ذكرتم بالتحديد الكلمات المشتركة والموجودة في لهجتكم مع ذكر اسم البلد والمدينة ولكم جزيل الشكر سلفا.

كما يسرني أن أطلع على تعليقاتكم بخصوص الكلمات التي كتبتها بصيغة احتمالية أو متسائلة وغير قطعية انطلاقا من لهجاتكم أنتم وهل توجد فيها هذه الكلمات بهذا المعنى أم بغيره.

سيكون ترتيب الفقرات كالآتي: رقم الفقرة ثم الكلمة كما تلفظ في اللهجة العراقية ثم علامة مساواة وبعدها لفظ الكلمة في اللهجة المندائية بين قوسين ثم معنى الكلمة في المندائية فمعناها في العراقية فرأيي الشخصي بهذا التخريج مع التوثيق المعجمي. ولكم الشكر مقدما:

257- هسه =(هشتا) الآن، في هذا الوقت. وهذا اللفظ هو اختزال مشهور لعبارة ” هذه الساعة” وتلفظ أحيانا في بغداد “هسَّ أو هسع” وفي مدن ومناطق أخرى “هسَّ / هسه”. والمؤلف على علم بهذا التخريج ولكنه يصرُّ على رفضه ويقول (ولذلك ليس من المقبول ربط اللفظ بـ “هالساعة” بمعنى هذه الساعة! وهذا نوع من العناد الذي لا علاقة له برصانة الباحث العلمي المعجمي واللغوي عموما، فهذا النوع من الاختزالات موجود في جميع اللهجات العربية ففي اللهجات الشامية نسمع (هلق) التي تعني هذا الوقت، وفي مصر نسمع (دي الوقتِ)، وفي الجزائر نسمع (ضُروَّك – دورك) وتعني في هذا الوقت. 

260- هِطَر =(هطر) تعني في المندائية ضرب. وفي العامية تعني ضربه أيضا. وفي اللغة العربية تعني الضرب بخشبة نقرأ في لسان العرب وفي المحيط (هَطَرَ الكلبَ يَهْطِرُهُ: قَتَلَهُ بالخَشَبَةِ، أو هو مُطْلَقُ الضَّرْبِ). وفي معجم المعاني (هطر الكلب: ضربه. 2- هطر الكلب: قتله بالخشبة).

261-هف =(هف) وتعني في المندائية يفرك، يصقل، يحك. وفي العامية لها معنى هطر أي ضرب بشكل مباغت وسريع. ومن معاني هفَّ في اللغة العربية الخفة والحركة السريعة فيقال (هفَّ الشَّخصُ: أسرع في سيره). هَفَّ الضَّوْءُ: لَمَعَ. هَفَّ الريحُ هَفًّا وهفِيفًا: هبّت فَسُمِع صوتُ هبوبها. هَفَّ الشيءُ هَفِيفا: خَفَّ وزنُه.

266-هللو =(إلو) وتعني في المندائية إذا لم. وفي العامية تأتي لتعني التعجب والاستغراب ويضرب لها المؤلف مثلا في قولهم (هللو، هذا منو؟). وهذا تخريج مضحك حقا فالكلمة تقال للتحية في العامية العراقية الحديثة نقلا عن (هللو) الإنكليزية (HELLO) وهي كثيرة الاستعمال وفي تعبيرات مختلفة وقصيرة قد تفيد إضافة الى التحية السخرية والتعجب والاستغراب حسب سياق الجملة.

271-هِمَش =(همشا) وتعني خمسة في المندائية. ويقول المؤلف “ويقصد بها في العامية خطف الشيء من مكانه بالقوة أو بالغفلة ولا يكون هذا الخطف إلا باليد من خلال فتح الأصابع الخمسة”. وهذا تخريج ضعيف وكاريكاتيري. والكلمة عربية ونقرأ في (المعجم: الرائد، والمعجم الوسيط…الهَمِشُ: السَّرِيعُ العمل بأَصابعه، هَامَشَهُ في كذا: عاجَلَه فيه).

281- هوسة =(هوشا) اضطراب، معاناة، ألم. لا علاقة للكلمة في العامية العراقية بهذه المعاني، بل من معانيها “الفوضى”، أما كمصطلح فهي تعني نوعا من الأراجيز الحربية التي يرتجلها المقاتل العشائري أو المُهوال (الشخص التي يتولى ارتجال وإلقاء الأراجيز بنبرة حماسية) للشحن العاطفي والتحميس والتجييش وهي من تقاليد القبائل القحطانية في العراق خاصة. وقد تكون لها علاقة بمفردة “الهوس” التي من معانيها (حالة من الانفعال أو ارتفاع المزاج بشكل غير طبيعي، والإثارة).

289- هياته = (هانتا) ذلك تلك…وتستعمل في العامية كاسم إشارة. وهذا تخريج ضعيف والأغلب أن هذه اللفظة هي إدغام لعبارة ” ها هو” بطريقة أسهل على اللسان وهي بعيدة عن “هانتا” المندائية وأقرب إلى اسم الإشارة هاته. التي يعرفها معجم المعاني كالآتي: هَاتِه: كلمة أصلها اسم الإشارة (هَاتِهِ) وجذعها (هاته). ومن الاختزالات الجميلة في اللهجة التونسية العربية يقولون “هاكه هوا” ويقصدون “هكذا هو الأمر”، ومن اختزالات اللهجة الجزائرية يقولون “كيراكم” ويعني “كيف أراكم؟ أو كيف أنتم”، وأحيانا يقولون (وشراكم؟) وهي عبارة مدغمة (وأي شيء أراكم؟) أي كيف حالكم؟!

291- هيوا = ويستنبط المؤلف من الكلمة السابقة في المندائية (هِيو =(هيوا) وتعني في المندائية حيوان بهيمة وفي العامية يوصف بها عدم الانضباط والتصرف غير اللائق)، يستنبط منها اسم رقصة عراقية جنوبية هي رقصة الهيوة وهي رقصة ذات جذور أفريقية يرقصها السمر العراقيون ذوو الأصول الأفريقية في البصرة وبعض دول الخليج. ونقرأ لأحد العارفين بهذه الرقصة “يبدأ تشكيل الهيوة من (الميدان) بعد ان تعلق في احدى جهاته راية، تسمى (الشنيار) ثم يتوزع الجالسون فيها بينما يترك الوسط فارغاً لممارسة الرقصة. ومن الآلات الموسيقية الأفريقية التي لا تزال تستعمل حتى الآن في هذه الرقصة: المسوندو وهي آلة ايقاعية مخروطية الشكل. وآلة الجكانكا: وهي آلة ايقاعية تشبه آلة المسوندو من حيث الشكل الخارجي والفتحات والجلد وطريقة الضرب ولكنها أصغر منها حجما/ مدونة على النت باسم (سماعي)”. فما علاقة هذه الرقصة الأفريقية بالمندائيين؟

296- ورقة =(يورقا) في المندائية أخضر. يقول المؤلف (إن اللغة العربية أخذت هذه التسمية التي هي صفة لون الورقة من المندائية وعممتها تسمية لورقة النبات وورقة الكتابة) ويربط بينها وبين اللون الأخضر ومرض اليرقان. وهذا تخريج عشوائي آخر، ولا دليل عليه والكلمة موجودة في جميع المعاجم العربية القديمة والحديثة فربما كان العكس هو الذي حدث أو أنها لفظة مشتركة بين عدة لغات جزيرية “سامية”. نقرأ في لسان العرب (الوَرَقُ: وَرَقُ الشجرة والشوك. من أَوْراق الشجر والكِتاب، الواحدة وَرَقةٌ)، وفي المقاييس نقرأ (الواو والراء والقاف: أصلانِ يدلُّ أحدُهما على خيرٍ ومال، وأصله وَرَق الشَّجر).

297- وسادة =(بيسادا). وتعني وسادة. وهو ذات المعنى لهذه الكلمة في المعاجم العربية وبلفظها نفسه (وسادة) وليس باللفظ المندائي البعيد “بيسادا”! نقرأ في معجم المعاني: الوِسادة بكسر الواو، جمع وسائد، المخدة = ما يوضع تحت الرأس عند النوم. وَسادة: (اسم) الجمع: وِسادات ووَسائدُ و ِساد؛ وَسادة / وُسادة / وِسادة. مِخَدّة، ما يُوضع تحت الرَّأس عند النَّوْم وسائدُ من صوف/ قطن. وفي لسان العرب نقرأ (الوِساد والوِسادَةُ: المِخَدَّةُ، والجمع وسائِدُ وَوُسُدٌ. الوِسادُ المِتَّكَأُ وقد تَوَسَّد ووَسَّدَه إِياه فَتَوسَّد إِذا جعَله تحت رأْسه، قال أَبو ذؤيب:

 فكُنْتُ ذَنُوبَ البِئْرِ لَمَّا تَوَشَّلَتْ ………وسُرْبِلْت أَكْفاني، ووُسِّدْتُ ساعد

301- وياي =(لوا) يرافق يذهب مع، يلازم. تخريج خاطئ تماما، لفظاً ومعنى. فاللفظة عربية فصيحة تلفظ دون همز في اللهجة العراقية واللهجات الخليجية وهي “وإياي/ وإياكم، وإيانا” وهي ضمير نصب منفصل للمفرد المتكلم بنوعيه مسبوق بواو المعية. ثم أن اللفظة المندائية (لوا) بعيدة عن العربية.

*للاطلاع على الأجزاء السابقة من الدراسة: #لهجة_عراقية_اللامي

*مختصرات المراجع والمعاجم التي ورد بعضها في فقرات المعجم أعلاه:

اللسان: لسان العرب لابن منظور

التاج: تاج العروس في جواهر القاموس للزبيدي

المصباح: المصباح المنير لأحمد بن محمد بن علي الفيومي.

المقاييس: مقاييس اللغة لأحمد بن فارس القزويني الرازي

الجمهرة: جمهرة اللغة لابن دريد الأزدي

الصحاح: الصحاح في اللغة ويعرف أيضا بـ (تاج اللغة وصحاح العربية) لابن حماد الجوهري.

العباب: العباب الزاخر واللباب الفاخر للحسن بن محمد الصغاني

القاموس: القاموس المحيط للفيروزآبادي

المختار: مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي وهو معجم مختارات من معجم الصحاح في اللغة للجوهري.

الوسيط: المعجم الوسيط تأليف نخبة من اللغويين بمجمع اللغة العربية بالقاهرة الرائد: معجم ألفه اللبناني جبران مسعود.

الغني: معجم الغني الزاهر، ألفه المغربي الدكتور عبد الغني أبو العزم.

المعاصر: سلسلة المعجم العربي المعاصر للعراقي هادي العلوي

المعاصرة: معجم اللغة العربية المعاصرة للمصري أحمد مختار عمر

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com