ثقافة

لكنها ماتت وحيدة!

بيدر ميديا.."

لكنها ماتت وحيدة!

غادة السمان

 

اسمها جين بيركن، بريطانية عشقت فرنسا وصارت نجمة سينمائية فرنسية شهيرة وتزوجت وانجبت.
كانت وحيدة في البيت حين لفظت أنفاسها الأخيرة. حتى ابنتها شارلوت لم تكن معها في البيت تلك الليلة وبالتالي ببساطة: ماتت وحيدة دون أن يمسك بيدها أحد. جنازتها كانت حاشدة بالنجوم والمشاهير في كنيسة «سانت روش»، حيث صلوا لروحها، وبينهم بريجيت ماكرون، زوجة رئيس الجمهورية الفرنسية، وحشد من المشاهير من نجوم السينما والمجتمع الباريسي، ثم دفنت في مقبرة (مونبارناس) في قلب باريس (حيث دفن المرحوم زوجي). لكنني تساءلت: لحظة ماتت وحيدة في بيتها بماذا فكرت لحظة الاحتضار ومغادرة روحها لجسدها؟
أتساءل لأنني أنا أيضاً سأموت. كلنا سنموت. لم يعد أحد ليخبرنا عن تلك اللحظة التي تغادر فيها الروح الجسد. هل سنعرف ماذا يحدث لنا؟
من طرفي سأستغفر الله تعالى وسأصلي. ولكن هل سأكون واعية! لا أدري. كل ما أعرفه أنني سأموت وأظن أنه لا فرق بين أن أموت وحيدة أو محاطة بأحبابي!

الوفاء وجمال الحياة

لا أحب تسبيب الغم لقارئي وتذكيره أنه هو أيضاً سيموت!
لذا أنتقل إلى حكاية قرأتها عن طالب في اليمن كان فقيراً لكنه بالعمل صار ثرياً ولم ينس أستاذه الذي علمه قبل ثلاثين سنة بكثير من المودة، فما كان منه إلا أن أهداه حيث صار ثرياً سيارة قيمتها 40 ألف دولار، وككل الذين صاروا أثرياء نسي أن أستاذه الفقير لن يقود سيارة فخمة بهذا الثمن. وأظن أن الأستاذ يحاول الآن بيع السيارة لأنه شبه مفلس..
ويظل الجميل في الحكاية أن الثري الجديد لم ينس أستاذه.. وأحب تكريمه بهدية، هذا بعد مرور ثلاثة عقود على تدريسه له.
الوفاء يجعل الحياة جميلة.

بيروت وتلفزيون فرنسا

شاهدت البارحة على شاشة التلفزيون الفرنسي في نشرة أخبار (القناة 2) لقطات من بيروت يوم الانفجار المروع في مينائها والمواد المتفجرة التي كانت مختزنة في مستودعاتها. وسقط المئات من الضحايا وتهدمت بيوت ولكننا حتى اليوم لا نعرف لمن ولماذا كانت هذه المواد المتفجرة مخزنة ولأي استعمال؟
المذيع الفرنسي كان يقرأ الخبر بشيء من الدهشة، أما أنا وسواي من اللبنانيين نعرف دائماً أن الفاعل مجهول في لبنان، وأن انتقال لبنان من «سويسرا الشرق» إلى بلد فقير بلا كهرباء انهارت عملته وانهار كل ما هو حضاري فيه، وما زال المسؤول عن ذلك نعرفه ونسكت! لبنان مدرسة الصمت!

قولي للشرطة: زوجي ضربني!

ضحكت بحزن حين قرأت أن وزيرة أوروبية تناشد ضحايا العنف المنزلي الإبلاغ عن ذلك وعدم الصمت. في بلادنا العربية لم أسمع بعد بعربية تذهب إلى المخفر لتبلغ الشرطة أن زوجها ضربها! فالمناخ العائلي العربي هو الشرطة، وقد تقول (المضروبة) لأمها أو شقيقتها ما حدث ولكنها بالتأكيد لن تذهب إلى الشركة. لا يستطيع أحد التعميم ولكل بلد عاداته وتقاليده، ولا أظن أن زوجاً عربياً سيضرب زوجته أمام أولاده أو أمها.. واستيراد الحلول غير ممكن ولكل بلد عاداته وحلوله.

هاربون من الفقر إلى الموت

أحزن كلما قرأت عن (مهاجري القوارب) الذين يهربون من الفقر في بلادهم وهم يحلمون بحياة أفضل في البلاد الأوروبية.. أظن أن الوقت قد حان ليعي المسؤولون أن غرق تلك القوارب وموت الكثيرين غرقاً هو من المسؤولين عن ذلك. حان الوقت لتصير بلادنا العربية والإفريقية أماكن صالحة للحياة الكريمة وأن مرحلة التسلل إلى الأقطار الأوروبية الثرية انتهت وأنه سيكون بوسع الناس الحياة بكرامة مادية في بلادهم دون المغامرة بركوب قوارب الهجرة. وحتى اليوم لم أسمع بأحد حاول من أوروبا ركوب قارب هجرة إلى بعض بلادنا العربية لينعم بحياة أفضل؟!

إسرائيل فنانة التعذيب

وعلى ذكر إسرائيل لا أعرف من هو فنان في أساليب القتل البطيء مثلها. تبدأ بالعزل الانفرادي. تنتقل إلى التعذيب الجسدي والنفسي وتحرم الأسير الفلسطيني من العلاج حتى ولو كان مريضاً بالسرطان. تشكو إسرائيل باستمرار من هتلر وأساليبه في قتل اليهود، لكنها فاقته في اختراع أساليب التعذيب. ومنها حرمان الأسير من مشاهدة أسرته، وتركه يتعذب وحيداً حتى الموت. إسرائيل (فنانة) القتل البطيء، ومن زمان كنا نتحدث عن الوحدة العربية فهي الأسلوب الأول لحصار إسرائيل بعدما حاصرت الفلسطينيين بهدم بيوتهم وقطع أشجارهم واحتلال المسجد الأقصى كلما أتيح لها ذلك بذرائع دينية. ولكن الفلسطيني لن يركع واسألوا غسان كنفاني، الذي صار أبطال رواياته يعيدون كتابة الخاتمة ويقرعون جدران الخزان.

جريمة إحراق القرآن

ليس في وسع أحد إحراق القرآن الكريم. فالأوراق تحترق والكلمات تطير إلى قلوب المؤمنين بها. وأعتقد أن إحراق القرآن جريمة غبية تؤذي مرتكبيها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com