منوعات

قرار منح الجواهري راتباً تقاعدياً مدى الحياة.

بيدر ميديا.."

سوالف سياسية عراقية.. حازم جواد وزيراً للداخلية

قرار منح الجواهري راتباً تقاعدياً مدى الحياة

مليح صالح شكر

شكل أحمد حسن البكر وزارته الأولى يوم الثامن من شباط عام 1963 وفيها حازم جواد وزيراً للدولة  متحدثاً رسمياً .

لكن الأمور  لم تستقر للنظام البعثي الجديد، ودب الخلاف بين أركانه مبكراً أسفر عن تعديلات وزارية هدفها نزع نفوذ هذا الشخص أو ذاك، وأبعد علي صالح السعدي عن وزارة الداخلية الى وزارة الإرشاد ، وأستقدم حازم جواد من منصبه وزيراً للدولة ليكون وزيراً للداخلية بالوكالة.

وبقيت الأمور كما أصبح معروفاً مضطربة ومتوترة حتى أنفجرت  في المؤتمر القومي السادس للحزب الذي عقد في دمشق بتبنى الطريق العربي الى الاشتراكية والمنطلقات النظرية أو ما أصطلح على تسميته الاشتراكية العلمية.

كل ذلك وضع حازم جواد الذي لم يكن عضواً في المؤتمر القومي، وأنصاره في زاوية قد يتعرضون فيها للإهمال وبعدها الإقصاء .

مكانة تاريخية

ولابد من التأكيد بأن هذه الملاحظات الحصرية لا تعني إطلاقاً الحديث عن سيرة حياة حازم جواد لأن كتابة سيرة أي سياسي أو صحفي  ليس من إهتماماتي، وكان حازم جواد يتمتع بالنزاهة وقدرة قيادية وله مكانة تاريخية  في البعث وساهم  في حماية تنظيمات الحزب في مرحلة ما بعد محاولة البعثيين أغتيال رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم في الخامس من تشرين الأول عام 1959 وتمتع بعلاقات جيدة مع رفاقه قادة الحزب الآخرين.

وفي تحليل موضوعي وجدت أنه كان قيادياً يتمتع بكفاءة تنظيمية وشجاعة ووفياً لرفاقه وكان يرى في علي صالح السعدي خلال عملهما في القيادة عقبة أمام طموحاته  الحزبية  والسياسية ، فأصبح في الواجهة الأمامية في ما كان يسمى بالتيار اليميني في الحزب.

ويقتضي الحال التأكيد بأن حازم جواد وعلي صالح السعدي  قد تصالحا في أوائل عقد السبعينيات من القرن العشرين بعد أن كان خلافهما عام 1963 سبباً من تلك الأسباب التي أدت الى فقدان قيادة الحزب السيطرة على مفاصل الدولة وتنظيمات البعث.

على أية حال تولى حازم جواد وزارة الداخلية في 12 أيار 1963? وفي وقت لاحق راجت في دوائر الأمن التابعة لوزارته  معاملة رسمية لإسقاط الجنسية العراقية عن 12 مثقفاً يعيشون خارج العراق بعضهم  قادة شيوعيين ومثقفين وشعراء ، ووقعها أحد المسؤولين في الوزارة لكنها تحمل هامشاً يثبت أن الوزير إطلع عليها ، وقطعاً أقرها .

ونُشرتْ صورة هذا الكتاب في صفحات التواصل الاجتماعي وكان عباس عبود أول من نشرها لكن متابعتي للنتائج أظهرت أنها إقتصرت عند البعض على الشتائم وتكرار أسطوانة عيوب النظام البعثي عام 1963 دون ان يقولوا لنا كيف عاد عزيز الحاج مثلاً الى العراق وقاد الانشقاق في الحزب الشيوعي؟ وكيف عاد  محمد مهدي الجواهري  وفيصل السامر وغيرهم ؟ وكيف أصبح عبد الوهاب البياتي مستشاراً ثقافياً لنظام البعث الثاني في السفارة العراقية في مدريد؟

وانغمس البعض أيضاً في تشويه التاريخ ولم يفصحوا عن طبيعة الحفل الكبير الذي أقامته وزارة الثقافة والإعلام  في منتزه صدر القناة للاحتفال بالجواهري وبحضور الوزير صلاح عمر العلي والوزير صالح مهدي عماش وآخرون، وقد حضرت ذلك الحفل شخصياً بصفتي مراسلاً لوكالة سانا السورية.

ونكر هؤلاء ان نظام البعث الثاني هو من أعاد الجنسية للذين ظُلموا في وقت سابق وعادوا جميعاً  الى العراق تباعاً .

وفي الانتقائية حاول  آخرون حصر قرارات رئيس الوزراء نوري السعيد عام 1955 بإسقاط الجنسية عن الجواهري وعزيز شريف وآخرين دون أن يذكروا معهم الشاعر القومي عدنان الراوي الذي نزعت الجنسية عنه أيضاً  ، ولجأ الى القاهرة.

ويتغافلون أيضاً عن ان نظام الانقلاب العسكري عام 1936 الذي أيدوه آنذاك هو أول من أدخل إسقاط الجنسية في الحياة السياسية العراقية عندما أسقطت تلك الحكومة الجنسية عن عبد القادر إسماعيل البستاني وشقيقه عبد الله وكانا شيوعيان ساهما مع جماعة الاهالي في تدبير الانقلاب العسكري ودعموه قبل ان ينقلب الفريق بكر صدقي وحكمت سليمان عليهم ويطردهم من نظامه.وفي متابعة  لمصير قرار وزير الداخلية حازم جواد وجدت أنه قد تم تنفيذه  فعلاً وأسقطت الجنسية العراقية عن المشمولين بالكتاب، ويوضح الدليل الذي نشره عبد المنعم الجادر في مجلته الأسبوعية ( كل شيء) قرار مجلس الوزراء في 25 آب 1968 وبعد بضعة أسابيع من تولي البعث للسلطة مرة ثانية ، بأعادة الجنسية للجواهري ( بمبادرة ) من صالح مهدي عماش وزير الداخلية في النظام البعثي الثاني أن كتاب الوزير السابق قد تم تنفيذه في حينه .لكن عماش كان في النظام البعثي الأول عام 1963 موجوداً وزيراً للدفاع عندما إتخذ رفيقه حازم جواد وزير الداخلية ذلك القرار ، ولم يعترض.

ومن المعلوم أن علاقة الصداقة التي ربطت عماش والجواهري بدأت بعد تولي البعث السلطة مرة ثانية عام 1968 وليس قبل ذلك، وتحديداً بعد تخويل وزير الداخلية عماش الشرطة بصبغ ركب الفتيات اللواتي يلبسن تنورات قصيرة!

وفي مراجعة سلسلة المسؤوليات في وزارة الثقافة والاعلام بعد تموز عام 1968 نجد أن هنالك عدداً من الشعراء المؤثرين في مناصب حيوية ، ومنهم الشاعر شفيق الكمالي عضو القيادتين القومية والقطرية وزير الشباب الذي كان يتولى مهام وزير الثقافة والاعلام وكالة في غياب الوزير الأصلي عبد الله سلوم السامرائي خارج العراق وكذلك الشاعر شاذل طاقة وبعده الشاعر زكي الجابر وكيلاً الوزارة.

وفي هذه الأيام أصدر مجلس قيادة الثورة قرارين بصرف راتب تقاعدي مقطوع مدى الحياة للشاعر محمد مهدي الجواهري ، وراتب تقاعدي لورثة الشاعر بدر شاكر السياب.

 وللتوثيق التاريخي نجا حازم جواد من جميع ملابسات الانشقاق وما ترتب عليه بعد 18 تشرين الثاني 1963 سوى إقامته القصيرة في مصر بل تمكن في وقت لاحق من الحصول على وظيفة في القطاع الخاص هي المدير المفوض لشركة التقطير والمنتوجات الشرقية التي كانت تنتج آنذاك ( عرق مسيّح )، ومقر إدارتها  في بداية شارع أبي نؤاس من الباب الشرقي  وكان يدير الشركة من مكتبه الذي يتصدره صورة كبيرة جداً لصاحب الشركة يوسف مسيّح حتى نبهه جليل العطية على ذلك فرفع الصورة.

وكل ما يمكن معرفته عن حصول حازم جواد على تلك الوظيفة هو ان صديقه المحامي شوكت حبيب الشبيب  توسط له بهذا الخصوص وكان محامياً للشركة وأحد المساهمين فيها، وهو يعيش حالياً العام 2023 في العاصمة الأردنية عمان.

مدير مفوض

وبقي حازم مديراً مفوضاً لهذه الشركة إعتباراً من اواخر عام 1967 وحتى أواخر عام 1977 ? وكان اصحاب الشركة وأغلبهم يقيمون في بريطانيا يصرفون رواتب سخية للعاملين معهم، وسهلت له ادارته للشركة إيداع بعضاً من موارده المالية في حسابه المصرفي في لندن ، وباع بيتاً يملكه في عرصات الهندية ببغداد، وترك العمل وغادر للإقامة في بريطانيا لسنوات طويلة حتى أستقر مؤخراً في ماربيلا الأسبانية، وعمره وصل الى حوالي تسعين عاماً ، وله أبنته الوحيدة سفانة التي تعيش في بغداد وهي فنانة رسامة ترسم على الزجاج ، وما تزال إضبارته موجودة في إدارة الشركة ببغداد وهي حالياً تنتج الكحول الطبي للمستشفيات والصيدليات .ولم يتسن لي معرفة طبيعة علاقة حازم جواد مع المحامي شوكت حبيب ، وفي الوقت نفسه لم يتسن لي كذلك معرفة تفاصيل علاقة علي صالح السعدي مع المحامي يحيى الدراجي الذي عينه عام 1963 مديراً عاماً للإرشاد والصحافة  بوزارة الإرشاد ، وكان معه في لندن عام 1976 عندما توفي السعدي.

وعندما قصف الطيار منذر الونداوي في الثالث عشر من تشرين الثاني 1963 القصر الجمهوري لم يكن في أروقة القصر سوى الرئيس عارف ومرافقيه في مكتبه، وكذلك خمسة من قادة الحزب هم أحمد حسن البكر وحازم جواد وطالب شبيب وطارق عزيز وعبد الستار الدوري.

وعندما أعتقلت سلطات 17 تموز 1968 عدداً من السياسيين والوزراء السابقين والبعثيين ومنهم علي صالح السعدي لم يتعرض حازم جواد للاعتقال وكان على علاقة حسنة مع بعض رجال حكم البعث ، هذا بالرغم من أن السلطات البعثية ألقت باللوم على عارف عبد الرزاق في اعتقال البعثي علي صالح السعدي والناصري عمر البجاري في سجن رقم واحد بمعسكر الرشيد ، مع أن البعثي ناظم كزار شخصياً هو من أعتقل  البجاري وأطلق البكر سراحهما من سجن رقم واحد بمعسكر الرشيد بعد التخلص من عارف عبد الرزاق ، وقابلهما في القصر الجمهوري قبل أن يصطحبهما صالح مهدي عماش بسيارته الرسمية الى منزليهما.

وهما السعدي والبجاري من قصدهما البكر في خطابه في مساء يوم الثلاثين من تموز 1968 لأقصاء النايف وأنصاره باتهامه أنه أعتقل عناصر لم يتفق على أعتقالها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com