متفرقاتمقالات

نظام الانتداب .

بيدر ميديا.."

نظام الانتداب .

ضرغام الدباغ.

كان المنتصرون، في معظم الحروب الأوروبیة حتى الحرب العالمیة الأولى، یسیطرون على الأراضي
المحتلة كغنائم للنصر الذي تحقق على الأرض. وكان ھذا ینطبق بشكل خاص على الأراضي الاستعماریة
للقوى الأوروبیة المھزومة، حیث سعى المنتصرون إلى توسیع إمبراطوریاتھم. شكلت الحرب العالمیة
الأولى سابقة كبیرة في ھذا التقلید. في حین أن بریطانیا وفرنسا وإیطالیا والیابان لا تزال تحتفظ
بالطموحات ” التوسعیة الاستعماریة “، إلا أن قوى أخرى خففت من ھذه الأھداف. إذ ظھرت الولایات
المتحدة كقوة عالمیة ملتزمة بسیاسة مناھضة للاستعمار، حین أبدت التفھم للتطلعات الوطنیة للشعوب،
ولكن مع قبولھا أجندات الإمبراطوریة للمنتصرین. رغم أن بیان الحلفاء أكد قبل الھدنة الصادر في 5
نوفمبر 1918 أن ضم الأراضي لم یكن ھدفھم لإنھاء الحرب.
وكان من أھم النتائج المھمة للحرب العالمیة الأولى، تأسیس تأسیس منظمة عصبة الأمم، الذي شرعن
الاستعمار والاستیلاء على أمم أخرى بواسطة نظام الانتداب (SYSTEM MANDATE (الذي شرعھ
المنتصرون وأعلن عنھ كنظام الانتداب لعصبة الأمم، وبموجب ھذا النظام، منح المنتصرون في الحرب
العالمیة الأولى لتفسم الحق بمسؤولیة إدارة الأراضي الألمانیة والعثمانیة السابقة بموجب تفویض من
العصبة. وكان الھدف النھائي المعلن ھو تطویر كل ولایة نحو الاستقلال النھائي. قد یجادل البعض ولكن
ھذا الھدف في حقیقتھ تفویضات منحت تتضمن مراعاة كاملة للاتفاقیات العلنیة والسریة التي تم التوصل
إلیھا أثناء الحرب. كأتفاقیة سایكس بیكو بالنسبة للشرق الأوسط، لعام 1916 ووثیقة بلفور لعام 1917 في
إطار تقسیم الشرق الأوسط بین فرنسا وبریطانیا.

” نظام الانتداب ھو النظام الذي أنشئ بعد الحرب العالمیة الأولى (بواسطة عصبة الأمم ) لإدارة
الأراضي السابقة للإمبراطوریتین الألمانیة والعثمانیة ”

وعصبة ھي أول منظمة أمن دولیة ھدفت إلى الحفاظ على السلام العالمي .وصل عدد الدول المنتمیة
لھذه المنظمة إلى 58 دولة في أقصاه، وذلك خلال الفترة الممتدة من 28سبتمبر سنة 1934 إلى 23
فبرایر سنة 1935. كانت أھداف العصبة الرئیسیة تتمثل في منع قیام الحرب عبر ضمان الأمن
المشترك بین الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسویة المنازعات الدولیة عبر إجراء
المفاوضات والتحكیم الدولي، كما ورد في میثاقھا. من الأھداف الأخرى التي كانت عصبة الأمم قد
وضعتھا نصب أعینھا: ّ ّ تحسین أوضاع العمل بالنسبة للعمال، معاملة سكان الدول المنتدبة والمستعمرة
بالمساواة مع السكان والموظفین الحكومیین التابعین للدول المنتدبة، مقاومة الاتجار بالبشر والمخدرات
والأسلحة، والعنایة بالصحة العالمیة وأسرى الحرب ّ ، وحمایة الأقلیات العرقیة في أوروبا.

تشكلت الدائمة في الأصل من الأعضاء المؤسسین : بلجیكا وبریطانیا وھولندا وفرنسا وإیطالیا والیابان
والبرتغال وإسبانیا والسوید، وأضیف إلیھا فیما بعد ممثلون من سویسرا وألمانیا، وممثل من النرویج حل
محل الممثل السویدي. على الرغم من أن السلطات غیر الإلزامیة كانت تشكل الأغلبیة، إلا أن اللجنة لم
تكن ضد مصالح سلطات الانتداب. وقد تجلى ذلك في حقیقة أن بریطانیا وفرنسا أعادا ھیكلة انتدابھما
بحلول الوقت الذي دخل فیھ النظام الرسمي حیز التنفیذ في عام 1924 .قسمت بریطانیا الانتداب
الفلسطیني إلى فلسطین وشرق الأردن ً ً ، وأعطت دورا خاصا في ھذا الأخیر لابن الشریف حسین، عبد الله
بصفتھ. أمیر شرق الأردن من أجل إیقاف مساعیھ بتحقیق المزید من الأھداف الإقلیمیة في سوریا. ثم
قسمت فرنسا انتدابھا في سوریا إلى سوریا ولبنان وذلك لتعزیز موقف المسیحیین الموحدین في لبنان
وكجزء من استراتیجیتھا الشاملة لرعایة الخلافات الطائفیة لترسیخ موقفھا كحل نھائي لجمیع الخلافات في
المنطقة. في ظل الانتداب البریطاني للعراق على حالھ ، على الرغم من حقیقة أن تنوعھ السكاني دعا إلى
انقسامات مماثلة.

على الرغم أن قلة من كانوا قد توقعوا ذلك في أوائل العشرینات من القرن الماضي، إلا أن جمیع الولایات
من الفئة أ حققت الاستقلال على النحو المنصوص علیھ في ظل شروط الانتداب. وكان العراق الأول (في
عام 1932 ،(على الرغم من احتفاظ بریطانیا بأمتیازات دبلوماسیة وعسكریة كبیرة. تبعتھا سوریا ولبنان
في عام 1941 مع اندلاع الحرب العالمیة الثانیة. في مارس 1946 ، ً قبل حل عصبة الأمم رسمیا وتحویل
أصولھا إلى الأمم المتحدة، منحت معاھدة لندن الاستقلال لشرق الأردن كمملكة أردنیة ھاشمیة. وتركت
فلسطین فقط للأمم المتحدة في ظل برنامج الوصایة الخاص بھا ، وفي عام 1947 ، عرضت بریطانیا ھذه
المشكلة الشائكة على الجمعیة العامة للأمم المتحدة لحلھا. وكانت النتیجة الموافقة على خطة لتقسیم
فلسطین إلى دولتین عربیتین ویھودیتین ومدینة دولیة ھي القدس. ولكن الأحداث اللاحقة حالت دون تنفیذ
ھذه الخطة ، ولكن منذ عام 1949 ، ً أصبحت إسرائیل عضوا في الأمم المتحدة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com