ثقافة

النظرية الذرائعية الجديدة.

بيدر ميديا.."

النظرية الذرائعية الجديدة

الكاتب والاديب / عبد الجبار الحمدي

لقاء خاص مع الاستاذ الاديب الجهبذ عبد الرزاق الغالبي صاحب النظرية الذرائعية في النقد العلمي للادب و الذي اثار بنظريته الجديدة وطرحة بمفهومه الخاص بعض التساؤلات التي جعلته يتعرض للنقد بعد ان ارسى مفاهيم علمية للنقد الادبي غير تلك التي اعتادها نقاد النصوص الادبية بشكل مغاير لإطرواحاته في إماطة اللثام عن تفكيك النص بعلمية و مداخل الابواب التي تنتمي الى نظرية الذرائعية… وقد وجهت له العديد من الاسئلة ليحيط القاريء بمفاهيم نظرية الذرائعية للاستاذ الغالبي عن قرب بما يطرحه من علم نقدي جديد عربي الاساس.

 

– عندما نتحدث عن الحداثة في النقد الأدبي لابد انها تضيف ممرا او بابا يلقي بالضوء على رؤية الرواية او القصة القصيرة او الشعر المقفى او النثر بشكل مغاير للرتم الذي ساد زمنا حتى بات النقاد وإن اختلف طرحهم إلا انهم يطلقون النقد من نفس الجعب التي مارسها الفلاسفة او النقاد الأجانب دون الاتيان بمناقب النقد العربي ومفهوم اللغة العربية… ماذا يرى الناقد العلمي ومن خلال نظريته الذرائعية حين يلقي بظلال نظريته على كل ما سبق من ادب؟

– الحداثة بنوعين : سلبية وإيجابية

.الحداثة السلبية: أن خسائر الحرب العالمية نبهت عقول المفكرين الى أسباب الحرب, وقد لخصوا أهم الأسباب ألا وهما الدين والأخلاق فبثوا حداثتهم السلبية بتخريب هذين العنصرين والباقي معروف لاتزال آثاره تنهش في لحمنا لحد الآن واخره الحرب بالنيابة (proxywar)  والتي لاتزال أيضل آثارها لحد الآن داعش وحرب أوكرانيا

الحداثة الإيجابية : هي نجاح الأدباء والمفكرين والباحثين العرب من فلترة جميع التيارات الأخلاقية والسياسية والأدبية وإستلال ما يفيد منها وتوظيفه في الأدب كالمدارس النقدية والنظريات (كمدرسة الواقعية والطبيعية والرومانسية والبرناسة الفن للفن والرمزية والسريالية)

  • كيف نشأت فكرة النظرية الذرائعية؟ وكم استغرقت من السنين حتى رأت النور؟

.نشات فكرة النظرية من سببين:

السبب الأول: إكتضاض السساحة الأدبية العربية بالنتاجات الأدبية الغير مدروسة والتي سببت فوضى عارمة وجهل كبير في المنحى الأدبي مما مهد الطريق للسبب الثاني وهو وجود تلك الفوضى مع سببه هو غياب النقد من الساحة الأدبية لكون الأدب عراب للمجتمع والنقد عراب للأدب فاصبحت الساحة بحاجة ملحة لظهور رؤى نقدية أونظريات تنظم تلك الساحة الفرغة من الرصانة الأدبية

 بإعتبارك ابا للنظرية ومستحدث بناءها هل تعتقد أنها ستغير من بناء النقد الادبي من خلال منظور الذرائعية؟

– بالتأكيد ، كل جديد في أي ساحة يعزف عنه من تعودوا على القديم وهذه حالة معروفة لا يقتنع بالجديد إلا من كان حاويا لعلمية كبيرة، أما السطحيون هم من يعترضون أرضاءا لأنانيتهم الشخصية ،والجيل الجديد تكون حصته الذرائعية بكل تأكيد ،والنخبة الفاعلة من أمثالكم هي من توصل هذا العلم لهم ،وما لنا والسطحيون فهم فارغون إلا من العناد والمكابرة…..

 

– إذا كانت النظرية الذرائعية قد جعلت من النقد الادبي لحاء شجر وهذا قد يزعج البعض، هل تعتقد ان اسلوب النقد العام سيتغير فيما إذا لبس النقد العربي ثيابه الاصيلة ورجع الى اصوله؟ كونك تقول أن العرب عرفوا بالإيحاء قبل جميع الفلاسفة اصحاب النظريات النقدية الادبية المتعارفة؟

– بالتأكيد والدليل هو إقتناعك أنت والنخبة التي معك وهي تصاحبني بالتفاف عجيب أدهشني حرصك وحرصهم وهذا  يبشر أن الساحة فيها من ملأت جيوبه علماً وقناعة بما أوتي من جديد والأيام القادمة ستتحدث كثيراً وبإسهاب عن التغيير الذي يواكب الحداثة في طرق النقد الذرائعي.

البراغماتية أو البراغماتكس … تلك التي كانت محطات في مرحلة النظرية ما الذي اكتشفته من خلال غورك في عمق المعاني من خلال عكفك على البحث و وصولك الى الاجابة المقنعة التي اوصلتك حيث ارسيت نظريتك في مؤلفات ست سبرت فيها بفحوى ما ألفيته من انفلات وعدم قناعة بما لقيت وقرأت من النقد الادبي في العالم العربي؟

 – انبثقت ذرائعيتنا أصلًا من الذرائعية اللغوية الجديدة أو(البرغماتية الجديدة pragmatics)، التي تخوض بنفس الاختصاص اللغوي الأدبي لذرائعيتنا العربية، وهو مجال معنى المنفعة الإيجابي  والتي ظهرت بين 1975و1985…. فهي تختلف كليًّا عن البراغماتية الفلسفية pragmatism سيئة الصيت،  التي (ظهرت كتيار فلسفي سياسي عام  1878والفرق الزمني بينهنا قرن كامل) وهي التي تخوض بالمعنى النفعي السلبي, والتي تلاحق النفعية, وهي التي أسست للاستعمار، وقد التصق صيتها السيء بذرائعيتنا خطأً، لكون الذرائعيتين تنطلقان من جذر لغوي واحد، وهو الجذر الأجنبي اللغوي اليوناني (pragma) فهو يجمع بينهما في الأصل اللغوي فقط، رغم أنهما متناقضتان في الاتجاه الفلسفي والإجرائي …وذرائعيتنا (الذرائعية اللغوية الجديدة pragmatics) أو (البرغماتية الجديدة)،هي مذهب (الجحيلي, n.d.)،) يلتقي بالمنهج الذرائعي اللغوي العربي (الذّريعة العربيّة الفلسفية  pretext) وتندمج معها، وهذا الاندماج بين المنهجين ينقلها نحو الإهتمام  بالمعنى المجازي الأدبي العربي (المعنى الوضعي التواصلي الإيحائي) في السّياق و المسنود بذريعة، ويستند هذا المنهج إلى مصادر ومستويات مختلفة تتوزّع بين الفلسفة، وعلم النّفس، وعلم الاجتماع, واللّسانيات، والبلاغة, والسيمياء…

أنقسام الفلسفة الذرائعية بالتمركز على النص القرآني:

 اختلطت وجهات النّظر حول المصطلَحَين( pragmatism و( pragmatics  والتّفريق بينهما عند الكثير من الباحثين ، لكن  الله (جل شأنه) قد حل هذا الإشكال وفرق  بين الذرائعيتين في سورة الشّعراء, وخصّ الشعراء الذين يلاحقون (الانتفاع في الشعر، عن طريق المدح والهجاء في الآيات البينات( 224وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ /225 أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ/  226 وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ  )، ونهاهم عن متابعة النفعية السلبية (pragmatism) سالفة الذكر, ونصحهم بالانضواء تحت حكم الآية (227-إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ  ) فصارت تلك الآية نقطة التمركز لذرائعيتنا العربية الحاضنة لفلسفة الذريعة التبادلية المنفعية (Pretext) وتثبيت لأركان المنفعة  الأيجابية بعد أن صار الفرق واضحًاً بين الذرائعيتين، وجُعل الأدب العربي أدب رسالي أخلاقي في تمركزنا هذا على سورة الشعراء بموسوعتي الفلسفية بمجلّداتها الموسومة بـ (الذّرائعيّة بين المفهوم اللّساني واللّغوي/ و/الذّرائعيّة وسيادة الأجناس الأدبيّة / و/ الذّرائعيّة في التّطبيق / و/ الذّرائعيّة والعقل / والذرائعية والتحليل النقدي العلمي و  (The Critical Pragmatic Arabic Approach وهكذا أصبح مصطلح الذرائعية لغويًّا حاملًا للذريعة (كحجة وبرهان أخلاقي) وصارت حجاجيّته في العنوان والهدف ليسند كل قول في التحليل النقدي للمنهج الذرائعي… وبذلك تمكّنتُ الذريعة العربية من إخراج هذا المصطلح من مستنقع الخطأ عن طريق الأدب العربي, حين تمركزتُ رؤيتي الذرائعية على القرآن الكريم سيّد النصوص,

– هل وجدت عقبات اثناء إرساء نظريتك وصعوبة تقبلها من الواحة الادبية في العراق أو العالم العربي؟

. كثيراً لكن أصعبها أحد الأخوة من أبناء الحلة (أتحفظ عن ذكر أسمه إحتراماً لمعارضته الغير مبنية على معرفة) كان يومها يزور مصر وصادف لي توقيع كتابي الأول الذي نشرته مؤسسة الكرمة وتلك ،مؤسسة معروفة في القاهرة  وبعد استلام الكتاب بدقائق دون أن يقرأ ما فيه عقد مؤتمر وطالب بقتلي وتمزيق كتبي ولحد الآن لا أعرف السبب هل لكوني متمركزا على النص القرآني أو لشيء في ذهن يوسف….أنا محتفظ بالفديو وسألاحقه فقط لأعرف السبب لهذا الحقد الغير مبرر…؟!

– لديك اتصالات مع العديد من الاساتذة والدكاترة ممن شرعوا بأخذ النظرية الذرائعية كمنحى جديد للنقد العلمي للنصوص سواء النصوص السردية على مستوى الرواية او القصة القصيرة او المسرح او الشعر.. هل تعتقد انك ذلك سيغير او انه سيطغى على النقد الادبي المتعارف عليه؟

. منهم من هو مؤيد لكونه يحمل علماً والآخر رافض وهذا شيء طبيعي في كل جديد…

هل بإعتقادك انك ارسيت نقدا جديدا يسبر في البحث عن النص حيث انك تتعامل معه على انه انسان يتحدث ويبدي رأيه من منظور النقد الذرائعي؟

– نعم ،بكل تأكيد ،النص في نظري إنسان يحتاج الى دلال وإحترام وانا في كل دراسة أحصيها كلمة كلمة وتعيش معي من 20 يوما والى الشهر وأحياناً ويتجاوز عدد صفحاتها الخمسين صفحة، لأن النقد العلمي يحترم نتاجات الناس….

ما مدى انتشار النظرية الذرائعية؟ وهل وجدت صعوبات في تقبلها على الساحة النقدية الادبية في محافظة ذي قار اوالعراق عموما او في الاوساط الادبية في العالم العربي؟

– إنتشرت الذرائعية في جميع أنحاء الوطن العربي ولي نقاد وأتباع ذرائعيون في كل بلد عربي وآخر تبليغ فيها هو العراق والحمد لله تقبلتها النخبة من أفضل الأدباء وساندوها بكل فخر وإحترام وأنت أولهم وأشدهم تعلقا بالذرائعية…

عرفنا الاستاذ عبد الرزاق عودة الغالبي اديبا واستاذا للغة الانكليزية والالمانية ومترجما ماذا اضافت لك النظرية الذرائعية؟

– أضافت لي الكثير حتى وصلت تصرفاتي الشخصية أن اناقش كل معارض لي بأدب شديد حتى وإن ناصبني العداء  وأعتبر نفسي أقل الناس شأناً ،وقد تعلمت إسلوب المناقشة الهادفة بذريعة  وليس هذراً وهدراً….

هناك خبر بأنك قمت بترجمة النظرية الذرائعية الى الانكليزية بمؤلف تحت الطبع عكفت عليه في روسيا حتى انهيته..  ماذا تأمل من مطبوعك الجديد والحديث المترجم باللغة الانكليزية؟ اتنشد العالمية من خلال طباعته ونشره؟

.نعم قبل سنتين أنهيت المجلد الأخير باللغة الأنكليزية في روسيا والآن هو قيد المراجعة لدى البروفيسور العراقي باللغة الأنكليزية الإستاذ محمد السعيدى لمراجعته علمياً ولغوياً وبعد الأنتهاء منه سيقدم للطبع…

ماهو التحدي الذي واجهته وانت تضع نظريتك الذرائعية امام موجة عالية من بحور النقد الادبي الذي كان يسود الساعة؟ وها انت ارسيت بنظريتك في مرسى لا اقول اغضب بقدر انك كشفت عيوب النقد السائد على الساحة العربية والعراقية والمحلية؟

– وجودي بينكم وأنا رافع رأسي هو أكبر تحدي بكل ما تحويه الكلمة من معنى، وهو أعظم إنجاز قدمته لي الذرائعية، هو وجودي بينكم أما كتحدي بمعنى المفاخرة فلا تحدي في العلم والمعرفة لأنها عطية ورزق من الله والتحدي فيها منقصة، نحن لدينا ما لدى الناس وكل إنسان مقتنع بما عنده من رزق بشرط أن  يشكر الله على رزقه….

هل كان هناك دور لإتحاد الادباء في ذي قار او العراق عموما في استقطاب مؤلفاتك الخاصة في النظرية الذرائعية والنقد العلمي الذي طرحته كعلم جديد؟ و فيما إذا انتشرت النظرية ماذا تقول للاتحاد العام لأدباء العراق؟ و من شارك او ساهم في طبع مؤلفاتك في النظرية الذرائعية؟

– الإتحادات قائمة بواجبها ولها همها، وأنا لا ألوم أحد لكوني كسول بطبيعتي، و بسبب العمر (73) سنة يكون قليل الخروج من البيت وكثيرا ما سأل عني رئيس الاتحاد لكني لا أحب الجلوس في المقاهي كثيرا ولا أفضل اللقاءات لكوني قليل الأصدقاء…. بكم صار لي لقاء في بيتي ونقاشات أروع من الرائعة وهذا يكفيني وهو منتهى كل طموحي…. وعليكم نشر ما تؤمنون به….

اصبحت لنظريتك الآن ساحة وارفة من ادباء انضوا تحت ظل الذرائعية… هل تعتقد انك الآن قد ارسيت رضاك وانت تكفل اطروحاتك على مسامعهم؟

– أنا راض جدا عما فعلت فقد كان لتعبي عشرة سنوات من البحث والمتابعة وأكثر، والآن ظهرت نتائجه برضاكم عنه، وصارت له قيمة علمية وأعتبارية أشكر الله عليها وأشكركم بعد الله فما عندي هو أمانة لكم أستودعت في ذهني…

قضيت كما علمت سنين من حياتك في البحث والتنقيب والدراسات في مجالات شتى سواء الادب الغربي او الأوربي او الروسي والعربي وعلقت امامك النظريات كالمعلقات ورحت تستخرج منها المنطوق الحرفي واعتمادك مخارج الحروف بطريقة علمية لم اعرف ناقدا قد نال من تلك الابواب كموضع للنقد… ماذا اضفت الدراسات الى مفاهيم النظرية الذرائعية لعبد الرزاق الغالبي؟

– أنا فحصت كل ما يحيط بألأدب من علوم وفهمت معنى الأدب ووجدت فيه ضالتي المنشودة وكنت أتجول فيه كما يتجول عاشق للزهور في حدائق غناء، فلا أعتبر تعب تلك السنين سوى سفر لسياحة في مجاهل العقول وقد سبحت في عوالم المكتبات والمنصات الرقمية وفي كل منصة آخذ دش في سبيل كمية من الأفكار، فعل يعتبر خوضِ هذا تعباً أم هو راحة تامة وإستجمام وجبروت لفرح بلا نهاية…..

هل تعتقد أن النظرية الذرائعية ستمتد وتنتشر في العراق والعالم العربي وتكون منهجا ادبيا علميا للنقد الحديث؟

– هذا ليس إعتقاد وإنما حقيقة دامغة مؤكدة تعيشها أنت معي والنخبة من العقول الراقية فرقي العقول يتأتى بالعلم والمعرفة ….

 

– امنية تود ان تتحقق في عالم النقد العلمي للادب الحديث؟

– أن نثق بأنفسنا نحن العرب ونعرف أن أصل العلوم وجذورها نشأ ت منا وليس من( الخواجة) التي صارت عقدة نفسية عند البعض فهم يكرهون الغرب لكنهم يعبدون قوله وفعلة لذلك إستفحلت عقدة الخواجة وصارت عقدة مرضية فينا ، فنحن نكرههم من جهة ، ونعتقد بأن لا شيء جديد يظهر إلا منهم في الأخرى….

الاستاذ الفاضل عبد الرزاق الغالبي شكرا لك

شكرا لك أتمنى أن لا أكون ثقيلاً عليكم….

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com