منوعات

امرأة مغربية تُلبس قريتها الفرح ومصرية يُخلع منها طفلُها بعد معركة قانونية!

بيدر ميديا.."

امرأة مغربية تُلبس قريتها الفرح ومصرية يُخلع منها طفلُها بعد معركة قانونية!

مريم مشتاوي

 

هي امرأة ستينية تلبس العيد بفصله الأجمل. وجه ضحوك ومريح. يشبه بفرحته تفاحة حمراء ناضجة وفرحة تتدلل بين يديّ امرأة ريفية متعبة. ترتدي فوق رأسها قبعة حمراء تقليدية مزينة بالورود: أصفر وأحمر وأزرق، وكأنها صيف غزير يعتني بربيعه. وكأنها مهرجان يستعد لعزف الموسيقى. تضع العقود المزركشة حول عنقها فتشعر بالحياة تتدفق منها شلالات بهجة ومرح. هي حالة معدية من الفرح، لا يمكن أن يراها المرء ويبقى حيادياً.
هكذا تطل بوجنتيها الورديتين ووجهها الذي يشبه لحظة ارتفاع النهار فتذكرنا بأغنية لزكي نصيف:
يا عاشقة الورد إن كنت على وعدي
فحبيبك منتظر يا عاشقة الورد.
إنها بكل المقاييس ليست امرأة عادية، بل سحابة خفيفة الظل رشيقة. لا تجلس أمامك حتى ينتهي الوقت بسرعة. كل الوقت. تمر الدقائق وكأنها طيور تغازل بعضها البعض بتغريدات ملونة. تغريدة تنادي الأخرى قبل أن تحلقا معاً.
تقول وابتسامتها بعرض البحر مفتوحة على الأفق البعيد: «أنا فرحانة دائماً ولا أخبئ في قلبي أي شيء. وقلبي صاف مثل الحليب».
وهل هناك ما يربطنا بالبشر سوى ذلك الثالوث المقدّس: الطيبة والصفاء والمحبة؟
إنها المغربية هانو أمروش، التي شغلت مؤخراً مواقع التواصل الاجتماعي ولاقت تفاعلاً كبيراً بين رواد الـ»سوشال ميديا» ربما لما تحمله من طاقة ايجابية تشد نحوها كل الناظرين إليها.
مناضلة سياسية تحارب بنشاطها المستمر وكلماتها الحرة من أجل المرأة الريفية، ولكن بداية مشوارها لم تكن سهلة أبداً. لقد حرمت هانو في طفولتها من التعليم. ففي تلك الأيام لم يكن يسمح للبنات من جيلها بالذهاب إلى المدرسة، لكنها رغم كل ذلك، لم تستسلم، بل كافحت منذ صغرها للوصول إلى هدفها وتحقيق أحلامها. علمت نفسها بنفسها القراءة والكتابة لخدمة أهل بلدتها. تقول والابتسامة تضيء وجهها:
«قراني الزمان»، أي أن الزمن علمني القراءة.
في شبابها اشتغلت في كل شيء. رعت بالأغنام وجمعت الحطب وحرثت الأرض وزرعتها. وكأنها أرادت أن تتآلف مع الطبيعة وتتحد معها.
هي لا تخاف من الكاميرا ولا الشهرة، ولا مانع لديها من أن تكون مشهورة إن كانت شهرتها تساعد في بناء عالمها القروي الجميل.
لقد صرحت عبر روبرتاج قامت به «أي جي بلاس» عربي أن مارسيل خليفة طلبها للزواج خلال زيارة قام بها إلى بلدتها عام 2016. لم ترفض، ولكنها وضعت شروطها لقبول ذلك العرض. لقد أرادت منه أن يبني لها مستوصفاً ومدرسة لأهل القرية. كانت تسعى لتمنح أطفال البلدة فرصة التعليم المجاني لإيمانها بأهمية العلم في بناء المجتمعات ولتداوي كل من تعرض لوعكة صحية في بلدتها. لم تفكر بنفسها، بل تجردت من أناها. كل ما كان يشغل بالها هو تحسين ظروف العيش على أرض أحبتها. ولكنهما لم يتفقا ولم يتم النصيب، حسب ما صرحت به هانو.
لقد دخلت مجال السياسية من بابه العريض عام 2015 وكسبت شهرة واسعة بسبب دفاعها عن حقوق المرأة القروية والعالم القروي. هكذا عملت ليل نهار وقدمت تضحيات كثيرة في سبيل قريتها. قالت وهي منفعلة: «المرأة القروية مظلومة مظلومة مسكينة. تعيش المشقات، ولم تدرس وليس لها حقوق وليس لها أي شيء.»
كررت كلمة «مظلومة» مرتين كي تأكدها. لقد بدأت نضالها عندما لم يكن هناك صوت نسوي آخر يرتفع في قريتها. لم تخش المجتمع ولم تصدها المشقات، بل آمنت بتلك الرسالة حتى منحتها كل أيامها.
كانت تحلم أن تصبح وزيرة لتدعم هذه المنطقة، ولكنها حُرمت من دخول المدرسة، ومن حلم الجلوس على مقعد جامعيّ. تتكلم عن قريتها بحرارة وحب كبيرين قائلة: لو كنت درست لمنحت هذه القرية وجهاً حضارياً. تقول ذلك لأنها كانت تؤمن بنساء الريف وقدراتهن. نعم لقد حققت الكثير من حلمها.
إن هانو، وكل نساء الريف أكبر فخر لنا وأجمل وجوه أوطاننا المهزومة.

الطفل شنودة

ومن قصة هانو، التي تضج بالحياة إلى حكاية السيدة آمال. حكاية حزينة جداً. إنها أم شنودة، ذلك الطفل الذي شغل الرأي العام المصري والعربي. فما هي القصة؟
لقد وجدته تلك السيدة وزوجها في مرحاض كنيسة. أخذاه ورباه لمدة أربع سنوات، دون إعلام السلطات. هكذا أصبح ذلك الطفل فرحتهما وباتت حياتهما تدور حوله وحده. فلم يكن لهما أطفال سواه. تلك الفرحة لم تستمر طويلاً. لقد قامت قريبة لهما بتقديم بلاغ للسلطات المحلية المختصة أن الطفل شنودة مخطوف. وكل ذلك لتحمي حصتها من الميراث.
بعد إجراء فحص الحامض النووي أُخِذ الطفل من والديه ووضع في دير للأيتام. كما تم تغير اسمه من شنودة إلى يوسف. كأي طفل يتيم يتم نسبه بشكل مباشر للدين الإسلامي، حسب قانون البلاد.
ومنذ تلك اللحظة، بدأت معركة قانونية طويلة ومعقدة لاستعادة الطفل، ولكنها باءت بالفشل. لقد خسرت تلك الأسرة طفلها.
وأمه الآن تبكي وتنوح وتصرخ:
أرجعوا لي طفلي!
إن خسارة الابن هي أصعب حرقة في الوجود. لا شيء يعادلها قسوة وحدة. لكن يبقى الأمل الوحيد أن يصل صوتها إلى الرئيس، عله يتدخل لتغيير مصير ذلك الطفل، الذي لن يجد أحن من حضن أم أنجبته من قلبها.

*كاتبة لبنانيّة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com