مقالات

بين حرب «الوجبات» وحرب «الجبهات»: «طبق بوتين» يتحول إلى «طبق زيلينسكي» وأطفال أوكرانيا يمنحون الأمل للعالم!

بيدر ميديا.."

بين حرب «الوجبات» وحرب «الجبهات»: «طبق بوتين» يتحول إلى «طبق زيلينسكي» وأطفال أوكرانيا يمنحون الأمل للعالم!

مريم مشتاوي

بين التراجيديا التي تأخذنا إلى نهايات حزينة، وقد تكون كارثية إلى الكوميديا التي تبكينا أحياناً من شدة الضحك تكمن قصة الرئيس الأوكرانيّ فولوديمير زيلينسكي. «خادم الشعب» مسلسل من بطولة زيلينسكي عرض في أجزائه الثلاثة عام 2019 ليحقق اليوم نبوءة الرئاسة. لقد لعب فيه دور أستاذ التاريخ الذي يصبح فيما بعد رئيس جمهورية أوكرانيا. بعد مرور سنوات على عرض المسلسل، استحال الخيال حقيقة وتجسدت الدراما على أرض الواقع. اليوم يرتدي زيلينسكي البدلة الحربية مطلقاً النار  على مغتصبي أرضه تماماً كما حدث في المسلسل في حربه ضد الفاسدين. هكذا يستعيد نجوميته كممثل باهر وكرئيس شجاع في ساحة حرب شنتها روسيا على بلده. وبين يوم وليلة تتهاتف قنوات بريطانية وأوروبيّة كبرى لشراء حقوق مسلسله كما يتسابق كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نشر أخبار بطولته. يقول نيكولا سودرلند أحد مؤسسي الشركة المنتجة لمسلسل «خادم الشعب»: وقعنا 15 عقداً ونتفاوض لتوقيع 20 عقداً آخر! إنه البطل الذي لم يترك شعبه داخل نيران الموت ليهرب بملابس نومه كما فعل رئيس آخر في بلد منكوب فاراً إلى مكان آمن غير آبه بمصير بلده. بل بقي في العاصمة كييف يطل على شعبه يومياً عبر مقاطع فيديو مصورة مانحاً القوة والأمل للعالم أجمع. ولم يكتف بذلك بل زار جنوده المصابين في المستشفى العسكري رافعاً من معنوياته، مؤكداً على إصراره في الدفاع عن بلده حتى الرمق الأخير. ظهر للعالم وهو يتحدث مع جنوده ويأخذ معهم السلفي مطمئناً عن حالهم. كما منحهم الأوسمة العسكرية وكرًم بنفسه الطاقم الطبي. قد تكون حياة الرئيس الأوكراني في خطر وقد يموت في ساحة المعركة ولكنه لن يخسرها أبداً لأنه أصبح مثالاً يحتذى به للمقاومة والدفاع عن المبادئ. طبعاً، لا مجال للمقارنة بين قدرات الجيش الروسي والجيش الأوكراني. قد يربح بوتين بمعداته العسكرية بعض الجولات في ساحة القتال ولكن زيلينسكي تغلًب عليه في جبهات أخرى عديدة وكان أبرزها جبهة الطعام! نعم حرب من نوع آخر. فمن أبرز الفيديوهات تداولاً وأكثرها انتشاراً على الـ»سوشيل ميديا» فيديو فكاهي يظهر كيفية تحول «وجبة بوتين» إلى «طبق زيلينسكي» في كندا. كيف بدأت القصة؟ كان هناك طبق شهير ومرغوب، تقدمه سلسلة من المطاعم الكندية يطلق عليه اسم «فلاديمير»! ولكن حين شنت روسيا الحرب على أوكرانيا كره رواد المطاعم فلاديمير وطبقه. وبدأت الشكاوى تتدفق على المطاعم إلى أن تم تغيير اسم طبق بوتين المصنوع من البطاطا المقلية المغطاة بالجبن والمشبعة بالصلصة إلى اسم فولوديمير نسبة للرئيس الأوكراني. والقصة نفسها تكررت في فرنسا بعد تلقي عدد من المطاعم الأخرى اتصالات منددة بسبب ربط اسم الطبق بالرئيس الروسي بوتين. من يرغب أن يقفز له الرئيس الروسي من صحنه فيشتم بدل رائحة الطعام الشهية رائحة موت ودماء؟ لقد اكتفى العالم من جرعات الذعر والتهديد والموت النووي التي تطل علينا من صوره في الجرائد ومحطات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي!

مواطنون في مواجهة الاحتلال

تعهد الرئيس الاوكراني عام 2019 حين استلم الرئاسة أن يضحك شعبه ويجنبهم البكاء. ربما لم يستطع تنفيذ وعده بسبب الهجوم الروسي الشرس، ولكنه من المؤكد أنه لم يتخل عنهم بل منحهم القوة والأمل. وقد انعكس ذلك في صراخ المسنين وهم يواجهون الجنود الروس بكل قوة وعنفوان ويدفعونهم بأيديهم غير آبهين بالموت. وفي صوت طفلة أوكرانية كان قد انتشر لها منذ أيام مقطع فيديو وهي تغني من ملجأ فروزن الشهير تحت الأرض في كييف بصوت ملائكي وصل صداه إلى العالم وتفاعل معها الملايين من المتابعين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حتى وصلت نسبة مشاهدة الفيديو إلى 16 مليون مشاهدة. وفي عزف أخير لسيدة أوكرانيّة على البيانو قبل مغادرة بيتها. وفي جسد رجل وهو يقف في وسط الطريق مانعاً مرور آلة حربية. وبقوة مزارع وهو يستولي منفرداً على دبابة روسية. وبزواج على جبهة الحرب وقبلة طويلة. وفي وداع شرطي لابنه قبل مغادرته للعمل وفاءً لبلده. وبقوة طفل أوكراني من أصول سورية وهو يمشي وحيداً حاملاً بيده جواز سفر وكيساً بلاستيكياً عابراً أوكرانيا ليصل إلى سلوفاكيا. وذلك بسبب التزام أمه بالاعتناء بجدته المقعدة البالغة من العمر 84 عاماً والعالقة في ساحة الحرب وخوفها من انفجار المحطة النووية القريبة من مدينتها. هنيئاً لشعب لم يخذله الرئيس. نحن شعوب لطالما اعتدنا على الخذلان.

 كاتبة لبنانيّة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com