مقالات

آخر التريندات: تهديد نووي «بسيط» وتعلم كيف تواجه «الرئيس»!.

بيدر ميديا.."

آخر التريندات: تهديد نووي «بسيط» وتعلم كيف تواجه «الرئيس»!

مريم مشتاوي
 

منذ أيام مرت علينا ليلة رعب. ليلة نووية بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وذلك بعد اندلاع النار في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا والواقعة وسط أوكرانيا إثر تعرضها للقصف الروسي.
إنها محطة زابورجيا، التي بدأت عملها عام 1984 حين كانت أوكرانيا تابعة للإتحاد السوفييتي. فالحروب هذه الأيام ما عادت تقتصر على الصاروخ والدبابة والمدافع وأخواتها، ولكنها حروب قد تنهي البشرية في أي لحظة.
وقد عبر بوتين عن ذلك بشكل صريح خلال برنامج «الخط المباشر» قائلاً إنه لا يعرف إن كانت ستقع الحرب العالمية الثالثة، ولكن الرابعة ستكون باستخدام الحجارة والعصي».
حين انتشر خبر حريق محطة زابوريجيا لم نكن نعلم إن كان الصباح سيشرق علينا من جديد. لم نكن نعلم إن كانت الكرة الأرضية ستبقى دائرية أو أنها ستنفجر بكل ما فيها وسنتطاير سابحين في الفضاء الشاسع. كان العالم يترقب لحظة بلحظة تطورات الحادث، خصوصاً أن الكارثة قد تفوق كارثة «تشيرنوبل بعشر مرات، كما أكدت التحليلات. كادت أنفاسنا تنقطع مرة واحدة إلى أن أعلنت فرق الإطفاء الأوكرانية تمكنها من إخماد النيران.
وسط كل هذا الذعر والجنون انتشرت على مواقع السوشيل ميديا» مباشرة من عالمنا العربي المنهك، فيديوهات مضحكة مبكية من باب «شر البلية ما يضحك» تسخر من النووي والحروب والفيروسات والكوارث بكل أشكالها. وكأننا اعتدنا على الموت والقهر وما عاد شيء يؤثر بنا، بل وصلنا إلى مرحلة ما بعد التخدير، مرحلة عدم الإكتراث أو التأثر بأي مصيبة قادمة. أبرز تلك الفيديوهات، التي انتشرت بكثافة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي كان لسيدة تختبئ تحت

« البطانية» وهي توجه حديثها للمتابعين:

مساء الخير على الجيل المتفيرس البائس الذي سيضرب بالنووي.. حبايب قلبي منورين المجموعة الشمسية. حبيت أطمئنكم إنه فات الكثير وما فاضل إلا القليل ما حدش يستعجل كلو جاي.. فاضل شوية حاجات بسيطة:
ظهور هاجوج وماجوج والمسيح الدجال وزلازل وبراكين وأعاصير وسوسن وهبة وزينب.. حاجات لطيفة.. إحنا كل دا ما حسينا لأننا ما منلحقش نفوق. مناخد الضرب نرجع نوقع تاني.
الحرب العالمية التالتة أهي دايرة ما بين روسيا وأوكرانيا، ويا عالم اللي حيحصل. فاضل بقى ال»لافل الوحشي» بتاع كوريا. دا اللي مستني (هذا الذي ينتظر) أي حمار يمر ليشطر ميتين الكوكب نصفين.
كما انتشر، في السياق نفسه، فيديو آخر قد يكون قديما لرئيس كوريا الشمالية كيم جينغ أون، وهو يخرج من سيارته للقاء بوتن. يمشي كآلة حربية من نوع ثقيل وكأنه مقبل على تفتيت قارتين أو ثلاثة. هكذا علق مصمم الفيديو: وصل وصل كده هنصوم رمضان في الجنة كلنا.
وكذلك تداول المغردون على تويتر صورة مفبركة للرئيس الكوري وهو يرفع رأسه نحو السماء وكأنه يتضرع إلى الله ويصلي.
وكتب عليها:
يا رب حد يتحركش فيا!
ما بال العرب يسخرون من واقع مخيف؟
لقد أنهكتنا الحروب. ما عدنا نخشى شيئاً ولا نتأثر بأي شيء. وكأن أرواحنا باتت تائهة. نعيش اللا جدوى.
هل سيدمرنا النووي أكثر مما دمرنا؟
هل يموت المرء أكثر من مرة؟ وهل الميتة الثانية أو الثالثة موجعة أكثر من الأولى؟ بكينا حتى نشفت دموعنا.
فلسطين ما زالت تنزف. لبنان منكوب. العراق دمّر. سوريا تحت الأنقاض. اليمن السعيد بات تعيساً، تعيساً جداً.
قد يكون النووي «الحل الوحيد» لإنهاء عذاباتنا!

بين مواجهة وأخرى عالم آخر

هل نجرؤ على مواجهة الرئيس في عالمنا العربي؟ وإن واجهناه هل نبقى أحياءً لأكثر من يوم واحد أو يومين على الأكثر؟ وإن حالفنا الحظ وبقينا أحياءً ما هي «فنون» التعذيب التي يمكن أن نتعرض لها داخل السجون؟ وهل أحد يجرؤ أصلاً على الصراخ في وجه رئيس عربي، وهو يقول له: «أنت خائف»؟
كل هذه الأسئلة راودتني وأنا أشاهد مقطع الفيديو، الذي انتشر منذ أيام، على معظم القنوات التلفزيونية الغربية والعربية وتبادلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وهو يواجه صحافية أوكرانية.
لقد كانت في أشد لحظات إنفعالها بسبب الحرب المدمرة، التي تشنها روسيا على بلدها.
وقفت على مسافة قريبة جداً منه. تنظر إليه بحدة وهي تلوح بيديها معبرةً عن وجعها وحزنها وغضبها: لأنك خائف ولأن الناتو ليس على استعداد للدفاع. الأطفال الأوكرانيون هم من يتعرضون للضرب وأنت تتحدث عن مزيد من العقوبات. أرى أفراد عائلتي وأعضاء فريقي. نحن نبكي ولا نعرف إلى أين نهرب.
أما جونسن فقد رد عليها: شكرأ شكرأ جزيلاً على أسئلتك. ثم أضاف أن «بريطانيا لا تنوي الدخول في قتال مباشر مع روسيا».
هل تتخيلون معي لو حدث السيناريو نفسه في إحدى بلداننا العربية كيف ستكون ردة فعل الرئيس؟
هل كان ليشكر الصحافية بحرارة مكرراً كلمة «الشكر» مرتين أو أن الصحافية كانت لتتبخر من القاعة بقدرة قادر.
وقد نسمع بعد عدة أشهر بأنها ماتت في ظروف غامضة، كما سبق وحصل مع بعض الصحافيين العرب الذين دخلوا السجون ولم يخرجوا منها!

 كاتبة وإعلامية لبنانية

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com