مقالات

من صبيحة الشيخ داود الى الاتحادية .

بيدر ميديا.."

علي حسين

قبل أكثر من 90 عاماً قررت فتاة اسمها صبيحة الشيخ داود أن تصبح أول محامية في العراق، ولأنها ابنة رجل كات يتولى آنذاك وزارة الأوقاف وجدت من يطالبها أن تجلس في البيت، المفاجأة كانت مع الأب المتنور الذي لم تمنعه وظيفته الدينية من أن يقف في وجه الجميع معلناً :

 

 

إن ابنتي ستدخل الكلية ، ونحن نتذكر صبيحة الشيخ داود وحكايتها في اول الطريق هل كنا نتوقع يوماً أنه في هذه البلاد ستصدر أعلى محكمة قراراً يقول: لا جريمة إذا قرر الزوج أن يؤدب زوجته، ولم يشرح لنا القائمون على المحكمة الاتحادية نوع التأديب: هل هو باللكمات أم بالعصي أم مثلما يحدث اليوم من جرائم العنف ضد النساء؟.. فجميع هذه الأنواع متاحة للرجل قانوناً وشرعاً حسب تفسير المحكمة، التي وجدت أن المرأة بحاجة إلى تأديب! .

في هذا المناخ الفاشي ضد المرأة ، لم يعد عداد الانتهاكات ضد النساء يشغل أحدًا، كما أن منظر حرق فتاة او قتلها لا يهز وجدان الاحزاب المؤمنة التي يتصاعد خطابها الذي يرسخ مفهومًا متخلفا : لا يهم أن تقهر المراة وتستلب شخصيتها !! ، المهم أن تعيش التقاليد والاعراف .

اليوم ، الواقع يقول، إن حقوق المرأة مهدورة ليس فقط في الشارع والجامعات ودوائر الدولة وإنما في البيت والهدف أن تظل المرأة مواطنة من الدرجة الثانية ، وبامر اعلى سلطة قضائية في البلاد .

ولأنني أنتمي إلى بلاد يتعوذ فيها السياسي والمسؤول عندما يُذكر اسم المرأة أمامه. سأصدّع رؤوسكم مرة أخرى في موضوعة تجارب الشعوب، وأضع المقارنات والمفارقات بين ما جرى في بلاد الرافدين التي كانت أول بلد عربي يضع سيدة على كرسي الوزارة ، وأقصد نزيهة الدليمي، ويرفع من شأن النساء. في ذلك الحين كانت نزيهة الدليمي تؤكد في كل اجتماعات مجلس الوزراء، أن المساواة لا تعني فقط التعليم والحصول على فرص العمل، لكنها تغيير النظرة القاصرة التي ينظرها المجتمع إلى المرأة، باعتبارها ناقصة عقل ودين.

سيقول البعض يا رجل تحتل المرأة في العراق منذ سنوات ربع مقاعد البرلمان، لكن ياسادة للأسف تتشكل الحكومات وتنحل من دون أن ينتبه أحد إلى أن المرأة يجب أن تكون ممثلة فيها. والمؤسف أنه عندما أعطيت حقها البرلماني، طلب منها الساسة أن تظل مجرد رقم على الهامش، ويتم إذلالها وحرقها وإهانتها، ونقرأ في الأخبار أن أحزاباً وتكتلات سياسية عدة لا تزال تعارض قانون العنف الأسري.

ويعذرني القراء الأعزاء أن أقول إنني أشعر كعراقي بالإهانة، حين اقرأ قرار المحكمة الاتحادية حول تاديب الزوجة .

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com