مقالات

الشريك في الجريمة الدولية.

بيدر ميديا.."

الشريك في الجريمة الدولية

زهير كاظم عبود

عد القانون الدولي التنظيمات الإرهابية والمتطرفة من بين اخطر ما يهدد السلام والامن الدوليين ٫ وفق هذا المنظار أصبحت المواجهة العسكرية واجبا إنسانيا يقع على عاتق جميع الحكومات والمنظمات الدولية حماية للبشرية من نتا ئج جرائم وأفعال هذه التنظيمات .

واغلب هذه التنظيمات تستعين بمساعدات لوجستية او معنوية من جهات ترتبط بها بمصالح مشتركة ٫ مع علمها بفداحة الأفعال الجرمية التي ترتكبها تلك الجماعات ٫ فتتورط بفعل الشراكة في الفعل الذي يخضع للمواجهة وانكشاف حقيقتها ٫ بالإضافة الى اعتبارها متهمة بالمشاركة الفعلية في العمليات الإرهابية ٫ سواء بدعمها بالسلاح او بالمال او بالدعم الإعلامي .

ولما كانت من بين اول مهمات المنظمة الدولية  والحكومات الشرعية حماية امن واستقرار المجتمعات والتصدي لكل الأفعال التي تؤدي الي الحاق الأذى الخطير بحياة البشر وتهدد حرياتهم وتلحق الأذى بالاموال وتعرقل مسارات الحياة في المجتمعات ٫ ليكون التكاتف والموقف الدولي  المتضامن مبررا ومشروعا في التصدي لمثل تلك المجموعات الإرهابية .

ولتعدد الأماكن التي برزت فيها تلك الجماعات تحت شتى المسميات والأسباب مما يؤثر على حياة البشر واستقرارهم ليكون سببا منطقيا لاصدار قوانين وطنية تفصل معاني الإرهاب وتضع العقوبات على تلك الأفعال التي ترتكبها تلك المجموعات ٫ ليكون التضامن الدولي منهجا متفقا عليه ضمن حالات التصدي لهذه الظاهرة .

وتباينت الأفعال الاجرامية التي ترتكبها تلك المجموعات في الجسامة والخطورة والرعب  ٫ لتصل في أحيان عديدة الى ارتكاب أفعال جريمة الإبادة الجماعية  او الجريمة ضد الإنسانية وجريمة العدوان ٫ وجريمة ضد السلام ٫  ويتحدد دور الفاعل الإرهابي اصيلا او مشتركا من خلال دوره وفعله في الممارسة والتنفيذ ٫ الاشتراك يكون ضمن المساهمة المادية او المعنوية التي يقدمها الشريك للفاعل الأصلي ٫ وفي كل الأحوال فان العقوبات تطال الفاعل والشريك .

الجريمة الدولية تعني كل فعل محظور او سلوك يقع تحت طائلة القانون الدولي ويحدث ضررا بليغا بالأشخاص او المصالح  التي يحميها القانون ، وهذه الجريمة لا تتقادم ولا تسقط  ولا تمنح مرتكبيها الحق في الحصانة  ولا تمنحهم حق العفو ، وتدخل فيها أعمال القتل والإبادة والاسترقاق والأبعاد  وجرائم الحرب والاضطهاد الديني او السياسي .

وأعتبر القانون الدولي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجرائم ضد السلم وجرائم الإبادة الجماعية  وجرائم العدوان جرائم خطيرة يجرمها القانون الدولي ، ويلاحق مرتكبيها وكل من تعاون معهم او اتهم بأفعال المشاركة لتنفيذ تلك الأفعال ، وتخضعهم للمحاكمة والعقوبة المقررة قانونا ، بالإضافة لما يلحقهم نتيجة الأفعال الجرمية بالغة الخسة والغدر ٫ ولذلك فان اتفاقية روما التي اصدرت قانون المحكمة الجنائية الدولية وضعت لها اختصاص للنظر في مثل تلك الجرائم بالإضافة للقوانين الوطنية التي شرعتها العديد من الدول .

الشراكة في الجريمة يجعل مفهوم الاشتراك أو التواطؤ من الفرد أو المجموعة أو الدولة  مسؤولاً من الناحية الجنائية نتيجة أفعال الآخرين. وقد تشمل عملية الاشتراك في ارتكاب الجريمة مساندة الجاني والتآمر معه.   يعني هذا ان الجريمة ارتكبت من قبل شخص آخر الا ان الشريك قام بمعاونة الجاني بمده بالسلاح أو بالمال أو بأدوات الجريمة أو قام بتحريضه في عملية ارتكاب الجريمة ، وتمت الجريمة بناء على هذا الفعل .

فاذا كان المجتمع الدولي يرى ان التنظيمات  الإرهابية التي تمارس عمليات القتل الممنهج بإصرار وتعمد بحق الشعوب ، وانها ترتكب افعالا يطالها القانون الجنائي الدولي ، فأن الشريك في هذه الجرائم يستوجب أن يكون ضمن عمليات التحقيق والمسائلة القانونية سواء كان هذا الشريك فردا او حكومة او مجموعة من الأشخاص .

أن هذه الأفعال الجرمية المرتكبة من قبل الجماعات الإرهابية تستوجب ليس فقط ملاحقة المرتكبين وايقاع العقاب القانوني عليهم ، انما كشف  حقيقة من يمولهم  ويسهل لهم ويساعدهم ويحرضهم على ارتكاب مثل هذه الجرائم ، مع اننا ندرك بأن التحقيقات والمحكمة الجنائية الدولية غير متحررة من الهيمنة السياسية من قبل دول عظمى تلعب دورا خطيرا في المنطقة ، الا اننا وعلى اقل تقدير ينبغي ان نعرف ان الشريك  ليس بمنأى عن المسؤولية القانونية ، وبالرغم من أن الفطين يدرك أن اللعب بالنار يمكن ان يحرق اللاعب ، فمثل هذه التنظيمات لا تتوانى ان تحرق من يساعدها وتنقلب على مموليها ومحرضيها ، ولعل القريب من التاريخ يبرهن لنا على مديات صحة ذلك .

ووفقا لاتفاقيات جنيف فأن احترام القانون الدولي الإنساني موجب وملزم على كافة الدول ، وبالتالي فأن انتهاك قواعد هذا القانون يحقق المسؤولية الجنائية ، وبالتالي يضع المسؤولين عن تلك الدولة يتحملون بصفتهم الشخصية العقوبة التي ينص عليها القانون الجنائي الدولي وفقا للفعل المرتكب من قبلهم .

وفي الوقت الذي يتعامل فيه القانون الجنائي الدولي بصرامة بحق مرتكب الجريمة الدولية لما يؤثر على مناحي الحياة الإنسانية ، ولما يتركه من آثار  وجروح عميقة في النفس البشرية ، فأن المنطق يقضي بأن يتم شمول الشريك في هذه الجرائم ، لما تشكله افعال جنائية يذهب ضحيتها عشرات الالاف من البشر ، نتيجة اعمال القتل والذبح والقوة والإرهاب التي تمارسها تلك الجماعات بالتعاون مع مسؤولين ودويلات لم تجد لها رادع او تعاملا قانونيا سليما ، مما أسهم في ايغالها عميقا في تلوثها بدماء اعداد كبيرة من البشر   ، وحتى تكون صفحة ناصعة من صفحات الحياة الإنسانية تلزم الدول على عدم تقديم اية مساعدة مادية او معنوية لمثل تلك الجماعات وان تتم ملاحقة الشركاء مهما كانت صفاتهم واعمالهم ومراكزهم باي شكل كان .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com