صدر حديثا

نظرة مكثفة في كتاب “تاريخ العنف – نقد المشاعر في الحيز الدائري”

بيدر ..

كاظم حبيب

نظرة مكثفة في كتاب “تاريخ العنف – نقد المشاعر في الحيز الدائري”

للباحث الأكاديمي د. فالح مهدي

 

 

اسم الكتاب: تاريخ الخوف [نقد المشاعر في الحيز الدائري] – دراسة

اسم المؤلف: الدكتور فالح مهدي

دار النشر: بيت الياسمين للنشر والتوزيع

مكان النشر: القاهرة – مصر

سنة النشر: 2020، الطبعة الألى

عدد الصفحات: 222 صفحة

الترقيم الدولي: 9789778172089

صورة غلافي الكتاب وصورة مؤلف الكتاب.

 

 

الحلقة الثانية: رحلة في الزمن

بعد أن طرح المؤلف الدكتور فالح مهدي وناقش تعريف ومفهوم الزمن، بحث في الفصل الأول من كتابه “تاريخ الخوف – نقد المشاعر في الحيز الدائري” موضوع الزمن وعلاقته بالموت قديماً وحديثاً، وتطرق إلى الزمن الأيديولوجي، ودور الكتابة في أدلجة الزمن، ولغز رقم 7، وملحمة گلگامش ودورها في قياس الزمن، والزمن التوحيدي، والزمن الهندوسي والنيرفانا، والزمن المعاصر، والزمن الإلهي المقدس، والزمن بين الفلسفة والعلم، ودور اللغة في صياغة الزمن، والزمن في حضارة المايا. ثم أفرد الفصل الثاني لموضوع الذاكرة والزمن، فبحث فيه الذاكرة والمقدس، الذاكرة والمعرفة، الذاكرة والموت، ثم المخيلة وفعل التذكر.

أرى في هذين الفصلين أهمية خاصة تبرز في تقديم المؤلف مادة غزيرة مليئة بالمعلومات حول جملة من الخصائص التفصيلية التي تتميز بها شعوب كثيرة وأتباع ديانات كثيرة، في أسلوب تفكيرهم ومستوى وعيهم وعلاقتهم بالدين، ومدى إدراكهم للطبيعة وعلاقتها بالزمن وحركة مكونات الطبيعة ودورها أو فعلها في حياة الإنسان وتقديم التعليل أو التحليل لكل هذه المفردات والظواهر أو المفاهيم. إنها ليست رحلة في الزمن المجرد فحسب، بل رحلة في ثقافة الشعوب ووعيها ودياناتها ومجرى حياتها ومستوى تطور علاقاتها الاقتصادية والاجتماعية. كما أن القراءة الممعنة في هذين الفصلين المهمين والمكثفين ممتعة لأنها ستؤشر تلك العلاقة الجدلية الجوهرية بين الإنسان والزمن والدين، وبتعبير أدق، الكشف عن العلاقة بين الإنسان في اكتشاف للزمن وخلقه للدين. هذا الدين الذي أنتجه بنفسه وآمن به وخضع له منذ آلاف السنين.

ثم خاض المؤلف عمار البحث في التحولات التي رافقت وطرأت على الإنسان والدين عبر الزمن. فالإنسان، المنتج الأول للدين والخالق للإله أو للآلهة الفردية والجماعية على امتداد تاريخ البشرية، (كان لكل عائلة بابلية إله خاص بها، إضافة إلى الإله الجمعي أو المشترك والرئيسي، إضافة إلى آلهة أخرى)، هو الفاعل الأول في إجراء التغييرات التفصيلية على الدين منذ نشوئه حتى الآن، وليس في جوهر الدين ومضامينه، مع تحول كارثي ودرامي في بعض وظائفه في غير صالح الإنسان. وبمعنى آخر فأن المجتمع الذي مرّ بعصور ومراحل وفترات مختلفة وعلاقات إنتاجية واجتماعية متباينة ترك تأثيره البارز على الديانات وتفاصيلها، سواء تلك التي يطلق عليها بـ “الديانات الوضعية” كالبوذية والهندوسية أو الكونفوشيوسية أو التاوية مثلاً، أو الديانات الإبراهيمية الثلاثة، التي يطلق عليها مجازا بـ “السماوية” كاليهودية والمسيحية والإسلام، وهي لا شك وضعية أيضا. وكل هذه الديانات بنيت على الأساطير والتصورات التي طرحها رواد البشرية الأوائل في فترة الصيد والزراعة، أو حتى قبل ذاك. والقراء والقارئات الكرام يستطيعون ان يجدوا ذلك في الكتب الإبراهيمية الثلاثة (التوراة والإنجيل والقرآن) عند مقارنتها مع التراث الغني للفكر والحضارة والديانة السومرية والأكدية أو البابلية عموماً وملحمة گلگامش الرائعة، وكذلك في التلمود اليهودي الذي تغذّى على الفكر والديانة والأساطير البابلية اثناء الأسر والإقامة الدائمة أو المديدة لليهود في بلاد ما بين النهرين، والعراق حالياً. ويمكن أن يُلاحظ ذلك على التأثر بالديانة الفرعونية أو حتى الزرادشتي، أو ديانات أخرى.

وجدير بالإشارة إلى واقع أن الدين حيثما أُنتج في منطقة ما ومن قبل قوم بعينه فقد كان وما يزال يجسد تفاعلاً مستمراً مع ثقافة القوم الذي أنتج الدين، وحين انتقل هذا الدين إلى بلدان وأقوام أخرى اتخذ وتفاعل مع ثقافة تلك البلدان مع الاحتفاظ، في الغالب الأعم، بالغرض الأساس الذي نشأ بسببه وتبلورت معه ملامحه. مثلاً انتقلت اليهودية أو المسيحية من منطقة الشرق الأوسط إلى القارة الأفريقية أو القارة الأوروبية أو قارة أمريكا أو استراليا والصين.. الخ، فارتدت ملامح ثقافية لتلك الشعوب وتطورت أو تغيرت بحدود معينة مع التحولات الجارية في ثقافة ووعي تلك المجتمعات والعلاقات الإنتاجية الاجتماعية فيها. وهو الذي حصل مع انتقال الإسلام من البادية العربية إلى العراق وإيران أو إلى عموم شعوب الشرقين الأدنى والأوسط وغرب آسيا وأفريقيا والهند والصين.. إلخ وارتدت الملامح والتقاليد والعادات الموروثة، وباختصار، ثقافات تلك الشعوب والبلدان.

الزمن يغير كل شيء.. وهو أمر طبيعي لأنه زمن متحرك وحركته في الطبيعة ومع البشر باعتبارهم جزءاً من هذه الطبيعة ومع ما يحمله من أحداث الماضي وما يمكن أن تؤثر فيه على الحاضر والمستقبل. ولكن عمليات التغيير في الديانات غالباً ما تكون بطيئة جداً وذات ديمومة طويلة. وهذا الأمر مرتبط بطبيعة الفكر الديني. فالدين، المنتج من الإنسان نفسه، ساهم في التأثير على عقل الإنسان، ودفعه في الحيز الدائري، وحول عقله إلى عقل دائري مغلق. وهو ما يؤكده الدكتور مهدي بصوب كبير. فلو تابعنا أي ديانة منذ نشوئها حتى الآن لوجدنا أن هناك عوامل كثيرة لعبت دورها في التأثير عليها وعلى ملامحها، ولكنها لم تغير من جوهرها، مع تشديد في وظيفتها السلبية في الخضوع للإله أو للحاكم أو القبول بالفقر والعذاب للحصول على الجنة الموعودة!

الديانات كلها، سواء أكانت دائرية، حيث تكون مغلقة، أم سهمية، حيث تنطلق من نقطة لتنتهي في نقطة أخرى، أي لها بداية ونهاية. فالزمن السهمي خاضع للدين المرتبط بالعقل الدائري المغلق. وهكذا الأمر مع الزمن الدائري المرتبط بالعقل الدائري، وهو مغلق أيضاً. وعليه فكل الديانات دون استثناء تتحرك في حيز دائري.. في عقل مغلق، حتى وأن دخل عليها التنوير، فستبقى من حيث الجوهر مغلقة. والديانات الإبراهيمية كلها من هذا النوع المغلق، حتى التنوير الذي تعرضت له الديانة المسيحية، وكذلك الديانة اليهودية بحدود معينة، والذي لم يجد طريقه في الإسلام حتى الآن، رغم المحاولات التي برزت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في مصر على نحو خاص وتراجعت سريعاً، إذ نلاحظ بأن هذا العقل الذي يتحرك في حيز دائري مغلق هو الذي أنتج فكرة المُخلّص في الديانة الزرادشتية التي توقعت أن يكون موسى أو عيسى المخلص، واليهودية التي توقعت أن يكون عيسى المخلص لها، والمسيحية التي تتوقع عودة المسيح، وهكذا فأن الديانة الإسلامية تتوقع مُخلَّصاً نجده عند الشيعة في المهدي المنتظر، الذي سيظهر ويطهر الدنيا من الفساد وستكون نهاية العالم أو يوم الحساب.!

الدين نتاج بشري فرضته الظروف الطبيعية التي وجد الإنسان نفسه فيها، وهو جزء منها. والطبيعة بفصولها الأربعة تبدو وكأنها تتكرر باستمرار، ولكنها تتكرر بصيغ مختلفة في كل مرة ونادراً جداً، بل وربما من المستحيل، أن تتماثل في تكرارها. واقصد هنا عدم التماثل في الزمن والبنية المناخية للفصول والأحدث التي ترافق الزمن المتحرك. وهنا تعن لي الإشارة إلى أهمية فهم العلاقة الجدلية بين الإنسان- الزمن – الدين – الخوف، ثم بين الإنسان – الزمن – الدين – الحضارة (بمفهوم الوعي الفردي والجمعي أيضا) -والتحولات الحاصلة في مفهوم الخوف وواقع المخاوف عند البشر.

لا شك في أن الإنسان وبمرور الآلاف من السنين قد اكتشف مجموعة كبيرة من القوانين الموضوعية التي تحكم حركة الطبيعة وما فيها من مكونات، الشمس والقمر والأرض وكثرة هائلة من الكواكب الأخرى، وكذلك حركة الرياح والعواصف …الخ التي اقترنت عنده في البداية بطلاسم لم يجد حلاً لها إلا في خلق الإله أو الآلهة، والذي هو ليس سوى الدين. لقد اقترن عصر أو زمن التنوير بتغيير فعلي في علاقات الإنتاج والعلاقات الاجتماعية، إلى زمن العلاقات الإنتاجية الرأسمالية، وبالتالي في رؤية الإنسان لحركة الزمن وتعرف على عدد كبير من قوانين الطبيعة وحركة النظام الشمسي، مع احتمال وجود نظم شمسية أخرى لم ندركها أو نصل إليها حتى الآن. لقد نشأت علاقة جديدة ومتنوعة بين الإنسان وحركة الزمن والتي تؤثر فيها بقوة فائقة منجزات الثورة العلمية – التقنية، الإنفوميديا.. إلخ.  

الزمن حركة مستمرة غير منقطعة نحو الأمام، لا رجعة فيها، كما ليست له نهاية. حتى الآن لم يصل الفكر الإنساني إلى معرفة متى بدأت حركة الزمن، هل مع الانفجار العظيم، أم قبل ذاتها، وتصوري أن الزمن كان قبل الانفجار العظيم ورافقه، كما أن الزمن سيبقى مستمراً، لأنه لا يرتبط بكوكب الأرض وحده أو الإنسان على هذه الأرض وحده، بل هو جزء من الطبيعة وقوانينها، جزء من نظام الكون (Universe) كله. يبدو الإنسان كفرد في هذا الكون والطبيعة كما وكأنه ضيف مؤقت عليه وبالتحديد على جزءٍ منه ومتفاعل مع الكل، إلا إن الإنسان ضيف أو مستأجر مؤقت يساهم في إيذاء الطبيعة في صراعه معها، وهو شبيه بمضمون المثل العراقي القائل: “هم نزل وهم يدبچ على السطح.

في الفصل الثاني طرح الكاتب العلاقة بين الذاكرة والزمن، وهو موضوع حيوي حقاً. فنحن أمام ذاكرة ذاتية خاصة بكل فرد من أفراد المجتمع البشري، وهناك ذاكرة جمعية لهذا المجتمع أو ذاك، أو حتى للبشرية جمعاء في موضوعات عامة جامعة وليس في تفاصيل الذاكرة وتبايناتها، مثلاً في ذاكرة الحروب، في حين تختلف الذاكرة الجمعية بين شعب وآخر في الموقف من هذه الحرب أو تلك، حرب ظالمة، حرب عادلة، اسبابها وعواقبها.. إلخ.

الذاكرة لا ترتبط بالدين وحده، بل بكل شيء في الحياة فذاكرة الحب قوية وذات تأثير إيجابي ومشع، وكما في ذاكرة الكراهية ذات التأثير السلبي على الفرد والجماعة. وهو ما جاء بشكل واضح في تشخيص الدكتور فالح مهدي.

منذ القدم شخص الإنسان، كما أشار الكاتب، إلى الماضي والحاضر والمستقبل. ولكن ظاهرة الماضي والحاضر والمستقبل لا تتكرر بنفس الصيغة، رغم إنها مصطلحات لها معنى عاماً، لا تتكرر بأحداثها وبذات الملامح أو العواقب أو النتائج، فماضي هذا الفرد غير ماضي الجماعة، ووعي كل واحد من البشر لماضية وحاضره وما يتوقعه لمستقبله متباين، وهنا يبرز الزمن النسبي أو الخارجي الموضوعي الذي شخصه أينشتاين والمختلف بالضرورة عن الزمن الذاتي للفرد. فالشاب لا يشعر بسرعة الوقت، بينما الرجل المسن يشعر بأن الوقت الراهن غير ما كان عليه في السابق، فهو يسير بسرعة والأسبوع ينتهي بسرعة ليبدأ من جديد، وكأنه في سباق دائم، إنه الشعور بقصر الفترة التي تبقّت له في وجوده على هذه الأرض، أي، وهنا يبرز الموقف من الخوف، بسبب قرب موته، بعلاقته بالزمن. بعض البشر لا يخاف الموت وحين يشعر بقربه يسعى لمزيد من العمل لإنجاز ما كان يفكر في إنجازه لصالح البشر أو لصالح عائلته.. إلخ.

حين تكون عاشقاً وتلتقي بحبيبتك يمر الزمن سريعاً، إذ تختصر السعادة الزمن الذاتي، في حين يتواصل الزمن الموضوعي على ما هو عليه من حركة نحو الأمام. وحين تكون في السجن وتحت تعذيب جلاوزة وجلادين أشرار لنظام فاسد تشعر بأن الساعة الواحدة أياماً مريرة. (مهدي، تاريخ العنف، ص 34).

وهكذا الموقف من العلاقة بين الذاكرة والتاريخ. التاريخ علم وواحدٍ من فروع المعرفة. وفي هذا تشخيص دقيق من جانب الدكتور فالح واتفاق مع من يرى بأن التاريخ علم، إذ كتب: “ليس هناك من ذاكرة من دون تاريخ فهي مرتبطة به، بل يذهب ابعض إلى أن التاريخ والذاكرة شي واحد.. والحقيقة أن هذا الطرح بعيد عن الحقيقة، فالتاريخ يتعلق بمعرفة ماضي الإنسانية والمجتمع الإنساني. فهو ومن هذه الناحية فرع من فروع المعرفة ومهمته دراسة الماضي والبحث عن إعادة بنائه (المصادر، طرق البحث). في حين لا يشترط بالذاكرة الموضوعية والتجرد، فحتى الذاكرة الجماعية لها أهداف تتمثل بالتكاتف الاجتماعي وصناعة هوية جماعية. وغالباً فأن الذاكرة تعتمد على الأوهام في قيامها.”. (مهدي، تاريخ الخوف، 51). التاريخ علم وقد شخصه ابن خلدون (ولي الدين عبد الرحمن ابن محمد ابن خلدون الحضرمي، 1332-1406م) في مقدمته الشهيرة التي كتب فيها:

 “إنه لا يكفي أن تصف موج البحر، وظهور السفن، حين تريد أن تتكلم عن حياة البحر… لا بد لك أن تفهم ما في القاع… قاع البحر المليء بالغرائب والتيارات والوحوش… وقاع السفينة حيث يجلس عبيد وملاحون إلى المجاديف أياماً كاملةً، يدفعون بسواعدهم بضائع تحملها السفن، وثروات وركاباً… وينزفون عرقاً، وتتمزق أجسامهم تحت السياط… أجل، ينبغي أن تعطيني صورة كاملة، عندما تريد أن تقنعني بأمر من الأمور.”.

 التاريخ المكتوب أو الذي يكتب ليس واحداً: فالتاريخ يكتبه الحكام، أو المنتصرون والمُستغِلون، والتاريخ يكتبه المستعبدون والخاسرون والمُستغَلون منذ القدم، والتاريخ تكتبه المعارضة، التاريخ يكتبه الفرد عبر ذاكرته وما يجول في خاطره، أو الفكر (الأيديولوجيا) الذي يحمله والمصالح التي يعبر عنها والأهداف التي يسعى إليها والدروس التي يريد استخلاصها، أو حتى أوهاماً تدور في خاطره. لنتذكر محاولة الدكتاتور صدام حسين في إعادة كتابة التاريخ وسعيه لتسجيل كل شيء إيجابي كان من فعل العرب دون غيرهم من شعوب المنطقة. وقد أذعن له بعض المؤرخين ليكتبوا ما شاء من تاريخ العرب فزيفوه وشوهوا أنفسهم. ولكن التاريخ علم، وليس مادة إنشائية، والعلم يخضع لأسس ومنهج بحث علمي. وجميل أن يقدم لنا الدكتور مهدي ابن خلدون ودوره الرائد في وع أسس أولية لعلم التاريخ وتطور وتقدم هذا العلم وطرق البحث فيه لاحقاً.

الماضي والحاضر والمستقبل ثلاث حالات لزمن متحرك نحو الأمام: زمن فات وزمن جارٍ، وزمن قادم. هذه الأزمنة الثلاثة لا ينظر إليها بصيغة واحدة من حيث مجرى الأحداث فيها، رغم إنها تشير في كل مرة إلى نفس المصطلحات. فالماضي الذي فات غير الماضي القادم، والحاضر الراهن المتحول إلى ماضٍ، والمستقبل القادم الذي سيتحول إلى ماضٍ غير المستقبل اللاحق. إنه الزمن المتحرك، إنه الحركة المستمرة ولكنها المتغيرة في بنيتها وما يقع فيها من أحداث.

 الحلقة الثالثة ستبحث في الخوف وتاريخه.

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com