مقالات

تقديس الزعامات .

هيئة التحرير .

تقديس الزعامات

المقال الثامن

بحسب تتبعي فإنني وجدت أفضل تمثيل وتوصيف عن الأحزاب الإسلامية في المجتمعات القطيعية مقولة عالم سبيط النيلي رحمه الله في أحدى مؤلفاته ، إذ قال : ((إنّ أخطر الأحزاب هي الأحزاب الإسلامية ، لأن المنتمي إليها يقتل المخالف له وهو على يقين بأنّه يطيع الله في قتله هذا !!)) ، وقد اكتوت هذه المجتمعات بذلك في طول تاريخها عبر القرون تلو القرون . وهذا لا يعني أن الأحزاب العلمانية هي أفضل من الأحزاب الإسلامية ما لم تجسد متبنياتها الفكرية على أرض الواقع ، ولا أريد الانحياز إلى ما أعتقده في الحكم والحاكم وأفرضه على القارئ الكريم ، وإنما أقول أنّ القيم النبيلة التي يجسدها الحاكم ، سواء أكان هذا الحاكم ملكاً ، أم زعيماً ، أم حزباً ، وأن ما يقوله ويرفعه من شعارات تتطابق مع سلوكياته ستعيش المجتمعات القطيعية فسحةً من الديمقراطية والآدمية ، ولربما ستغادر قطعانها شيئاً فشيئاً وتتلاشى لتتحول إلى المجتمع السعيد كما هو الحال في توافق الاشتراكية الليبرالية مع النظرة الدينية الحقيقية فيما يسمى بالطور الاشتراكي السعيد . ومصاديق هذا الأمر في التاريخ كثيرة كما هو الحال في عدّ أبا ذر الغفاري شيوعياً في منهجه من قبل العلمانيين على الرغم من أنّه ليس شيوعياً ، ولا وجود للشيوعية في زمانه .

طالما يدغدغ الحاكم (الراعي) مشاعر أتباعه (الرعية) بالماورائيات ، أو ما بعد الحياة بما سيظفرون به ويفوزون فوزهم الأكبر في تحمل شظف العيش والفقر والحرمان ، وتقديم القرابين بعيداً عن كل الامتيازات التي يحتكرها هذا الحاكم (الراعي) وأولاده وأصهاره ، لأنّه ظل الله في الأرض ، وقد خلق ليكون حاكماً وقائداً وزعيماً ، وهؤلاء المساكين خلقوا ليكونوا قطيعاً مسحوقاً زاده الوعود والوفود إلى رب كريم . فهل سجل التاريخ في صفحاته دماءً سكبها الحاكم (الراعي) منه ومن أولاده وأصهاره دفاعاً عمّا يسوقه من شعارات قد تصل إلى مطاف النصوص المقدسة عن رعيته ؟ على الرغم من أنّ لقب الفارس والمجاهد والبطل من حصته ، وتتوزع الشهادة والخيانة على الرعية إنْ طاعوا ، أو عصوا .

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com