مقالات

أحداث الموصل بين  الحقيقة والتزييف .

هيئة التحرير .

أحداث الموصل بين  الحقيقة والتزييف

إعداد عادل حبه

كتب الاستاذ جمال الجصاني تعقيباً على ما كتب من أحد المعلقين حول أحداث الموصل المقال التالي: (من الحقائق التاريخية..؟)

يوم الاثنين 9/3/2020 وانا اتصفح عددا من الصحف العراقية التي تصدر ببركة التعددية التي اكرمتنا بها حقبة الفتح الديمقراطي المبين؛ اطلعت على موضوع ينشر بحلقات في صحيفة المشرق تحت عنوان (احداث عاصرتها منذ خمسينيات القرن الماضي) الحلقة 28 للكاتب زهير عبد الرزاق. توقفت عند احد عناوينها الرئيسة “من عبد الرحمن القصاب الذي سميت محكمة غير قانونية باسمه..؟”. وبعد أن اعدت قراءة تلك الحلقة بدقة لم أجد اي شيء عن تلك الشخصية الوطنية العراقية الفذة، والتي قال عنها المؤرخ الكبير الاميركي من أصل فلسطيني (حنا بطاطو) في كتابه المهم (العراق) بانه؛ القائد الفعلي للشيوعيين في الموصل، والذي بفعل انتمائه للحزب الشيوعي انحاز “حي المكاوي” محل سكناه الى الحزب الشيوعي. لقد عشت برفقة الراحل الكبير عبد الرحمن القصاب ما يقارب الربع قرن (1979-2001) ولم اجد فيه الا سبيكة لا مثيل لها من القيم والخصال والشيم التي نادرا ما تمنحها الاقدار لفرد بذاته، وهذا ما يشاركني فيه كل من عرفه عن قرب، لا عن طريق اجترار الاكاذيب والافتراءات، هذا المعلم الكبير للاخلاق والوجدان والحقوق والحريات كان بحق نسيج وحده.

في هذه الحلقة يعاد اجترار احدى اشهر العينات على الكذب الممنهج “المحكمة القصابية” والذي الحق بالذاكرة العراقية افدح الاضرار، يقول الكاتب “… جرت محاكمات غير قانونية اطلق عليها (المحكمة القضابية) يرأسها عبد الرحمن القصاب، وتنفذ احكام الاعدام رمياً بالرصاص في ميدان رمي (الدملماجة) القريب من مكان انعقاد تلك المحكمة). هذا الموضوع تناولته مع المناضل الانسان عبد الرحمن القصاب؛ وقد اشرت له في كتابات سابقة. عندما اتصل العقيد عبد الوهاب الشواف بالراحل الكبير مع بواكير الازمة التي اندلعت، وعندما وصل الى مكان الاجتماع، تم القاء القبض عليه وارساله مع عدد آخر من شخصيات الموصل، منها الشخصية السياسية والاجتماعية المعروفة الاستاذ كامل قزانجي وآمر كتبية الهندسة الآلية المقدم الشاوي؛ الى سجن الثكنة الحجرية (استشهدا على يد القتلة الذين حاولوا تصفية المعتقلين بعد فشل محاولتهم الانقلابية) ولم ينج عبد الرحمن القصاب الا بفضل تضحية وبسالة عدد من المنتسبين لكتيبة الهندسة الآلية الذين اقتحموا السجن بقيادة العريف البطل حرز والذي استشهد في ذلك الاقتحام (مثل تلك المحطات الثورية والمشرقة للتضحية والايثار لا يتم الالتفات لها…؟! على العكس من الاكاذيب والاضاليل الممنهجة) كل هذا ويجيك من ايكول ليش متصيرالنه جاره؟.

عندما نجا الراحل الكبير من الموت المحقق، كان كل شيء قد انتهى في الموصل، وعلى العكس من تلك الاكذوبة “المحكمة القصابية” وجد عبد الرحمن نفسه امام مسؤوليات اخرى لا علاقة لها اطلاقا بسجن الناس أو محاكمتهم وقتلهم وغير ذلك من الاكاذيب، حيث وقف امام من ارسلتهم بغداد باوامر “تصفية رؤوس التآمر” وقال لهم لا احد من “الرؤوس” في الموصل، لقد صاروا عند عبد الحميد السراج في دمشق، وكان دوره هو المساعدة في اطلاق سراح الابرياء، والتخفيف من الاحتقان والتوتر الذي رافق تلك الاحداث المؤلمة. واخيرا اذكر من يصر على اجترار مثل تلك الاكاذيب؛ بانه حتى صدام حسين نفسه أقر بكم الاكاذيب التي لفقوها ضد عبد الكريم قاسم، وأقر بشكل واضح بانه كان وطنيا ونزيها وقائدا للثورة، فمتى تكف باقي القافلة من اعادة انتاج كل هذا الحقد والاجحاف بحق انبل ما انتجته هذه الارض من بشر وقيم وتطلعات..

ويعلق الاستاذ ضياء العكيلي على توضيحات الاستاذ جمال الجصاني قائلاً:

أتذكر اليوم الذي سبق تمرد الشواف والذي أنهى به مهرجان السلم في مدينة الموصل الإحتفال وبدأ توتر الحال في المدينة بحيث تعذر على الوفود المشاركة في المهرجان والقادمة من بغداد،الوصول إلى محطة القطار . قادنا في حينه زميلنا العزيز خليل عبد العزيز الى الشهيد عبد الرحمن القصاب وذهبنا سوية لمقابلة الشواف ليرسل معنا مفارز من الجيش أو الشرطة لإيصال المشاركين بدون التعرض عليهم من قبل زمر بلطجية بدأت بالتحرك لإيذاء المشاركين . لكن الشواف امتنع عن مقابلتنا مما اضطر الشهيد عبد الرحمن لمقابلة شخصية عسكرية اخرى ، محمود عزيز والذي قتل فيما بعد لمشاركته في المؤامرة . وتم بالفعل نقل المشاركين في شاحنات عسكرية إلى محطة القطار وانتظر حتى صعود آخر مشارك وتحرك القطار متجها إلى بغداد .

هكذا إنسان أنقذ العشرات من مواطنيه مما قد يفقدهم حياتهم، هل يمكن أن يحمل صفات غير الصفات الانسانية التي اتصف بها !!!!؟؟؟ .

ويتحدث بالتفصيل عن عصيان الشواف في الموصل عام 1959 الفقيد عباس هباله ( رشيد رشدي)، مسؤول تنظيم مدينة الموصل آنذاك في مذكراته المعنونة “مذكرات خطيرة في تاريخ الشعب العراقي” الصادر في سنت بطرسبورغ – روسيا الاتحادية الصادرعام 2013 قائلاً:”في مساء وليل السابع من آذار 1959، اختطفونا من بيوتنا وجاؤا بنا إلى الثكنة الحجرية. وكان ضباط الاختطاف يقولون لنا”إن الزعيم الشواف يريد لقاءكم لأن الوضع في المدينة متوتر!!. وكان عبد الرحمن القصاب وعدنان جلميران قد اقتيدا الى الثكنة الحجرية من مقر اللواء الخامس بعد لقاء متوتر مع الشواف لم يسفر عن تطبيع الاوضاع في المدينة.وكانا يمثلان منظمة الحزب الشيوعي في الموصل. زاد عدد المعتقلين المدنيين والعسكريين في الثكنة الحجرية على الستين معتقلاً، ومن بينهم شخصيات اجتماعية مرموقة ووجوه معروفة في الموصل، منهم المربي الكبير ورائد مكافحة الامية في الموصل يحيى ق وكامل قزانجي سكرتير منظمة أنصار السلام في العراق والمقدم المتقاعد وعضو رئاسة حركة انصار السلام في العراق احمد الحاج أيوب (شقيق الكاتب ذو النون أيوب) وخليل السلطان رئيس مصلحة نقل الركاب واسماعيل رشيد رئيس اتحاد نقابات العمال وعضو الهيئة الادارية للحزب الوطني الديمقراطي في الموصل وجرجيس فتح الله المحامي وساطع  اسماعيل المحامي وحسن الأفغاني نائب رئيس نقابة المعلمين في الموصل وخليل عبد العزيز رئيس اتحاد الطلبة وصالح الحافظ مدير مدرسة عقرة وحمزة الرجبو وجه اجتماعي وبشير مصطفى رئيس تحرير جريدة “الشبيبة” ، وفضلا عن عبد الرحمن القصاب وعدنان جلميران اعتقل كل من هاشم حسين  سكرتير منظمة الحزب الشيوعي في الموصل وعباس هباله سكرتير لجنة مدينة الموصل وعادل سفر مرشح اللجنة المحلية والشيوعي الباسل عبد الاله ياسين شخيتم وطاهر ملا عون وحارث البير الخوري وعشرات غيرهم.كما اعتقل في الثكنة الحجرية ايضاً معظم ضباط كتيبة الهندسة وضباط صفها….

وصل محمود عبد العزيز وجنوده إلى الثكنة الحجرية قبيل التاسع من آذار. وكان جريحاً في وجهه. وفي بوابة الثكنة الحجرية التقى مع المقدم عبد الله الشاوي آمر كتيبة الهندسة. وطلب منه الاخير العودة إلى مقر اللواء الخامس واخبره أن كل شيء قد انتهى بمقتل الشواف.فرد عليه محمود عزيز بالرفضوقال( سأقاتل حتىآخر طلقة). وبما أن الشاوي أقدم من عزيز، فأمره بتنفيذ أوامره، فما كان من محمود عزيز الا أن رشقه بصلية غدارته فأرداه قتيلاً. وكان الشاوي أول شهيد في الثكنة الحجرية. ثم دخل محمود عزيز الى الثكنة الحجرية لتصفية الحساب مع المعتقليت المدنيين والعسكريين يرافقهخير الله عسكر وزمرة الأشرار.ونصحه الملازم كامل اسماعيل بعدم التعرض الى المعتقلين، الا أنه كان هائجاًوصعد الى الطابق الثاني فقتل كامل قزانجي في دورة المياه، ونزل الى ال\ابق الأول واقترب من من غرفة الاعتقال الأول وامر جنوده بقراءة الاسماء ليحرج كل من ورد اسمه خارج الغرفة لقتله. الا أن الموقوفين رفضوا، وقال الفقيد يحيى ق ( نريد أن نموت شرفاء). في هذه اللحظات الخطيرة دخل المهاجمون من جنود وضباط صف كتيبة الهندسة الى الثكنة الحجرية من جهة النهر بقيادة رئيس العرفاء الشجاع حرز شموط واربكوا محمود عزيز وزمرته، وكانوا يهتفون عاش الاحرار عاش الاحرار. ….وبعد أن اجترح محمود عزيز مأثرته بقتل عبد الله الشاوي وكامل قزانجي هرب الى نادي الضباط غير البعيد عن الثكنة الحجرية. فوجد في الشارع مئات المتظاهرين من عوائل المعتقلين يطالبون   باطلاق سراحهم فأمر بفتح النار عليهم وسقط منهم القتلى والجرحى”.

وردا على الحملة التي شنتها صحيفة الدستور على الحزب الشيوعي العراقي الذي جملته مسؤولية الأحداث الدامية في الموصل،  كتبت جريدة طريق الشعب في عددها المؤرخ في 3/4/1979:”يكفي أن نضع نصب انف (الدستور )التي تنعي على الشيوعيين ديمقراطيتهمفي احداث الموصل. إن ارقام الضحايا التي قدمها الشيوعيون واصدقائهم دفاعاً عن الديمقراطية 320 قتيلاً و 139 محكوماً بالاعدام نفذ فيهم الحكم و 900 شهيداً قتلوا اغتيالاً بين غام 1960-1963″.

إذن  إن الذي رفع السلاح وقام بالعصيان وشرع بقتل المعتقلين وكدس الاسلحة وأجهزة البث المهربة من العربية المتحدة قبل مهرجان انصار السلام، هم ليس ليسوا أنصار السلام ولا الشيوعيين، بل الفئات القومية والاسلامية المتعصبة من أسلاف داعش ومن فلول البعث الذين بانت  شرورهم خلال فترة حكمهم المشين.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com