مقالات

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ? فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا مرحلة ما قبل اختراع الدمج

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ? فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا مرحلة ما قبل اختراع الدمج

ضرغام الدباغ

ھذه صورة الفقير إلى الله المدعو غازي بن فيصل

غازي بن فيصل ھذا، كان ملكاً أبن ملك، وجده ملك، وعمه ملك، وعمه الآخر ملك … وقبل أن يكون ملك كان أميراً وتشرف بحمل رتبة ملازم، وقبل أن يكون أميراً كان شريفاً من الأشراف، وأجداده من أشراف قريش والھاشميين أشراف مكة الاصلاء الشرعيين، بيدھم شرافة مكة وسدانة الكعبة كابراً عن كابر، وھم

أسرة ھاشمية لا جدال ولا نقاش في ذلك .. خريج مدارس لندن، والكلية العسكرية العراقية.

بقي الأمير غازي، ولي العھد برتبة ملازم في الجيش العراقي حتى توج ملكاً على العراق، وھذه صورته أعلاه برتبة ملازم … الشريف أبن الشرفاء .. الأمير أبن الأمراء .. الملك أبن الملوك .. يحمل بكل فخر واعتزاز رتبة ملازم في الجيش العراقي .. يوم كانت كلية الرستمية تخرج رجالاً مقاتلين أبطال .. ولا يشترون النجوم من سوق ھرج، بل يدفعون ثمنھا عرقا في ساحة العرضات، ودماً في ميادين القتال ..

ورتب تمنح بعد استحقاق علمي و قانوني ….

أي زمان مثالي كنا فيه ..

ھم توفوا ورحلوا عند ربھم، ولكن نحن الشعب العراقي خطية ….. نتجرع العذاب والھوان … إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً …

كان مرافقه العسكري الملازم فؤاد عارف، وھو صديقه وأبن دورته في الكلية العسكرية، ويروي عنه أن الملك غازي أعجبته سيارة رأھا، وأراد شراءھا، فسأل فؤاد عارف عن سعرھا، ولما عادا إلى البيت وجد أن ما عنده من مال، وما عند والدته وعماته ، لا يكفي لشراء السيارة فتنقصه بضع مئات من الدنانير،

فقال له فؤاد، : سيدنا ھذه بسيطة نطلب من وزير المالية سلفة على راتبك وتحل المشكلة.

ولما جاء وزير المالية ونوه له الملك بطلبه بعد تردد وخجل ، فقال الوزير ” يا جلالة الملك، لا توجد

تغطية قانونية لمثل ھذا الطلب مع الأسف” فأعتذر الملك من طلبه. ولما غادر الوزير عاتب الملك صديقه

ً
” ورطتنا بطلب غير قانوني ” وراح المرافق يھون على الملك .. وقد نزعت فكرة شراء السيارة نھائيا.

روى لي صديقي العقيد رشيد صالح العزاوي، وھو من أسماء المھمة في صنف الھندسة العسكرية وضابط متفوق، أنه بعد إنھاءه الدراسة في الكلية العسكرية في أواسط الخمسينات، قررت وزارة الدفاع العراقية إيفاد عشرة ضباط لدراسة الھندسة في بريطانيا، والأسماء اختيرت كالعادة حسب القدم العسكري بتسلسل النجاح، وكان صديقي العزاوي من بينھم، وكان البلاط الملكي يرغب في إيفاد ضابط ضمن الطلاب الموفدين، فردت رئاسة أركان الجيش أن تسلسل ھذا الطالب لا يمنحه ھذا الحق، لأن تسلسله ھو الحادي عشر ..! وأراد وزير الدفاع أن يرضي البلاط والقانون معاً فرفع عدد الطلاب الموفدين إلى 15

طالب …!

تأسست الدولة العراقية على ھذه الأسس الراسخة القوية، ملك يحتار بتدبير بضع مئات من الدنانير، وبلاط لا يستطيع إيفاد طالب لدورة خارج استحقاقه .. لذلك فقط ولم تتحطم الدولة رغم أن الأسس والقيم بدأت بالتراجع بعد ثورة تموز / 1958، ولكن ببطء، حتى جاءت الضربة القاضية بعد الاحتلال حيث

صار تدمير القيم نھجاً ثابتاً متعمداً، فھناك مصلحة أن يدمر ھذا البلد … يقول سيدنا علي بن أبي طالب )رض( :

يا محنة الھر كفي … وإن لم تكفي فخفي … ثور يناطح الثريا … وعالم مستخف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com