مقالات

انتفاضة تشرين الأول الشبابية السلمية والآفاق المستقبلية للعراق

الفهرست

أولاً: العوامل التي فجرت الانتفاضة الشبابية السلمية

ثانياً: مطالب الانتفاضة الشبابية السلمية

ثالثاً: موقف قوى النظام الطائفي الفاسد من تلك المطالب العادلة

رابعاً: وجهة تطور الأحداث والمشاهد المحتملة لمستقبل العراق

*********

أولاً: العوامل التي فجرت الانتفاضة الشبابية السلمية

إن القراءة المتمعنة في العوامل التي فجَّرت الانتفاضة الشبابية السلمية في الأول من تشرين الأول 2019 تضع أمام الباحث مجموعتين متشابكتين هما:

مجموعة العوامل الداخلية:

  1. الإحساس الداخلي العام لدى الشبيبة بأن الوطن العراقي مستباح من قوى في الداخل وأخرى من الخارج، ومعه استبيحت كرامة الإنسان العراقي، فأثُيرت غيرته وشهامته الوطنية على وطنه المسروق والمستباح وكرامته المجروحة.
  2. واقع الاغتراب المتبادل والكامل بين الشبيبة العراقية وبين الطغم الحاكمة في البلاد، إذ ساد بينهما حوار الطرشان، ولم يعد للكلام بينهما من فائدة ترجى لما تسعى إليه الشبيبة للشعب والوطن. وقد تجلى لها ذلك في الموقف الممعن بالرفض والقهر لمطالب المدنيين وعموم الشبيبة في الهبَّات والاحتجاجات في 2008 و2011 و2015 و2018.
  3. برز هذا الاغتراب ولا يزال في ظواهر صارخة متراكمة تحولت في لحظة معينة إلى حالة نوعية جديدة هي الانتفاضة المتعاظمة، وهي:
  • نهج المحاصصة الطائفية السياسية بين القوى الحاكمة والتي تعاملت مع الهويات الفرعية القاتلة وأهملت واحتقرت عملياً الهوية الوطنية والكفاءات المتوفرة في البلاد وركزت على المصالح الذاتية لما أطلق عليه بالمكونات، وكان المقصود بها تلك الأحزاب لا غير.
  • نهج التمييز الصارخ والمترسخ لدى الطغمة الحاكمة إزاء القوميات وأتباع الديانات والمذاهب الأخرى في البلاد والذي تجلى ليس في المحاصصة في توزيع السلطات الثلاث للدولة العراقية فحسب، بل وفي كامل السلوك العام في الدولة والمجتمع من جهة، واقترانها بالفساد الشامل من جهة ثانية، مما قادا إلى ابتعاد الطغمة الحاكمة عن الاهتمام والدفاع عن استقلال الوطن وسيادته وأدى إلى اجتياح البلاد بقوى القاعدة ومن ثم داعش وما نتج عن ذلك من عواقب كارثية مرعبة وإبادة جماعية لا يمكن ان تنساه الذاكرة العراقية، لاسيما الشبيبة، التي خاصت المعارك بشرف لإنقاذ العراق من تلك الوحوش الكاسرة.
  • نهج مصادرة الحريات العامة وحقوق الإنسان التي كفلها الدستور على عِلّاته، وصدور قوانين وإجراءات مخالفة للوائح الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الموقف من حقوق المرأة وحقوق الطفل، وكذلك الاعتقالات خارج الشرعية والاختطاف والتغييب والتعذيب والاغتيالات والابتزاز وهيمنة الميليشيات الطائفية المسلحة على الشارع العراقي وتقاسمها المناطق السكنية لإخضاعها لها وابتزازها المالي والاجتماعي. كما بدأت شكلت لها مافيات اقتصادية مارست من خلالها المتاجرة بالجنس والمخدرات وأعضاء جسم الإنسان وكل ما هو إجرامي ومعيب ومؤذي للفرد والمجتمع.  
  • الفساد العام والشامل الذي أصبح نظاماً وأسلوباً سائداً ومعمولاً به في تعامل الدولة بسلطاتها الثلاث والمجتمع ومع الخارج، وأصبح العراق في قبضة وتحت رحمة المافيات المحلية والإقليمية والدولية الفاعلة في العراق. وأصبحت الميليشيات الطائفية المسلحة هي المجسدة والواجهة لهذه المافيات من جهة، وسلاح الدولة العميقة في الدفاع عن النظام السياسي الطائفي الفاسد وعن خضوع العراق للسياسة الإيرانية من جهة ثانية.
  • أدى هذا الواقع وطبيعة النظام السياسي الرث والفاسد إلى نشوء تمايز هائل بين الفئات الاجتماعية، بين حفنة رثة من الفاسدين الأثرياء التي كونت ثروتها من السحت الحرام ومن الرواتب والمخصصات والامتيازات العالية جداً وعلى حساب لقمة عيش المواطنة والمواطن، وبين اتساع قاعدة العائلات الفقيرة والمعدمة التي تعيش تحت خط الفقر أو عليه أو فوقه بقليل، مما عمق وشدد من التناقضات والصراعات الاجتماعية.
  • وأدى الإهمال التام لعملية التنمية الاقتصادية والخدمات الاجتماعية وتغييب متعمد للاستثمار في القطاعات الإنتاجية الى بروز بطالة واسعة جداً ومتراكمة سنة بعد أخرى، لاسيما بين الشبيبة، وبطالة مقنعة واسعة جداً في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، خاصة وأن الفجوة قد اتسعت بين نسب الولادات العالية وولوج سنوي متزايد من عدد القادرين على العمل إلى القوى العاملة، وبين عجز الدولة على توفير فرص العمل مما راكم في حجم البطالة وعمق التذمر.  
  • لقد تحقق للعراق خلال الأعوام 2014-2019 ما يزيد عن ألف مليار دولار أمريكي، إضافة إلى قروض دولية استدانها العراق، ولكنها لم توظف لتغيير واقع الاقتصاد المتخلف والمشوه ولا إلى إزالة رثاثة المدن العراقية ولا غيَّر من بنية الهياكل الارتكازية المتخلفة مما أدى إلى تخلف شديد في تقديم الخدمات العامة للمجتمع كالكهرباء والماء والصحة والتعليم والنقل والاتصالات…الخ، وهي اليوم في أسوأ أحوالها.
  • لقد ناهضت الطغمة الحاكمة الفنون الإبداعية والثقافة الحرة وأدخلوا الشبيبة في أجواء من الفراغ القاتل وأجواء الحزن والبكاء الدائم والبطالة والعوز، إضافة إلى إشغالهم بما لا يمكنه التعويض عما تحتاجه الشبيبة العراقية التي تعرفت عبر وسائل الاتصال العالمية الحديثة لما تحقق للشبيبة في دول العالم الغربي وغيرها من تقدم حضاري وحياة آمنة ومليئة بالإنتاج لصالح مجتمعاتها وتقدمها.

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com