مقالات

لننتهِ من علي شعيب… زيناتي قدسية وموت «الرئيس المؤسس»… سلمان رشدي غائب عن إعلام النظام السوري.

بيدر ميديا.."

لننتهِ من علي شعيب… زيناتي قدسية وموت «الرئيس المؤسس»… سلمان رشدي غائب عن إعلام النظام السوري

راشد عيسى

 

لن تجد أثراً في صحف النظام السوري ومواقعه لخبر الاعتداء على الكاتب سلمان رشدي، الأمر محرج للغاية بالنسبة له، فهو واقع بين أخيه الأكبر، الذي امتلأت معظم صحفه بالمباركة والتهنئة لـ «البطل»، مع التنصّل من الجريمة (لاعتبارات سياسية راهنة ليس إلا) ووضعها في رقبة رشدي نفسه ومناصريه، وبين الصورة التي يزعمها لنفسه، على أنه نظام علماني، معاد للأصولية الإسلامية، فكيف يصمت أمام جريمة أقيمت على فتوى دينية هي رمز للتشدد وخلاصة للإرهاب، وكيف سيكون الموقف لو كان للقاتل جنسية سعودية أو مصرية، أو لاجئ صدف أنه انتمى للمعارضة السورية!
أم أن النظام مختص بمعاداة أصولية بعينها فقط؟!

لو تناولت أي صحيفة اليوم يستحيل ألا تجد فيها خبراً عن سلمان رشدي، إلا صحف النظام السوري، إنها فعلاً خارج الزمن.

على أي حال، لا شيء يمنع من تناول النظام لخبر الاعتداء كخبر وحسب، لكن يبدو أنه سلّم بأن جمهوره سيأخذ الخبر من قنوات معادية. لا شيء أسوأ من أخذ وضعية النظام السوري؛ إن قصفته إسرائيل قال سنرد في المكان والزمان المناسبين، إن اجتاحته تركيا استنجد بمختلف الأحزاب الكردية، وإن اجتاحه شعبه نادى على كل أمم الأرض، إيران وروسيا ومختلف الملل الشيعية والأقلوية.
كنت مولعاً بهذه اللعبة الصحافية أيام الصحافة المطبوعة؛ أُغفل تاريخ الصحيفة أو المجلة التي تقع بين يديّ وأحاول أن أحزر تاريخ صدورها بناء على العناوين والصور. لو تناولت أي صحيفة عاقلة اليوم يستحيل ألا تجد فيها خبراً عن سلمان رشدي، إلا صحف النظام السوري، هكذا يمكن أن تحزر ببساطة أن جريدته يمكن أن تعود إلى زمن ليس في زماننا، على وجه الدقة: خارج الزمن.

زيناتي قدسية

يمكن للمرء أن يتخيل مخدوعاً ما يقول عبارة من قبيل: «انكسرتُ عندما مات جمال عبد الناصر» ، ذلك أن الخديعة حين وفاته (وحتى بعد، إلى زمن طويل) كانت عمومية، وقد يكون للزعيم المصري بعض ما يجعله محلَّ خلاف معقول، أما أن يقول امرؤ: «انكسرتُ عندما توفي الرئيس المؤسس حافظ الأسد» فهو أحد احتمالين؛ إما مختل عقلياً، أو أنه قاتل متوحش مثله، وغالباً قد يكون الاحتمالين معاً.
شدّني اسم الفنان، الممثل والمخرج المسرحي الفلسطيني زيناتي قدسية حين مرّ أمامي على شاشات مواقع التواصل في مقابلة لإذاعة محلية سورية. كان يتحدث عن الأمل، تحديداً كيف بدأ الأمل يعود إليه مع تشكّل محور المقاومة، قلت لا بدّ أن فاتنا شيء، متى تشكّل المحور؟ هل هناك محور نشأ خلال الأسبوع الفائت مثلاً؟! ولم يظهر في بقية المقابلة توضيحات شافية، إنما عثرنا على عبارة أخرى له، جواباً على سؤال المذيع: «انكسرتُ عندما توفي الرئيس المؤسس حافظ الأسد» .

حظي هذا المسرحي بفرص مضاعفة للعمل بعد الحرب، تماماً ككل ضباع الفرص.

ليست صدمة كبيرة، ولا مفاجأة، عندما تسمعها هذه الأيام في إذاعة رسمية سورية ناطقة باسم النظام، وممن لم يكفّ عن العمل في مؤسساته ومشاريعه، برغم كل ما حدث، إن لم نقل إنه حظي بفرص مضاعفة، تماماً ككل ضباع الفرص.
ليست صدمة من زيناتي، إنما تدفعك العبارة للسؤال كيف يفكّر رجل المسرح، كيف يقرأ نصاً مسرحياً، عم يبحث فيه، ماذا يحلم أن يقدم للناس، كيف يستطيع أن يقرأ نصاً إبداعياً من يعجز عن قراءة الواقع (إن أحسنَّا الظن)، نسأل وفي البال مسرحيون كثر، جواد الأسدي، نضال الأشقر، فايز قزق، غسان مسعود، مانويل جيجي.
على أي حال تلك أسئلة أخرى، إنما وددنا فقط أن نسأل هنا عن وصف «الرئيس المؤسس» ، نستطيع أن نتسامح مع زيناتي بـ «انكسرت» ، إنما «المؤسس» فهي تحتاج من الفنان الفلسطيني إلى شرح وتوضيح مسهب.
بالله عليك يا زيناتي، دلّنا على ما أسّسه حافظ الأسد.

في مديح الإرهاب!

كلما هاجم غاضب مصرفاً تذكّر اللبنانيون علي شعيب، عضو «الحركة الثورية الاشتراكية»، الذي هاجم منذ خمسين عاماً «بنك أوف أمريكا»، مع رفاق له احتلوا البنك محتمين بعشرات الرهائن.
اليوم أيضاً، يظهر اسم شعيب من جديد، بعد أن هاجم اللبناني بسام الشيخ حسين مصرفاً وضع فيه أمواله. هناك من راح يتغنى بالشيخ حسين، وعلي شعيب، وطبعاً بقصيدة عباس بيضون المغناة من مارسيل خليفة «يا علي»، تلك التي قال عنها بيضون، في تنصّل صريح: «قصيدة هي مديح للإرهاب عملياً» .

رهينة واحد مذعور يكفي لنقول ليس لديكم الحق. فما بالك بعشرات ومئات الرهائن الأبرياء، على مرّ سنوات الغضب الأحمر والأصفر والأسود.

للشيخ حسين أسبابه المفهومة في غضبته، يكفي أن له حقاً في المصرف هو جنى العمر كي يكون الغضب مفهوماً، من دون حاجة إلى تبرير ذلك بأبٍ مريض، وولد محتاج، لكن في المقابل لا ذنب لرهينة، وليس من حق الغاضبين وضع السكين على رقبته، أياً كانت أسبابهم.
رهينة واحد مذعور يكفي لنقول ليس لديكم الحق. فما بالك بعشرات ومئات الرهائن الأبرياء، على مرّ سنوات الغضب الأحمر والأصفر والأسود.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com