منوعات

كلمة حق في المفكر الريادي الثوري عبد الحسين شعبان.

بيدر ميديا.."

كلمة حق في المفكر الريادي الثوري عبد الحسين شعبان

 

 

أ. د. مَكرم خُوري – مَخُّول

جامعة كامبريج – مدير دارة فلسطين

 

 

الزميلات والزملاء الأعزاء،

 

أصحاب السمو والفخامة والدولة والغبطة والسماحة والنيافة والمعالي والعطوفة والسعادة وجميع أصدقاء صديقات، رفاق ورفيقات وأفراد عائلة الباحث والمفكر والكاتب الدكتور عبد الحسين شعبان المحترم.

 

تسعدنا المساهمة في هذا التكريم لقامة فكرية عربية أممية، أبحرت في الكتابة عن مواضيع تتعلق بالتحديات، التي وقفت وما زالت تواجه الأمة العربية ككل، لا بل الإنسانية جمعاء.

ورغم أن للدكتور حسين شعبان أيادٍ فواضل في حقول متعددة كالقانون والسياسة الدولية والأديان والثقافة والأدب والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، إلّا أن ما يُلفت الانتباه وبشدة، هو هذا التركيز على الشعب الفلسطيني ونضاله في استرجاع حقوقه المسلوبة عبر عقود من الزمن.

وقد إرتبط الدكتور عبد الحسين شعبان بصداقةٍ حميمةٍ مع الثورة الفلسطينية منذ إحتلال شرق فلسطين عام 1967، عندما أفرزت النكسة العربية مصادرة الجزء الثاني من فلسطين. وقد نحت عبد الحسين شعبان في خلجاته غرفة فكرية أضاءها قنديل ولعه بالحق الفلسطيني، إذ شارك بفعاليات جميع فصائل الثورة الفلسطينية، كما درّس وحاضر في العديد من مؤسساتها الثقافية والإعلامية.

فعلى سبيل المثال كتب في مجلّة “الهدف” التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بصورة منتظمة منذ مطلع الثمانينيات، وعمل باحثًا في مركز الدراسات الفلسطينية، واستشاريًا لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ومنذ احتلال جنوب لبنان واقتراف مجزرة صبرا وشاتيلا، أصبح عضو شرف في الإتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين منذ العام 1981، وفي عام 1986 شغل منصب الأمين العام السابق للجنة العربية لدعم قرار الأمم المتحدة 3379 (اللجنة العربية لمناهضة الصهيونية والعنصرية)، التي أسسها مع نخبة متميزّة من زملائه في دمشق.

 

ومن كتب الدكتور عبد الحسين شعبان:

  • “الصهيونية المعاصرة والقانون الدولي، مركز الدراسات الفلسطينية، دمشق، 1985.
  • مذكرات صهيوني (طبعتان)، دار الصمود العربي، بيروت، 1986، وطبعة ثالثة، دار الرافدين، بيروت – بغداد، (مزيّدة ومنقّحة)، 2023.
  • سيناريو أوّلي لمحكمة القدس الدولية العليا، شرق برس، نيقوسيا، 1987 .
  • القضايا الجديدة في الصراع العربي-” الإسرائيلي”، دار الكتبي، بيروت، 1987.
  • الإنتفاضة الفلسطينية وحقوق الإنسان، دار حطين، دمشق، 1991 .
  • المدينة المفتوحة – مقاربات حقوقية حول القدس والعنصرية، دار الأهالي، دمشق،2001 .
  • حلم العدالة الدولية في مقاضاة “إسرائيل”، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2010.
  • عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية “الإسرائيلية، دار البيان العربي، بيروت، 2023.
  • الغرفة 46 – الإرهاب الدولي: خفايا وخبايا، دار الرافدين، بيروت – بغداد، 2023.

 

وفي مجلّدة بعنوان “الزمن والنخب” عن أنطولوجيا الثقافة العربية، كان عبد الحسين شعبان قد كرس ثاني أكبر عدد لشخصيات فلسطينية شملت كل من: “حكيم الثورة الفلسطينية” الراحل د. جورج حبش، والأديب الشهيد الراحل غسان كنفاني والمناضل الفلسطيني الشيوعي الراحل عربي عواد والأكاديمي الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد والمناضل الفلسطيني الراحل تيسير قبعة وإحدى أيقونات النضال الفلسطيني ليلى خالد.

وقد رأى الدكتور شعبان ان د.  وديع حداد، منظّر العمليات الخارجية والمشرف عليها، أراد تغيير المعادلة الفلسطينية، بحيث لا تبقى القضية الفلسطينية قضية لاجئين، في حين كان هو يريد أن يُنظر إليها كقضية شعب مكافح من أجل حقه في تقرير المصير والعودة والتحرير وإقامة الدولة على التراب الوطني الفلسطيني. وفي ليلى خالد التي كانت أول امرأة تخطف طائرة عام 1969، رأى فيها “أنموذجاً للمرأة المقاومة المستعدّة لأن تقدم حياتها من أجل القيم التي آمنت بها”.

 

وعبر المشاركة في عشرات المؤتمرات حول العالم عن القضية الفلسطينية، كان المناضل عبد الحسين شعبان مُكبّرِ صوت يذيع، للقاصي والداني، عن الحق الفلسطيني، وذلك ليس بهدف التضامن وإظهار شرعية الكفاح الفلسطيني فحسب، بل للإسهام  في حفر سردية الحق الفلسطيني للأجيال القادمة من أبناء أمتنا في كل مكان؛ ولكي تصل لشعوب العالم كشعلة من نار الحراك الفكري المناوئ للهيمنة الصهيونية لنقض سرديتها وفضح دعاواها، التي كانت تُصدّر إلى العالم عبر هوليوود ووسائل الإعلام، التي تسيطر عليها آلة رأس المال الصهيو- أمريكي.

ونذكر هنا بالتحديد مساهمته في مؤتمر ديربن / جنوب أفريقيا، ضد العنصرية 2001، حيث كان عضواً في اللجنة التحضيرية، التي عقدت اجتماعاتها في عمّان والقاهرة والمنامة، تمهيداً لعقد المؤتمر الآسيوي الذي إنعقد في طهران، وتحدّث فيه أمام الحكومات نيابة عن 13 وفداً عربيّاً، وكان هو من صاغ الفقرة الخاصّة بإدانة الممارسات ” الإسرائلية” بإعتبارها عنصرية، وهي الفقرة التي إعتُمدت في مؤتمرات عمّان والقاهرة والمنامة وطهران، وفيما بعد في ديربن، حيث أيّدتها 3000 منظّمة مجتمع مدني. وبالأساس فإنها جزءٌ من محاضرته الموسومة “عنصرية الصهيونية” في المؤتمر التحضيري بعمّان.

 

وتبدو الأهمية الفائقة للاحتفالية التكريمية للدكتور عبد الحسين شعبان باعتبارها فعل منير يمنع ظلمةً أخرى تنسل لسرقة رواية تاريخ شعوبنا العربية، تلك التي تصوّرُنا كشعوب متخلّفة يجدر للمستعمر “الدخول” إليها بزعم “المدنية” و”الحضارة” أي تبرير احتلالها، والهدف حجب الثقافة الثورية، التي تنهل منها الأجيال في مقاومة المحتل  لشعوبنا وأمتنا.

وقد قدّم عبد الحسين شعبان بجدارة المدماك الإضافي في الثقافة الثورية، التي هي من أهم أركان النضال الفلسطيني، وكان شعبنا وما يزال يناضل لاسترجاع  حقوقه في الأرض والتحرّر من ربقة الاحتلال.

في هذه السطور القليلة، وفي هذه الشهادة المتواضعة عن القامة الفكرية النضالية الكبيرة في هذا التكريم، نشحن الذاكرة لتكون واسطة لنقل التجارب وتسليط الضوء على مآثر هذه القامة العربية الأممية، والتعلم منها ومن خبايا مبادراتها ومن كنه مسيرة نضالها، لتكون درسًا للأجيال المقبلة. متمنين للدكتور شعبان طول العمر والصحة والمزيد من الابداع والتألق.

 

بيروت في 6 شباط / فبراير 2024

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com