مجتمع

ظاهرة ختان البنات «خوف منهن أو عليهن»… وعرض أزياء تونسي يقلب معايير الجمال!

بيدر ميديا.."

ظاهرة ختان البنات «خوف منهن أو عليهن»… وعرض أزياء تونسي يقلب معايير الجمال!

مريم مشتاوي

 

“جسد المرأة عار… جسد المرأة يعني الجنس… والجنس خطيئة كبرى”، هذا ما يؤمن به عدد كبير من “الذكور” حول العالم..
فهم يعتقدون بأن الختان يضمن شرف المرأة… قطعة لحم صغيرة يتم قطعها فيرتاح الأب من عبء كبير… ويرفع عن ظهره هم عار قد يطارده إن لم يتصد له باكراً…
هكذا تصبح ابنته بدقائق معدودة “طاهرة”!
ولا يهم إن تضررت نفسياً أو جسديا…
أين المشكلة إن فقدت الإحساس بعد ذلك وتحولت إلى لوح ثلج؟ أين المشكلة إن تعقدت ولم تعد قادرة على الحب؟
لن تموت إن تعذبت طيلة حياتها وشعرت بأن العلاقة الحميمة عقاب!
يذكر الدكتور أحمد كمال إبراهيم، إستشاري التخاطب والإرشاد النفسي والأسري عضو الجمعية الأمريكية لعلم النفس، أن ظاهرة ختان الإناث تتسبب في أضرار جسدية كبيرة منها: آلام شديدة وعدوى بكتيرية واحتباس بول وتقرحات والإصابة بالتهابات متكررة في المسالك البولية والعقم ومضاعفات أثناء الولادة… إضافة إلى أضرار نفسية جسمية منها: الإصابة بالرعب والخوف، والاضطراب في السلوك والشعور الخجل والذل والمهانة والتبول اللاإرادي أثناء النوم وفقدان الثقة بالأهل والأرق والقلق والإحباط والاكتئاب والتوتر وغيرها من العوارض التي نحتاج صفحات لذكرها والتوغل في آثارها على الأنثى.
لكن كله فداء شرف العيلة!
أليس هناك مثل شعبي شهير يؤكد لنا أن:
“همّ البنات لـلممـات”
لذلك الأمر بسيط: تثبت الفتاة على سرير ويتم التخلص من قطعة “مخزية” في جسدها…
وهناك أربعة أنواع من الختان حسب ما ذكر المركز الطبي البريطاني.. يختار أهل الفتاة ما يحلو لهم منها.
النوع الأول – إزالة البظر أو جزء منه
النوع الثاني – إزالة جزئية أو كلية لكل من البظر والشفرين الصغيرين (“الشفتان” المحيطتان بالمهبل).
النوع الثالث – إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية، بما في ذلك البظر. وخياطة الحافتين معًا مع ترك فتحة صغيرة.
النوع الرابع – القطع، الكي، الكشط،
الثَقب واستطالة الأعضاء التناسلية الأنثوية.
لقد أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 200 مليون فتاة خضعن لما يسمى بختان الإناث معظم تلك الحالات في أفريقيا والشرق الأوسط وبعض الدول الآسيوية وأمريكا اللاتينية. كما يقوم بها بعض المهاجرين في أوروبا الغربية وأمريكا وأستراليا.
هكذا انتشر مؤخراً على السوشيل ميديا هاشتاغ “جسمها مش ملكك” وتفاعل معه العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي… منهم من وصف تلك العمليات بجريمة بحق الإناث… ومنهم من ذكّر بالعقوبة التي تطال المسؤولين عن مثل هذه العمليات. وآخرون شبهوا هذه العمليات بعمليات بتر الساق أو اليد…
ونشرت صفحة Speak up «تكلمي» على انستغرام، وهي مبادرة نسوية لدعم ضحايا العنف بكل أشكاله، صورة كُتب عليها:
“خايفين من بناتكم أو خايفين عليهم” وجاء في التعليق تحت الصورة:
“مفيش أب بيقطع يد ولاده عشان ما يسرقوش… وما فيش أب بيقطع لسان أولاده عشان ما يكذبوش.. بس المجتمع متقبل يقطعوا جزء من جسم بناتهم وليعطوا دا بمبررات دينية أو مجتمعية مش صحيحة.”
نعم إنها جريمة شنيعة بحق المرأة. ولا يمكن تبريرها تحت أي ظرف من الظروف.
وقد حان الوقت لتكثيف برامج التوعية في المجتمعات من خلال المنظمات الداعمة للأطفال والنساء.
وإضافة برامج توعية على المناهج داخل المدارس ورفع العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم وتشجيع الفتيات على التبليغ عن مثل هذه العمليات ودعم الفتيات اللواتي يتعرضن لخطر الختان.
جسد المرأة هو مجرى روحها المضيئة… ولا يرمز إلا للجمال والحب والأمومة.
لم يكن يوماً عاراً ولن يكون..
العار يعشعش في عقول كل من يحول الجمال إلى قبح يشبهه!

«راك محلاك!»

ومن الظلمة إلى الروعة… إلى مبادرة تحمل من الجمال ما يغطي عالم يضج بقبحه… “راك محلاك ” أو ” أنت جميلة” عرض أزياء تونسي فريد من نوعه لمحاربة الأفكار الخاطئة والنمطية عن معايير الجمال.
هكذا نظم نادي روتاراكت تانيت قرطاج حفلاً مبهراً. كل عارضاته بطلات ومحاربات قويات.. هزمن السرطان أو يحاولن هزيمته ومن ذوي الاحتياجات الخاصة ومصابات بالبهاق أو بآثار حروق ظاهرة.
تنظر إليهن وهن يمشين فوق السجادة الحمراء بكامل أناقتهن فتحضر سريعاً قصيدة درويش:
الجميلات هُنَّ الجميلاتُ
نَقْشُ الكمنجات في الخاصرةْ
ألجميلات هُنَّ القويّاتُ
يأسٌ يضيء ولا يحترقْ
الجميلات هُنَّ الأميرات
رَبَّاتُ وحيِ قَلِقْ
لقد ذكرت أمل محفوظ رئيسة المبادرة “راك محلاك” أن هذا الحدث هو من أجل نساء مرضى السرطان، أو اللواتي يعانين من إعاقة جسدية أو أي امرأة تحس بالاختلاف لكنها ليست مختلفة. يتمثل الحدث في عرض أزياء تحت إشراف مصممي أزياء وخبراء تجميل ليقوموا بإلباسهن وتزيينهن ثم يخرجن على السجادة الحمراء بحضور عائلاتهن والأشخاص الذين يحبونهن”.
هذه المبادرة التي تناقلتها عدة قنوات تلفزيونية وأثارت إعجاب رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملت الفرحة إلى قلوب نساء أتعبهن المرض وأنهكتهن نظرة المجتمع الموجعة…
نساء لهن كل الحق في العيش بسلام وفي الاندماج في المجتمع…
تقول خميري ذكية وهي إحدى المشاركات في العرض “أنا تعرضت إلى حادث سنة 2009، احترقت بالغاز، لقد تعبت في بداية الأمر، وخاصة المجتمع أتعبني كثيراً. لكن الحمد لله تخطيت تلك الحالة وتفاديت الكثير من الكلام ونجحت في إعادة الاندماج في المجتمع مرة أخرى”.
“راك محلاك” مبادرة نتمنى انتشارها في كل البلدان العربية علها تساهم في الحد من الإساءة إلى كل امرأة مختلفة.
إن الجمال يكمن في عينيّ الناظر.. لو علمنا أطفالنا أن يبحثوا في كل ما حولهم عن الضوء… لما عرفوا معنى القبح!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com