مقالات

“مهدي عامل” و التحليل الطبقي للبنى المجتمعية الكولونيالية العربية

يُعتبَرُ الْمُفكّرُ الشّهيد مَهْدي عامل، مِنْ أوائلِ الْمُفكّرين الْعرَب الذين أنْتجوا تَمايُزَهم الْفِكريّ– الْمَفاهيميّ بِناءً على تَحليلٍ عَيْنيّ- واقِعيّ للتّركيبِ الاقْتصاديّ-الاجْتماعيّ. وكان مُنَظِّراً واسِعَ الْبَصيرة، حين أبْدَعَ نَظريَّةَ “نَمَط الانتاج الكولونياليّ” وما تَفرَّعَ عنْها مِن مَقولاتٍ ومَفاهيم تصبُّ في نَفس الاتْجاه. تُعتبَرُ هذه الاطروحاتُ بمَثابَةِ بُوصلة فِكريّةٍ ودالَّة عمل مَنهجيّة، لعددٍ من المُثقّفين الْماركسيين لِراهِنيّتِها وواقِعيّتها ولاسيّما مَفهومُ “العلاقة الكولونياليّة” وكيف لا تكون هذه الأخيرةُ راهِنيّةً والقوى الامبرياليّة لا تَنْفَكُّ تتآمَرُ على أوطانِنا وتتدخّلُ عسكريّاً حتّى تُثبِّتَ أرْكانَ الأنْظِمةِ القديمة وتُحافِظَ على جَوْهرِها الكولونياليّ، والْواقِعُ يُثْبِتُ كلّ دقيقة ولَحظة بِأنْ لا تَحرُّرَ من دُون قَطْعِ العلاقة الكولونياليّة، ولا ديمقراطيّة تُنتظَرُ من أنظمةٍ تابِعةٍ تُجَدّدُ التّبَعِيّةَ وتَتجَدَّدُ فيها كَسُلطةٍ تابِعةٍ تُؤَمِّنُ التّخلُّفَ وإعادةَ انْتاجِ التَّخلّفِ وتُلْغي شُروطَ التّقدّمِ الاجْتماعيّ، وتُصادِرُ إمكانيّات الشّعبِ وتَجتهِدُ في تَوْطيدِ رُكودٍ اجتماعيٍّ أقْربَ إلى الانْسحابِ من التّاريخ.

كيف نَظّرَ مَهدي إلى الْعلاقةِ الْكولونياليَّةِ وكيف حدَّد شَكلَها وتَمَظْهُراتِها الْواقِعيّة؟
هي لا تَعْدو كَوْنَها علاقةَ تبَعيَّةٍ اقْتصاديَّةٍ تَربطُ البلدَ المُستعمَرَ بالبلدِ الرأسماليّ الاستعماريّ، في حرَكةِ تطوُّرٍ تاريخيّةٍ واحِدة، وكلّ علاقةٍ تَربطُ بلدًا غيرَ مُتطوّرٍ أو مُتَخلّفٍ ببلدٍ رأسماليٍّ مُتطور، إنْ عنْ طريقِ التّجارةِ الخارجيّة أوْعنْ طريقِ تَوْظيفِ الرّساميل، لا بُدَّ أنْ تَتَّخِذَ شكلَ العلاقةِ الكولونياليّةِ لِتَصُبَّ في صالِح البلدِ الرأسماليّ، لأنَّ هذا الأخير، يتلقّى من البلدِ المُستعْمَرِ، كمِّيّةً من العمَلِ أكثرَ من التي يُصَدّرُها في مُنتَجاتِه إلَيْه، فمُبادَلَةُ الْبضائعِ بيْنَ الْبلدَيْنِ، هي في الحقيقةِ مُبادَلةٌ غيرُ مُتساوِيَةٍ، تكون دائماً في صالحِ البلدِ الرّأسماليّ، لِأنَّها مُبادلَةٌ بين كَمّيَّتَيْنِ من الْعملِ غيرِ مُتَساوِيَتَيْن، والْفرْقُ بَينهما يُحدّدُ مِقدارَ فائضِ الاسْتِغلال، وإنْ كان يرجِعُ لِطبَقةٍ مُعَيَّنةٍ في البلدِ الرّأسماليّ، أيْ للطبقةِ البورجوازيّةِ فهي في صالِح البلدِ الرّأسماليّ بِمُجْمَلِه، الذي ساهَمَ في التّطوُّرِ الرّأسماليّ لهذا البلدِ وفي تَوْطيدِه. ولا بُدَّ في هذا السِّياقِ، مِن التّأكيدِ على فِكرةٍ جِدّ هامَّةٍ للمُفكّرِ مَهدي عامل حينَ قال: “إنَّ تَطوُّرَ أوربا الغربيةِ داخلَ الْعلاقَةِ الكولونياليّة، هو نَتيجةٌ تاريخيّةٌ لِتَخلّفِ الْبلدانِ الْمُستَعْمَرَةِ، والْعلاقةُ الْكولونياليّةُ تَدفعُ بِشكلٍ قويٍّ تَطوُّرَ الْقوى الْمُنتِجةِ في البلد الاسْتِعماريّ، بَيْنما تَحِدُّ مِن تَطَوُّرِ هذه الْقوى في البلدِ الْمُسْتَعْمَر، والأصحّ أنَّها تَشلّها.

ولا يُمكنُ للبورجوازيّةِ الكولونياليّةِ، وبحسَبِ صَيْرورَتِها الطبقيّةِ وتَكوُّنِها إلّا أنْ تكونَ تِجاريّةً، وهذا يَرْجِعُ إلى أنَّ الْعلاقةَ الكولونياليّةَ هي الإطارُ التّاريخيُّ لِتطوُّرِ رَسْمَلَةِ الانتاجِ الْكولونياليّ، وهذا يُساعدُنا على فَهْمِ كيف أنَّ البورجوازيَّة التّجاريّة، يَسْتحيلُ أنْ تَصيرَ في تَطوّرِها الطبيعيّ بورجوازيّةً صناعيّةً كما في الغرب، لأنّها وُلدَتْ عجوزاً مَشلولةً لأنّها كولونياليّة”.

لا يُمكِنُ اعْتِبارُ ما حَصل لِبِلادِنا رَسْمَلَةً للإنتاجِ عن طريقِ الاسْتعمار، بِقدْرِ ما كان هذا الأخير، ثورةً على تاريخِ هذه البُلدانِ وقُوَّةَ مُجابَهَةٍ لَه، لمْ تُحرّكْهُ إلّا لِتَسُدَّ فِيه امْكانيّاتِ تَطوُّرِهِ الدّاخِليّ، وبِهذا المَعنى، و”دَوْماً حسبَ الرفيق مَهدي” كان الاستعمارُ اغْتِصاباً لِتاريخِ بُلدانِنا شَوَّهَ حَركتَه، وسدَّ أُفْقَ تَطوُّرِ القوى المُنتجَةِ، وأجْهَضَ إمْكانِيَّةَ التّطوُّرِ الرّأسماليّ المُستَقِلِّ ومنَعَ حُصولَ أيِّ صِناعَةٍ مُنْتِجَةٍ في هذه البُلدان.

ويَتساءَلُ مَهدي، أينَ تَكمُنُ السّيْطرَةُ على بلداننا؟ ويُجيب :في الْبُنْيَةِ الْكولونياليّةِ كَبُنْيَةٍ اجْتماعيّةٍ مُتَمَيِّزَةٍ لا وُجودَ لَها ولا بَقاءَ إلّا في وِحْدَتِها الْبُنْيَوِيّةِ والتّطوُّرِيَّةِ معَ الْبُنْيَةِ الرّأسماليّةِ، وبِتَحديدٍ أكثر، إنَّ السّيْطرةَ على البلدانِ المُتَخَلّفَةِ قائمَةٌ في علاقاتِ الإنتاجِ نفسِها، كعلاقاتٍ كولونياليّة، أيْ في البُنْيَةِ الطبَقِيّةِ الخاصّةِ بالبُنْيَةِ الاجتماعيّةِ الْكولونياليّة , ولِذلك يُخْطِئُ مَنْ يَتَحدَّثُ عَن إنْهاءِ الاسْتِعمار، مِنْ بُلدانِنا وأنَّنا حَصَلْنا على اسْتقلالِنا الْحقيقيّ ذاتَ يَوم، إذْ كانت بلدانُنا وطَوالَ الْمَرحلة التي مَضَتْ، تعيشُ حالَةَ اسْتعمارٍ غيرِ مُباشِرٍ عبْرَ العلاقةِ الكولونياليّة.

واليومَ يَعودُ الاسْتِعمارُ بِصيغتِه التّقليديّة، أيْ التّدخُّلُ العسكريُّ المُباشِر كي يُحافِظَ على الأنْظِمةِ الكولونياليّةِ التّابِعةِ ويُعيْدَ إنتاجَها وتَجَدُّدِها، حتّى لا تَسقُطَ بِفِعْلِ الْقوى الذّاتِيَّةِ الشّعبيَّة، وإذا صارَ وسَقطَتْ، عِندَها يَتوقّفُ ضَخُّ الرّساميلِ إلى الْحواضرِ الْغربيَّة، لأنَّ هذه الأنظمةَ تَلْعَبُ دَوْرَ الْوَسيطِ الْكُمبرادوريّ- الْماليّ. وكانَت الانتفاضاتُ فُرْصةً تاريخيَّةً لِإنْجازِ الاستقلالِ الحقيقيِّ منْ خلالِ الْقضاءِ على هذه الأنظِمَةِ التي تُمَثّلُ رأسَ المالِ الْماليّ وفُرْصةً للانْتِقالِ إلى الاقتصادِ المُنتِج، مِنْ بعدِ كَسْرِ الإطارِ الكُولونياليِّ الذي أعاقَ التّطوُّرَ الرأسماليَّ المُستقلَّ وتَطوُّرَ القوى المُنتِجةَ. وهذا الْكَسْرُ لا يَتحقَّقُ إلّا عِندما يَحْتَدِمُ الصّراعُ الطّبقيّ، كما تَجَسّدَ في واقِعِ الانْتفاضاتِ الشّعبيَّة.

وضِمْنَ هذا السّياق، لا بُدَّ مِن التّذكيرِ بالتّحليلِ الذي اعْتَمدَه المُفكّرُ اللبناني جلبير الأشقر لِبُنْيَةِ الأنظمةِ العربيَّةِ، حيثُ مَيَّزَ بَينَ نوعَيْن من الدول، الدولُ الميراثيّة وهي كنايَة عن سُلطة مُستَبِدّةٍ مُطْلَقَةٍ ووِراثيَّة، وهي تَسْتَمْلِكُ الدّولة، والدّولة النيوميراثيّة وهي عِبارةٌ عنْ نظامٍ جمهوريّ سُلطَويً مُؤسَّسيّ أيْ أنَّ مُمارَسَةَ السّلطةِ في ظلِّ النيوليبراليّة لها بُعْدٌ بيروقراطيٌّ، وعلاقةُ الْحُكّامِ بالدّوْلَةِ لَيْسَتْ علاقةَ مُلْكِيَّة.

والرّأسماليّةُ التي تَمِيلُ إلى التّطوّرِ في ظلِّ هذه البلدان، هي رأسماليّةُ الْمَحاسيبِ التي تُهَيْمِنُ عليها بُورجوازيّةُ الدّولةِ على حِساب بورجوازيّةِ السُّوق، وتَسْتَفيدُ الدّولةُ مِنْ وَضْعٍ رَيْعِيٍّ تَمنحُها إيّاها السّلطةُ السّياسيّةُ، وتَدْفع للحكام رَيْعاً نَقْديّاً مُقابِلَ ذلك. وكلّما ازْدادَ اعْتمادُ الدّولةِ على الرَّيْعِ، زادَ المَيْلُ إلى النّظامِ الْميراثيّ وتَقلّصَتْ بُورجوازيّةُ السّوق، وقلَّ اعْتمادُها على السّوقِ الدّاخليَّة.

وبعدَ هذا التّوْصيفِ المُقتضَبِ والسّريعِ لِبعضٍ مِنْ أفكارِ جلبير الأشقر، كما جاءَتْ في كِتابِه “الشّعبُ يُريد” سوفَ يُلاحِظُ القارِئُ أنَّ ثَمَّةَ تَقاطُعاً معَ أفكارِ مَهدي عامل، حوْلَ بُنْيَةِ الدّولة، وعلى الرّغْمِ من اخْتلافِ المُسَمَّيات، لكنْ يَبقى جَوْهرُ التّحليلِ هو ذاتُه مِنْ حَيثُ أنّ البورجوازيَّةَ هي تجاريّة ماليّة رَيْعيّة، لا تُساهِمُ في تَنميةِ الانتاج وإنَّما تَسعى إلى تنظيمِ المُدَّخراتِ في الْخارجِ وتَوْظيفِ الرّساميلِ في القِطاعِ الماليّ العِقاريّ.

والبُورجوازيّة التي وُلِدَتْ مِنْ رَحمِ الْبونابَرتيَّة “وِفْقَ تَعبيرِ الاشقر” تَتطابقُ معَ مَقولَةِ الاستبْدالِ الطبَقيّ لدى مَهدي عامل، بِمعنى أنَّ الْبورجوازيَّةَ الصّغيرَةَ التي وَصَلَتْ إلى سُدَّةِ الْحُكمِ عَبْرَ انْقِلاباتٍ عسكريّةٍ، عَرفَتْ تَفارُقاً طَبقيّا تَمايَزَتْ عنْهُ فِئَةٌ مُهَيْمِنَةٌ وتَحوّلَتْ إلى كولونياليَّةٍ تِجاريَّةٍ-ماليَّةٍ وتَحكّمَتْ بِالمُقدَّراتِ الاقتِصاديّةِ للدّولةِ العربيّة، مِن مصر إلى سوريا وتونس وهذا التَّحوُّلُ الجديدُ جعلَها تَتحالفُ معَ رأسِ الْمالِ الاحْتِكاريّ، وبَدأَتْ فيما بعدُ، بانْتهاجِ سياساتِ اللبْرلَةِ الاقتصاديّةِ ورَفْعِ الدّعمِ والخَصْخَصَة. وأدّتْ هذه السّياساتُ، إلى إفقارِ الشّرائحِ الدّنيا ومُوظّفي الدّخلِ المَحْدودِ وصغارِ المُنتجين الذين تَضرّرتْ مصالحُهم بِفعلِ مُزاحَمةِ البَضائعِ الاجنبيَّةِ، وتَمَّ حِصارُ صغارُ المتموّلين ولُجِمَتْ اسْتِثماراتُهم المُتواضِعَةُ في القِطاعاتِ الإنتاجيّة.

سَاهمَت الْبيروقراطيَّةُ المُغْلَقةُ كما حللها كلٌّ مِنْ “مَهدي والأشقر”، في إغناءِ فِئةٍ مُحدّدةٍ اسْتطاعَتْ أنْ تُراكِمَ ثرَواتٍ طائلَةً، وجَرى اسْتثمارُ هذه الأمْوالِ المَنْهوبَةِ في القِطاعاتِ الْخِدْميَّةِ –الْعَقاريَّة، وجرَى مُصادرَةُ الأراضي الزّراعيَّةِ مِنْ قِبَلِ البُورجوازيَّةِ الجَديدة، لِتُقيمَ عليها مَشاريعَها العَقاريَّةَ-السّياحِيَّةَ. ووَجدَ الفَلّاحُ نفسَه مُحاصَراً، وشعَر بِصُعوبةِ بالِغةٍ في الحُصولِ على وَسائلِ الانتاج بَعد رفْعِ الدَّعم، وترَاجعَت الظّروفُ المَعاشيَّةِ للأغلبيَّةِ الشّعبيَّة، ما أدَّى إلى ازْدِيَادِ الهِجرةِ من الأريافِ إلى المُدنِ، والْتَحقَتْ هذه الجُموعُ المُهمَّشَةُ بالاقتصادِ غيرِ النّظاميّ والأعْمالِ الْهامِشِيَّة، ونَتجَ عنْ هذا التّوَسُّعِ الرّأسماليِّ كَوْكَبَةٌ مِن العَشوائياتِ ومِنْ أحْزِمَةِ البُؤْسِ وتَعْمِيْمٍ للعَملِ الرّخيص. ولَوْلا الطابَعُ الرّيْعيُّ للدَّولة، لَكان بالإمْكانِ اسْتِيعابُ هذه الكُتْلَةِ المُهَمَّشةِ في مَجلاتٍ حِرَفِيَّةٍ كَثيفَةِ الْعَمالة.

وهذا ما يُفَسِّرُ انْدِلاعَ الانْتفاضَةِ في الْأرْيافِ والْهَوامِشِ والْأطرافِ، وبَعْدُ، انْتِقالَهُ إلى الْمدينة. لَمْ يَتحوَّلِ الْفلاحُ إلى عاملٍ مَأجُور، وفَشِلَ في عَمليَّةِ تَحْولِهِ الاجْتماعيِّ إلى عامِل، وِفْقَ تَعْبيرِ مَهدي عامل، لِأنَّ البُنْيَةَ الاجتماعيَّة كَبُنْيَةٍ كُولونياليَّةٍ، لا تَسمحُ إطلاقاً بِتحقيقِ هذا التّحوُّلِ الاجتماعيِّ لاسْتِحالةِ وُجودِ الحَلَقةِ الصّناعيّة. وَحُرّيّةُ التّنقُّلِ الطبَقيَّةِ هي مِيْزَةٌ أساسيَّةٌ في علاقاتِ الانْتاجِ الكولونياليَّة. ويُتابعُ مَهدي لِيقول: ربَّما وَجدْنا العامِلَ في نفسِ الوَقتِ فلّاحاً وعامِلاً وبائعاً، وهذا يَنْسجِمُ معَ طبيعةِ الْبُنْيَةِ العرَبيَّةِ الكُولونياليَّةِ، كَبُنْيَةٍ طبقيَّةٍ لاتَفارُقِيَّةٍ تَظهرُ بِشكلٍ عَنيفٍ في اسْتِحالَةِ العَمَليَّةِ الإنتاجيَّةِ للتَّحويلِ الطبقيِّ لِلفلاحين إلى عُمّال، على عكْسِ الثّورةِ في الغَرب، التي كانَتْ نَتيجةَ صِراعٍ طبقيٍّ بينَ طبقَتَيْنِ مُتَناقِضَتَيْن. والتّفارُقُ الطبقيُّ الذي حَصل، جعلَ مِن البورجوازيَّةِ طبقَةً صاعِدَةً لها الدّوْرُ القِيَاديُّ في حَركةِ الانتاجِ الاجتماعيّ.

ويَخْلُصُ مَهدي إلى اسْتِنتاجٍ مَفادُه :”إنَّ الثّوراتِ البُورجوازيَّةَ مُسْتَحيلَةٌ في بُلدانِنا، بِسببِ العَلاقةِ الكولونياليّةِ، وطبيعةُ النّضالِ الطبقيّ، مُختلِفةٌ تَمامَ الاخْتلافِ عمَّا هي علَيه في البلدانِ الرّأسماليّة، لِأنَّ الصّراعَ لمْ يأخذْ طابَعَ الصّراعِ الكلاسيكيِّ بينَ طبقيتَين مُتمايِزَتَين، الطبقةُ العامِلةُ ورِجالُ الصّناعة. وكانَت الانتفاضاتُ العربيّةُ شَعبيَّةً وديمقراطيَّةً ووطنيَّةً، بِسببِ البُنيَةِ اللاتَفارُقِيَّة، ولم تكنْ مُنَظّمَةً ولا مُؤَدْلَجَةً بلْ عَفْويَّةَ الطابَعِ كَكُلِّ الثوراتِ التي حَصلَتْ في العالَم، لِجهةِ مُحْتواها الاجتماعيّ –الطبقيّ وغَلَبَةِ المُكوِّنِ الفلّاحيِّ –الشّعبيِّ– العُمّاليِّ إضافةً إلى الشّرائحِ الدُّنيا مِن الطبقةِ الوُسْطى.

بقلم الكاتبة

هيفاء أحمد الجندي

المصدر : الحوار المتمدن

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com