منوعات

معركة «الحايك» بين المغرب والجزائر… و«دعاة» العالم الافتراضي يشعلون الجدل!

بيدر ميديا.."

معركة «الحايك» بين المغرب والجزائر… و«دعاة» العالم الافتراضي يشعلون الجدل!

الطاهر الطويل

اختارت مجموعة من نساء مدينة طنجة وفتياتها الاحتفال بيوم المرأة العالمي على طريقتهن الخاصة، إذ خرجن إلى الشوارع مرتديات «الحايك» الأبيض، وهو لباس تقليدي يغطي الجسم كله من الرأس حتى القدمين. وبدا مشهد المسيرة لافتا وغير مسبوق؛ وكأنّ المحتفِلات يرجعن سنوات طويلة إلى الوراء، ليستحضرن هذا اللباس المميز الذي يجمع بين الجمال والحشمة، حتى أنّ صور نساء «الحايك» ملأت المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي.
غير أن الاحتفال سرعان ما قوبل باستهجان من لدن إعلاميين جزائريين، لدرجة أن قناة «الشروق» اعتبرت ارتداء النساء المغربيات «للحايك» (سرقة لأحد عناصر التراث الجزائري). وعَدَّهُ مدوّنون أحد رموز الهوية الوطنية الجزائرية، كما أنه رمز للحشمة والعفة، حيث كانت ترتديه الأمهات والجدّات. وزاد مدوّن على ذلك بأن المُجاهِدات الجزائريات كنّ يخفي تحت «الحايك» القنابل والأسلحة خلال فترة الاستعمار الفرنسي للبلاد.
قناة «بي بي سي» العربية رصدت السجال الدائر حول الموضوع، فمن جهة قال أحدهم إن أصل «الحايك» جزائري والباقي تقليد. وفي المقابل، أكّد آخر أن «الحايك» كان يُصنع في مدينة فاس المغربية ويُصدَّر إلى الجزائر. بينما أمسك مدوّن العصا من الوسط، وكتب أن ما لا يدركه الجيل الجديد ـ للأسف ـ هو أنه شعب واحد، يتقاسم نفس العادات والتقاليد والأعراف والثقافة والتاريخ، لكن الحدود المفتعلة فرّقته، وزادت المصالح الشخصية للحاكمين الجرح إيلامًا.
والواقع أن من يتأمل النقاش الدائر خلال السنين الأخيرة بين طائفة من الجزائريين والمغاربة حول عناصر معينة من التراث والفنون يصاب بخيبة أمل كبيرة. فكل منهم يحاول إثبات شرعية عنصر من العناصر له، وينفيه عن الآخر؛ والحال أن التداخل كان راسخا بين شعبي المغرب والجزائر في العديد من العادات والتقاليد والمكونات الثقافية والتراثية والحضارية، بحكم الجوار والمصاهرة والتجارة والعلاقات الاجتماعية المختلفة.
إلى أن جاءت لعنة السياسة، لتحاول تغذية الأحقاد والعداوات بين الإخوة والجيران، معززة بجيش من الإعلاميين والمدونين. فمتى ستُطوى صفحة هذه الخلافات المصطنعة إلى الأبد؟

«وجوه بلا ملامح»!

اللافت للانتباه أن السجال حول «الحايك» بين المغاربة والجزائريين تزامن مع إعادة بث حلقة من برنامج «في فلك الممنوع» على قناة «فرانس 24» العربية، إذ اختارت هذه القناة الاحتفال بيوم المرأة العالمي على طريقتها الخاصة، وذلك بإثارة موضوع «النقاب» من زاوية معلنة منذ البداية من خلال العنوان: «وجوه بلا ملامح».
لا يتعلق الأمر، إذنْ، بموقف رافض للنقاب فقط من طرف القناة الفرنسية، بل أيضا إنه سخرية مبطّنة من النساء اللواتي يرتدينه.
«فرانس 24» ترى في المسألة مصادرة لحرية المرأة من طرف الرجال. وإذا كانت مقدمة البرنامج تساءلت: لماذا تختار نساء مسلمات ارتداء النقاب؟ فإن الجواب جاءها من سيدة متحجبة تفكر في ارتدائه، بالقول: هي حرية واختيار شخصي.
ولو أن السيدة توجّهت إلى المذيعة بالسؤال نفسه: ولماذا تلبسين أنت هذا الشكل من اللباس العصري، فماذا كان سيكون ردها؟ طبعًا، قد تنتفض وتصرخ: أنا حرة في ما ألبس! فلماذا يجعل البعض من الحرية «ماركة مسجلة» حكرًا عليهم، ويسعون إلى حرمان الآخرين منها؟
مهلاً، لا ينبغي أن يُفهم من هذا الكلام انحيازٌ نحو النقاب ودعوة له، ولا موقف من أي شكل من أشكال اللباس النسائي. كلا، ولكنها مجرد إشارة تذكيرية بازدواجية المعايير لدى فئة من المناصرين للقيم الغربية، خاصة في تعاملهم مع المجتمعات العربية والإسلامية. فحين يُسأَلون هم أنفسهم عن ملابسهم وعاداتهم وسلوكياتهم، يتعللون بكونها «حرية شخصية»، ولكنهم ينظرون بعين الازدراء إلى كل ما يتصل بالإنسان العربي والمسلم، سواء كان ذكرا أم أنثى!

البحث عن «البوز»!

صارت شبكات التواصل الاجتماعي، هذه الأيام في المغرب، ساحة لمعركة افتراضية بين الدعاة الدينيين الجدد، تُذْكيها تعليقات المدونين، ما يجعل بعض «المتصارعين» يبحثون عن كيفية تحقيق «البوز» أو أعلى نسبة من المشاهدات، أكثر من بحثهم عن الإقناع بالحجة والدليل.
خبير تغذية أدلى بدلوه في الموضوع، فصار بين عشية وضحاها مفتيا في الدين الإسلامي، عبر فيديوهاته الكثيرة. لكن ما أشعل فتيل المواجهة ضده هو تصريحه بأن المتحدثين اليوم في أمور الإسلام ليسوا «علماء» بمعنى الكلمة، فالعلماء ـ كما يقول ـ هم الذين درسوا الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الإحياء، هؤلاء هم من يمتلكون منهاجا علميا يفهمون به الدين، ووصف العلوم الدينية (دراسة القرآن وأصول الفقه والسنّة والحديث وغيرها) بالعقيمة.
وجاءه الجواب بأن خبير الرياضيات أو الطب لن يفهم في تخصصات دقيقة مرتبطة بالعقيدة والشريعة الإسلامية، بل إن هناك من دعاه إلى تركيز اهتمامه على أمور التغذية والزراعة التي درسها، والابتعاد عن أمور الدين.
جدل آخر ارتبط بأحد دعاة العالم الافتراضي، حيث صار الرجل موضوع همز ولمز، بسبب تحاشيه الحديث عن الزيادات الصاروخية التي شملت كل المواد الاستهلاكية في المغرب. وعوض أن يفسر سبب هذا الصمت، قال إنه لن يردّ على من يختبئ وراء أسماء مستعارة في صفحات «فيسبوك». وفي رأيه، فإن «الناس لم تعد مستعدة للعمل، وإنما لمن يدغدغ عواطفها.» وبالتالي، فلن يخضع لسلطة الجمهور، لأن الداعية نفسه ـ حسب تعبيره «يميز بين ما يحتاجه الناس وبين ما يشتهونه. والمهم هو ما يحتاجونه لا ما يشتهونه.»

بقر الأوروغواي وغاز روسيا!

يقول المثل المغربي «طاحت البقرة… كثرو اجناوا» (أي عندما تقع البقرة تكثر السكاكين حولها). وفعلا، ما إن أُعْلِن عن استيراد العجول من الأوروغواي إلى المغرب لسد الخصاص من اللحوم، حتى اشتد القيل والقال وكثرة السؤال. منهم من حذر من «جنون البقر»، لكن الحكومة ـ ومعها المكتب المغربي للسلامة الغذائية ـ نفت الإشاعة مؤكدة على أمرين: سلامة الأبقار المستوردة من جهة، وتشديد المراقبة على اللحوم من جهة أخرى.
ومنهم من أشار إلى كون أحد كبار المقاولين المحظوظين المقربين من حزب رئيس الحكومة، استفاد من صفقة اللحوم بشكل غامض، إذ كان على علم مسبق بأن الحكومة ستصدر مرسوما يتعلق بعملية استيراد الأبقار من الخارج.
رئيس فريق حزب «الحركة الشعبية» المعارض في مجلس النواب انتفض متسائلا عن الجهة التي سربت قرار المرسوم، وكذا عن الطريقة التي تم منح المقاول المومأ إليه صلاحية استيراد الأبقار لوحده وبهذه السرعة القياسية، دون غيره من المهنيين الآخرين في ذات القطاع، معتبرا أن العملية يشوبها الكثير من الشكوك والمحسوبية والتفضيلية غير المشروعة.
والى جانب بقر الأوروغواي، كان غاز روسيا محط تساؤلات من لدن الرأي العام، نقلها حزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، إذ تحدث عن وجود تلاعب في فواتير استيراد هذا الغاز الذي يعد أرخص مقارنة بما هو مستورد من بلدان أخرى. أما الناطق الرسمي باسم الحكومة فحين طرح عليه هذا السؤال الأسبوع الماضي، قدّم جوابا ملتويا لم يشف غليل ليس فقط الإعلاميين، وإنما أيضا الناس الذين يشعرون بالغبن، وهو يسمعون بوجود تلاعبات في المواد الاستهلاكية الموجهة للشعب في عز الأزمة، بينما ينقل التلفزيون الرسمي مشاهد يومية للجان المراقبة وهي تتجول في الأسواق، للتأكيد على أن «العام زين»!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com