لماذا يمثل الحيض وصمة للمرأة في بعض المجتمعات؟ هل التقزز والخوف والشعور بأن المرأة كائن يفتقر للطهارة الدينية هو أول ما يتبادر لذهن الكثيرين عند الحديث عن الحيض؟
هذا ما يناقشه الوثائقي “الدورة الشهرية، نهاية الجملة”، الذي حصل على جائزة الأوسكار لأفضل وثائقي قصير والذي أخرجته الهندية رييكا زيتابشي.
يتصدى الفيلم على قصر مدته، التي لا تزيد عن 26 دقيقة، للنظرة المجتمعية للحيض ويتحداها ويوضح تأثير الوصمة الاجتماعية المقترنة بالمحيض والدورة الشهرية على حياة النساء وعلى طموحاتهن، وحتى على ممارستهن للعبادات والأديان.
تبدأ أحداث الفيلم في هابور، على مشارف العاصمة الهندية نيودلهي، حيث تواري صبيات ضحكاتهن الخجلة وشعورهن بالحرج عندما يسألن عن الدورة الشهرية. على الرغم من أنهن طالبات في المدرسة وتجاوزن سن البلوغ إلا أن معلوماتهن عما يطرأ لأجسادهن من تغيير وعن الدورة الشهرية تكاد تكون معدومة، فالصمت إزاء مناقشة الحيض يصل إلى المدرسة.
وحين يُسأل عدد من الصبية في السن المراهقة أيضا عن الحيض، يخيم الصمت والحرج عليهم حتى يقول أحدهم “إنه مرض يصيب النساء”. وعند سؤال نساء القرية عن الدورة الشهرية، يشحن بوجوههن خجلا، إلى أن تجيب مسنة “لسبب لا تعلمه إلا الآلهة يخرج هذا الدم القذر من المرأة”. وتجيب أخرى أنه على الرغم من أن المعبد الذي تحاول دخوله لإلهة أنثى، إلا أنها لا يمكنها ذلك أثناء المحيض لأنها تعتبر “قذرة” و”غير طاهرة”، وحتى إذا دخلت المعبد أو حاولت الصلاة بمفردها خارجه، فلن تستمع لها الإلهة وهي حائض.
هذا العار المجتمعي والجهل المحيط بجسد المرأة والمحيض له تأثير سلبي بالغ على حياة النساء من مختلف الأعمار في هذه القرية. يوضح الفيلم أن عشرة في المئة فقط من النساء في الهند يمكنه الحصول على الفوط الصحية، التي تعد باهظة التكلفة للكثير من الهنديات.
ومع قدوم المحيض، لا تتمكن كثيرات من الصغيرات والنساء من التعامل مع بقع الدماء التي تغطي ثيابهن إلا باستخدام قطع من الأقمشة المتخلفة عن ملابس قديمة، التي يؤدي تكرار استخدامها إلى إصابتهن بالأمراض. كما أن الكثير من الطالبات يضطررن للتغيب عن مدارسهن أيام الدورة الشهرية حتى لا يرى الناس ملابسهن التي تتسرب إليها بقع الدماء. وتتحدث بعضهن عن أنهن اضطررن لترك المدرسة تماما بعد البلوغ لعدم قدرتهن على إيجاد حل لألم الدورة أو لبقع الدماء.
ولكن رجلا ومجموعة من النساء يحاولون التصدي لهذه الوصمة المجتعية وتقديم فوط صحية رخيصة حتى تتمكن النساء في الهند ممن ممارسة حياتهن على نحو طبيعي أثناء الدورة الشهرية.
يستحدث رجل هندي آلة بسيطة لصنع فوط صحية، ويقدم اختراعه للنساء في القرى مقابل مبلغ زهيد. بينما تقوم النساء بإنتاج الفوط الصحية باستخدام الآلة الجديدة كمشروع صغير يدر عليهن ربحا ويبعنها لغيرهن من النساء.
تنتج النساء منتجا يوفر لهن فرصا للعمل ويمنح بناتهن فرصة لإكمال تعليمهن دون الشعور بالحرج عندما تحل أيام الدورة الشهرية، كما أنه يقدم للنساء سبيلا لحماية صحتهن الجسدية والتناسلية. ويصحب هذا المشروع حملة توعية وتعليم لإزالة الوصمة المصاحبة للدورة الشهرية.
إنه وثائقي قصير ومكثف، ولكنه على إيجازه يوضح أن منتجا بسيطا مثل الفوط الصحية قد يحدث تغييرا ضخما في حياة الكثيرات ويكسبهن الثقة على التعامل مع المجتمع. ويوضح الفيلم ضرورة توعية الجنسين صحيا وتوفير المعلومات الطبية الصحيحة التي تزيل الكثير من الخرافات المحيطة بالدورة الشهرية.