مجتمع

رسالة النصير الشيوعي أبو ظفر .

بيدر ميديا.."

رسالة النصير الشيوعي أبو ظفر .

صباح كنجي .

عثرت بين الملفات التي احتفظ بها.. على هذه الرسالة الموجهة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراق بخط يد الدكتور أبو ظفر.. ويمكن اعتبارها وثيقة أنصارية تعكس في مضمونها جانباً من العمل السياسي والفكري.. الذي ساد في مرحلة حرجة.. شهدت صراعات معقدة.. تمحورت الآراء والانتقادات فيها بشكل واضح.. لتحدد مسيرة الحركة وسبل النهوض بها.. وما رافقها من تحديات لتجاوز المعوقات
في مرحلة تداخل الحرب العراقية ـ الإيرانية وما سببته جريمة بشتاشان 1983 من خسائر فادحة وحالة تراجع انعكست بشكل مباشر على العلاقة بين الأطراف المعارضة للدكتاتورية..
وهي من جانب آخر وثيقة دقيقة لفترة مهمة من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي.. سبقت انهيار الاتحاد السوفيتي وتأثيرات ذلك الانهيار لاحقاً على الأحزاب الشيوعية.. منها الحزب الشيوعي العراقي وبالأخص ما يتعلق بشؤونه التنظيمية.. وأهمية الانتقادات الموجهة للسياسات الخاطئة.. والحاجة الضرورية لتصحيحها وتشخيص البدائل الممكنة لها.. وفقاً لتصورات تلك الأيام.. في أجواء الكفاح المسلح..
أثبتها كدليل توثيقي على ما كان يوجه من انتقادات لقيادة الحزب.. وليست هذه الرسالة للفقيد الدكتور أبو ظفر.. الذي ما زلنا نبحث عن رفاته لليوم.. الصوت الوحيد.. الذي كان ينتقد ويصرخ محاولاً تجاوز الصعوبات وتصحيح المسار.. بحكم اطلاعي على ما كان يدور من نقاشات حية.. لم تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل الجهاز البيروقراطي القيادي.. الرافض للتغيير والقامع للانتقادات..
اقترح ضمه الى كتاب الدكتورة بلقيس.. ام ظفر.. الذي أعدته قبل سنوات.. في طبعة جديدة.. وسأحول الأوراق بخط يده لها.. لتحتفظ بها..
ــــــــــــــــــ
صباح كنجي
1/12/2023

خطوة الى اليسار، خطوتان الى اليمين
الرفاق في اللجنة المركزية.
تحية رفاقية
ابتداءً أود أن انوه الى ان الدوافع التي أملت عليّ بإلحاح كتابة هذه الرسالة التي عنونتها بـ: “خطوة الى اليسار، خطوتان الى اليمين” والموجهة اليكم، هي:
1ـ ما تطرقت اليه “مناضل الحزب” في عددها الأخير الصادر في آذار 1984، من ذكرها للمظاهر السلبية التي شاعت في التنظيم مع دعوتها الى وقفة جدية لتطهير الحزب منها وتخليصه من آثارها الخطيرة، وتوعدها بإجراءات معينة ستتخذ في هذا المجال.
2ـ ما يشاع هنا وهناك عن توجه قيادة الحزب لعقد المؤتمر الرابع للحزب لمناقشة ومعالجة أوضاع الحزب الداخلية بشكل خاص.
وقبل الدخول في صلب الرسالة، أرجو الانتباه الى أن جوانب محددة من هذه الرسالة كنت قد تناولتها في رسائل أخرى وجهتها الى المكتب السياسي في مناسبات مختلفة خلال أعوام 1081،1982،1983، مع تأكيدي بأن هدفي من هذه الرسالة هو لفت الانتباه الى أن التيار الانتهازي اليميني الذي برز الى سطح الحياة السياسية للحزب خلال السنوات الأولى من تأسيس الحزب، والذي تمت تصفيته بجهد استثنائي من قبل الرفيق الخالد فهد، عاد الى الظهور من جديد بعد إعدام الرفيق فهد وقادة الحزب عام 1949 على أيدي السلطات الاستعمارية والرجعية، ولم تتم مكافحته كفاية، فكان أن تبلور على شكل تيار واضح المعالم والرموز، ساهمت استمراريته وتأثيره الضربات التي وجهها العدو الطبقي الى عناصر التيار الثوري في الحزب، بالإضافة الى تنوع أساليب التخريب التي مارسها العدو بحق الحزب ورفاقه وجماهيره.
إن وتيرة التأثير المعرقل لمسيرة الحزب والتي يمارسها هذا التيار تتراوح في قوتها وضعفها حسب الظروف والعوامل الموضوعية التي تحيط بالحزب، كما أن أشكال وألوان ظهور هذا التيار اختلفت باختلاف تلك الظروف، وهي في اوضاعنا الراهنة تتخذ أشكالاً جديدة في الفكر والممارسة، حاولتُ بتواضع الكشف عنها. كما ان الملاحظة التي لفتت انتباهي من خلال اطلاعي على تأريخ الحزب تمثلت بأن كل خطوة يخطوها التيار الثوري في الحزب، يحاصرها التيار الانتهازي اليميني بخطوتين. لقد كان محور الصراع بين هذين التيارين في الإطار التاريخي لهذا الصراع يتركز حول المسائل التالية:
1ـ الموقف من السلطة
2ـ الموقف من البرجوازية بكل شرائحها واحزابها
3ـ الموقف من أساليب النضال

” خطوة الى اليسار، خطوتان الى اليمين”

إن أول ظهور منظم لليمين الانتهازي، بعد إعدام قيادة الحزب عام 1949، قد تحقق في الكونفرس الثاني للحزب عام 1956 من خلال الفكرة التي تمحورت حولها أعمال الكونفرس والتي تقول بأن طابع الصراع الطبقي في العراق آنذاك هو ” سلمي على الغالب” فتحدد على ضوء ذلك، الشعارات التكتيكية وأساليب النضال وشكل التنظيم، حيث أرجعت الى الوراء مسألة الاستيلاء على السلطة بالأسلوب الثوري، وتم التأكيد على أشكال النضال السلمية الإصلاحية اللا ثورية 1. بينما كل الشواهد التاريخية تثبت بأن طابع الصراع الطبقي في العراق هو عنفي على الغالب.
وتأتي انتفاضة الشعب العراقي في تشرين الأول 1956 ضد الحكم الملكي، على أثر العدوان الثلاثي على مصر، والتي تميزت بعنفها وشمولها لعدد من المدن العراقية، تأتي هذه الانتفاضة لتثبت خطل الخط السياسي للكونفرس الثاني.
فبادر التيار الثوري بقيادة الرفيق سلام عادل الى التخلي عن ذلك الخط، حيث أصدر المكتب السياسي للحزب في مايس 1957 كراساً بعنوان (انتفاضة 1956 ومهامنا في الوقت الراهن) حدد فيه بأن أسباب انتهاج ذلك الخط السياسي الخاطئ تعود الى ان قيادة الحزب لم تستطع وقتذاك أن تقدر (… إن القوى الرجعية الحاكمة في الداخل ستلجأ الى هذا التشبث الجنوني بمواقفها وبالدفاع عن مصالح الاستعمار)، وقد يكون لطروحات المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي كما يذكر الكراس تأثير كبير على صياغة هذا الخط السياسي، إلا أن أبعاد هذه السياسة وممارستها على ارض الواقع يعود بالأساس الى أوضاع الحزب الذاتية المتمثلة بضعف المستوى الفكري لقيادة الحزب وتغلب النزعات الانتهازية اليمينية فيه. وفي نفس العام أصدر الحزب كراساً للرفيق سلام عادل بعنوان (رد على مفاهيم برجوازية قومية وتصفوية)، مثل خطوة الى الامام بتأكيده على أن” مسألة الحكم هي المسألة الأساسية في ثورتنا وكل ثورة” 2.
وعلى ضوء تصحيح الخط السياسي الذي انتهجه الحزب في كونفرسه الثاني، صححت الشعارات والأساليب النضالية والتكتيكات السياسية، فتمكن الحزب من أن يساهم بفعالية أساسية في التحضير وإنجاز ثورة 14تموز 1058. وفي جو من النشوة والانتصارات الثورية المتلاحقة التي أعقبت الثورة، تفشت نزعات الغرور والرضا عن النفس وخمدت اليقظة الثورية، فلم تجر تصفية فكرية وتثقيف واسع بأخطار الاتجاهات اليمينية على خط الحزب.
فعاد اليمين الى الساحة بخطوتين واسعتين. ففي أيلول 1958 يدعو الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب الى ” فكرة القيادة المشتركة ” للثورة من قبل البرجوازية والطبقة العاملة على أساس إنه “في هذه الفترة (1958ـ 1959) حصل نوع من التمازج ” بين قيادة الطبقة العاملة وقيادة البرجوازية. ففي الوقت الذي كانت فيه البرجوازية منهمكة في توطيد سلطتها وتقوية ركائزها في أجهزة الدولة، كان الحزب يعزز نفوذه في الحركة الجماهيرية” مما يعكس عدم الادراك الواضح لدى قيادة الحزب لقضية السلطة وأهميتها المركزية للثورة.
وبسبب هذا الخط السياسي الانتهازي اليميني، أصبحت السلطة بعيدة عن متناول الحزب، ودُفع الثمن غالياً من دماء وسعادة ومستقبل الحزب والشعب والحركة الوطنية. وكان انقلاب شباط الأسود عام 1963 هو العقوبة القاسية للحزب على نهجه اليميني.
وهكذا تم اثبات المقولة اللينينية ” الانتهازية في الفكرة تقود الى الانتهازية في التكتيك والتنظيم” وبأن ” طابع الحزب يتحدد الى جانب العوامل الأخرى، من مسألة من يقف على رأس الحزب وأية سياسة ينتهج ” فلم يستطع الحزب استلام السلطة في الوقت الذي اعتبر فيه بأنه أكثر الأحزاب الشيوعية جماهيرية خارج المنظومة الاشتراكية، فعدد أعضاء منظماته الجماهيرية حوالي مليون عضو، وعدد أعضاء تنظيمه العسكري خمسة الاف عضو من مختلف الرتب والتشكيلات العسكرية، والسبب في ذلك هو سيادة النهج اليميني في قيادة الحزب في نظرتها الى مسألة السلطة، وبسبب الحرص الذي ابداه التيار الثوري في قيادة الحزب على ” السلم في داخل الحزب” والذي كانت نتيجته سيطرة الانتهازية اليمينية على الحزب.
وفي أواسط 1963، تحققت بفعل ظروف موضوعية وذاتية خطوة ثورية خجولة على يد الرفيقين الشهيدين جمال الحيدري ومحمد صالح العبلّي، وذلك بالتحضير لانتفاضة مسلحة، لكن العدو الطبقي أجهز على البقية المتبقية من رموز ذلك التيار الثوري باعتقال واعدام الرفيقين الحيدري و العبلّي، وهكذا أصبحت الجادة أكثر اتساعاً أمام مسيرة النهج اليميني برموزه المعروفة، فكان خط آب التصفوي في عام 1964 وما أعقبه من ممارسات على مستوى التكتيك والتنظيم، خلقت أرضية لأضعاف الانضباط الحزبي وتحلل المنظمات الحزبية الذي قاد الى انشقاق أيلول 1967 الذي شطر الحزب شطرين فكان أن قادت العناصر الانتهازية من أمثال عزيز الحاج الموجة الثورية آنذاك فخربت الحزب وأضاعت مستقبل المئات من خيرة الكوادر والرفاق وضيعت على الحزب فرصاً جدية للتطور وتعزيز مواقعه باتجاه استلام السلطة في ظروف موضوعية مواتية. لقد أعطى الانشقاق وفشله بعد شهور من قيامه، الضوء الأخضر أمام الرفاق القياديين اليمينيين وتابعهم من الكوادر المتقدمة، لإشاعة جو من الإرهاب الفكري بحق الرفاق الثوريين داخل الحزب، فأضعفوا من ممارسة حق النقد والنقد الذاتي وأخلوا بتطبيق مبدأ المركزية الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية، وبالرغم من ذلك استطاع التيار الثوري في الحزب أن يحقق خطوة ثورية في صياغة نهج الحزب من خلال وثائق الكونفرنس الثالث 1967، والى حد ما في المؤتمر الثاني للحزب في 1970، الذي تم التأكيد فيه على ان فترة ما بعد 14 تموز قد برهنت ” على مدى عجز البرجوازية من قيادة الثورة الديمقراطية حتى نهايتها. بل وعجز حتى إقامة نظام برلماني يثبت سلطتها ويؤمن السير لها في طريق التطور الرأسمالي الحر” وبأن” تجربة 14 تموز وتجربة الانتكاسة والاخفاقات قد برهنت على أن قيادات البرجوازية الصغيرة هي أيضا عاجزة عن قيادة الثورة حتى نهايتها” الا ان العدو الطبقي كان بالمرصاد لهذا التيار الثوري فوجه ضربات قوية لرموزه فاغتال بعضه وأسقط سياسياً البعض الآخر ومن تبقى منه لم يستطع أن يوقف اليمين الانتهازي في نهجه الجديد القديم المتشبث بأذيال البرجوازية الصغيرة وممثلها في السلطة حزب البعث العربي الاشتراكي، فكانت الجبهة الوطنية والقومية التقدمية (المأساة ـ المهزلة، حسب قول للرفيق كريم أحمد في مجلة الحرية اللبنانية عام 1980).
لقد خرج الحزب من تجربة التحالف مع البعث بهزيمة كبرى على المستوى الفكري والسياسي والتنظيمي. فعلى المستوى الفكري أخفق الحزب في تقييمه المبالغ فيه لحزب البعث العربي الاشتراكي وهو الحزب القومي البرجوازي الصغير الذي تحكمت في أيديولوجيته ونشاطه فكرة معاداة الشيوعية والحزب الشيوعي، وبأن مجيئه الى السلطة ما هو الا نتيجة ” لأزمة البرجوازية بعد تصاعد المد الثوري في العراق وفي العالم العربي على اثر نكسة حزيران 1967، وحاجة البرجوازية الى حزب بمواصفات حزب البعث لقطع الطريق على الحركة الثورية وطليعتها الحزب الشيوعي العراقي واجهاض مبادراتها لاستلام السلطة سيما وأن لحزب البعث تأريخ عريق في الفكر والممارسة الفاشية المعادية لكل ما هو تقدمي، فكان أن “عاد حزب البعث العفلقي بقيادة صدام ـ البكر الى دست الحكم بوجه جديد، بقناع تقدمي”(عن مقدمة مجلة الثقافة الجديدة ـ العدد 152)
لقد تمت المبالغة بإمكانيات هذا الحزب القومي البرجوازي الصغير الى الحد الذي دفع باللجنة المركزية في تقريرها المقدم الى المؤتمر الثالث للتأكيد بأن” الشيوعيين يؤمنون بأن هذه العلاقة (أي علاقة التحالف مع البعث) يمكن أن تتطور وتتعمق وأن تصل بالبعثيين والشيوعيين، بحزبينا المتحالفين في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية، سوية الى بناء الاشتراكية” وثائق المؤتمر الوطني الثالث للحزب الشيوعي العراقي 1976 بغداد ص 42 ـ 43)،
وبذلك تكون اللجنة المركزية للحزب قد تجاهلت الشروط التي يمكن أن تؤمن مسيرة كهذه، والتي لا يمكن القول بتوفرها آنذاك، وأهم تلك الشروط هو تطور البعثيين الذي تم تشخيصهم خطأ على انهم ديمقراطيون ثوريون الى مواقع الاشتراكية العلمية الذي يستلزم الأمور التالية:
1ـ إقرار الديمقراطية الثورية بحتمية الاشتراكية كنتيجة موضوعية للتطور الاجتماعي وبالتالي الإقرار بالرسالة التاريخية للطبقة العاملة وبأهمية دورها في قيادة العملية الثورية.
2ـ تبني الاشتراكية العلمية كأساس فكري وحيد مع ما يعنيه ذلك من قطيعة مع كافة مذاهب الاشتراكية اللا ماركسية
3ـ إدراك أهمية التحالف مع بلدان المنظومة الاشتراكية
4ـ الابتعاد عن ضيق الأفق القومي والدعوة الى إقامة علاقات التضامن الاممي بين عمال جميع البلدان
وخلال سيرورة عملية تحوله، يدرك التنظيم الديمقراطي الثوري ضرورة وجود حزب سياسي طليعي مسترشد بالنظرية العلمية وقائم على أسس تنظيمية متينة ومرتبط بأوثق ارتباط بالطبقة العاملة وبجماهير الكادحين.
إن ضرورة تحول البعث، كديمقراطية ثورية، الى مواقع الاشتراكية العلمية، يعتبر شرطاً لازماً لتوجه العراق او لتصور إمكانية توجه العراق في تلك المرحلة، نحو الاشتراكية (بإمكان اعتباره بلد ذو توجه اشتراكي او كما كان يطلق عليه سابقاً بلد ذو توجه لا رأسمالي)، فمثل هذا التوجه يستلزم الشروط او العناصر الضرورية التالية:
1ـ سلطة شعبية ثورية
2ـ حزب طليعي ثوري يوحد كل القوى الثورية الديمقراطية المعادية لكافة أشكال الاستغلال والمؤمنة بالاشتراكية العلمية
3ـ التحالف والتعاون الشامل مع الدول الاشتراكية في النضال المشترك ضد الامبريالية وبناء المجتمع الجديد.
4ـ اجراء تحولات اقتصادية اجتماعية وثقافية للقضاء على التخلف والاقطاع ومنع بروز علاقات رأسمالية، ووضع أسس مادية تكنيكية لبناء المجتمع الاشتراكي، وذلك عن طريق جر الجماهير الكادحة ـ القوة الأساسية صاحبة المصلحة في التغيير، الى الاسهام العملي الفعال في هذه التحولات من خلال افساح أوسع مجال ديمقراطي لها لانتخاب أجهزة الدولة والمشاركة فيها أي تشكيل منظماتها الجماهيرية لتلعب الدور المناط بها.
فهل كانت هذه الشروط والعناصر متوفرة آنذاك حتى يمكن للمؤتمر الثالث للحزب أن يخرج بمقولة إمكانية تطور العلاقة بين الشيوعيين والبعثيين وتعميقها ومسيرتهما سوية الى بناء الاشتراكية؟
الجواب كلا طبعاً. فالذي حصل هو ان الحزب وتحت تأثير النهج الانتهازي اليميني الذي سيطر على قيادته انخدع بوهم إمكانية تطور العلاقة بين الشيوعيين والبعثيين رغم عدم توفر شروطها الموضوعية والذاتية، وذلك انطلاقا من النظرة الإصلاحية لهذا النهج التي تمتاز بالذيلية للفكر البرجوازي الذي يعول على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التدريجية أكثر من اعتماده على النظرة والأساليب الثورية لتغيير المجتمع رغم إن ” أية إصلاحات اجتماعية لا يمكن لها أن تكون مهما بلغت سعتها وجذريتها، بديلا عن مطلب الشعب في الحريات الديمقراطية والنظام الديمقراطي، ويتعذر تحقيق سياسة وطنية معادية للاستعمار وسياسة تقدم اجتماعي حقيقي في ظل الإرهاب السياسي وكبت الحريات الديمقراطية للشعب وللأحزاب الوطنية”(وثائق المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي أيلول 1970 ص 50).
ففي حقيقة الامر لم تكن عودة البعث الى دست الحكم من جديد في 17 تموز عام 1968 الا ” لتحقيق الثورة البرجوازية باتجاه إطلاق العنان للتطور الرأسمالي وتحديث الرأسمالية وكانت القضية المفتاحية في هذا السبيل التراكم الضروري للقضاء على التخلف الاقتصادي. ولم يكن بالإمكان انجاز ذلك بدون الاعتماد على قطاع الدولة لضعف القطاع الخاص. وكانت الامبريالية تهيمن على أهم مورد اقتصادي ـ النفط ـ فجرى تأميم الحقوق المستثمرة في عام 1972 وكان لا بد لتحقيق هذا المطلب الأساسي لجماهير الشعب واحزابها السياسية من الاعتماد على قوتين رئيسيتين المنظومة الاشتراكية ولا سيما الاتحاد السوفييتي والحزب الشيوعي العراقي. وبهذا يكمن تفسير المظاهر التي اكتست بها مواقف حزب البعث في السياستين الخارجية والداخلية آنئذ”(الثقافة الجديدة، العدد 152، ص 109).
إن الدور الطبيعي للبرجوازية الصغيرة في الحركة الثورية التحررية هو أن تكون سنداً للطبقة العاملة في صراعها الطبقي ضد البرجوازية الكبيرة من أجل السلطة السياسية كأداة لتحقيق سيطرتها الطبقية. فدورها الثوري في حركة التحرر يكمن إذن في كونها طبقة سنداً للطبقة العاملة. ومن غير الطبيعي، في منطق تطور الصراع الطبقي، أن تنعكس هذه العلاقة الطبقية بين الطبقة الثورية والطبقة السند. أن هذا الوضع غير الطبيعي في منطق تطور الصراع الطبقي هو الذي كان سائداً في العراق آنذاك، فالطبقة البرجوازية الصغيرة بشخص ممثلها حزب البعث العربي الاشتراكي أصبحت هي الطبقة المهيمنة، والطبقة العاملة بشخص طليعتها الحزب الشيوعي العراقي وفي منطق النهج الانتهازي اليميني، أصبحت هي الطبقة السند وبالتالي الذيل للبرجوازية الصغيرة. لقد كان ذلك مظهراً من مظاهر التحريفية والانتهازية اليمينية التي تمثلت بالإضافة الى جوانب ومظاهر أخرى بالاقتران بالمبالغة في دور البرجوازية الصغيرة وقيادتها في الدول النامية المستقلة حديثاً..”(وثائق المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي أيلول 1970، ص17)
فانقلاب (17 ـ 30) تموز 1968 الذي أطلق عليه لاحقاً اسم ثورة!؟ ” لم يغير طابع الحكم البرجوازي بل نقل السلطة الى أيدي فئة من ممثلي البرجوازية الصغيرة والمتوسطة التي، رغم كل ما اتخذته من خطوات تقدمية، لم تشأ وضع حد لأسلوب الحكم العسكري الاستبدادي بل صبغته بصبغة حزبية (بعثية). فالحكم الحالي يستمد سلطاته من كونه يعتمد على سيطرته على القوات المسلحة بفضل ولاء بعض الضباط له وعلى أساليب القمع” (وثائق المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي، أيلول 1970 ص80)
فما الذي تغير بعد ذلك؟
أن كل التطورات التي حصلت في العراق بعد تسلم البعث لزمام السلطة أعطت الدليل بوضوح على أن النظام وحزبه الحاكم محكوم بضرورة داخلية تقوده الى ان يكون ممثلا لمصالح البرجوازية البيروقراطية والطفيلية في الداخل ولمصالح الاحتكارات الرأسمالية العالمية في الخارج كما تعززت بمرور الوقت نزعاته الرجعية ضد الشيوعية والشيوعيين وضد كل مظاهر التقدم والديمقراطية داخلياً وعربياً ودولياً.
إن ما حصل في 1978 ـ 1979 من تصعيد النظام البعثي لحملته الهستيرية المعادية للحزب الشيوعي العراقي وما رافقها من مظاهر إرهابية أخرى، ليست في الحقيقة ” ارتداد النظام” او هي ” تدهور لنهج النظام “، كما يطرحه اليمين الانتهازي في تقارير اللجنة المركزية، بل استمرار طبيعي لتطور البنية الداخلية لهذا النظام منذ البداية.
لقد قاد هذا الموقف الفكري اليميني للحزب بصدد طبيعة وامكانيات حزب البعث العربي الاشتراكي الى تكتيكات وممارسات سياسية يمينية تراجعية امام السياسة الرجعية لحزب البعث، على الأصعدة الداخلية والعربية والعالمية. وتميزت سياسة الحزب اتجاه السياسة الرجعية المغلفة بالتقدمية التي انتهجها حزب البعث، إما بالسكوت عن مناقشتها أو نقد بعض مظاهرها على استحياء، أو تداولها مع “الحلفاء” ولكن على المستوى القيادي فقط. دون التفكير أو ممارسة الضغط من القاعدة بأشكال مختلفة او الانجرار الى تأييد بعض المواقف التي أقدم عليها البعثيون والتي كانت تشكل في بعضها خطورة حقيقية على استقلال العراق. كما حصل من مباركة للاتفاقية العراقية ـ الإيرانية الجائرة المعقودة في الجزائر عام 1975 حول الحدود حيث رحب حزبنا وقتها “بالخطوات المتخذة نحو إقامة العلاقات الطبيعية بين الدولتين الجارتين العراق وإيران” وثائق المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي العراقي 1976 بغداد ص59.
أما على الصعيد التنظيمي فقد تجلت هزيمة الحزب بتخليه عن منظماته الديمقراطية وعن العمل في صفوف القوات المسلحة وتراجعه امام الإجراءات التي اتخذتها السلطة في مجال تبعيث التعليم ومؤسسات الدولة بشكل عام، وكشفه لخطوطه التنظيمية وكوادره وعدم اتخاذه الاحتياطات الاحترازية في مجال التنظيم مما سهل على العدو الطبقي الاندساس داخل صفوف التنظيم وسهل عليه أيضا توجيه ضريبته القاصمة في 1978 ـ 1979.. الخ فانحسر دور الحزب وتقلصت جماهيريته.
وبعد هزيمتنا على يد البعثيين في 1978 ـ 1979، اشتد الصراع في الحزب بين التيار الثوري مدعوماً بالقاعدة الحزبية وبعض الكوادر المتقدمة وبين التيار الانتهازي اليميني مدعوماً بغالبية الكوادر المتقدمة، لقد حاول الجناح اليميني في قيادة الحزب فرض تخريجاته لهزيمة الحزب من خلال ما طرحته قيادة الحزب في الداخل في “مناضل الحزب” في عددها الصادر أوائل عام 1979، وفي بيان المكتب السياسي الصادر في مايس 1979، حول شروط عودة التحالف مع البعث، وفي الشعار الخجول الذي رفعه الحزب في تقرير اجتماع اللجنة المركزية في تموز 1979 والداعي الى “انهاء الحكم الديكتاتوري ..” ومن خلال إصراره على تضمين الخط السياسي الجديد، نظريته اليمينية حول: الارتداد الشامل للنظام” عن “نهجه التقدمي” وذلك في محاولة للالتفاف حول اية عملية تقييم جدي لمرحلة التحالف الفاشلة مع البعث الفاشي قد يقوم بها الحزب، من اجل اعتبار ما حصل خلال مرحلة التحالف تلك، مجرد تقصيرات وأخطاء ارتكبتها قيادة الحزب وليس نهجاً يمينياً محدداً برموزه التأريخية. إلا ان التيار الثوري واصل هجومه واستطاع بفعل ظروف ذاتية وموضوعية مناسبة أن يحقق خطوته الثورية وذلك بانتهاج الحزب لشعار اسقاط النظام الدكتاتوري الفاشي وإقامة البديل الديمقراطي في العراق واعتبار الكفاح المسلح الأسلوب النضالي الأساسي لتحقيق هذا الشعار بالإضافة الى الأساليب الجماهيرية الأخرى والدعوة الى إعادة بناء التنظيم وتقويته على الأسس اللينينية الثورية ليكون نواة “وقائداً لتحالف وطني عريض من أجل انجاز المهام الكبيرة التي تطرحها المرحلة الراهنة أمام شعبنا وحركته الوطنية، ومن أجل تطور الثورة باتجاه إقامة ديكتاتورية البروليتارية، ولقد تبلور هذا الخط السياسي ورغم ما شابه من طروحات يمينية، في تقريري تشرين الثاني 1981 وأيلول 1982 الصادرين عن اجتماعي اللجنة المركزية للحزب في تلك الأعوام.
وأمام هذا المد الثوري الجديد، تظاهر اليمين الانتهازي بتراجعه الظاهري عن طروحاته مؤقتاً، ولكنه وبسبب الظروف الموضوعية والذاتية التي أحاطت بالحزب في السنوات الأخيرة، والتي تمثلت أساساً بالمستوى الفكري والممارسة النضالية المتقدمة للقاعدة الحزبية والتي استطاعت التعرف على رموز هذا التيار اليميني ومحاصرته، وخوفاً من ضياع المواقع والامتيازات، لجأ رموز هذا التيار اليميني الى أساليب وتلاوين جديدة لتحقيق أهدافه، ولقد تمثلت تلك الأساليب بشكل رئيسي بتمييع تطبيق الجوانب الثورية من الخط السياسي الجديد وأساسه الفكري من خلال افساد التنظيم بالضافة الى أساليب أخرى سأتطرق اليها لاحقاً.
إن تشخيصاً محدداً لليمين الانتهازي ورموزه وأساليبه في الحزب هو الذي سيساعدنا على الإمساك بالحلقة الرئيسية من أسباب تسرب “بعض التيارات والتسلكات الليبرالية والتكتلية البتي برجوازية” الى صفوف الحزب “في محاولة من حامليها اضعاف الضبط الحزبي والطاعة الواعية والمركزية الديمقراطية وشل الحزب من اداء دوره الطليعي في الثورة الوطنية الديمقراطية” ومن دون المعالجة التي يجب اتباعها على أساس هذا التشخيص والتي تقضي بتخليص الحزب من هذا التيار الانتهازي اليميني برموزه وركائزه التاريخية المعروفة ومن ثم تعزيز مواقع التيار البروليتاري الثوري، من دون ذلك لا يمكن أن نضمن “التفاف الشيوعيين المعهود حول حزبهم وقيادته” ولا يمكن لدعوة “اعضاء الحزب الى اليقظة الثورية والى تقوية الضبط الحزبي الحديدي وتعزيز سيادة المبادئ اللينينية في حياة الحزب الداخلية ومكافحة الليبرالية دون رحمة والعلاقات التكتلية بلا هوادة” ان تجد صدى ايجابياً كبيراً لدى جماهير الحزبيين.
إن أهمية وضرورة انضباط حزب البروليتاريا الثوري تتأتى من حجم المهام الملقاة على عاتق الحزب اتجاه طبقته وجماهير الكادحين وتزداد الحاجة الى انضباط صارم في الحزب وتقويته وتعزيزه والارتقاء به باستمرار بسبب:
ـ اولاً ازدياد أهمية الدور الطليعي للحزب البروليتاري في الحركة الثورية وفي المجتمع،
ـ وثانياً بسبب تنوع أساليب العدو الطبقي الخبيثة لتخريب الحزب الشيوعي واضعاف دوره القيادي للطبقة العاملة.
ولكن لانضباط حزب البروليتاريا الثوري شروطه، “التي يجري بها توطيده وتجريبه وتدعيمه وهذه الشروط كما يذكرها لينين هي “اولاً وعي الطليعة البروليتارية ووفائها للثورة وثباتها ورباطة جأشها وبطولتها وروح التضحية بالذات عندها، وثانياً، باستطاعتها الترابط والتقارب واذا شئتم الاندماج لحدما، مع أوسع جماهير الكادحين، وفي المقام الأول مع جماهير البروليتاريا وكذلك مع الجماهير الكادحة غير البروليتارية، وثالثاً، بصواب القيادة السياسية التي تقوم بها هذه الطليعة، وبصحة ستراتيجيتها وتكيتكها السياسيين، شرط ان تقتنع أوسع الجماهير الكادحة بهذه الصحة بتجربتها الخاصة.. “(لينين المختارات، المجلد 9 ص432)
وارتباطاً بهذه الشروط وتكملة لها فهناك جملة من الشروط الأخرى ذات الأهمية في تعزيز الانضباط البروليتاري الصارم وهي:
1ـ نضال الحزب الشيوعي الحازم ضد الأفكار الانتهازية اليمينية والـ “اليسارية”
2ـ تطهير الحزب لصفوفه من العناصر الخاملة والمخربة والثرثارة.. الخ فـ “الحزب يقوى بتطهير نفسه”
3ـ اختيار الكوادر ومتابعة التنفيذ.
ولخلق هذه الشروط مجتمعة، لا بد من وجود عقلية بروليتارية ثورية منسجمة تقود الحزب الشيوعي، وهذا ما لم يتم تحقيقه في حزبنا الشيوعي العراقي منذ استشهاد الرفيق الخالد فهد وحتى الآن وهو السبب الذي جعل من مظاهر ضعف الانضباط البروليتاري في الحزب تطفو بين فترة واخرى.
يؤكد الرفيق فهد في كراسه “حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية” على “ان الانتهازية قد سلكت طرقاً ملتوية في نشاطها لإخفاء حقيقة كونها انحرافاً عن الخطة اللينينية الثورية. لإخفاء كونها ميلاً (لا مؤامرات افراد) غريباً عن الشيوعية. كان الانتهازيون يصرخون بملء افواههم بأن سياسة الحزب وخططه كانت صحيحة، لكنهم عملياً كانوا يعكسون سياسته ويعرقلون خططه واستمروا على ادعائهم وعلى سلوكهم المعاكس” وهذا هو حال اليمين الانتهازي في حزبنا، فمعظم رموز هذا التيار، وكنتيجة لطبيعتهم المتذبذبة والملتوية واللامبدأية، قد رفعوا ـ عالياً جداً ـ راية “الثورة” وكيفوا أنفسهم للأوضاع الجديدة. ولكنهم في الواقع العملي، في الممارسة اليومية على عكس ذلك فهم يساهمون ومن مواقع مسؤولياتهم الحزبية في تخريب الخط السياسي وحرفه. أن الاشكال الجديدة التي يمارس بها هذا التيار الانتهازي اليميني لنهجه يتجلى في الأمور التالية:
1ـ إصراره على تضمين الخط السياسي الجديد للحزب، لمرحلة ما بعد فشل التحالف مع البعث الفاشي، نظرية حول “ارتداد النظام” عن نهجه “التقدمي” في محاولة للالتفاف على اية عملية تقييم جدي يقوم بها الحزب لمرحلة التحالف الفاشل.
2ـ كبحه للصراع الفكري الدائر في منظمات الحزب منذ هزيمتنا في 1978 ـ 1979، وصرفه من أن يتخذ وجهته الثورية، مما دفع بهذا الصراع الى أن يتنفس خارج التنظيم ليتحول الى ليبرالية وثرثرة، ورأي عام لجماهير القاعدة الحزبية يوازي في قوة تأثيره على أوضاع الحزب لقوة تأثير الشرعية الحزبية، ويبطل من مفعولها في كثير من الأحيان، ويغدو بالتالي مادة تتغذى عليها الكتل المعادية والمتطرفة، مما افقد التنظيم اسراره، وساد التحلل في المنظمات الحزبية الى الحد الذي أصبحت معه الحدود بين التنظيم واللا تنظيم واهية الى أبعد الحدود.
3ـ تلجيمه للكفاح الفكري ضد المفاهيم والافكار القومية البرجوازية الصغيرة بأشكالها الملموسة السائدة في مجتمعنا، او ضد تلك المفاهيم الانتهازية والتحريفية لبعض أطراف الحركة الشيوعية والعمالية، او ضد الحملة الفكرية المعادية للحزب التي يشنها العدو الطبقي من خلل بعض رموز قيادية خانت الحزب من أمثال عزيز الحاج، مالك سيف، وغيرهم. لقد أضعف ذلك من الحصانة الفكرية للرفاق، وساعد على تسرب تيارات وأفكار البتي برجوازية الى صفوف الحزب، مهدداً وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية.
4ـ يعتبر قادة التيار الانتهازي اليميني كل وقفة نقد ذاتي يقفها الحزب امام اخطائه، بمثابة جلد ذاتي، ناسين او متناسين ما يقوله لينين من ان ” موقف الحزب السياسي من اخطائه هو واحد من أهم وأصدق الأدلة على جدية الحزب وتنفيذه في الواقع واجباته إزاء طبقته والجماهير الكادحة.
كما يقول لينين أيضا “إن جميع الأحزاب التي احتضرت حتى الان انما احتضرت لكونها قد أصيبت بالغرور ولم تستطع ان ترى في أي شيء تكمن قوتها، وخافت الحديث عن نقاط ضعفها. اما نحن فإننا لن نموت، لأننا لا نخاف الحديث عن نقاط ضعفنا ونتعلم التغلب عليها”
ان الاعتراف جهاراً بالخطأ، والكشف عن علله، وتحليل الظرف الذي أدى الى ارتكابه والبحث باهتمام في وسائل اصلاح الخطأ انما هو علامة الحزب الجدي، إنما هو تنفيذه لواجباته، انما هو تربية وتعليم الطبقة ومن ثم الجماهير” (لينين المختارات، المجلد 9 ص477). وبحجة الخوف من ان يستغل العدو الطبقي هذا النقد الذاتي للتشهير، أخفوا تأريخ الحزب عن أعين القاعدة الحزبية والجماهير، بالرغم من قراراً بكتابته قد اتخذ في المؤتمر الثاني للحزب في عام 1970.
وتحت هذه الحجج أحجموا عن اصدار ورقة التقييم لمرحلة التحالف الفاشلة مع البعث لأعوام 1973 ـ 1978، وماطلوا في اصدار ورقة التقييم لأحداث بشت آشان المأساوية الأولى والثانية وعندما فرض عليهم إصدارها، تمت” لفلفتها” ببراعة يمينية يحسدون عليها.
إن اليمين بتخوفه من النقد والنقد الذاتي، يعرف انه هو بالذات المقصود بهذا النقد والنقد الذاتي، وفي حالة أن يكون هناك محاسبة جدية وثورية، لن يبقى لرموز هذا التيار مكان في الحزب اطلاقاً. إن محاولات اليمين في قيادة الحزب طمس الحقائق في تأريخ الحزب وخوفه من ممارسة النقد والنقد الذاتي، قدمت للعدو الطبقي مادة دسمة لكتابة تأريخ الحزب ونضاله بالطريقة التي خطط لها من أجل تخريب الحزب وحرفه عن مسيرته النضالية (أضواء على الحركة الشيوعية في العراق، مع الأعوام التاريخ لسان.. الخ) وبدلاً من ان يتعرف رفاق القاعدة الحزبية والجماهير على تاريخ الحزب ومواقفه من خلال الحزب، تعرفوا عليها من خلال العدو الطبقي، وذلك سبب مضاف لتغذية التكتلات والتيارات الانتهازية المعادية في صفوف الحزب وخارجه، والتي تتباكى اليوم” مناضل الحزب “من شيوعها في صفوف التنظيم وتدعوا الى اليقظة اتجاهها” ولكنها في تشخيص أسبابها، تدفن رأسها بالرمل، او كما يقول المثل العربي عن الذين يعرفون الأشياء بمظاهرها لا بجوهرها:
كأننا والماء من حولنا ـ قوم جلوس حولهم ماء
نحن نعرف جيداً من الذي يخطط ويصدر ” مناضل الحزب” انه نفسه الذي قال في عددها 3 لعام 1983، انه لا يمكن عقد مؤتمر رابع للحزب في الظروف الراهنة ونظرا لذلك ما انزل الله من تنظير، وهو نفسه الذي يعود ليؤكد على الاعداد الى عقد المؤتمر الرابع على شرف الذكرى اليوبيليه للحزب، ويتهم ملا عليّ واعوانه بالمروق على الحزب لأنهم يعارضون عقد المؤتمر الرابع!!
أي تخبط هذا يا قيادة الحزب؟
انه التيار الانتهازي اليميني ذاته الذي يحاول من خلال مناضل الحزب خلط الأوراق والقاء مسؤولية أوضاع الحزب الداخلية المتردية على الشيوعيين من: ذوي الاكتاف الرخوة” ولكني أقول “لمناضل الحزب” انه إذا كانت هناك ضرورة لاتخاذ “الإجراءات الرادعة حيال العناصر الانتهازية المخربة وضرورة تطهير الحزب منها، ليكون سليماً معافى، يسري فيه الضبط والطاعة الواعية والتنفيذ اللا شرطي لقرارات الهيئات العليا واحترام القيادة.. الخ، حزب تسوده مبادئ المركزية الديمقراطية والقيادة الجماعية، تسوده وحدة الفكر ووحدة الإرادة والعمل.. على جميع المستويات”، إذا كانت هناك ضرورة، وهي قائمة بالتأكيد، لاتخاذ إجراءات رادعة بحق مثل هذه الظواهر، فإن على “مناضل الحزب” أن تعود الى قراءة متأنية للرفيق فهد في كراسه “حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية” حيث يقول:” إن العدو يضحك من عقولنا ويفرح ان نحن حاربنا أوراق الشجرة واعضائها وتركنا جذورها سالمة. علينا ان لا نكون اغبياء الى حد اعتبار الأخطاء التي نشأت وتنشأ في وسطنا متأتية عن أولئك الأشخاص فنحاربهم دون محاربة التيارات الانحرافية وتنظيف حركتنا منها ”
و (ان الحفاظ الصارم لقواعد النظام الداخلي هي ضمانة لتطبيق مبدأ المركزية الديمقراطية في الممارسة الحزبية وان تطوير مبدأ المركزية الديمقراطية يتم، بشكل رئيسي باتجاهين: عن طريق اغنائه بأشكال جديدة، وعن طريق إطلاق ظهور كل شكل من اشكال المركزية الديمقراطية الى حده الأقصى.
ان الوسيلة الرئيسية لبلوغ وحدة الفكر ووحدة الإرادة والعمل في الحزب هي إطلاق الديمقراطية الحزبية الداخلية وان العلاقة الديالكتيكية بين الديمقراطية والضبط في الحزب الشيوعي قد كشفها لينين ووضع أسسها في حين” ان وحدة العمل ـ حرية المناقشة والنقد، هذا هو فهمنا للضبط الحزبي”)
5ـ تعامله مع الكوادر على أسس غير لينينية في التقديم والتوزيع وفي التربية. واعتماد رموز التيار الانتهازي اليميني في هذا المجال على الولاءات العشائرية والمدينية والقومية والطائفية وعلى وصولية هذا الكادر وانتهازيته وذيليته للنهج الانتهازي اليميني بحيث أصبح القسم الأكبر من الكادر المتقدم (أعضاء لجان المناطق والمحليات) هم انتهازيون يمينيون، يمتازون بضعف مستوياتهم، الفكرية وجهاديتهم وحسهم الثوري والطبقي كما يمتازون بلا أخلاقياتهم وجمودهم وميكانيكيتهم في تطبيق القرارات وافتقادها روحها الثورية وفي نصب الدسائس والايقاع بالرفاق. كما ترافق نهج رموز اليمين الانتهازي بكبح العناصر الثورية ومحاربتها وتحجيم دورها ومبادراتها وقمعها ودفعها اما الى ترك الحزب او الى تقديم الولاء من خلال حجب تقديمها الى المواقع الحزبية والعسكرية التي تستحقها لكفاءاتها او بتوريطها في مسؤوليات حزبية وعسكرية أكبر من طاقتها وعدم متابعتها ورعايتها وبالتالي اثقالها بالممارسات الخاطئة لإتلافها وافقادها احترام القاعدة الحزبية لها، او افسادها لمحاولة استمالتها بمغازلتها من خلال نقاط ضعفها بالزمالات او الإجازات.. الخ، لإضعاف جهاديتها وتحويلها الى أداة طيعة لتنفيذ النهج اليميني. كما تمثل النهج اليميني أيضا وعلى مستوى الكوادر، بإضعاف دور العنصر العمالي في الهيئات الحزبية او في قيادتها وافسادها ومحاصرة الموجود منهم بالإضافة الى رعايته للكوادر التي أظهرت الجبن امام العدو الطبقي وتلك الكوادر الخائنة والمنهارة والتي أظهرت ضعف حرصها على شرفها الشيوعي في مواجهتها للعدو الطبقي.
ولخوف رموز التيار الانتهازي اليميني في قيادة الحزب من توجيه الاحتجاجات التي اخذت تتصاعد داخل صفوف الحزب وفي قاعدته، أخذت هذه الرموز تتبارى في بناء بطانتها من هذه الكوادر الهزيلة ضاربة عرض الحائط التقاليد الثورية، فعضو المكتب السياسي او عضو اللجنة المركزية من الفرات الأوسط مثلاً أصبح يسابق الزمن في عملية تقديم مثل هذه الكوادر او تسليمها المسؤوليات المختلفة، لاعتبارات ليست في مصلحة الحزب، بل لتكون سياجاً له في صراعه ضد الاخرين واستباقاً او تهيئة لاي مؤتمر او كونفرنس قادم، حتى يكونوا له قاعدة تساعده على الاحتفاظ بموقعه الحزبي وهكذا الامر بالنسبة لقيادي من المنطقة الجنوبية او الاقليم.. الخ. وهكذا أصبح لكل واحد من اعضاء المكتب السياسي او اللجنة المركزية او ل. “عشيرته” من الكوادر المتقدمة التي تسبح بحمده وتنتظر حسناته.
ومن المظاهر الأخرى للنهج الانتهازي اليميني اللا ثوري في التعامل مع الكوادر هو عدم اعتماد مبدأ التنحية الى جانب التقديم الى الصفات والمراكز الحزبية والعسكرية، فالذي يحصل على صفة أو مركز حزبي او عسكري، يصبح له كـ “الطابو” لا ينحى عنه حتى موته او تركه للحزب برغبته، وحتى لو اتى بالكبائر، ما دام محسوباً على رموز النهج الانتهازي اليميني.
ان فن القيادة كما يقول لينين هو اختيار الكادر ومتابعته وهذا ما أخفقت به قيادة الحزب الى حد كبير بسبب سيادة النهج الانتهازي اليميني في التنظيم مما أفسد الكادر، وخلق مراكز القوى داخل القيادة وصراعاتها اللا مبدأية مما قاد الى ظهور التكتلات المدينية والقومية والطائفية والعشائرية داخل الحزب مهددة وحدته الفكرية والتنظيمية وخالقة أرضية خصبة للانشقاقات والتشرذمات، وكان ذلك عاملا في اضعاف هيبة القيادة أمام جماهير الحزبيين وفي اضعاف الثقة بقدرتها على صنع النصر.
6ـ تمييع التيار الانتهازي اليميني للكفاح المسلح كأسلوب نضالي رئيسي للحزب في المرحلة الراهنة لإنجاز المهمات النضالية المطروحة في الخطة السياسية وذلك من خلال:
ـ عدم تثوير الاساليب التي اعتمدها الأنصار في نضالهم والتي نقلوها حرفياً من الحركة الكردية السابقة، وسيادة العقلية الفلاحية وليس العقلية الثورية في قيادة العمليات المسلحة. وما يتبع ذلك من تلكأ في نقل الكفاح المسلح الى المدن وخاصة بغداد ومدن وسط وجنوب العراق.
ـ ضعف وجود الخطط العسكرية المركزية والقّطاعية المبرمجة التي تنظم عمل الأنصار وترتقي به نتيجة عدم وجود استراتيجية واضحة ذات ابعاد زمنية لمسار تطور الكفاح المسلح. فلقد ترك العمل في غالبيته للعفوية ولمبادرات فردية من الرفاق.
ـ ارباك تعبئة الرفق فكرياً وسياسياً وتنظيمياً لتبني هذا الاسلوب النضالي من خلال المزايدة في التنفيذ من جهة، ومن جهة أخرى، إشاعة الأجواء التي تبعث على الحذر في نفوس الرفاق من خلال الايهام باحتمالات انقلاب عسكري يطيح بالنظام، او بالتقليل او التضخيم المبالغ فيه بإمكانياتنا وامكانيات عدونا، وبمرور الوقت أضعف هذا الارباك المتعمد الناشئ من موقف اليمين الانتهازي المعارض للكفاح المسلح، في تعبئة الرفاق وفي ثقتهم بقدرتهم على تحقيق الانتصار على عدوهم بنشاطهم العسكري، مما دفع بالكثير منهم الى اللامبالاة وفي أحيان كثيرة الى اليأس والتشاؤم او التطرف” اليساري ” فأصبحوا مادة لنشاط العدو الطبقي والتكتلات التخريبية.
ـ المماطلة في اصدار النظام الداخلي للأنصار لأكثر من أربع سنوات وتمييع عملية تطبيقه بعد اقراره، وكذلك المماطلة في اصدار نظام للحوافز والمكافآت للأنصار حتى الآن.
ـ عدم تشكيل جهاز استخبارات عسكرية لتشكيلات الأنصار والمجاميع المسلحة الأخرى.
ـ عدم تطوير المصادر الداخلية للسلاح والتموين منذ المراحل المبكرة للعمل المسلح، بحيث ظلت المصادر الخارجية هي الأساس حتى الان.
ـ ضعف الحزم الثوري ضد نشاطات العدو التخريبية داخل صفوف تشكيلاتنا من اندساس وتجسس.. الخ.
ـ تشكيل اللجنة العسكرية التي ترعى مستلزمات الكفاح المسلح والانصار في الخارج من كوادر لم تخض تجربة الكفاح المسلح، لذا فهي ليست بقادرة على تفهم متطلبات هذا الأسلوب النضالي ولا نفسيات القائمين به وعليه بالقدر المطلوب.
ـ عدم وجود نظام عمل سياسي وعسكري مع الملتحقين الجدد في صفوف تشكيلاتنا العسكرية مما دفع بالعديد منهم الى ترك الأنصار.
ـ عدم ممارسة الديمقراطية في انتخاب وتقديم الأنصار الى المراكز العسكرية القيادية في كافة التشكيلات، على أساس الكفاءة والشجاعة والاقدام والمبادرة واحترام وحب القاعدة الحزبية بل فرض اعداد كبيرة من هذه الكادرات لاعتبارات غير سليمة.
ـ ضعف الاطلاع على تجارب الحركات المسلحة في بلدان أخرى واستخلاص الدروس المفيدة منها بالإضافة الى اهمال الدراسات والاقتراحات لتطوير العمل المسلح والتي قدمها الأنصار في مناسبات مختلفة.
7ـ مماطلة اليمين الانتهازي في الأعداد والتحضير لعقد المؤتمر الرابع او على الأقل لكونفرنس وطني عام للحزب وذلك تحت حجج واهية لا تصمد للنقاش العلمي مع تلجيمه لعقد الكونفرنسات الحزبية او العسكرية الاختصاصية لمناقشة مسائل مثل التنظيم او تشكيلات الأنصار، او كيفية العمل مع الكادرات.. الخ بالإضافة الى شكلية عمله بمبدأ القيادة الجماعية، وسيدة روح الفردية واستجلاب الشهرة للذات في إدارة العمل الحزبي والعسكري مع كبحه لممارسة الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية وللنقد والنقد الذاتي وإشاعته للإرهاب الفكري وتشهيره بالرفاق الجيدين من ذوي الأفكار الثورية الجريئة. وعدم ابداءه للحزم الثوري المطلوب إزاء التسلكات والمظاهر السلبية في حياة الحزب كالليبرالية والممارسات اللاأخلاقية والفساد والتحلل. الخ وغير ذلك من مظاهر ضعف الانضباط الحزبي والخلق الشيوعي.
8ـ ضعف اعتماد النظرة العلمية في تحليل الأوضاع السياسية التي تتعقد يومياً والتي تحيط بالحزب داخلياً وعربياً مما أضعف بالتالي من فعالية التاكتيكات التي اتخذت لمواجهة تلك الأوضاع (مثال خطة الطوارئ التي اعتمدها م. س في 1982 وما رافقها من تحشيد خاطئ للكوادر)
9ـ الميل الى اعتماد المكتبية والبيروقراطية في العمل الحزبي
10ـ واذا كانت الفكرة القائلة بأن ” نعزب سوية ” مع البرجوازية، تتصف بطابع مؤقت فإنه من الواجب مراقبة “الحليف كعدو” عن كثب (يمكن العودة الى لينين المجلد 2 من المختارات ص 487 ـ 488) الا ان قيادة الحزب وبتأثير اليمين الانتهازي ونظرته التأريخية المبالغ فيها الى دور البرجوازية الصغيرة، اقحمت الحزب في تحالفات راعت فيها التكتيك السياسي اليومي البرغماتي على حساب الموقف الطبقي السليم، فكانت جوقد وجوع اللتان ولدتا ميتتان، وكانت جود التي صبت في طاحونة البارزانيين اكثر مما ساعدت على تقوية نفوذ الحزب، وكان التعامل مع الاتحاد الوطني الكردستاني وما قاد اليه من مآسي في بشت آشان وما بعدها وهكذا.
لقد كان التعامل مع مبدأ التحالفات يتم غالباً على أساس برجوازي صغير وليس على أساس لينيني ثوري مما أضعف من الحس الطبقي لدى جماهير الحزبيين ومن يقظتهم وحذرهم اتجاه الحلفاء وتقلباتهم.
11ـ لقد أضعف اليمين الانتهازي حاسة القيادة للظواهر الجديدة والتقدمية في حياة الحزب، كما أضعف من ظاهرة دراسة وتعميم التجارب الناجحة او الفاشلة في حياة الحزب خلال الفترة بالقدر الذي يساعد على تحصين الرفق ورفع مستواهم الفكري ومقدرتهم النضالية.
12ـ عدم اعتماد الأساليب الثورية في تعبئة الجماهير.
13ـ عدم وضعه للخطط التفصيلية على مستوى التنظيم بكل مفاصله لتغيير الخطة السياسية المقررة وعزل الأداة المنفذة الأساسية وهي القاعدة الحزبية وعدم اشراكها بفعالية في التخطيط لسياسة الحزب.
ومن خلال استعراضنا الموجز نلاحظ الخصائص التالية في تطور الحزب.

1ـ إن الضربات التي وجهها العدو الطبقي للحزب منذ تأسيسه وحتى الآن تركزت بشكل رئيسي على قياداته وكوادره الثورية بتصفيتها جسدياً او سياسياً مما أدى في المحصلة النهائية الى زيادة نسبية في حجم القيادات والكوادر ذات التاريخ والأفكار الانتهازية اليمينية على حساب القيادات والكوادر الثورية. وقاد بالتالي الى تقوية التيار اليميني على حساب التيار الثوري.
2ـ تميزت القاعدة الحزبية بثوريتها التي استطاعت وفي ظروف حرجة ان تلتف حول القيادات والكادرات الثورية وتصحيح سياسة الحزب التي حرفها اليمينيون أكثر من مرة.
3ـ طهور مراكز قوى واستقطاب داخل اللجنة المركزية والمكتب السياسي مع صراعات لا مبدئية بينها تهدد وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية.
4ـ سيادة المواقف التوفيقية في الخط السياسي في اغلب الأحيان بحجة الحفاظ على حالة “السلم داخل الحزب ”
اقتراحات:
ومن أجل معالجة جذرية للظواهر التي تعبث بجسد حزبنا العظيم، ومن اجل ان يستعيد دوره الطليعي الحقيقي للطبقة العاملة وللحركة الثورية في العراق فإني أرى ضرورة انجاز المهام التالية:
1ـ الكشف عن الجذور الفكرية لليمين الانتهازي وتعرية ممارساته وشن الكفاح الفكري الحازم ضده مع تنحية او تجميد جميع العناصر التي رفعت لواء هذا الفكر منذ استشهاد الرفيق الخالد فهد وحتى الآن، سواء تلك التي ساهمت في ضياع ثورة 14 تموز1958، او صياغة خط آب 1964 التصفوي، أو تلك التي نظّرت لتجربة التحالف الفاشل مع البعث الفاشي، لو لتلك التي سببت كارثة بشت آشان. الخ.
2ـ وبعد تنفيذ الفقرة الأولى، فمن الضروري إعادة النظر في تركيب جميع اللجان والهيآت الحزبية والعسكرية وإعادة تركيبها من جديد بتطعيمها بكوادر ثورية جديدة.
3ـ تقليص عدد أعضاء اللجنة المركزية ومرشحيها ومكتبها السياسي الى الحد الضروري والفعال، حيث ان تشكيلتها كانت قد بنيت على أساس مهام مرحلية سابقة من نضال الحزب وهي مرحلة التحالف الفاشل مع البعثيين تختلف نوعياً عن مهام المرحلة الراهنة (ولكل مهمة رجالها) حيث نلاحظ ان متوسط اعمار أعضاء اللجنة المركزية الحالية حوالي 50 سنة، كما نلاحظ وجود بطالة مقنعة بين عدد من اعضاءها واعضائها المرشحين اما لكبر سنهم او لمعاناتهم من امراض مزمنة، او لضعف امكانياتهم النظرية او التنظيمية او القيادية بشكل عام.. الخ.
4ـ ولحين عقد المؤتمر الوطني او الكونفرنس الوطني العام فمن الضروري عقد الكونفرنسات المنطقية والمحلية لمناقشة جميع المشاكل التنظيمية والسياسية والفكرية التي تواجه الحزب. وانتخاب قيادات منطقية ومحلية وتنفيذ مقررات هذه الكونفرنسات.
5ـ العمل بجدية للتحضير لعقد المؤتمر الوطني الرابع او الكونفرنس الوطني العام خلال مدة لا تتجاوز عام 1985 م طرح مسودات البرامج والنظام الداخلي والتقييمات (التي يجب أن تتضمن بشكل أساس تقييم مرحلة التحالف الفاشل مع البعث الفاشي وتقيين مرحلة ما بعد التحاف حتى انعقاد المؤتمر او الكونفرس) للمناقشة في الكونفرنسات المنطقية والمحلية ثم طرحها على المؤتمر او الكونفرنس لإقرارها بصورة نهائية.
ــــــــــــــ
رفيقكم
د. أبو ظفر

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com