تحقيقات

موقع بريطاني: ما الذي قد يخطط له التيار الصدري في المرحلة القادمة؟

بيدر ميديا.."

موقع بريطاني: ما الذي قد يخطط له التيار الصدري في المرحلة القادمة؟

 

 ترجمة/ حامد احمد

العراق، كما هو الحال مع بلدان كثيرة أخرى، هو مكان لا يتم فيه عد الأصوات فقط بل ان تُوزن وتُترجم ايضا. ولهذا فليس هناك ما يدعو للدهشة من توجيه اتهامات مضادة أطلقت عقب اعلان نتائج انتخابات 10 تشرين الأول، حيث ان هناك استياء سياسيا كبيرا قد حصل.

 

 

ويذكر الدبلوماسي والسفير الإيطالي السابق لدى العراق، ماركو كارنيلوز، في تقرير له نشر على موقع مدل ايست آي الاخباري، بان تحالف سائرون، بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر، قد اصبح بعد فوزه بـ74 مقعدا الكتلة السياسية الأكبر مما يعطيها حق الامتياز بتعيين رئيس الوزراء القادم. حيث ان التيار يمتلك الآن حوالي نصف العدد المطلوب لكسب الثقة لتشكيل الحكومة البالغ 165 مقعدا. اما الأحزاب السنية الرئيسة بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي فقد فازت بـ34 مقعدا ورجل الاعمال خميس الخنجر بـ15 مقعدا.

أما رئيس الوزراء السابق نوري المالكي فقد رفع عدد مقاعده من 25 الى 35 وأصبحت لديه قوة تفاوضية في المساومات اللاحقة حول السلطة، مع ذلك فان الصدمة الأكبر تمثلت بتراجع وانهيار كتلة الفتح بزعامة هادي العامري من 60 الى 17 مقعدا.

ورفع الحزب الديمقراطي الكردستاني رصيده من 25 الى 35 مقعدا وزاد ذلك من حظوظه في تنصيب رئيس جديد للجمهورية الذي هو من حصة الاكراد.

ويقول السفير الإيطالي السابق، كارنيلوز، انه ليست هناك غرابة في ان تدعي أحزاب كتلة الفتح بان هناك خطأ وتلاعبا ويخرجون باحتجاجات. ولكن عملية إعادة فرز الأصوات الجارية ليس من شأنها ان تغير من الحصيلة شيئا. وعليهم ان يتجاوبوا مع رسالة واضحة واحدة من العملية الانتخابية هي ان التصويت كان بمثابة رفض لهم.

ولكن هذه تعتبر مشكلة منفصلة عن الواقع الأصعب الذي اعتاد عليه الوضع السياسي العراقي لما بعد الانتخابات، الا وهو تشكيل الحكومة. واذا كانت التجربة السابقة هي كل ما يمكن التوقع به، فان العملية قد تستغرق أشهرا وان الحصيلة قد تكون بعيدة جدا عما كانت تطمح اليه احتجاجات تشرين.

الفراغ السياسي يولد عدم استقرار، وهذا ما اظهره الهجوم الذي وقع مؤخرا بطائرة مسيرة على مكان إقامة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. رغم ان الفاعل لم يعرف لحد الان، ولكن أصابع الاتهام تشير الى فصائل مسلحة مدعومة من ايران.

منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 والأحزاب الشيعية تهيمن على العملية السياسية في العراق المتمثلة بتعيين رئيس الوزراء الذي هو من حصتها، مع ما يرافق ذلك من تدخلات خارجية متمثلة بالخصمين الولايات المتحدة وايران.

ويتساءل الدبلوماسي الغربي، هل ان الصدر سيتبع نفس الأسلوب أو انه سيغادر نظام احكام المحاصصة السياسية؟ النظام الذي ادام سلطات وامتيازات مكونات كتل سياسية مختلفة وحافظ عليها بغض النظر عن نتائج الانتخابات؟.

ان الصدر، استنادا لمناصريه، لديه القوة في ان يشل الحركة في العاصمة اذا أراد، وهي بطاقة قلما يستطيع سياسيون عراقيون آخرون ان يلعبوها. وعلى اعتبار القوة المتزايدة التي حصدها التيار بعد الانتخابات، فان الوقت قد حان لنسأل ما الذي يفكر به الصدر الآن وكيف يقيم مستقبل العراق السياسي؟.

ويذكر الدبلوماسي الإيطالي السابق بان مصادر موثوقة داخل التيار قد زودته ببعض ملامح نهج التيار الصدري. وكما هو الحال مع اسلافه، فان الصدر يرفض وجودا دائميا لقوات أميركية كقوة احتلال او قوة قتالية. ولكنه، مع ذلك، منفتح لتواجد أميركي مقتصر على التدريب وتوفير دعم لوجستي للجيش العراقي.

اما علاقة الصدر بايران، فانه يدرك بان العلاقة بين البلدين الان اكثر متانة ولا يمكن كسرها، ولكنه يعارض في الوقت نفسه ما تقوم به فصائل مسلحة موالية لإيران داخل العراق، ومعارضته لتدخل طهران فيما يعتبره بشؤون بلاده الداخلية. وتشير المصادر الى ان معارضته للفصائل المسلحة هذه يجب ان لا تفهم على انه معارض للحشد الشعبي. مشيرين الى ان ذلك يمثل موقفا أكثر تعقيدا.

وبين السفير الإيطالي السابق بان المصادر اخبرته أيضا بتفضيل الصدر لعلاقات متزايدة اكثر مع روسيا والصين للمساعدة بتنمية مستقبل العراق، شريطة ان يكون ذلك بمصلحة العراق وبدون أي تدخل من قوى خارجية، والشيء نفسه ينطبق مع العربية السعودية. وانه يرفض أيضا جر العراق لمنطق وسياسات محاور المقاومة. وبالنسبة للصدر فان هدفه الرئيس هو نهضة العراق، ولأجل تحقيق هذا الهدف يجب ان تبقى البلاد بعيدا عن المخططات السياسية الإقليمية.

أما ما يتعلق بالحكومة العراقية الجديدة، فقد اشارت مصادر في النجف بنية الصدر تحرير نفسه من اغلب اعتراضات كتل الشيعة والتوجه نحو ائتلاف محتمل مع أحزاب كتلة الحلبوسي والخنجر السنية ومع الحزب الديمقراطي الكردستاني.

التحليلات الأولية التي يمكن استنتاجها مما بينته المصادر في حال النجاح بتشكيل الحكومة على هذا الوجه هو انها ستكون بمثابة محاولة واضحة لتجاوز مبدأ التقسيم الطائفي وتعزيز نهج ائتلافي أكثر في حكم العراق.

هذه الكتل الثلاث مجتمعة قريبة من تأمين 165 مقعدا المطلوبة للفوز بمنح الثقة، وانضمام أحزاب صغرى أخرى سيساعد اكثر في الوصول لهذا الهدف.

عن موقع مدل ايست آي البريطاني

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com