مقالات

يوم الشهيد الشيوعي العراقي 14 شباط.

بيدر ميديا.."

يوم الشهيد الشيوعي العراقي 14 شباط
محمد جواد فارس
طبيب وكاتب
الشهداء هم أكرم من في الدنيا  و أنبل بني البشر ، و هم المثل العليا في استمرار النضال من أجل الهدف الأسمى في بناء  الحياة الحرة الكريمة .
يوم الشهيد  تحية وسلام      بك والنضال نؤرخ الأعوام
يوم الشهيد !طريق كل مناضل  وعر، ولا نضب ولا اعلام
في كل منعطف تلوح بلية    وبكل مفترق يدب حمام
وحياض موت تلتقي جنباتها  وعلى الحياض من الوفود زحام
                                 محمد مهدي الجواهري
                              شاعر العرب الأكبر
                            محمد جواد فارس
يستذكر الشيوعيين العراقيين  الرابع عشر من شباط ( فبراير ) من كل عام ، هذا اليوم الذي أقدم  نظام نوري السعيد  بأعدام  قادة الحزب الشيوعي العراقي، يوسف سلمان يوسف ( فهد ) و رفاقه  زكي بسيم ( حازم) و حسين الشبيبي  (صارم) و يهودا صديق   و ساسون دلال عام  1949. وبمادرة  من خالد الذكر  الرفيق  خالد حسين سلطان   هو الإبن الوفي للمبادئ التي تربها  من خلال  والده الشيوعي الوطني وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي خالد الذكر حسين سلطان (أبو علي ) ،  يخلد فيها شهداء الحركة الشيوعية و الديمقراطية والقاسمية العراقية في معرض لصور لكل الشهداء،  مع تاريخ الاستشهداء  والاسم  الكامل ، حقا انها كانت مبادرة  فردية  أكبر من أن يقدم عليها حزب، عمل رائع اشاد به الكثير من الرفاق  و  الأصدقاء .لما يتضمن من معاني الوفاء و التخليد ، و موقع
معرض الصور كان   في نهاية شارع المتنبي و يطل على ضفاف نهر دجلة ، ويقام سنويا في تاريخ 14 شباط في الأسبوع  الثاني من الشهر ، الصور المعروضة ضمت قوافل من الشهداء بدءا  من الشهيد الشيوعي الأول  (شاؤول طويق)  ،تلته  القافلة الأولى فهد ورفاقه  و  وكذلك شهداء و ثبة  كانون المجيدة  عام 1948 والتي أسقطت  معاهدة بورت سموث ، الموقعة  من قبل (صالح جبر و بيفن البريطاني) ، وبعدها قوافل  من شهداء في سجون العراق ، وانتفاضة تشرين 1952, و شهداء تظاهرات 1956 دعم للشقيقة مصر ضد العدوان الثلاثي ، وشهداء بعد ثورة  تموز في الموصل و كركوك   ، و شهداء الحزب في انقلاب شباط الدموي عام   1963 , وقافلة الشهداء الطلاب للمدرسة الحزبية  القادمين من بلغاريا عبر الحدود السورية العراقية الى الوطن ، قتلوا على يد مسؤول في الحزب الديمقراطي الكردستاني  المدعو ( عيسى سوار )  وهذا لا يمكن ان يكون الا بمعرفة قيادة البارزاني، و القافلة الاخرى استشهاد عدد كبير من كوادر الحزب في بشتشان كردستان  على يد القاتل القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة  جلال الطالباني على يد ( نوشيروان  مصطفى  ) أستشهدا  عدد من كوادر الحزب و الأنصار  الذين كانوا يقاتلون النظام الدكتاتوري مع الحركة الكردية ،  وقافلة شهداء انتفاضة تموز بقيادة الشهيد القائد حسن سريع و رفاقه ، و قافلة جرت تصفيتهم واستشهدوا على يد النظام الدكتاتوري الصدامي و اجهزته الامنية والاستخبارتية ، وقافلة الشهداء الثلاثين  العسكر الذين أقدم نظام صدام على اعدامهم  ، و هناك قافلة من الشهداء في انتفاضة الاهوار، وأريد  أن أذكر مثال عن الاسطورة التي ضرب  اروع مثل في الصمود أمام الجلاد  أنه سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حسين أحمد الرضي ( سلام عادل) موثق ما جرى له من تعذيب وحشي ورفاقه على يد رئيس اللجنة  التحقيقية في قصر النهاية المدعو محسن  الشيخ  راضي صاحب كتاب ( كنت بعثيا)  ، لأ ذكر ما كتبه  عنه ( كاظم  الموسوي ) والذي  يريد فيه أن يبرر  لمحسن الشيخ راضي جرائمه كما جاء في كتابه و كأنه الحمل  الوديع و هو  القاتل ورئيس اللجنة التحقيقية في قصر النهاية في انقلاب شباط الدموي عام 1963، وهو الآن متمركس و احد مؤسسي حزب العمال الثوري ، أريد أن  اذكره بما جاء في( كتاب سلام عادل سيرة مناضل )  لثمينة ناجي و نزار خالد ، من منشورات دار المدى ، وهذا شهادة  المناضلة ماجدة علي:
تقول ماجدة علي : وبعد نقلي إلى قصر النهاية  فتح  الحرس القومي عيني المعصوبتين وفكوا يدي المربوطتين خلف ظهري بالكلبجة.
شاهدت سلام عادل جالسا  في زاوية من زوايا غرفة استقبال القصر ، ملابسه ممزقة و أثر ركلات  و كدمات على ساقيه و ركبتيه وهو معصوب العينين، سأله بهاء شبيب  عضو الهيئة التحقيقية بعد أن  ركله  برجله ، من أنت ، أجاب  : سلام عادل  و اسمك الآخر؟  رد سلام عادل سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي. قال  بهاء شبيب  ؛ جلبنا فلانة و كان يقصدني، ثم ( بدأ  يتلفظ علي الفاظا بذيئة و على زوجة  سلام عادل  وزوجي)  وبعد  انتهائه  من كلامه  البذيئ رد عليه سلام  عادل: الشيوعيون سيدافعون عن حزبهم .
استدعاني  المحققون لمواجهة سلام  عادل في اليوم الثاني من وصولي إلى القصر حول كتابة  البيانين الأول  و الثاني . كان سلام عادل معصوب  العينين و مازالت يداه مربوطتين بكلبجة إلى  ظهره هو مكبل الرجلين بالحديد. أزال محسن الشيخ راضي  العصابة عن عيني  ، ثم طلب سلام عادل كرسيا ليجلس عليه فأستجابوا له ، طلب منهم بعد ذلك فتح وثاق  يديه لكنهم بدل فتح الكلبجة بالمفتاح انتزعوها من يده فأصيب بجروح كثيرة متحججين بوجود المفتاح  في مركز  الأمن  ، بعدها طلب الماء فحاول  محسن الشيخ راضي ضربه بأخمس  البندقية   ، لكن الآخرين منعوه و قدموا الماء لسلام عادل  الذي طلب منهم بعد ذلك سيجارة ، فهدده محسن الشيخ راضي مرة أخرى  ، لكن حازم جواد أخرجه من الغرفة وظل فيها هو و أيوب وهبي .
انتشرت الدماء على شكل بركة كبيرة في الغرفة و أدوات التعذيب متناثرة فيها ، و الحبل ممدود  من سقفها سأل حازم جواد من كتب البيان الأول  ؟ رد سلام عادل  : الحزب كتب ذلك البيان . حازم جواد: نفهم ذلك ، لكن من الذي خط البيان ؟  سلام عادل: هو الحزب المتكون من منظمات  و شيوعيين ، حازم جواد  هل من الممكن أن  يكتب اي من الشيوعيين  مثل ذلك  البيان ؟ ، سلام عادل: أن للحزب خطا عاما لكل القضايا يمكن أي منظمة أن تصدر  بيانا  باسمها على ضوء التوجيهات او بأسم  الحزب.
ثم سألني من كتب البيانات ، الم تساهمي معه في الكتابة ؟ اجبت: الحزب هو الذي كتبها . حازم جواد  :هل كنت في هذا البيت (أي  البيت الذي  القي القبض  عليه فيه) ؟ سلام  عادل: كلا فهناك بيوت أخرى أنام فيها . حازم جواد : هل كلها بيوت  حزبية ؟ سلام  عادل: كلا ، قسم منها دار لسكن الأصدقاء.  حازم جواد: هل لك  أن  تدلنا  على بعض هذه البيوت  الحزبية و بيوت  الأصدقاء؟ . سلام عادل: ما تطلبه لايتفق مع الشهامة  و الكرامة . حازم جواد: هل قاومتم الإضراب الطلابي؟ .سلام عادل:نعم لأنه نشاط مشبوه  ساندته كل القوى الرجعية و العميلة. حازم جواد:  هل قاومتم ( الثورة) ؟ ، سلام عادل: نعم . حازم جواد: لماذا ؟ ، سلام  عادل: لم ندافع  عن  الحزب فقط ، بل دافعنا عن الاستقلال الوطني ضد حكم  رجعي له ألف  ألف ارتباط و ارتباط.  فمن الذي  يساندكم؟ كل القوى الاستعمارية و  الرجعيين، وضد من وجهتم ناركم؟ ضد أكثر الناس إخلاصا ومعاداة للاستعمار.
تميز سلام عادل  بالهدوء و المرونة في كل هذه النقاشات، ثم طلب  منهم اللقاء بمسؤولهم  الأول  في الحزب.  بعدها  أخرجونا من غرفة  التعذيب . تقول ماجدة علي  .
وشاهدت سلام عادل  للمرة  الخامسة والاخيرة ليلة 26 او 27 شباط وقد شوه جسده و لم يعد من السهل  التعرف عليه فقد فقئت عيناه و كانت الدماء تنزف منها ، من اذنيه و يتدلى اللحم من يديه  المقطوعتين ورش الملح و الفلفل فوق  جسده المدمى  لزيادة الامه .    اشرف على تعذيبه  بشكل  حشي و شرس محسن الشيخ راضي الذي كان يحقد عليه بشكل فضيع . كان سلام عادل  يتمتم بكلمات غير مفهومة و  بدأ لي  و كأنه  ينشد نشيدا ثوريا في لحظاته  الأخيرة قبل استشهاده  و  اعتقد انه  استشهد  في تلك  الليلة أو في اليوم التالي  لم اشاهده  في قصر النهاية  بعد ذلك .
وأكد عدد من المعتقلين في  قصر النهاية أن آخر تاريخ  شاهدوه  فيه  هو الرابع و العشرين من شباط  في سرداب القصر فقد عذب طيلة ساعات ذلك اليوم  بمختلف و سائل التعذيب فامتلا جسمه  بالجروح و كسرت عظامه  و قطع محسن الشيخ راضي بآلة جارحة عضلات ساقه و أصابع يديه ، و أعلن  استشهاد سلام عادل يوم السابع  من آذار  عام 1963 .
وأما عن شهادة  نرجس الصفار وهي ام فاضل  ونظمي  من زوجها  الأول و تزوجت  من عضو المكتب السياسي جمال الحيدري عام 1960 ، تقول أم فاضل  نرجس الصفار : عندما  حضر إلى قصر النهاية محسن الشيخ راضي اخذ  يسأل عني قائلا : أين  ابنة مدينتي نرجس الصفار ؟ ، أريد  مشاهدتها. و عندما  التقاني مد مخالبه تحت ثيابي و ضغط على بطني و قال مشيرا إلى  حملي: ابن من هذا ؟ . أجبته: ابن زوجي جمال الحيدري  .
دار هذا الحوار أمام  ابني نظمي  البالغ من العمر خمسة عشر عاما و المعلق في سقف الغرفة حيث كان يجري تعذيبه لانتزاع المعلومات منه عن مكان اختفاء جمال الحيدري . شعرت بالاستحياء من إبني لقيام محسن الشيخ راضي برفع ثوبي و الضغط  على بطني أمامه و رفعت رأسي إلى  نظمي فبدت لي على وجهه  المتورم من التعذيب ظل ابتسامة يشجعني  بها فقلت له: ولدي نظمي لا تخجل من ذلك انهم أشباه رجال . و عند ذلك انهالت  الصفعات  .
و لا ننسى  الشهداء  الآخرين ضحايا  قصر النهاية و زمرة محسن الشيخ راضي رئيس الهيئة التحقيقية و عصابته  [ حازم جواد ، بهاء شبيب ، هاشم قدوري ، مدحت ابراهيم جمعة ، عبد الكريم عبد الستار الشيخلي،منعم قدوس ، خليل العاني، صلاح الطبقجلي، عدنان هايس ،عمار علوش، حازم مصلاوي ، نجاد  الصافي ، صباح المدني ، الاخوين جبار وستار محمود  علي الكردي ، ومنذر الونداوي ،يشرف على التعذيب ، وغالبا ما يكون معه علي صالح السعدي ]، لقد استشهد على ايدهم الملطخة بدماء زكية طاهرة كل من ، عضو اللجنة المركزية للحزب عبد الرحيم شريف ، و الدكتور محمد الجلبي  ، والشهيد فاضل  ،بصموده  نجى جمال الحيدري و محمد صالح العبلي و عبد الجبار  وهبي ( أبو سعيد) و هم شهداء قصر النهاية بعد حركة الشهيد حسن سريع ، و الشهيد حسن عوينة ، الشهيد علي الوتار  و ستار مهدي الخواجة المعرف ب ( ستار معروف ) ، ابراهيم أدهم  ، رضا جليل  ، صبيح سباهي و عبد الأحد المالح، داخل حمود ، فيصل الحجاج، محمد علي عبود ، لطيف الحاج ، ادمون يعقوب ، عبد الخالق  البياتي، كنون علي تحافة، ابراهيم  اواديس، ، عدنان البراك  ، مهيب  الحيدري ، ابراهيم الحكاك ، حسين الهورماني . وعدد اخر من الشيوعيين في مدن وقصبات العراق، من شماله إلى جنوبه  . إن هذا الحدث  الذي جرى بعد انقلاب  8 شباط  1963  ، من مجازر  بحق  الشيوعيين و الديمقراطيين في قصر النهاية و مقرات  الحرس القومي ، هي من الجرائم  التي توضع في خانة القانون  الدولي  ب ( جرائم ضد الإنسانية) .
في يوم الشهيد ونحن نتذكر  كل شهداء الحركة الشيوعية  و الديمقراطية العراقية و لنذكر من يقوم بتقديم  احد القتلة من أمثال محسن الشيخ راضي
في الإعلام ، نقول له ، انك تنكرت للمبادئ التي كنت تدعيها ، و اخذت طريق التزلف  و تنكرت لدم الشهداء  الذين سقطوا بالقرب منك في مجزرة بشتشان، من أجل الوطن  و الشعب و مبادئ الماركسية – اللينينية و الاممية البرولتارية .
لهم المجد والخلود  .
التحية لمن قدم نفسه من أجل الوطن  الحر  و الشعب السعيد .
وستبقى الماركسية – اللينينية و الاممية البرولتارية منارة للشيوعيين العراقيين الوطنيين .
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com