منوعات

الجوع في أرض الكنانة … والترفيه في بلاد الحرمين!

بيدر ميديا.."

الجوع في أرض الكنانة … والترفيه في بلاد الحرمين!

الطاهر الطويل

 

أخيرًا، اكتشف المصريون بديلاً غذائيًّا لمواجهة غلاء الأسعار وضيق ذات اليد، إنها «أرجل الدجاج» التي صارت وجبة مفضلة لدى الكثيرين، وكما يقول المثل المغربي «لهلا يخيرنا ف ضرار!» (دُعاء بعدم الوصول إلى المفاضلة بين أشياء قبيحة)، فقد صار «المعهد القومي للتغذية» في مصر يروّج لبدائل غذائية غنية بالبروتين، وفي الوقت نفسه توفر ميزانية المواطن، وعلى رأس تلك البدائل: أرجل الدجاج.
الموضوع أمسى حديث الساعة لدى القنوات التلفزيونية المصرية وأيضا لدى شبكات التواصل الاجتماعي؛ لدرجة أن بوق النظام العسكري، أحمد موسى، بدا مندهشا وكأن على رأسه الطير في برنامجه المباشر «على مسؤوليتي»، وهو ينصت إلى «تغزل» رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين بفوائد «أرجل الدجاج»، إلى حد أنها ـ كما ادّعى ـ صارت من بين الأطباق التي يصدّرها المصريون إلى الصين… (إي والله!) لما تتوفر عليه من فوائد صحية، إذ تعالج مثلا آلام الظهر والأرجل؛ والعهد على المتحدث الرسمي.
قناة «بي بي سي» عربي، وجدتها فرصة سانحة للسخرية والتندر في برنامجها «ترندينغ»، إذ أوردت نماذج من تغريدات وتدوينات مواطنين مصريين، ومنها قول أحدهم: «يا ليت وزارة الزراعة تقدّم منشورات عن فوائد أكل ورق الشجر وقش الأرز، لأن لها فوائد غذائية كثيرة، ولكننا نقوم بحرقها ونرميها بدون مناسبة، كما أن قشر البيض يحتوي على نسبة كبيرة جدا من الكلسيوم.»
أما مدوّن آخر، فأنحى باللائمة على الصحافة المصرية كونها، عوض أن تنتقد الحكومة بسبب غلاء الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي، صارت كلها متخصصة في طريقة إعداد وجبة «أرجل الفراخ»، وكأنها بذلك توفّر حلاًّ للأسر المصرية.
طيب، أين سيادة الرئيس المبجل عبد الفتاح السيسي من كل هذا؟ إنه بَدل أن يعترف بتقصيره هو وحكومته وبطانته في الاستجابة لنبض الشارع، يوجّه «العتاب» إلى نوع من الإعلام الذي يصور المصريين على أنهم مرعوبين على الأكل والشرب. وقال منذ أيام «ميصحش كده والله، وكأن الدنيا والحاجة زادت.. مش بقول إنه مش صحيح، بس ده مش آخر الدنيا في مصر.»
هكذا تحدث السيسي في «عيد الشرطة» الذي تزامن ـ للمفارقة ـ مع ذكرى «ثورة 25 يناير»، وهي مناسبة تعالت فيها أصوات ـ على الأقل في العالم الافتراضي ـ مطالبة برحيل «زعيم» الانقلاب العسكري، بعدما اكتشف الناس أن أحاديثه الطويلة والمملة التي تنقلها وسائل الإعلام الحكومية، تتضمن وعودًا لم تُطبّق لحد اليوم. ألم يقل بعظمة لسانه في 2014 مخاطبًا الشعب المصري: اعطوني سنتين فقط، وسترون العجب العجاب. وفي 2016، حوّلها إلى ستة أشهر فقط، ثم ردد في 2018: اصبروا وسترون. وقال إن مصر ستصير في 2020 دولة ثانية. وها قد مر أكثر من ثماني سنين عجاف، وأَهَلَّ عام جديد على أرض الكنانة، دون أن تتحقق فيها «بشارة» فرعون الجديد!

دجاج ميت… حقيقة أم إشاعة؟

وبمناسبة الحديث عن «أرجل الفراخ»، انتشر هذه الأيام في المغرب عبر شبكات التواصل الاجتماعي تسجيل صوتي، يفيد بوجود حديث بين مالك مصنع لتربية الدواجن وصاحب مطعم للوجبات السريعة، إذ يطلب الثاني من الأول بيعه دجاجا ميتًا، فيستجيب لطلبه، مبررًا بأن «الفراخ» ماتت نتيجة التدافع فيما بينها فحسب، وليس لسبب آخر.
وبعدما أقام هذا التسجيل المزعوم القيامة، وانتفضت هيئات مربي الدواجن مهددة صاحب الفيديو بالمتابعة القضائية، ظهر هذا الأخير ليوضح أن الأمر يتعلق بمجرد مشهد تمثيلي من أجل توعية المواطنين حول ممارسات سلبية لبعض باعة الدجاج وأصحاب المطاعم، وليس كلهم.
طبعًا، الغشّ موجود في كل المجالات لدى منعدمي الضمير، ومن أخطرها ما يتعلق بصحة المواطنين. لكنّ للموضوع وجها آخر، ويخص الارتفاع الصاروخي لأسعار المنتجات الغذائية، بشكل غير مسبوق، في العديد من البلدان العربية، بما فيها البلدان المغاربية… بدأنا المقال بمصر، لأنها «أم الدنيا» التي يعتبرها العرب قدوتهم في كل شيء، إذا نهضت نهضوا… وإن تدحرجت تبعوها متدحرجين!

من «المطاوعة» إلى الترفيه!

أما في بلاد الحرمين الشريفين، فالناس مشغولون بأشياء أخرى، إذ اكتشف الحكام هناك أنه يمكن استقطاب زوار آخرين، غير أولئك الزوار الذين حوّلوا الحج والعمرة إلى نوع من «السياحة الدينية»، حيث يتباهون بتكرار الزيارات مرات ومرات؛ وبقدر تكرارها تُدَرُّ أرباح طائلة على البلاد والعباد والاقتصاد في المملكة العربية السعودية.
لقد أراد مهندسو العهد الجديد هناك أن يغيّروا صورة المملكة المرتبطة بالوهابية والتشدد ورجال «المطاوعة» و»هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، بصورة أخرى قوامها الحفلات والمهرجانات والجوائز الفنية، وأحدثت لهذا التوجه الجديد أو التحول بـ 180 درجة، هيئة حكومية أطلقت عليها «هيئة الترفيه».
ومنذ أيام قلائل، حرصت النجمات العربيات على منافسة زميلاتهن الغربيات في الكشف عن ممتلكاتهن الشخصية، سواء الطبيعية أو المزيّفة أو المعالجة، في مشهد «كرنفالي» كله أضواء وموسيقى وألوان… ولكن النجوم العرب، ذكورا وإناثا، رغم الجهد الذي بذلوه في محاكاة الضيوف الآخرين، أخذوا يتشكون من أن التركيز كان منصبا على المشاهير الغربيين، وفق ما نقلت مواقع إلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي.
«عقدة الخواجة» لم تغب حتى عن حفل جوائز «صنّاع الترفيه»!

أستاذة جزائرية تموت بردا!

وبينما وجدت نجمات عربيات، دُعينَ إلى مهرجان الترفيه، مناخَ الخليج ملائمًا لارتداء ملابس شفافة ومثيرة خلال هذا الفصل، فقد ورد من الجزائر خبر صادم، مفاده أن أستاذة جامعية ماتت من شدة البرد، وتداولت شبكات التواصل الاجتماعي صورًا وفيديوهات للضحية جثة هامدة في أحد شوارع مدينة عنابة.
الكثيرون أثاروا الخبر بحسرة وألم، وبدا مذيع قناة «الشروق» بدوره غاضبًا متحسّرًا وهو يصف ما وقع بالمأساة. وسرد ما جاء في بيان لولاية عنابة، الذي وضع حدا للقيل والقال، بحسب تعبيره. فقد فنّد البيان ما وصفه بـ»الأخبار والمعلومات المغلوطة»، موضحًا أن السيدة المتوفاة «أستاذة جامعية متقاعدة وليست من فئة الأشخاص دون مأوى، بل تمتلك سكنا خاصا، لكنها تعاني من اضطراب عقلي يجعلها تغادر من حين على آخر بيتها العائلي، إلى أن وافتها المنية بأحد شوارع المدينة.»
هذا الحادث المؤلم، كما يرى إعلاميُّ «الشروق»، دقّ ناقوس الخطر بشأن وجود أشخاص مشردين في الشوارع، ويتعرضون للبرد القارس. صحيح أن هناك لجانا مختصة وجمعيات وأشخاصا متطوعين يتكفلون بنقلهم نحو مراكز الإيواء، ولكن لا بد من المراقبة المستمرة لهذه المراكز، تفاديًا للتجاوزات التي تقع في بعضها؛ والعهدة على الإعلاميّ نفسه.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com