متفرقات

سعودي حضر حفل تخرجها «بعد وفاتها» … وآخر هجرها لإصابتها بالسرطان.

بيدر ميديا.."

سعودي حضر حفل تخرجها «بعد وفاتها» … وآخر هجرها لإصابتها بالسرطان

مريم مشتاوي

 

على الرغم من انشغالنا والقنوات الاخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي العربية بالمتابعة الحثيثة لمجريات بطولة كأس العالم في الدوحة، إلا أننا أحيانا نقرأ عن قصص إنسانية بعيدة عن عالم المونديال الأممي، لتتصدر الأخبار الإنسانية وتصبح هذه القصص هي الهاشتاغ-الخبر ومركز تفاعل الحدث.
فقد نشرت قناة العربية قبل أيام خبراً عن موقف إنساني لافت لمحام سعودي يدعى محمد مطلق الإشيقر، عميد كلية حقوق مؤسس وأكاديمي سابق . حضر محمد حفل تخرج زوجته التي فارقت الحياة نتيجة المرض قبل أيام من موعد استلام التكريم.
هكذا جاء في نص الخبر: في مشهد من مشاهد الحب والوفاء، حاول محمد مطلق الإشيقر عميد كلية حقوق مؤسس وأكاديمي سابق، أن يحبس دموعه أثناء إعلان اسم زوجته التي فارقت الحياة قبل حفل تكريمها من الجامعة، إلا أن هذه الدموع أبت إلا أن تخرج حالما استلم شهادة تكريمها. ووصف الإشيقر يوم التكريم بأنه « يوم طالما انتظرناه أنا وزوجتي وحبيبتي رحمها الله. لقد كان طموحها أن تُكِمل دراسة الماجستير على الرغم من أنها كانت موظفة، وقد ظل هذا الطموح موجوداً حتى وجدت الجامعة التي توفر لها طموحها. بدأت الدراسة أثناء جائحة كورونا بكل جد واجتهاد واختتمت دراستها بمناقشة رسالة الماجستير «أثناء مرضها» والتي حصلت فيها على ثناء وإعجاب الجميع».
وأضاف: «كنتُ معها بجانبها في جميع مراحل دراستها، وقد وفقني الله أن دعمتها مالياً ونفسياً وفكرياً حتى وصلت لهذه المرحلة.. ثم تقدمت بطلب لحضور حفل التخرج قبل وفاتها بمدة قصيرة، شعرتُ بخوف بعد ذلك الطلب وخشيت ألا تكون موجودة في حفل التكريم، وهو ما حدث بالفعل. لم تستلم نتائجها كاملة قبل الحفل وقد أخبرتها بحصولها على الماجستير وهي على فراش الموت وابتسمت ابتسامة أثلجت صدري».
وتابع: «قدر الله أن ترحل قبل حفل التخرج بأيام، وتمنيت أن تكون حاضرة وتشاهد إنجازها بنفسها، وما زال هذا الأمر يعصر قلبي». يقول الزوج: «حضرت لأنني كنت أسميها يا أنا، لأنها كانت بالنسبة لي هي أنا، لأنني أجد أنه وإن انتقلت من هذه الدنيا إلا أنها لا تزال في قلبي وأشعر بوجودها حولي».

شركاء الوفاء والخذلان

وواصل قائلا: «رغم التعب الجسدي والألم النفسي في حينه إلا أنني شعرت بضرورة حضوري وكأن هناك شيئا داخلياً يدفعني وبقوة، إنها تستحق ذلك التكريم وتستحق حضوري، إنها مثال للتكريم والتقدير والحب والاحترام».
ولفت الزوج المحب إلى أنه تخرج من 3 جامعات «ولم أحضر حفلاً واحداً بعد تخرجي وحفل تكريمها هو أول حفل تكريم أحضره وذلك لأن حفل تكريمها وتخرجها كان كل شيء بالنسبة لي».
درس الوفاء الذي قدمه محمد مطلق الأشيقر هو الاستثناء بكل أسف ولا ينطبق على كل الرجال في عالمنا العربي «الأبوي». فقد نشرت الصحافية والكاتبة اللبنانية باسكال صوما تحقيقا صحفياً في موقع الشبكة المتوسطية للإعلام النسوي بعنوان «بحجّة تلبية حاجاتهم الجسدية… رجال هجروا زوجاتهم يوم أصبن بالسرطان» ..  ومن القصص المؤلمة التي ذكرها التحقيق زينب «60 سنة» حيث «سرق المرض بريق عينيها، وتراجع وضعها النفسي أيضاً. إلا أنها كانت تحاول رغم ذلك الحفاظ على عائلتها بالطاقة الباقية في جسدها المنهك بسبب السرطان الذي أضيف إلى فشل كلوي، اضطرّت على إثره إلى استئصال إحدى الكليتين. كانت زينب تذهب إلى جلسات العلاج وتعود لتحضير الطعام لأولادها، وكأنها تريد إقناعهم بأن لا شيء تغير. إنما في الجهة الأخرى، كان زوجها يخطط لأمر آخر.. فبحجة أنها لم تعد قادرة على تلبية رغباته وطلباته الجنسية ، قرّر الزوج بعد سنة واحدة على بدء معاناة زوجته، أن يرتبط بامرأة أخرى، غير آبه بأثر ذلك على نفسيتها ووضعها الصحي.
يتحدث تقرير باسكال صوما عن تأثيرات الضغوط النفسية في مسار محاربة المرض وتحسّن الوضع الصحي. ويلفت إلى أن الرعاية الملطّفة علاج يخفّف الأعراض الناجمة عن السرطان، ولا يشفيها، ويحسّن نوعية حياة المرضى وحياة أسرهم. ويمكن أن تساعد الرعاية الملطّفة الناس على العيش بمزيد من الارتياح. وهي رعاية تمسّ الحاجة إليها في الأماكن التي ترتفع فيها نسبة المرضى المصابين بالسرطان في مراحل متأخرة من المرض تقلّ فيها فرصهم في الشفاء منه.
أمام هذه الحقائق العلمية، يمكن فقط تخيّل ما قد تشعر به مريضة السرطان حين يهجرها زوجها أو يستبدلها بأخرى، كأنها مجرّد شيء غير نافع، من دون أن يأبه لمرد ذلك على صورة المرأة عن ذاتها وحالتها النفسية والصحية.
كشفت دراسة نُشرت على موقع الجزيرة نت، أن احتمالية انفصال المرأة أو طلاقها تزداد بنسبة ستة أضعاف بعد تشخيص إصابتها بالسرطان أو التصلب المتعدد مقارنة بمرض الرجل. وقد توصلت الدراسة إلى هذه النتيجة عندما فحصت الدور الذي يلعبه الجنس فيما يسمى «هجر الشريك». ووجدت أيضا أنه كلما طالت فترة الزواج زادت احتمالية صموده أمام المرض. في السياق ذاته، أشارت دراسة أخرى أن معدل الطلاق أو الانفصال الإجمالي بين مرضى السرطان يصل إلى 11.6%. ومع ذلك، فوجئ الباحثون بالاختلاف في معدلات الانفصال والطلاق حسب الجنس، كانت النسبة عندما تكون المرأة مريضة 20.8٪، مقابل 2.9٪ عندما كان الرجل مريضا».
وتعليقا على ذلك، يقول طبيب متابع لهذه الظاهرة: «الحالات التي نراها تشهد بوضوح على كيفية تعامل الأزواج مع مرض زوجاتهم دون الحاجة إلى تحليل اجتماعي أو إحصائيات، فخلال الحالات التي رأيتها وتعاملت معها طوال سنوات عملي، عندما تكون الزوجة مريضة ترى المُصاحب لها في الغالب أختها أو أمها أو حتى أخاها». أما إذا كان الزوج هو المريض فبنسبة تقترب من الـ100% ستكون الزوجة هي المُصاحبة له، بل الأكثر من هذا عندما يكون الزوج مُصاباً بالفشل الكلوي ويحتاج إلى زراعة كلى فسيكون أول المتطوعين للتبرع هو زوجته، أما في حالة إصابة الزوجة بالأمر ذاته، فلن يكون الزوج، مع الأسف في كثير مما رأيت، احتمالا مطروحا للتبرع من الأساس».
بالطبع لا أحد يختار قدره.. والمرض ليس خياراً بالأساس، لكن الشريك في رحلة الحياة، هو خيار العقل والقلب، وتخلي أحدهما عن الأخر وقت الشدة هو بداية الخلل في مفهوم الشراكة. وهو بالضرورة تخل عن الواجب الأخلاقي والديني في كل الشرائع والثقافات. وبالطبع ينطبق هذا الكلام على المرأة أيضاً التي قد تتخلى بدورها عن زوجها في أول انتكاسة صحية أو اقتصادية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com